عالم آثار سوري: مرض السرطان ليس عصريا.. أصاب أول بشري قبل 1.7 مليون عام
عالم آثار سوري: مرض السرطان ليس عصريا.. أصاب أول بشري قبل 1.7 مليون عام
سبوتنيك عربي
لطالما قرأنا في الأبحاث الطبية أن السرطان مرض ظهر مع قيام المجتمعات الصناعية، وأن عمره يصل لنحو 200- 300 عام، وأنه يصيب الإنسان فقط، لكن لعلم الآثار رأي آخر... 14.03.2022, سبوتنيك عربي
في هذا السياق، كشف الدكتور محمود السيد، الباحث في علم الآثار والمؤرخ في المديرية العامة السورية للآثار والمتاحف السورية، أنه "تم اكتشاف بقايا فك حيوان من ذوات الأنياب يجمع بين صفات الثديات والزواحف في حفرية وادي "روهوهو" في تنزانيا، وكان مصابا بأقدم ورم غير سرطاني معروف في التاريخ، وهو عبارة عن ورم سني مركّب يتألف من تكوينات صغيرة للغاية تشبه الأسنان انغرست بجانب جذر الناب الكبير".وأضاف الباحث السوري في حديث لـ "سبوتنيك": "من المتعارف عليه أن الورم السني المركب يظهر بين اللثتين أو في الأنسجة الرخوة في الفك، إذاً فالأورام الحميدة والخبيثة تظهر في الأنسجة الرخوة لكنها نادراً ما تتحول إلى أحفوريات، مما أدى إلى وجود فجوات علمية في التاريخ الزمني لظهور أمراض عند الإنسان والحيوان على حد سواء"."سرطان العظام" هو الأقدموبحسب خبير الآثار السوري فإنه "لجميع أنواع مرض السرطان خاصية مشتركة على المستوى الخلوي تدعى الانقسام الخلوي المرضي غير المنضبط، والسرطان ليس جينياً في منشئه فقط، بل في كليته، حيث توجد جينات ورميّة بدائية داخلية أخرى متناثرة في الجينوم الخلوي البشري وهي تحتاج تفعيلاً بطفرات لكي تنتج السرطان، والطفرات حوادث نادرة وتتحكم الجينات الشاذة في جميع مظاهرها السلوكية، والانحراف الجيني الأولي هو بداية عملية تطوّر السرطان والتي تتقدم في حال حدوث عدد من التغييرات في داخل الخلية".وأشار السيد إلى أن "عوامل مساعدة عدة تجعل الخلايا تنقسم بسرعة أكبر مسببة تراكم الخلايا وتشكل الورم السرطاني منها عوامل تنتقل بالوراثة وعوامل تتكون داخل الجسم وعوامل خارجية قادرة على الدخول إلى الجسم، وعوامل مشجعة تنتقل بالوراثة، أو تتكون نتيجة لتأثيرات عوامل بيئية تجعل السرطان أكثر عدوانيه، وتزيد احتمال اقتحام السرطان للأنسجة القريبة منه وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة في عملية يطلق عليها الانبثاث، كما تزيد احتمال انتشار السرطان إلى أعضاء أخرى في أنحاء الجسم".وأردف السيد: "وقد تعود أسباب الإصابة بالسرطان إلى طُفيليات، أو عدوى بكتيرية، أو الإصابة بفيروس أو فيروسات مُعينة، وتشمل العدوى الطفيلية المرتبطة بالسرطان البلهارسيا (سرطان الخلايا الحرشفية في المثانة) وتدفقات الكبد، ومتأخر الخصية الزبادي وسرطان القنوات الصفراوية".وأشار السيد إلى أن "السرطان مرض يصيب الإنسان والحيوان على حد سواء، وهذا ما برهنته الاكتشافات الأثرية الحديثة، ويؤكد علم الآثار أن أقدم إصابة بالسرطان تؤرخ بـ 240 مليون عام، وبحسب متحف كارنيفي للتاريخ الطبيعي في ألمانيا تم توثيق إصابة سلحفاة في عظم الفخذ الأيسر بسرطان العظام بدليل الرؤية، وبكل وضوح لنمو غير متساوٍ على طول عظم الفخذ، وقد اكتشفت بقايا السلحفاة في محجر يقع في جنوب غرب ألمانيا بفضل استخدام تقنية الأشعة المقطعية الدقيقة، وتم التوثق من إصابتها بسرطان عظمي من نوع ساركوزي عظمي مع وجود تشابه كبير بين هذا الورم الخبيث ومرض ساركوما العظام السرطاني، والذي أصاب البشر قبل مليون و700 ألف عام، وهو مرض خبيث غالباً ما ينتشر في الرئتين ويمكن أن ينتقل إلى الدماغ أو بقية الأعضاء، كذلك تؤكد دراسة مستحاثات الأسماك البرمائية المتحجرة إصابتها بسرطان العظام".