وقد بلغ عدد المصابين بوباء كورونا في البلاد 407307 منذ بداية الجائحة، في حين تجاوز عدد الوفيات 14 ألف شخص، مقابل 347307 شخص تعافى من الفيروس، وفقا للأرقام الرسمية التي نشرتها وزارة الصحة التونسية أمس.
ووفقا لوزارة الصحة فإن نسبة الضغط على أسرة الإنعاش بالمستشفيات العمومية بلغت 89.10 % بكامل تراب البلاد، وتصل النسبة إلى 73.40 % بالنسبة لأسرة الإنعاش، بينما ينبه الأطباء من بلوغ بعض المؤسسات الاستشفائية طاقتها القصوى خاصة في محافظات سليانة والقيروان وزغوان وباجة والكاف ونابل.
وأطلق عدد من الأطباء والجمعيات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني صيحة فزع ونداء استغاثة دولية من أجل التدخل العاجل وإنقاذ أرواح المواطنين خاصة في الجهات الداخلية، بينما طالب آخرون الحكومة بإعلان حالة الطوارئ الصحية.
ودعت الأستاذة الجامعية الاستشفائية المبرزة في المناعة بمعهد باستور سمر صمود رئاسة الحكومة إلى أخذ الأمور بالجدية الكافية وطلب النجدة الدولية وفتح كل المسالك الدبلوماسية لجلب التلاقيح، منتقدة بطأ وصول الجرعات أو وصولها بشكل متقطع وعبر مراحل.
وضع حرج
ووصف وزير الصحة فوزي مهدي في تصريح لـ "سبوتنيك" الوضع الوبائي بالخطير والحرج، مشيرا إلى وجود ضغط شديد على المؤسسات الاستشفائية العمومية بسبب تزايد أعداد المرضى الذين هم في حاجة إلى أسرة إنعاش وأكسجين.
وأكد الوزير أن البلاد سجلت حتى اليوم 18 إصابة بالسلالة الهندية المتحورة، من بينها 8 حالات في تونس الكبرى و7 حلالات في محافظة القيروان، وإصابتان في محافظة سليانة وأخرى في محافظة المنستير، مشيرا إلى أنه تم التفطن حديثا إلى وجود إصابة بالسلالة النيجيرية في محافظة نابل.
وبيّن المسؤول أن وزارة الصحة تسعى إلى التسريع في عملية التلقيح من خلال تكثيف الحملات المتنقلة بكل المحافظات وخاصة في المناطق الريفية البعيدة التي يصعب فيها على المواطنين التنقل إلى مراكز التلقيح أو الاتصال بها.
وأضاف أن تونس ستتلقى جرعات إضافية من اللقاحات في الفترة المقبلة وأنه سيقع مضاعفة عدد الجرعات المخصصة لها من لقاح فايزر خلال الشهر القادم، كما ستتلقى كميات إضافية من لقاح سبوتنيك الروسي في الفترة القادمة.
وأشار إلى أنه سيقع خلال الأيام القليلة القادمة تركيز عدد من المستشفيات الميدانية في عدد من المحافظات الموبوءة على غرار باجة وزغوان وسليانة من أجل تخفيف الضغط على المستشفيات الجهوية والمحلية.
ولفت إلى أن الوزارة ستعرض خلال الأسابيع المقبلة مشروع الطوارئ الصحية على أنظار البرلمان من أجل المصادقة عليه وذلك بعد عرضه على المجلس الوزاري.
وفي نفس السياق، قال وزير الصحة إن تأزم الوضع الوبائي يعود بالأساس إلى عدم التزام المواطنين بضوابط الحجر الصحي الذي وقع اقراره في عدد من المحافظات وتواصل التجمعات والحفلات رغم صدور قرار بمنعها.
