القارة العجوز على "أبواب جهنم"... "بالونات اختبار" غريبة سقطت على حدود روسيا
القارة العجوز على "أبواب جهنم"... "بالونات اختبار" غريبة سقطت على حدود روسيا
سبوتنيك عربي
رصد الكثير من الطلاب العرب والأجانب، خلال احتضان روسيا مونديال عام 2018، علامات الاستغراب على وجوه الكثير من الضيوف القادمين من القارة العجوز (أوروبا) أو من... 02.02.2022, سبوتنيك عربي
شكل الاجتماع الهائل لتلك الجنسيات والأعراق المختلفة، فرصة رائعة للقاء ثقافات جديدة وتفاعلها في موسكو، العاصمة التي سمعوا عنها الكثير، والبلاد (روسيا) التي حيكت عنها الأساطير في أفلام هوليود، لكن علامات الدهشة كانت واضحة على وجوههم، حيث أن الأشياء تعمل بانتظام (من دون الضرب أو الطرق) والبنى التحتية هائلة الحجم والتطور مع شبكة ميترو لم يشاهدوا لها مثيلا في بلادهم. "يا إلهي. خدعنا" هي عبارة قالها لنا شاب بريطاني مع صديقته، نعم أفلام هوليود لم تكن حقيقة، وأبطالها الخارقون أصحاب الجنسية الواحدة (الأمريكية) من نسج خيال كتابها فقط.قد تكون هذه مقدمة طويلة بالفعل، لكنها ضرورية لشيء آخر أكثر أهمية، حيث يحضر اليوم "أبطال هوليود" لفيلم حقيقي على أرض الواقع، لكنهم قد يصدمون بحقائق ربما قد سقطت سهوا أو عمدا عن ذاكرة الكاتب والمخرج، فوجب التذكير بها.فيلم مشابه لـ"أسلحة صدام"... لكن النهاية مختلفة حتماتعيدنا الأحداث التي نشهدها اليوم في الذاكرة إلى الفيلم الذي أخرجته أمريكا أثناء اجتياحها للعراق في عام 2003، حيث اتخذت قرارا فرديا بلا موافقة أممية بالهجوم على بغداد بحجة وجود أسلحة دمار شامل لم تثبت من خلال اللجان الأممية، وتم نفي وجودها لاحقا من قبل الإدارة الأمريكية ذاتها، لكنها نفذت الهجوم على الرغم من أن كوكب الأرض شهد أكبر احتجاج عالمي ضد الحرب شارك فيه مواطنون من 60 دولة وخل كتاب غينيس للأرقام القياسية عام 2004. ونشهد اليوم عملية إخراج لفيلم مشابه تبنى فكرته البعض من دون وجود أي إثبات حقيقي، يتحدث عن تحضيرات تقوم بها روسيا من أجل دخول أوكرانيا، الأمر الذي نفته موسكو مرارا وتكرارا، لكن الخطة لإعداد هذا الفيلم ليست جديدة بل أخذت وقتا طويلا.التخطيط بدأ بتشوية حقائق عن الحرب العالمية الثانيةحاولت بعض الجهات مرارا تهميش الدور التاريخي لروسيا في الحرب العالمية الثانية، بل وصلت في بعض مراحلها إلى قلب الحقائق بشكل جذري، مثل حذف صور دخول الجيش السوفيتي إلى برلين، أو محاولة مسح قضية "خيانة ميونيخ" من التاريخ، وهي القضية التي شكلت بذرة لنشوب الحرب العالمية الثانية.ضرب الحلفاء بـ"الأعداء"... "من قارة أخرى"بعد الترويج لحقائق مزيفة، تعمل واشنطن عادة على تجهيز "أضحية" تستخدمها بهدف ضرب خصومها من خلالها، والأمثلة كثيرة على هذه السياسة، على سبيل الثال، الصراع بين الصين وتايوان، أو من خلال خلق مناطق ساخنة تتيح لها التمركز والسيطرة عل القرار والاقتصاد، أي منابع النفط، مثل العراق وسوريا، وحتى في ليبيا، حيث قصف حلفها "الناتو" ليبيا، واليوم تسيطر السفيرة الأمريكية على قراره النفطي، بشكل مباشر أو غير مباشر."