وأردف قائلاً: "ما سبق يبرهن بالدليل المادي الملموس أن السرطان مرض ينجم بالدرجة الأولى عن نقطة ضعف في الطفرة المتأصلة في الحمض النووي، ففي عام 1997 اكتشفت في ولاية مونتانا الأمريكية بقايا هيكل عظمي لديناصور من نوع التيرانوصوركس، ولوحظ في بقايا هيكله العظمي وجود كسور عديدة وجروح غائرة قد اندملت، وبفضل تقنية الطب الحديث (أشعة x)، اكتُشف في جمجمة الديناصور أقدم سرطان في العالم يصيب دماغ كائن حي حتى الآن في ضوء المعطيات الأثرية الحالية بحسب مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" عام 2003، ويؤرخ عمر الورم بـ/72/ مليون عام، وهو ورم متحجر إسفنجي القوام بحجم كرة الغولف، وهو سرطان عظام امتد من عظام الجمجمة إلى المخ والمخيخ، وهو أهم أسباب موت هذا الديناصور، والهيكل محفوظ حالياً في متحف شيكاغو، وكذلك اكتشف على سبيل المثال في ولاية وايومنغ الأمريكية سرطان عظام أصاب الفقرات الذيلية لديناصور (آخر)، إذاً أقدم نوع من أنواع السرطان التي أصابت البشر والحيوان هو سرطان العظام".دلائل المرض تختفي بعد مليون عاموبحسب المؤرخ السوري فقد "أكدت دراسة البقايا الآدمية الأثرية بفضل تقنيات الطب الحديث والطب الشرعي أن السرطان هو مرض قد يصيب كامل أجزاء الجسم البشري وفي أي مرحلة عمرية، حتى أنه يصيب الأجنة، ولكن تزداد مخاطر الإصابة بالسرطان كلما تقدم الإنسان في العمر، وهذا ما يفسر قلة الإصابات البشرية بالسرطان والمؤرخة بعصور ما قبل التاريخ بين أيدينا، كون الإنسان في تلك الحقبة التاريخية لم يكن معمراً مع بعض الاستثناءات، وبالتالي كانت تحدث الوفاة في أغلب الأحيان قبل تطور المرض وقبل ملاحظة وجوده، فضلاً عن قلة حجم التلوث البيئي في تلك العصور ونوعية الغذاء الغير مصنع والغير مفرّز، ويجب أيضاً الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر علم الآثار من كون العديد من سرطان العظام قد لا يمكن اكتشافها على البقايا الأحفورية، حيث لا يترك العضو المصاب أو سرطان الدم أي علامة دالة عليه بعد مضي مليون عام على وفاة الشخص، فضلاً عن صعوبة تحديد ما إذا كان السرطان موضعي أو نقيلي".زمنياً .. الورم الحميد كان السبّاقوأضاف السيد: "نحاول كمؤرخين من خلال هذه الدراسات المعمقة تأريخ الخط الزمني لظهور أمراض السرطان عند البشر والحيوان منذ أقدم إصابة بمرض خبيث ثبت وجودها في البقايا الآدمية والحيوانية الأثرية، وتؤكد الاكتشافات الثرية الحديثة أن البشر أصيبوا بأمراض حميدة وأورام سرطانية وأن الورم الحميد كان السبّاق زمنياً، بدليل العثور في موقع مالابا الأثري في جنوب أفريقيا على بقايا هيكل عظمي لطفل عمره بين 12-13 عام ينسب إلى الجنس البشري أوستراليبيثيكوس سيديبا، وقد أصيب بأقدم مرض حميد عرفه البشر حتى الآن أصاب الفقرة الصدرية السادسة ويؤرخ بمليوني عام قبل الميلاد، وهو من الحالات الطبية النادرة جداً كون المرض يصيب عادة العظام الطويلة، ونادراً العمود الفقري".