فهل تشهد الساحة العراقية خلال المرحلة المقبلة تصعيدا أكثر حدة بين القوات الأمريكية والفصائل المسلحة؟
بداية يقول المحلل السياسي العراقي، أياد العناز، إن الأراضي العراقية ستبقى وبعض المناطق الحدودية المشتركة مع سوريا مجالا وميدانا للعديد من التعرضات والعمليات بين الفصائل المسلحة الولائية المرتبطة بإيران وبين القوات الأمريكية الموجودة في العراق، وقيادة التحالف الدولي بدوافع إقليمية، وضمن مشروع سياسي لتوسيع دائرة الهيمنة والنفوذ على الأوضاع السائدة في العراق.
حكومة بغداد
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، وهذا التوجه مرهون بعدم قدرة الحكومات العراقية المتعاقبة على وقف هذه الأحداث والتعامل معها والحد منها، بمواجهة المليشيات ومنعها من تنفيذ توجهاتها وسلوكها في الميدان العراقي، رغم جميع الالتزامات التي قدمتها للإدارة الأمريكية بحماية مقراتها وقواتها المتواجدة على الأرض العراقية من أي هجمات أو تعرضات قادمة.
وأشار إلى أن، العملية العسكرية الأمريكية الأخيرة جاءت بعد ستة أشهر من عملية مماثلة قرب الحدود السورية العراقية المشتركة، بالقرب من منطقة البوكمال المقابلة لقضاء القائم العراقي، وبعد العديد من الهجمات التي شنتها الميليشيات على قاعدة بلد الجوية ومركز بغداد للدعم الدبلوماسي بالقرب من مطار بغداد وقاعدة الأسد الجوية والمواقع القريبة من مطار أربيل المدني، أي أنها سلسلة من العمليات المتبادلة بين الطرفين يستحكم فيها التطور السياسي في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، وبالتأكيد أن لهذه العمليات إيقاع خاص يتمثل بطبيعة المفاوضات الجارية حاليا في العاصمة النمساوية "فيينا"، والتأثير في إيجاد بوادر إيجابية للاتفاق على صيغ جديدة للعودة للاتفاق النووي الإيراني.
وتابع المحلل السياسي: "الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت قلقة من الاستخدام الميداني للطائرات المسيرة وطبيعة التأثيرات التي أحدثتها، وصعوبة رؤيتها بالنسبة لأنظمة المراقبة الأمريكية، وهذا ما أكدته القيادة الوسطى للقوات الأمريكية عندما تحدث الجنرال فرانك ماكنزي قائلا: إن الطائرات بدون طيار هي أكبر تهديد للقوات الأمريكية في المنطقة".
وقال العناز إن: "العمليات المتبادلة بين القوات الأمريكية تشكل تحولات نوعية في شكل التوازنات العسكرية بين واشنطن وطهران، ويسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن لإيجاد سياسة نوعية متماسكة مع إيران، ومواجهة النفوذ الإيراني في العراق، وباقي العواصم العربية التي تتواجد فيها أدوات النظام الإيراني".
الضوء الأخضر
من ناحيته، قال عبد القادر النايل، المحلل السياسي العراقي، إن: العراق يتجه إلى التصعيد العسكري في الأيام القادمة بعد قرار بايدن بإعطاء الضوء الأخضر للبنتاغون باستهداف المليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا، والقصف الأخير على مقر قيادة عمليات الحشد على الحدود العراقية السورية، شكل صدمة لإيران ومليشياتها العابرة للحدود والتي تنفذ توسعها على حساب العراق وبجميع المستويات العسكرية والاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": يأتي هذا التصعيد بعد وصول الطائرات المسيرة الإيرانية المفخخة إلى العراق في معسكر جرف الصخر بمحافظة بابل، ومعسكر أشرف بمحافظة ديالى، ودخول التحالف الذي جرى بمنطقة سنوني في قضاء سنجار بمحافظة نينوى بين حزب العمال الكردستاني، وخمس مليشيات هي حزب الله العراقي والنجباء وبدر والعصائر وسيد الشهداء وضباط من فيلق القدس الإيراني حيز التنفيذ.
التصعيد العسكري
وأوضح المحلل السياسي، أن الأطراف السابقة اتفقت على التصعيد العسكري قبيل الانتخابات المبكرة التي تطمح الأمم المتحدة وحكومة مصطفى الكاظمي إجراؤها، بدعم أمريكي في تشرين/أكتوبر القادم، وكانت أول العمليات العسكرية هي قصف أربيل بهذه الطائرات المسيرة المفخخة، لذا كان قرار واشنطن بقصفها مؤخرا، حيث تخشى أمريكا على قواعدها كما يخشى حلف الناتو على جنوده من حرب المسيرات.