بالونات اختبار" على الحدود الروسية... "ديفيندر" و"كازخستان"قد يظن البعض أن تطور الأحداث في أوكرانيا جديد، لكن بالعودة إلى الخلف قليلا يمن رصد "بوالين اختبار" قام بها حلف الناتو لاختبار جدية روسيا بالتعامل مع المواضيع الحاسة لأمنها القومي، على سبيل المثال، في شهر أكتوبر / تشرين الأول عام 2020، أعلنت الدفاع الروسية تعقب المدمرة البريطانية "دراغون" بالتزامن مع تزايد أنشطة استطلاع غريبة على الحدود الروسية، وفي يونيو/ حزيران عام 2021، تسببت المدمرة البريطانية "ديفيندر" بأزمة دبلوماسية كبيرة بسبب استفزاز المدمرة "ديفيندر" التي دخلت المياه الإقليمية الروسية، الأمر الذي ردت عليه روسيا بتحرك سريع حيث أكد صحفي يعمل مع "بي بي سي"، كان متواجدا على متن المدمرة البريطانية، أن السفينة دخلت المياه الإقليمية الروسية عمدا، وأشار إلى أن نحو 20 طائرة روسية حلقت فوق السفينة، وأنه سمع طلقات تحذيرية، الأمر الذي أحرج قوات الحلف التي أنكرت الحادثة.وحاولت بعض الجهات زعزعة استقرار الدول المجاورة للحدود الروسية جنوبا، على سبيل المثال لا الحصر، أزمة كازخستان الأخيرة التي انطفأ فتيلها سريعا، حيث أشارت السلطات الكازاخستانية، إلى وجود أشخاص من أصول أجنبية، بالإضافة إلى مقاتلين اكتسبوا خبرة في دول أجنبية و"بؤر ساخنة" وإلى عصابات إرهابية دولية خضعت لتدريب في الخارج، وهو ما يذكرنا ببداية الأحداث في سوريا على سبيل المثال لا الحصر.قراءة التاريخ ضرورية جدا لبعض المغامرينمن الضروري اليوم، إعادة قراءة بعض قصص التاريخ، من أجل التذكير بالحاضر، حيث يحاول البعض اليوم طمس الكثير من الحقائق التي يمكن من خلالها معرفه حقيقة ما يحدث اليوم، منها على سبيل المثال، ما جاء في كتاب "مسجد في ميونيخ" للكاتب والصحفي كندي الأصل إين جونسون، حيث جمع اقتباسات من ضباط ورجال مخابرات شاركوا في الحرب العالمية الثانية، حرصا منه على رصد الحقائق قبل وفاتهم، وقدم الحقيقة التالية للتاريخ، والتي تؤكد أنه: "عندما دخل الروس برلين وأسقطوا النازية، كانت جيوش الحلفاء ماتزال في منتصف الطريق، على الحدود الفرنسية، وبعد إعلان النصر وقتل هتلر، استسلم الجنود الألمان بشكل طوعي بدون قتال بعد انتشار خبر الهزيمة، خصوصا أن هتلر كان قد سحب جميع الجنود من الجبهة الغربية إلى الجبهة الشرقية لمواجهة الجيش الأحمر لأنه يتفوق بالعتاد والعدد على المجموعة الصغيرة من السفن التي أرسلها الحلفاء إلى سواحل النورماندي".بالإضافة إلى ذلك، تحدث الكاتب عن استثمار المخابرات الأمريكية للاجئين المسلمين في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال الإعلام، ومن الأدوات التي استخدمها على سبيل المثال لا الحصر، "راديو الحرية" الذي أشرفت عليه المخابرات الأمريكية بشكل مباشر ومولته، كما وقع الرئيس الأمريكي ترومان في عام 1951 مرسوما يقضي بإنشاء "لجنة الاستراتيجية السيكولوجية"، والتي تهدف إلى تذليل العقبات أيا كانت، عن طريق "عمليات مغطاة" أي بعبارة أخرى، كما قال الكاتب: "تضليل الرأي العام في الداخل الأمريكي وكذلك في العديد من البلدان غير الشيوعية"، لتحقيق أهداف أمريكا، ليتم بعدها اعتماد آلية "للحرب السياسية"، وهو تضليل يحدث اليوم أيضا.وشارك هذا الرأي الكاتب الفرنسي، تيري ميسان، التي تصفه وسائل الإعلام الغريبة بـ"المثير للجدل"، خصوصا بعد تأليفه كتاب "الخدعة الرهيبة"، والتي ادعى فيها أن أحداث الـ11 من ديسمبر هي مجرد "مؤامرة".