أول بشري أصيب بالسرطانوتابع السيد: "تؤرخ أقدم إصابة للبشر بورم سرطاني في الدراسة الأثرية الحالية بمليون و700 ألف عام، ففي جنوب أفريقيا اكتشفت في كهف يقع في شمال غرب جوهانسبرغ بقايا ساق قصيرة لإنسان بالغ أصيب بسرطان العظام من نوع "ساركوما عظمي" وبفضل تكنولوجيا الحواسيب في التعامل مع الأورام (أي صور الأشعة المقطعية بالأشعة السينية ثنائية وثلاثية الأبعاد)، تم التحقق من الإصابة وتم الاستنتاج أن هذه الحالة تطابق تماماً ما يتعرض له مرضى سرطان العظام في وقتنا الراهن، واكتشف أيضاً في نفس البقايا الأثرية أقدم ورم سرطان نقيلي عرفه البشر حتى الآن في ضوء المعطيات الأثرية الحالية".وأضاف: "اكتشف في مدينة جاوة الإندونيسية في القرن التاسع عشر بقايا فخذ بشري للإنسان المنتصب الهومو- أوركتوس مصاب بسرطان العظام ويؤرخ بحوالي 800,000 عام قبل الميلاد، وتؤكد دراسة بقايا الإنسان البدائي في أوروبا إصابته بالسرطان، فقد اكتشف في كهف جون داوس في جبال الألب السويسرية جمجمة متنخرة بسبب سرطان الخلايا الطلائية أو بسبب انتشار سرطان نخاع العظم (المايلوما) وهو نوع من السرطان يبدأ في النسيج الإسفنجي "النسيج النخاعي" داخل العظام، والذي يلعب دورًا أساسيًا في إنتاج خلايا الدم المختلفة، ولسرطان نخاع العظم أنواع عديدة أكثرها شيوعا، سرطان المايلوما المتعددة وينجم عن النمو غير المنضبط لخلايا البلازما، وهي نوع واحد من خلايا الدم البيضاء في العادة، تصنع أجسامًا مضادة تسمى الغلوبولين المناعي لمكافحة العدوى، وفي حالة سرطان المايلوما المتعددة تتكاثر خلايا البلازما السرطانية بسرعة في نخاع العظام وتغزو الطبقات الخارجية للعظام، مما يسبب ضعف العظام كثيرا لدرجة أن الحد الأدنى من الصدمات يمكن أن يسبب كسر العظام في موقع السرطان".وتابع: "وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي اكتشف في مغارة في منطقة كرابينا في كرواتيا بقايا عظام لقفص صدري مكسورة وتنتشر فيها فراغات ناجمة عن ورم سرطاني عظمي وتم التحقق من ذلك باستخدام صور الأشعة أكس. وتؤرخ البقايا العظمية بحوالي 120000 ألف عام على الأقل وتعود لإنسان النياندرتال".ليس مرضا عصرياوختم الباحث السوري حديثه لـ سبوتنيك بقوله: "هذا ما يوثق بالدليل المادي أن السرطان لم يكن مرضاً وليد العصر ولم يكن ناجماً فقط عن طرائق الحياة المعاصرة والبيئة الضارة، وأن تعرض الإنسان لأمراض حميدة وخبيثة يكون في أغلب الأحيان ناتج عن طبيعة المكان الذي يعيش فيه، والتحولات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية عبر العصور، وما نتج عنها من تغير بيئي كلي أثر بشكل كلي على طبيعة الحياة، وتؤكد الدراسة المعمقة لهذه البقايا الأثرية أن هذا الإنسان أصيب بأقدم سرطان نقيلي في التاريخ منذ مليون و700 ألف عام".
لطالما قرأنا في الأبحاث الطبية أن السرطان مرض ظهر مع قيام المجتمعات الصناعية، وأن عمره يصل لنحو 200- 300 عام، وأنه يصيب الإنسان فقط، لكن لعلم الآثار رأي آخر يؤكد أن هناك أورام غير سرطانية يؤرّخ أقدمها في ضوء المعطيات الأثرية الحالية بـ255 مليون عام، قبل أن يلحقها ظهور الأورام السرطانية قبل 240 مليون عام من الآن.
