لغز تكرار قصف قاعدة "العند الجوية" في جنوبي اليمن يطرح علامات استفهام حول سر هذا القصف والاستهداف من قبل "أنصار الله" للمرة الثانية.
يرى مراقبون أن "تلك العملية تؤكد توازن الردع بين "أنصار الله" والمعسكر المقابل في الشرعية والتحالف رغم الحصار"، ويرى آخرون أن "هناك عمليات ومصالح تحدث في الخفاء وقد تكون تلك العملة وبالدقة التي تمت بها "متفق عليها" لضرب أطراف بأخرى أو إحداث إرباك وفوضى لأغراض بعينها".
تعليقا على واقعة قصف قاعدة "العند الجوية" في محافظة لحج، قال اللواء، عبد الله الجفري، الخبير العسكري والإستراتيجي اليمني، إن "ما شاهدناه اليوم أن عددا من الطائرات المسيرة والصواريخ استهدفت قاعدة "العند الجوية" وأدت العملية إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من العسكريين".
قاعدة استراتيجية
وأضاف في حديثه لـ "سبوتنيك"، إن "الخسائر التي أحدثتها تلك العملية في صفوف العدوان تؤكد أنها كانت ناجحة وأصابت أهدافها نتيجة جمع معلومات استخباراتية دقيقة، وتلك العملية حملت رسائل مهمة جدا، فمن المعروف أن قاعدة "العند" هي قاعدة عسكرية كبرى، تم تشييدها منذ عقود حيث تم افتتاحها في شهر مارس/ آذار 1979، في ظل الصراع بين القطبين العالميين في ذلك الوقت "الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي"، وكانت مهمتها حماية الممرات المائية ومضيق باب المندب".
وتابع الخبير الاستراتيجي: "تلك القاعدة كانت تتواجد بها أسراب من الطائرات "ميغ 21"، وعدة أولية، وبالتالي أصبحت تلك القاعدة مهمة جدا، وفي أحداث صيف عام 1994، كان لها أهمية بالغة، فبعد السيطرة عليها تم إسقاط محافظة عدن، واليوم أصبحت تلك القاعدة تحتضن أعداد كبيرة جدا من المرتزقة وكذلك من القوات الأجنبية، بما فيها القوات الأمريكية التي نزلت بالعتاد والسلاح وأصبحوا يسيطرون عليها بحكم قربها من محافظة تعز والشريط الساحلي الغربي".
رسالة مهمة
وأشار إلى أن "تلك الضربة كانت بمثابة رسالة مهمة جدا في ظل الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن وفي ظل هذا العدوان وبعد التواجد الأجنبي ليس في القاعدة فحسب، بل هناك نزول للقوات البريطانية في مطار الغيطة بمحافظة المهرة، كما أن هناك قوات أخرى سواء كانت سعودية أو حتى من الخبراء الإسرائيليين، وهذا يعني أن هناك صراع على المنافذ البحرية والممرات المائية والمطارات والموانئ والجزر، لذا سوف تستمر تلك الضربات وبشكل تصعيدي تزامنا مع تظاهرات ثورة الجياع ورسالة لتحالف العدوان، أنه مهما حشدتم من قوات أجنبية لحماية تلك القواعد والموانئ والمطارات، هذا لن يجعلها بعيدة عن أيدي الجيش واللجان الشعبية وأسلحتهم الاستراتيجية وطائراتهم المسيرة وصواريخهم التي يصل مداها إلى 1800كم".
توازن الردع
وأكّد الجفري، أن "تلك العملية كانت الرّد الطّبيعي على تحالف دول العدوان في ظل الحصار المطبق"، مشيرا إلى أن "قاعدة العند هي قاعده كبيره جدا ومترامية الأطراف وتقع بين محافظة تعز ولحج وتحتوي على العديد من معسكرات التدريب ولواءات الجيش المتنوعة ما بين المدفعية والصواريخ، ويُراهن التحالف اليوم على السيطرة على تلك القاعدة، التي تعد خط الدفاع الأول تمنع الوصول إلى محافظة عدن".
وأوضح الخبير الاستراتيجي، أن "القوة الصاروخية والطائرات المسيرة في صنعاء، حققت تفوقا وتقدما كبير جدا في مواجهة أدوات العدوان التي أثبتت فشلها في الفترة الماضية، فقد أصبح الجيش واللجان الشعبية يخترقون أجواءهم وشبكاتهم الرادارية، واستطاعوا الوصول إلى العمق داخل دول التحالف، وهذا يؤكد أن المعركة اليوم وصلت إلى مرحلة مفصلية وحرب إلكترونية وفق استراتيجية توازن الردع".