كييف قلقة جدا... واشنطن تحاول إحياء "القطب الواحد" الميتوبالعودة إلى الحاضر، يمكن مقارنة الترويج الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام اليوم، بحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أو حقبة الحرب الباردة، لكن مع محاولة رد الاعتبار للنازيين، الأمر الذي قد يخلق بعدا آخر للأزمة، يتمثل بمحاولة "خلق بذرة" صراع جديد في المنطقة، وهو ما تسبب بقلق كييف نفسها من الترويج الكبير لحدوث هذه الحرب المزعومة، لأن هذا الترويج ربما يدل على ما بداخل ونوايا مروجي هذه الأفكار بالدرجة الأولى، وهو ما أثبتته التجربة التاريخية.أثبتت السنوات العشر الأخيرة، أن سياسة واشنطن في الكثير من المناطق، كانت بعيدة كل البعد عن مزاعم نشر الدمقراطيات والدفاع عن الحرية والسلم الدوليين، ونلحظ نتائج هذه السياسات جلية اليوم في الشرق الأوسط من العراق وسوريا وصولا إلى ليبيا، بالإضافة إلى النتائج الكارثية التي شهدناها في أفغانستان.وبالعودة إلى الفكرة التي وردت في بداية هذا المقال، يبدو أن السياسات الغربية، ومن خلفها بعض وسائل الإعلام، لا تجد لنفسا أي رادع، عند تشويه صورة الشعوب النمطية، والإساءة لها أحيانا من خلال أفلامها وأقلامها ووسائل إعلامها، والتسبب أيضا بحروب قاسية بحجج بعيدة كل البعد عن الواقع، ولا تجد مشكلة أيضا بإزالة الحقيقة وتشويهها كحذف بعض الصور التاريخية والمعلومات وإعادة صياغتها بطريقتهم المناسبة بما يخدم سياساتهم ومصالحهم الآنية.المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط
رصد الكثير من الطلاب العرب والأجانب، خلال احتضان روسيا مونديال عام 2018، علامات الاستغراب على وجوه الكثير من الضيوف القادمين من القارة العجوز (أوروبا) أو من الأمريكيتين، وهو ما لاحظته أنا وزملائي في الدراسة من مصر والسعودية على سبيل المثال.
شكل الاجتماع الهائل لتلك الجنسيات والأعراق المختلفة، فرصة رائعة للقاء ثقافات جديدة وتفاعلها في موسكو، العاصمة التي سمعوا عنها الكثير، والبلاد (روسيا) التي حيكت عنها الأساطير في أفلام هوليود، لكن علامات الدهشة كانت واضحة على وجوههم، حيث أن الأشياء تعمل بانتظام (من دون الضرب أو الطرق) والبنى التحتية هائلة الحجم والتطور مع شبكة ميترو لم يشاهدوا لها مثيلا في بلادهم. "يا إلهي. خدعنا" هي عبارة قالها لنا شاب بريطاني مع صديقته، نعم أفلام هوليود لم تكن حقيقة، وأبطالها الخارقون أصحاب الجنسية الواحدة (الأمريكية) من نسج خيال كتابها فقط.
قد تكون هذه مقدمة طويلة بالفعل، لكنها ضرورية لشيء آخر أكثر أهمية، حيث يحضر اليوم "أبطال هوليود" لفيلم حقيقي على أرض الواقع، لكنهم قد يصدمون بحقائق ربما قد سقطت سهوا أو عمدا عن ذاكرة الكاتب والمخرج، فوجب التذكير بها.
فيلم مشابه لـ"أسلحة صدام"... لكن النهاية مختلفة حتما
تعيدنا الأحداث التي نشهدها اليوم في الذاكرة إلى الفيلم الذي أخرجته أمريكا أثناء اجتياحها للعراق في عام 2003، حيث اتخذت قرارا فرديا بلا موافقة أممية بالهجوم على بغداد بحجة وجود أسلحة دمار شامل لم تثبت من خلال اللجان الأممية، وتم نفي وجودها لاحقا من قبل الإدارة الأمريكية ذاتها، لكنها نفذت الهجوم على الرغم من أن كوكب الأرض شهد أكبر احتجاج عالمي ضد الحرب شارك فيه مواطنون من 60 دولة وخل كتاب غينيس للأرقام القياسية عام 2004. ونشهد اليوم عملية إخراج لفيلم مشابه تبنى فكرته البعض من دون وجود أي إثبات حقيقي، يتحدث عن تحضيرات تقوم بها روسيا من أجل دخول أوكرانيا، الأمر الذي نفته موسكو مرارا وتكرارا، لكن الخطة لإعداد هذا الفيلم ليست جديدة بل أخذت وقتا طويلا.