في هذا السياق، كشف الدكتور محمود السيد، الباحث في علم الآثار والمؤرخ في المديرية العامة السورية للآثار والمتاحف السورية، أنه "تم اكتشاف بقايا فك حيوان من ذوات الأنياب يجمع بين صفات الثديات والزواحف في حفرية وادي "روهوهو" في تنزانيا، وكان مصابا بأقدم ورم غير سرطاني معروف في التاريخ، وهو عبارة عن ورم سني مركّب يتألف من تكوينات صغيرة للغاية تشبه الأسنان انغرست بجانب جذر الناب الكبير".
وأضاف الباحث السوري في حديث لـ "سبوتنيك": "من المتعارف عليه أن الورم السني المركب يظهر بين اللثتين أو في الأنسجة الرخوة في الفك، إذاً فالأورام الحميدة والخبيثة تظهر في الأنسجة الرخوة لكنها نادراً ما تتحول إلى أحفوريات، مما أدى إلى وجود فجوات علمية في التاريخ الزمني لظهور أمراض عند الإنسان والحيوان على حد سواء".
"سرطان العظام" هو الأقدم
وبحسب خبير الآثار السوري فإنه "لجميع أنواع مرض السرطان خاصية مشتركة على المستوى الخلوي تدعى الانقسام الخلوي المرضي غير المنضبط، والسرطان ليس جينياً في منشئه فقط، بل في كليته، حيث توجد جينات ورميّة بدائية داخلية أخرى متناثرة في الجينوم الخلوي البشري وهي تحتاج تفعيلاً بطفرات لكي تنتج السرطان، والطفرات حوادث نادرة وتتحكم الجينات الشاذة في جميع مظاهرها السلوكية، والانحراف الجيني الأولي هو بداية عملية تطوّر السرطان والتي تتقدم في حال حدوث عدد من التغييرات في داخل الخلية".
"التغيرات داخل الخلية تشمل عامل مُبادر يؤدي إلى حصول تغيّر جينيّ، فمثلا قد يولد الإنسان مع انحراف جيني مُعين، وقد يحدث الانحراف الجيني نتيجة لقوى فاعلة داخل الجسم، مثل الهرمونات، والفيروسات، والالتهابات المزمنة، أو قوى فاعلة خارج الجسم، مثل الاشعاعات فوق البنفسجية، ومصدرها أشعة الشمس، أو نتيجة التعرض لمواد كيميائية مسرطنة".
محمود السيد
باحث في علم الآثار
وأشار السيد إلى أن "عوامل مساعدة عدة تجعل الخلايا تنقسم بسرعة أكبر مسببة تراكم الخلايا وتشكل الورم السرطاني منها عوامل تنتقل بالوراثة وعوامل تتكون داخل الجسم وعوامل خارجية قادرة على الدخول إلى الجسم، وعوامل مشجعة تنتقل بالوراثة، أو تتكون نتيجة لتأثيرات عوامل بيئية تجعل السرطان أكثر عدوانيه، وتزيد احتمال اقتحام السرطان للأنسجة القريبة منه وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة في عملية يطلق عليها الانبثاث، كما تزيد احتمال انتشار السرطان إلى أعضاء أخرى في أنحاء الجسم".
وأردف السيد: "وقد تعود أسباب الإصابة بالسرطان إلى طُفيليات، أو عدوى بكتيرية، أو الإصابة بفيروس أو فيروسات مُعينة، وتشمل العدوى الطفيلية المرتبطة بالسرطان البلهارسيا (سرطان الخلايا الحرشفية في المثانة) وتدفقات الكبد، ومتأخر الخصية الزبادي وسرطان القنوات الصفراوية".
وأشار السيد إلى أن "السرطان مرض يصيب الإنسان والحيوان على حد سواء، وهذا ما برهنته الاكتشافات الأثرية الحديثة، ويؤكد علم الآثار أن أقدم إصابة بالسرطان تؤرخ بـ 240 مليون عام، وبحسب متحف كارنيفي للتاريخ الطبيعي في ألمانيا تم توثيق إصابة سلحفاة في عظم الفخذ الأيسر بسرطان العظام بدليل الرؤية، وبكل وضوح لنمو غير متساوٍ على طول عظم الفخذ، وقد اكتشفت بقايا السلحفاة في محجر يقع في جنوب غرب ألمانيا بفضل استخدام تقنية الأشعة المقطعية الدقيقة، وتم التوثق من إصابتها بسرطان عظمي من نوع ساركوزي عظمي مع وجود تشابه كبير بين هذا الورم الخبيث ومرض ساركوما العظام السرطاني، والذي أصاب البشر قبل مليون و700 ألف عام، وهو مرض خبيث غالباً ما ينتشر في الرئتين ويمكن أن ينتقل إلى الدماغ أو بقية الأعضاء، كذلك تؤكد دراسة مستحاثات الأسماك البرمائية المتحجرة إصابتها بسرطان العظام".
