هل جاءت تلك الدعوات لرفع الحرج عن مجلس الأمن لعدم قدرته على اتخاذ قرار وفق اللائحة المتعلقة بتهديد الأمن والسلم الدوليين؟
يقول الرئيس الأسبق لقطاع الموارد المائية بوزارة الري المصرية، عبد الفتاح مطاوع، إنه خلال عامين وللمرة الثانية عقد مجلس الأمن جلسة علنية و بناء على طلب كل من مصر والسودان بشأن قضية سد النهضة الإثيوبي، التى اعتبرتها كل من من القاهرة والخرطوم تهديداً للأمن والسلم الدوليين.
قرار مجلس الأمن
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أنه بدون شك ستكون توصية المجلس هذه المرة استمرار التفاوض بين الدول الثلاثة وتحت رعاية الاتحاد الأفريقي، ومن الممكن أن يتم إضافة رعاة جدد أو لا يتم بناء على مصالح الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن تجاه هذه القضية، وكذلك بالنسبة لباقى الدول العشر ذات العضوية غير الدائمة في المجلس، لذلك نتعشم أن يكون هناك سقف زمني للتفاوض فى المرحلة القادمة.
وتابع رئيس قطاع الموارد المائية: "لقد اتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن أي عمليات تعلية للإنشاءات في القطاع الأوسط من السد، تعنى تخزين أو ملء إجبارى للتخزين أمام السد، وهو ما حدث خلال الملئ الجزئى للخزان العام الماضى، وما يحدث هذا العام أثناء إعداد مجلس الأمن الدولي توصيته وأثناء كتابة هذه السطور".
خطوط حمراء
وقال مطاوع: "فى تقديرى الشخصى أن أثيوبيا لن تستطيع تعلية الجزء الأوسط أى سنتيمتر واحد إلا بعد أنتهاء موسم فيضان نهر النيل الأزرق هذا العام بعد عدة شهور، والاخطر من ذلك أنها لن تستطيع عمل تعلية إذا ما كانت تقديرات القرار المصرى والسودانى بعدم السماح بالتعلية إلا بعد التأكد من السلامة الإنشائية للجزء الذي تم تعليته خلال هطول الأمطار الغزيرة هذا العام".
- هناك أسباب سياسية داخلية في أثيوبيا وراء ذلك إضافة إلى ضرورة توثيق تلك السلامة من الجانب الإثيوبى ومن المقاول المنفذ والاستشاري لأعمال السد، والوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الثلاثة بضمانات دولية.
وتوقع الخبير المائي المصري أن تكون دعوة انعقاد مجلس الأمن القادمة بعد عدة أشهر من أثيوبيا التى لم تحترم قواعد ومبادئ القانون الدولى، فيما يتعلق بعمل مشروعات على مجاري الأنهار الدولية المشتركة، والتى أخطأت في تقدير الموقف ورد فعل كل من مصر والسودان، مثلما اخطأت فى تقدير الموقف بشن هجوم على إقليم تيغراى الذى تلاه انسحاب مشين لقوات الجيش الإثيوبى المنهزمة.
مصالح الكبار
من جانبه قال الخبير القانوني السوداني، ميرغني أحمد ميرغني، إن كل الشواهد تؤكد أن قرار مجلس الأمن سوف يدعو أطراف أزمة سد النهضة للعودة إلى التفاوض، نظرا لأن مجلس الأمن لأول مرة في تاريخه تعرض عليه مثل هذه الأمور، لكن بالعودة إلى المفاوضات وبضغط من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، يجب أن يكون هناك اتفاق قانوني ملزم.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" أن جلسة مجلس الأمن الأخيرة أعطت إثيوبيا نوع من الشرعية لمواقفها المتعنتة، ولا يخفى علينا أن هناك أجندة دولية حول هذا الملف، تتعلق بمصالح الدول الكبرى، ولا يخفى علينا أن مجلس الأمن لم يتعامل مع الموضوع بحصافة، وأن ما طرحته مصر والسودان أمام المجلس، كان يهدف إلى الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
مطالب مشروعة
وأشار ميرغني إلى أن مصر والسودان لم يطلبا المستحيل من إثيوبيا، لأن كل ما تريده الدولتان هو الجلوس للتفاوض بجدية والخروج باتفاق قانوني ملزم لجميع الأطراف ويحقق مصالح الجميع، لكي يتم تجنب أي سيناريوهات قد تنعكس بالسلب على المنطقة والعالم، على أن تكون تلك المفاوضات ذات سقف زمني محدد وبرعاية دولية وضغوط على الطرف المتعنت.
وأكد أن الموضوع أيضا خطير على المستوى البعيد، فلو وافقت السودان على استكمال السد دون اتفاق ملزم، ما الذي يضمن عدم استخدام إثيوبيا للسد كأحد الأسلحة، حال حدوث خلافات بين الجانبين، فمن الممكن أن تقوم بفتح بوابات السد وإغراق السودان، إذا الأمر يتعلق كثيرا بالإجراءات المستقبلية وما يترتب على الانفراد الإثيوبي بكل ما يتعلق بالسد.
الري السودانية وسير المفاوضات
ويعتبر السودان أن الاتحاد الأوروبي يمكنه لعب دور مراقب لتعزيز عملية التفاوض مع إثيوبيا حول مشروعها (سد النهضة)، في ظل توقف المفاوضات حول المشروع الذي تخشى مصر والسودان من تأثيره على أمنهما المائي.
وذكر بيان لوزارة الري السودانية، اليوم الأربعاء، أن وزير الري والموارد المائية ياسر عباس، بحث في مكتبه اليوم مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي آنيتي ويبر، ملء سد النهضة الإثيوبي وسير المفاوضات بين دول السودان وإثيوبيا ومصر للتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد.
ما هي مسارات الحل؟
كما أكدت مصر، أن مجلس الأمن في قضية سد النهضة يعد أحد المسارات وليس المسار الوحيد أو المنتظر لحل المشكلة من خلاله.
وقال مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير محمد إدريس، خلال تصريحات تلفزيونية، إن "مصر توجهت إلى مجلس الأمن في 3 قضايا مفصلية وحيوية وهي: "قضية الجلاء، وقضية الأرض عقب 1967، وأخيرا أزمة سد النهضة".
وتابع: "لو كان مجلس الأمن هو الحل، لماذا لم نذهب له منذ 10 سنوات، بالطبع لأنه يوجد إدراك بأن المجلس ليس هو الحل، لكنه مسار طرقناه بعد أن انخرطنا في المفاوضات لفترة طويلة لم تصل إلى نتيجة، فذهبنا للمجلس لنعرض عليه قضيتنا".
- ذهاب مصر لمجلس الأمن هو "لتوضيح أن مسار الاتحاد الأفريقي لم يصل إلى نتيجة بعد عام كامل من المفاوضات"، مؤكدا أن العودة للمجلس ليست لإيجاد حل لأن المجلس لا يرحب بالانخراط في مثل هذه القضايا.
وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة، الشهر الجاري، لمناقشة أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، عقب كلمة وزير الري الإثيوبي، إن مصر ستدافع عن حقوق مواطنيها بكل الوسائل المتاحة، مشددا على أن المفاوضات يجب أن تتم في إطار زمني محدد.
ومنذ عام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة المعد ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميغاوات.
وفي مارس/ آذار 2015، وقع قادة مصر والسودان ورئيس وزراء إثيوبيا في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ بهدف تجاوز الخلافات، لكن الأزمة لا تزال قائمة، خاصة مع إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني للسد، وهي الخطوة التي ترفضها مصر والسودان.