التخطيط بدأ بتشوية حقائق عن الحرب العالمية الثانية
حاولت بعض الجهات مرارا تهميش الدور التاريخي لروسيا في الحرب العالمية الثانية، بل وصلت في بعض مراحلها إلى قلب الحقائق بشكل جذري، مثل حذف صور دخول الجيش السوفيتي إلى برلين، أو محاولة مسح قضية "خيانة ميونيخ" من التاريخ، وهي القضية التي شكلت بذرة لنشوب الحرب العالمية الثانية.
تهدف سياسة تشويه الحقائق إلى زرع مفهوم سياسي جديد وتبنيه والترويج له دوليا، على سبيل المثال، سياسة الشرق الأوسط الجديد، التي لا يساهم فيها سكان المنطقة، وهي فكرة أمريكية، أو سياسة "الفوضى الخلاقة"، لكن هذه السياسات تصب في مصلحة تنفيذ السياسات الأمريكية، وهو ما يحدث اليوم، حيث تحاول بعض الدول تغيير بعض الحقائق الترايخية المعروفة التي تؤكد فوز روسيا في الحرب العالمية الثانية بهدف زرع مفاهيم جديدة وصور نمطية مختلفة تخدم مصالحها وتستثمرها لتنفيذ سياساتها في القارة العجوز.
ضرب الحلفاء بـ"الأعداء"... "من قارة أخرى"
بعد الترويج لحقائق مزيفة، تعمل واشنطن عادة على تجهيز "أضحية" تستخدمها بهدف ضرب خصومها من خلالها، والأمثلة كثيرة على هذه السياسة، على سبيل الثال، الصراع بين الصين وتايوان، أو من خلال خلق مناطق ساخنة تتيح لها التمركز والسيطرة عل القرار والاقتصاد، أي منابع النفط، مثل العراق وسوريا، وحتى في ليبيا، حيث قصف حلفها "الناتو" ليبيا، واليوم تسيطر السفيرة الأمريكية على قراره النفطي، بشكل مباشر أو غير مباشر.
الأهم بالنسبة للسياسة الأمريكية هو أن تتم هذه العمليات خارج أراضيها، وبأقل عدد جنود ممكن (جنود أمريكيين)، من خلال توظيف الحلفاء، حلفاء الناتو على سبيل المثال، أو حلفائها الخارجيين، مثل أوكرانيا في وقتنا الحالي، وبهذه الطريقة، تضمن الابتعاد عن النتائج الفعلية لهذه الحروب وآثارها الكارثية، فهي تقبع في قارة أخرى تماما، تؤمن لها البعد الجغرافي المناسب عن هذه الأحداث الكارثية مع ضمان استمرارها في حصد نتائجها.
"بالونات اختبار" على الحدود الروسية... "ديفيندر" و"كازخستان"
قد يظن البعض أن تطور الأحداث في أوكرانيا جديد، لكن بالعودة إلى الخلف قليلا يمن رصد "بوالين اختبار" قام بها حلف الناتو لاختبار جدية روسيا بالتعامل مع المواضيع الحاسة لأمنها القومي، على سبيل المثال، في شهر أكتوبر / تشرين الأول عام 2020، أعلنت الدفاع الروسية تعقب المدمرة البريطانية "دراغون" بالتزامن مع تزايد أنشطة استطلاع غريبة على الحدود الروسية، وفي يونيو/ حزيران عام 2021، تسببت المدمرة البريطانية "ديفيندر" بأزمة دبلوماسية كبيرة بسبب استفزاز المدمرة "ديفيندر" التي دخلت المياه الإقليمية الروسية، الأمر الذي ردت عليه روسيا بتحرك سريع حيث أكد صحفي يعمل مع "بي بي سي"، كان متواجدا على متن المدمرة البريطانية، أن السفينة دخلت المياه الإقليمية الروسية عمدا، وأشار إلى أن نحو 20 طائرة روسية حلقت فوق السفينة، وأنه سمع طلقات تحذيرية، الأمر الذي أحرج قوات الحلف التي أنكرت الحادثة.