وأردف قائلاً: "ما سبق يبرهن بالدليل المادي الملموس أن السرطان مرض ينجم بالدرجة الأولى عن نقطة ضعف في الطفرة المتأصلة في الحمض النووي، ففي عام 1997 اكتشفت في ولاية مونتانا الأمريكية بقايا هيكل عظمي لديناصور من نوع التيرانوصوركس، ولوحظ في بقايا هيكله العظمي وجود كسور عديدة وجروح غائرة قد اندملت، وبفضل تقنية الطب الحديث (أشعة x)، اكتُشف في جمجمة الديناصور أقدم سرطان في العالم يصيب دماغ كائن حي حتى الآن في ضوء المعطيات الأثرية الحالية بحسب مجلة "ناشيونال جيوغرافيك" عام 2003، ويؤرخ عمر الورم بـ/72/ مليون عام، وهو ورم متحجر إسفنجي القوام بحجم كرة الغولف، وهو سرطان عظام امتد من عظام الجمجمة إلى المخ والمخيخ، وهو أهم أسباب موت هذا الديناصور، والهيكل محفوظ حالياً في متحف شيكاغو، وكذلك اكتشف على سبيل المثال في ولاية وايومنغ الأمريكية سرطان عظام أصاب الفقرات الذيلية لديناصور (آخر)، إذاً أقدم نوع من أنواع السرطان التي أصابت البشر والحيوان هو سرطان العظام".
دلائل المرض تختفي بعد مليون عام
وبحسب المؤرخ السوري فقد "أكدت دراسة البقايا الآدمية الأثرية بفضل تقنيات الطب الحديث والطب الشرعي أن السرطان هو مرض قد يصيب كامل أجزاء الجسم البشري وفي أي مرحلة عمرية، حتى أنه يصيب الأجنة، ولكن تزداد مخاطر الإصابة بالسرطان كلما تقدم الإنسان في العمر، وهذا ما يفسر قلة الإصابات البشرية بالسرطان والمؤرخة بعصور ما قبل التاريخ بين أيدينا، كون الإنسان في تلك الحقبة التاريخية لم يكن معمراً مع بعض الاستثناءات، وبالتالي كانت تحدث الوفاة في أغلب الأحيان قبل تطور المرض وقبل ملاحظة وجوده، فضلاً عن قلة حجم التلوث البيئي في تلك العصور ونوعية الغذاء الغير مصنع والغير مفرّز، ويجب أيضاً الأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر علم الآثار من كون العديد من سرطان العظام قد لا يمكن اكتشافها على البقايا الأحفورية، حيث لا يترك العضو المصاب أو سرطان الدم أي علامة دالة عليه بعد مضي مليون عام على وفاة الشخص، فضلاً عن صعوبة تحديد ما إذا كان السرطان موضعي أو نقيلي".
زمنياً .. الورم الحميد كان السبّاق
وأضاف السيد: "نحاول كمؤرخين من خلال هذه الدراسات المعمقة تأريخ الخط الزمني لظهور أمراض السرطان عند البشر والحيوان منذ أقدم إصابة بمرض خبيث ثبت وجودها في البقايا الآدمية والحيوانية الأثرية، وتؤكد الاكتشافات الثرية الحديثة أن البشر أصيبوا بأمراض حميدة وأورام سرطانية وأن الورم الحميد كان السبّاق زمنياً، بدليل العثور في موقع مالابا الأثري في جنوب أفريقيا على بقايا هيكل عظمي لطفل عمره بين 12-13 عام ينسب إلى الجنس البشري أوستراليبيثيكوس سيديبا، وقد أصيب بأقدم مرض حميد عرفه البشر حتى الآن أصاب الفقرة الصدرية السادسة ويؤرخ بمليوني عام قبل الميلاد، وهو من الحالات الطبية النادرة جداً كون المرض يصيب عادة العظام الطويلة، ونادراً العمود الفقري".