وأكد أن: التصعيد سيكون سيد الموقف في الأسابيع القادمة حيث دخلت الأوضاع إلى منطقة لا يمكن للأمريكيين أو إيران ومليشياتها أن تتراجع عنها، ولاسيما أن بيان الخارجية الأمريكية كان صريحا، أن القصف كان للرد على تلك التهديدات، وكان بيان الخارجية الإيرانية حول القصف الأخير أسرع من بيان حكومة الكاظمي، مما يدل على أن إيران معنية بهذا التصعيد، وبالتالي سيشهد العراق حربا بالوكالة بين الطرفين، والإيرانيين لن يكونوا متضررين بشكل مباشر، الأمر الذي سوف ينسحب على المفاوضات الجارية حول الملف النووي الإيراني، ومسارات الحل التي تريدها واشنطن في سوريا أيضا، والتي تشهد تقاربا أمريكيا روسيا تركيا، حيث تجد إيران أنها مستهدفة بهذا التقارب، وتخشى على نفوذها الذي حققته في العراق وسوريا.
وأشار النايل، إلى أنه: "من المرجح أن تقصف مليشيات الحشد الشعبي مطار أربيل مجددا بشكل أكبر، ومن خلال المعلومات الدقيقة التي تصلنا، أن مليشيات العصائب أبلغت بعض طيران مطار بغداد بالتريث في رحلاته نحو مطار أربيل، وبالتأكيد ستكون قاعدة عين الأسد هي الهدف الثاني لهم، بعد أن وصلت معلومات من بعض القوات الحكومية المتواجدة في قاعدة عين الأسد إلى مسؤولي مليشيات حزب الله، أن طائرات عسكرية أمريكية وصلت إلى قاعدة عين الأسد، وهذا ما يفسر انتشار مليشيات حزب الله في صحراء منطقة السبعين كيلو غرب مدينة الرمادي، والتي ترتبط مع النخيب والطريق الاستراتيجي الذي يربط كربلاء بالأنبار، لذلك الأوضاع الحالية في العراق على صفيح ساخن سينفجر بأي لحظة".
وأوضح المحلل السياسي، أن: "مليشيات الحشد الشعبي تخشى من هروب المقاتلين الذين لا يرغبون بالقتال مع المليشيات ضد الأهداف الأمريكية، مما شكل ضعف وارتباك واضح في صفوفها في الوقت الراهن بعد قرار الرد على هجمات واشنطن، ولن يقتصر الوضع في العراق على تصعيد المليشيات وأمريكا، إنما هناك موجة اغتيالات ستنفذ على بعض المليشيات والقوى السياسية ومنها الكردية، بحجة اتهامهم بالتعاون مع أمريكا".
وأبلغت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي، أمس الثلاثاء، أنها شنت ضربات جوية على فصائل مسلحة مدعومة من إيران في سوريا والعراق لمنع المسلحين وطهران من تنفيذ أو دعم المزيد من الهجمات على القوات أو المنشآت الأمريكية.
وينص البند 51 في ميثاق الأمم المتحدة على ضرورة إخطار المجلس المؤلف من 15 بلدا على الفور بأي تحرك يتخذه أي بلد دفاعا عن النفس في وجه أي هجوم مسلح.
وقالت ليندا توماس-جرينفيلد السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة، إن الضربات الجوية أصابت منشآت تستخدمها فصائل مسلحة مسؤولة عن سلسلة من الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على قوات ومنشآت أمريكية في العراق.
وذكرت السفيرة في رسالة مكتوبة، "اُتخذ هذا الرد العسكري بعدما تبين أن الخيارات غير العسكرية غير ملائمة في التصدي للتهديد، وكان هدفه خفض تصعيد الموقف والحيلولة دون وقوع هجمات أخرى".
وبعث الرئيس الأمريكي جو بايدن رسالة مكتوبة مشابهة إلى الكونغرس يوم الثلاثاء، قال فيها إن "الولايات المتحدة مستعدة للقيام بأي تحرك آخر، عند الضرورة وبالطريقة الملائمة، لمواجهة أي تهديدات أو هجمات أخرى".
وأُطلقت صواريخ على قوات أمريكية في سوريا يوم الاثنين في رد على ما يبدو على الضربات الجوية الأمريكية.
وقال مسؤول عسكري أمريكي يوم الثلاثاء، إن زهاء 34 صاروخا استخدمت في الهجوم لكنه لم يسفر عن سقوط مصابين.