وحاولت بعض الجهات زعزعة استقرار الدول المجاورة للحدود الروسية جنوبا، على سبيل المثال لا الحصر، أزمة كازخستان الأخيرة التي انطفأ فتيلها سريعا، حيث أشارت السلطات الكازاخستانية، إلى وجود أشخاص من أصول أجنبية، بالإضافة إلى مقاتلين اكتسبوا خبرة في دول أجنبية و"بؤر ساخنة" وإلى عصابات إرهابية دولية خضعت لتدريب في الخارج، وهو ما يذكرنا ببداية الأحداث في سوريا على سبيل المثال لا الحصر.
"حاول حلف الناتو في الفترة الأخيرة اختبار رد الفعل الروسي حيال الأحداث المفاجئة من خلال ما يمكن تسميته بـ"بالونات الاختبار"، حيث تعمد الحلف القيام بجولات تصعيدية لدراسة جدية موسكو في الرد والتحرك، لكن استجابة روسيا السريعة، كانت مخالفة لتوقعاتهم، خصوصا فيما يتعلق بحادثة المدمرة البريطانية وأحداث كازخستان".
قراءة التاريخ ضرورية جدا لبعض المغامرين
من الضروري اليوم، إعادة قراءة بعض قصص التاريخ، من أجل التذكير بالحاضر، حيث يحاول البعض اليوم طمس الكثير من الحقائق التي يمكن من خلالها معرفه حقيقة ما يحدث اليوم، منها على سبيل المثال، ما جاء في كتاب "مسجد في ميونيخ" للكاتب والصحفي كندي الأصل إين جونسون، حيث جمع اقتباسات من ضباط ورجال مخابرات شاركوا في الحرب العالمية الثانية، حرصا منه على رصد الحقائق قبل وفاتهم، وقدم الحقيقة التالية للتاريخ، والتي تؤكد أنه: "عندما دخل الروس برلين وأسقطوا النازية، كانت جيوش الحلفاء ماتزال في منتصف الطريق، على الحدود الفرنسية، وبعد إعلان النصر وقتل هتلر، استسلم الجنود الألمان بشكل طوعي بدون قتال بعد انتشار خبر الهزيمة، خصوصا أن هتلر كان قد سحب جميع الجنود من الجبهة الغربية إلى الجبهة الشرقية لمواجهة الجيش الأحمر لأنه يتفوق بالعتاد والعدد على المجموعة الصغيرة من السفن التي أرسلها الحلفاء إلى سواحل النورماندي".
فتاة رومانية تقوم بتضميد جندي سوفيتي جريح، عام 1944
بالإضافة إلى ذلك، تحدث الكاتب عن استثمار المخابرات الأمريكية للاجئين المسلمين في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، من خلال الإعلام، ومن الأدوات التي استخدمها على سبيل المثال لا الحصر، "راديو الحرية" الذي أشرفت عليه المخابرات الأمريكية بشكل مباشر ومولته، كما وقع الرئيس الأمريكي ترومان في عام 1951 مرسوما يقضي بإنشاء "لجنة الاستراتيجية السيكولوجية"، والتي تهدف إلى تذليل العقبات أيا كانت، عن طريق "عمليات مغطاة" أي بعبارة أخرى، كما قال الكاتب: "تضليل الرأي العام في الداخل الأمريكي وكذلك في العديد من البلدان غير الشيوعية"، لتحقيق أهداف أمريكا، ليتم بعدها اعتماد آلية "للحرب السياسية"، وهو تضليل يحدث اليوم أيضا.
وشارك هذا الرأي الكاتب الفرنسي، تيري ميسان، التي تصفه وسائل الإعلام الغريبة بـ"المثير للجدل"، خصوصا بعد تأليفه كتاب "الخدعة الرهيبة"، والتي ادعى فيها أن أحداث الـ11 من ديسمبر هي مجرد "مؤامرة".