أول بشري أصيب بالسرطان
وتابع السيد: "تؤرخ أقدم إصابة للبشر بورم سرطاني في الدراسة الأثرية الحالية بمليون و700 ألف عام، ففي جنوب أفريقيا اكتشفت في كهف يقع في شمال غرب جوهانسبرغ بقايا ساق قصيرة لإنسان بالغ أصيب بسرطان العظام من نوع "ساركوما عظمي" وبفضل تكنولوجيا الحواسيب في التعامل مع الأورام (أي صور الأشعة المقطعية بالأشعة السينية ثنائية وثلاثية الأبعاد)، تم التحقق من الإصابة وتم الاستنتاج أن هذه الحالة تطابق تماماً ما يتعرض له مرضى سرطان العظام في وقتنا الراهن، واكتشف أيضاً في نفس البقايا الأثرية أقدم ورم سرطان نقيلي عرفه البشر حتى الآن في ضوء المعطيات الأثرية الحالية".
وأضاف: "اكتشف في مدينة جاوة الإندونيسية في القرن التاسع عشر بقايا فخذ بشري للإنسان المنتصب الهومو- أوركتوس مصاب بسرطان العظام ويؤرخ بحوالي 800,000 عام قبل الميلاد، وتؤكد دراسة بقايا الإنسان البدائي في أوروبا إصابته بالسرطان، فقد اكتشف في كهف جون داوس في جبال الألب السويسرية جمجمة متنخرة بسبب سرطان الخلايا الطلائية أو بسبب انتشار سرطان نخاع العظم (المايلوما) وهو نوع من السرطان يبدأ في النسيج الإسفنجي "النسيج النخاعي" داخل العظام، والذي يلعب دورًا أساسيًا في إنتاج خلايا الدم المختلفة، ولسرطان نخاع العظم أنواع عديدة أكثرها شيوعا، سرطان المايلوما المتعددة وينجم عن النمو غير المنضبط لخلايا البلازما، وهي نوع واحد من خلايا الدم البيضاء في العادة، تصنع أجسامًا مضادة تسمى الغلوبولين المناعي لمكافحة العدوى، وفي حالة سرطان المايلوما المتعددة تتكاثر خلايا البلازما السرطانية بسرعة في نخاع العظام وتغزو الطبقات الخارجية للعظام، مما يسبب ضعف العظام كثيرا لدرجة أن الحد الأدنى من الصدمات يمكن أن يسبب كسر العظام في موقع السرطان".
وتابع: "وفي أواخر القرن التاسع عشر الميلادي اكتشف في مغارة في منطقة كرابينا في كرواتيا بقايا عظام لقفص صدري مكسورة وتنتشر فيها فراغات ناجمة عن ورم سرطاني عظمي وتم التحقق من ذلك باستخدام صور الأشعة أكس. وتؤرخ البقايا العظمية بحوالي 120000 ألف عام على الأقل وتعود لإنسان النياندرتال".
ليس مرضا عصريا
وختم الباحث السوري حديثه لـ سبوتنيك بقوله: "هذا ما يوثق بالدليل المادي أن السرطان لم يكن مرضاً وليد العصر ولم يكن ناجماً فقط عن طرائق الحياة المعاصرة والبيئة الضارة، وأن تعرض الإنسان لأمراض حميدة وخبيثة يكون في أغلب الأحيان ناتج عن طبيعة المكان الذي يعيش فيه، والتحولات البيئية الناتجة عن التغيرات المناخية عبر العصور، وما نتج عنها من تغير بيئي كلي أثر بشكل كلي على طبيعة الحياة، وتؤكد الدراسة المعمقة لهذه البقايا الأثرية أن هذا الإنسان أصيب بأقدم سرطان نقيلي في التاريخ منذ مليون و700 ألف عام".
تم حظر دخولك إلى المحادثة لانتهاك"a href="https://sarabic.ae/docs/comments.html>القواعد.
ستتمكن من المشاركة مرة أخرى بعد:∞.
إذا كنت غير موافق على الحظر، استخدم<"a href="https://sarabic.ae/?modal=feedback>صيغة الاتصال
تم إغلاق المناقشة. يمكنك المشاركة في المناقشة في غضون 24 ساعة بعد نشر المقال.