واعتبر مهدي أنه لا يمكن للسلطات التونسية أن تضع شرطيا خلف كل مواطن، مشددا على أن مجابهة جائحة كرونا ليست مسؤولية وزارة الصحة وحدها، وإنما هي مسؤولية المواطنين والجمعيات، لافتا إلى أن الإجراءات الوقائية مهمة كما عملية التطعيم.
مؤشرات حمراء
من جانبه قال رئيس قسم الإستعجالي بمستشفى عبد الرحمان مامي رفيق بوجدارية لـ "سبوتنيك"، إن الوضع الوبائي يتسم بالخطورة القصوى في ظل الارتفاع الكبير والسريع للمؤشرات الحمراء في جميع أنحاء البلاد.
وبيّن بوجدارية أن 13 محافظة في تونس تجاوزت فيها نسبة التحاليل الإيجابية المعدل الوطني، وأن 5 محافظات تتسم بالخطورة البالغة بعد أن تجاوز فيها عدد الإصابات 400 إصابة على كل 100 ألف ساكن، وهو الشرط الذي وضعته اللجنة العلمية الوطنية لإعلان الحجر الصحي الشامل وغلق المحافظة.
ولفت إلى الوضع الكارثي الذي بلغته بعض المستشفيات وارتفاع منسوب الإصابات والوفيات خاصة في المناطق الداخلية والريفية التي تختص ببنية صحية هشة.
وأضاف "ما يزيد الوضع خطورة هو التضييق الوبائي الذي تعيشه العاصمة حاليا بعد أن أصبحت محاصرة بمحافظتيْن موبوءتيْن وهما كل من منوبة وأريانة"، مشيرا إلى خطورة تفشي الوباء في الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية على غرار حي التضامن (أكبر حي شعبي في أفريقيا) الذي يعيش طفرة وبائية كبرى للمرض.
الحل في الحجر الشامل
ويرجع بوجدارية تطور الوضع الوبائي في تونس لهذا المستوى الذي يصفه بالكارثي إلى فشل السلطات التونسية في تلقيح عدد كبير من التونسيين بشكل يوصل البلاد إلى درجة السلامة والأمان.
وتابع "رغم سوء الوضع، يتواصل بطأ تلقيح المواطنين وتمركز الحملة على المناطق الحضرية"، مضيفا "من غير المعقول أن عدد المواطنين الذين تلقوا الجرعة الثانية من التلقيح ما يزال في حدود النصف مليون، في حين كان من المنتظر تلقيح 4 ملايين شخص بحلول الصيف.
ويوصي بوجدارية الجهات الصحية الرسمية بتوسيع نطاق حملة التلقيح والتنقل إلى المواطنين في أحيائهم وتلقيحهم في منازلهم.
ولا يرى رئيس قسم الإستعجالي حلا لهذه الأزمة الوبائية التي يصفها أعضاء اللجنة العلمية بـ"التسونامي" خارج نطاق الحجر الصحي الشامل، مقترحا تطبيق هذا الإجراء على المستوى الوطني لفترة تمتد على ثلاثة أسابيع من أجل كسر حلقة العدوى والتخفيض من عدد الوفيات.
وقال بوجدارية "كل القرارات الأخرى ليست سوى قرارات ترقيعية وهي مجرد ترحيل للأزمة"، مشيرا إلى أن تأخير اتخاذ قرار الحجر الشامل سيكلف البلاد فاتورة باهظة.
ولضمان تطبيق هذا الإجراء، يوصي بوجدارية بتدخل المؤسسة العسكرية التي ستتولى مراقبة مدى تطبيقه وتسليط العقوبات على المخالفين خاصة في ظل التسيب الكبير الذي تشهده المناطق المشمولة بالحجر الصحي حاليا.
ويرى بوجدارية أنه لا يمكن التعويل في هذا الظرف الحساس على وعي المواطن وعلى الاحترام الفردي للإجراءات الوقائية، داعيا السلطات إلى تحمل مسؤوليتها في إخراج البلاد من هذه الأزمة.