نقل ميسان في سلسة لقاءات أجراها في مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية في دمشق، عام 2011، حضرها العديد من الإعلاميين، وكنت محظوظا بأن أكون من بين الحضور، نقل عن عدة مراجع تاريخية أوروبية، ومنها أيضا عن إين جونسون، تأكيده أنه "أثناء فترة المفاوضات بين الحلفاء وروسيا بعد هزيمة هتلر، تعمد الرئيس الأمريكي عدم الموافقة على الطلب المتكرر من سفير اليابان لمقابلته، حيث أراد الأخير إبلاغهم استسلام بلاده، لأن أمريكا أرادت إسقاط القنبلتين الذريتين لاستخدامهم في المفاوضات مع روسيا، والتي لم تصنع القنبلة في تلك الفترة"، بحسب ميسان.
وبالعودة إلى الحاضر، يمكن مقارنة الترويج الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام اليوم، بحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أو حقبة الحرب الباردة، لكن مع محاولة رد الاعتبار للنازيين، الأمر الذي قد يخلق بعدا آخر للأزمة، يتمثل بمحاولة "خلق بذرة" صراع جديد في المنطقة، وهو ما تسبب بقلق كييف نفسها من الترويج الكبير لحدوث هذه الحرب المزعومة، لأن هذا الترويج ربما يدل على ما بداخل ونوايا مروجي هذه الأفكار بالدرجة الأولى، وهو ما أثبتته التجربة التاريخية.
"قد ينتقل حلف الناتو من الترويج لمزاعم وجود نيّة لدى موسكو لدخول أوكرانيا، إلى الترويج إلى ضرورة القيام بحرب من أجل منع حدوث ذلك، وهو ما سيدخل كييف بصراع لا تحمد عقباه، ولن تكون نتائجه كما يرغب مروجو هذه الأفكار، وهو ما بدأ يثير قلق أوكرانيا بشكل حقيقي، لكن الأهم بالنسبة لواشنطن، خلق مشكلة بعيدة تضرب من خلالها حلفائها، أوكرانيا على سبيل المثال اليوم، بأعدائها المفترضون، كما تروج لهم مثل روسيا والصين".
أثبتت السنوات العشر الأخيرة، أن سياسة واشنطن في الكثير من المناطق، كانت بعيدة كل البعد عن مزاعم نشر الدمقراطيات والدفاع عن الحرية والسلم الدوليين، ونلحظ نتائج هذه السياسات جلية اليوم في الشرق الأوسط من العراق وسوريا وصولا إلى ليبيا، بالإضافة إلى النتائج الكارثية التي شهدناها في أفغانستان.
التغيرات الجديدة على الساحة الدولية، تجبر أمريكا على جرد حلفائها إلى أعتاب الحرب، بهدف تنفيذ سياساتها، خصوصا بعد عودة المنتصر في الحرب العالمية الثانية (روسيا) لتصدر المشهد العالمي بكفاءة وفعالية كبيرة معيدا سياسة "توازن القطبين العالميين"، وهي مخاوف كبيرة جدا ظهرت لدى الناتو وواشنطن بشكل واضح بعد قيام صاروخ روسي بتدمير قمر صناعي خارج الغلاف الجوي للأرض، الأمر الذي كان مؤشرا لظهور قوة عسكرية كبرى مطلة على القارة الأمريكية الشمالية، بالإضافة إلى صعود قوى منافسين جدد على الساحة الدولية، على رأسهم الصين، بالإضافة إلى بعض الدول العربية مثل مصر، وهو الأمر الذي قد يقوض سياسة "القوة الواحدة" التي انفردت بها واشنطن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
وبالعودة إلى الفكرة التي وردت في بداية هذا المقال، يبدو أن السياسات الغربية، ومن خلفها بعض وسائل الإعلام، لا تجد لنفسا أي رادع، عند تشويه صورة الشعوب النمطية، والإساءة لها أحيانا من خلال أفلامها وأقلامها ووسائل إعلامها، والتسبب أيضا بحروب قاسية بحجج بعيدة كل البعد عن الواقع، ولا تجد مشكلة أيضا بإزالة الحقيقة وتشويهها كحذف بعض الصور التاريخية والمعلومات وإعادة صياغتها بطريقتهم المناسبة بما يخدم سياساتهم ومصالحهم الآنية.
تم حظر دخولك إلى المحادثة لانتهاك"a href="https://sarabic.ae/docs/comments.html>القواعد.
ستتمكن من المشاركة مرة أخرى بعد:∞.
إذا كنت غير موافق على الحظر، استخدم<"a href="https://sarabic.ae/?modal=feedback>صيغة الاتصال
تم إغلاق المناقشة. يمكنك المشاركة في المناقشة في غضون 24 ساعة بعد نشر المقال.