علامات استفهام
ومن الجانب الآخر، يرى رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، عبد الكريم سالم السعدي، أن "هناك الكثير من علامات الاستفهام حول تلك العملية وكيف اخترقت تلك المسيرات والصواريخ كل هذه الأجواء ووصلت إلى أهدافها بتلك الدقة وخلفت ورائها العشرات من القادة ما بين قتيل وجريح".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن "تلك الأحداث طبيعية في ظل وجود دولة تحت الحرب، لكن المستغرب هو الدور الذي يجب أن تقوم به القوى الموجودة على الأرض في تلك المناطق ودور التحالف، وما الذي حدث وأوصل الأمور إلى هذه الدرجة، وكيف تتحدث القوى الجنوبية والتحالف على أن تلك المناطق تقع تحت سيطرتها، ما هي أدلة السيطرة".
وتابع السعدي: "إن تلك العمليات تتكرر بشكل أشبه بـ "ملهى"، واستغرب أيضا من الحادث السابق في نفس القاعدة والذي راح ضحيته مجموعة من الشهداء وما حدث اليوم، الأمر الذي يجعل أذهاننا تتساءل، هل هناك تواطؤ يحدث ما بين الحوثيين "أنصار الله" وبين طرف معين يعيش مشكلة اليوم في الجنوب واليمن والإمارات، وهل تلك العملية متفق عليها؟".
مخطط مسبقا
وأوضح رئيس تجمع القوى المدنية، أن "هذا الحادث طرح الكثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، وقد يقودنا هذا الأمر إلى ما هو أكبر، وقد ذكرت قبل أيام ونتيجة لبعض الشواهد أنه يتم التحضير لعمل عسكري أو فوضى وإرباك في عدن وفي المناطق المسماه بـ"المحررة"، وقد بنينا تلك التوقعات بناء على كم الأسلحة التي تم تسريبها إلى معسكرات المجلس الانتقالي وعبر مطار عدن وغيرها من المنافذ، والتي رصدت بشكل واضح عبر الكثير من الجهات، لذا أعتقد أن هذا ليس حدث عرضي وإنما مخطط له ومتفق عليه من أجل فرض وضع معين من جانب الطرف الإقليمي في تلك المرحلة".
المستهدفون بالعملية
أما الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، الدكتور ثابت حسين، فيرى أن بعض ما يجب أن يقال عن جريمة العند 29 أغسطس/أب 2021، إن المستهدفين كانوا من المتدربين لأحد ألوية العمالقة الجنوبية التي أبلت بلاء حسنا في الدفاع عن الجنوب وتحرير الساحل الغربي، والاستهداف تم مباشرة لعنابر السكن وليس في استعراض أو ميدان، مما ضاعف من عدد الشهداء والجرحى.
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، إن أحد الأسباب أيضا هو ضعف القيادة والسيطرة والإمكانيات الدفاعية والأمنية الجنوبية، مقارنة مع ما يمتلكه خصوم الجنوب المدعومين بكل الوسائل من قبل قوى إقليمية ودولية. وتابع الخبير العسكري، الصواريخ والمسيرات الحوثية والإخونجبة والقاعدية والداعشية لا تستهدف ب ٩٩% من جرائمها إلا جنوبيين.
وجّه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، يوم أمس الأحد، اتهاما إلى جماعة "أنصار الله"، بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف معسكرا تدريبيا لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي في قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج، جنوبي اليمن.
وتوعد هادي، في برقية عزاء وجّهها إلى أسر الضباط والصف والجنود الذين قتلوا جراء الهجوم، "أنصار الله بدفع ثمن غال ومحاسبتها على كل جريمة ترتكبها بحق اليمنيين"، مؤكّدا أن معركة الشعب اليمني ضد ما وصفها "بقايا الإمامة والمشروع الفارسي في اليمن"، مستمرة وستكلل بالنصر قريبا"، حسب "وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".
ودعا الرئيس اليمني جميع القوى اليمنية إلى التكاتف والتلاحم في مواجهة "أنصار الله".
وسبق أن تعرضت القاعدة الجوية، في 10 يناير/ كانون الثاني 2019، إلى هجوم بطائرة مُسيرة مفخخة نوع "قاصف 2 كي" استهدف عرضا عسكريا فيها وأسفر عن مقتل وإصابة 20 عسكريا، بينهم نائب رئيس هيئة الأركان اليمنية اللواء صالح الزنداني، ورئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع اللواء محمد صالح طماح.
ويشهد اليمن صراعا بين القوات الحكومية وجماعة "أنصار الله" منذ عام 2014، عندما كثف "أنصار الله" هجومهم على عدد من المحافظات ذات الأهمية الاستراتيجية والتي تسيطر عليها الحكومة، بما في ذلك محافظة مأرب، في وقت وصفت الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، حيث يحتاج 20.7 مليون شخص إلى الحماية أو المساعدة الإنسانية.