تصويت الخارج... ما دلالات مشاركة المغتربين وتأثيرها على الانتخابات الداخلية في لبنان؟
© Sputnik . Zahraa Al Amir
تابعنا عبر
وسط آمال في التغيير وإنقاذ لبنان من الهاوية، انتهت المرحلة الثانية من عملية التصويت في الانتخابات النيابية لغير المقيمين على أراضيه التي انطلقت، أمس الأحد.
وكانت المرحلة الأولى من عملية الانتخابات البرلمانية في لبنان للمغتربين، قد انطلقت صباح الجمعة الماضية 6 مايو/ أيار، في الدول العربية والإسلامية.
وطرح البعض تساؤلات بشأن دلالات إقبال اللبنانيين المغتربين على المشاركة، ومدى تأثيرها على الانتخابات في الداخل اللبناني، وإمكانية المساهمة في تغيير موازين القوى بالبرلمان المقبل.
أرقام أولية
ووفق أرقام أولية أعلنتها وزارة الخارجية اللبنانية، بلغت نسبة اقتراع المغتربين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية المزمع إجراؤها داخل البلاد في منتصف الشهر الحالي نحو 60 في المئة.
وصوت نحو 130 ألف مغترب لبناني من أصل 225 ألفا مسجلين في عملية الاقتراع في الخارج التي جرت يومي الجمعة والأحد في 58 دولة.
وقال السفير هادي هاشم، من لجنة مراقبة انتخابات المغتربين: "لدينا نسبة عامة بنحو 60 في المئة في العالم كله ما يعني أن 128 ألفا إلى 130 ألفا شاركوا في عملية الاقتراع".
وبعد انتهاء عمليات التصويت، بدأت عملية نقل صناديق الاقتراع بعد إقفالها بالشمع الأحمر عبر شركة شحن خاصة الى لبنان لإيداعها المصرف المركزي، على أن يتم احتساب الأصوات في ختام الانتخابات.
مؤشرات إيجابية للتغيير
اعتبر رياض عيسى، الناشط المدني اللبناني والمرشح المحتمل للبرلمان اللبناني، أن اللبنانيين في الخارج كانوا ينتظرون هذه اللحظة من أجل ممارسة حقهم الانتخابي ويعبرون بصناديق الاقتراع عن مواقفهم الداعمة لـ "ثورة تشرين" وللتغيير.
وبين الإقبال الكبير بالعمليات الانتخابية التي تمت بالدول العربية والأجنبية، مدى تشوق اللبناني لمحاسبة الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد للدرك الأسفل من معايير السلبية ولهذا الوضع الصعب.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك": "لم يتأخر الناخبون في دول العالم عن التعبير في صناديق الاقتراع بحماسة غير معهودة عن رغبتهم بالتغيير، الذي تمثل في اختيار غالبية الناخبين لوائح التغيير والثورة على مساحة كل لبنان".
وأضاف: "الانتخابات الخارجية تركت أثرا إيجابيا على انتخابات الداخل، وحركت المياه الراكدة ودبت الحماسة بنفوس الكثير من اللبنانيين، الذين لم يكن لديهم الرغبة بالتوجه لصناديق الاقتراع، وكانوا يعتبرون أن الأمور مسلم بها، وأن السلطة ستفوز والأصوات لن تترك أي تأثير، بل حركت مشاعر اللبنانيين، والكثير من اللبنانين أعادوا حساباتهم وقرروا التوجه لصناديق الاقتراع لمصلحة التغيير.
وتابع: "يوم 15 مايو هو موعد مع الديمقراطية، موعد أساسي ينتظره اللبنانيون منذ 4 سنوات للتعبير عن رأيهم من خلال ممارسة الحق الانتخابي، من أجل إنتاج قيادات جديدة لبناء لبنان، في محاولة لخرق لوائح السلطة، التي مارست كل أساليب الضغط والرشاوى للتأثير على الناخبين"، مضيفا: "إلا أن اللبناني أثبت أنه في كل الاستحقاقات على قدر التحدي".
وتوقع عيسى أن يشهد البرلمان هذه المرة دخول كتلة وازنة من النواب الجدد، ممن سيسعون لتكريث طريقة جديدة في عمل البرلمان، دم جديد في محاولة استعادة دور البرلمان اللبناني للتشريع ومحاسبة الفاسدين.
وقال إن الناخبين في الخارج غادروا لبنان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة ولهذه الطبقة السياسية وهناك الكثير هاجروا أثناء الحرب الأهلية التي قادها الكثير من الزعماء الموجودين حاليا في سدة الحكم، ومنهم من هاجر مؤخرا بعد تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي وانهيار الليرة وإقفال المؤسسات وبعد الأحداث الأخيرة والفشل في إدارة كل الملفات الاقتصادية والاجتماعية، وهم يقترعون اليوم انتقاما من هذه السلطة الفاسدة الفاشلة التي فضلت مصالحها الشخصية على المصالح الوطنية العليا.
تأثير محدود
بدوره اعتبر المحلل السياسي اللبناني سكريس أبو زيد، أن تجرية انتخاب المغتربين اللبنانيين كانت ناجحة إلى حد ما وتسجل لوزارة الخارجية والداخلية جودة التنظيم والتي حصلت بأقل أخطاء وتجاوزات ممكنة، وأظهرت أن إشراك المغتربين اللبنانيين في مختلف دول العالم، كانت تجربة جديدة وممكنة وكان لها فاعلية وتأثير إيجابي على المستوى الإعلامي، أو تحريك العملية الانتخابية التي لا تزال تتسم بالبرودة في لبنان.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن العملية الانتخابية بالخارج لها دلالات عديدة، منها أن نسبة المشاركين كانت محدودة، بالنسبة لعدد اللبنانيين المنتشرين في العالم، وبالنسبة للذين سجلوا كانت محدودة، والمشاركين من هؤلاء كانت نسبتهم بحدود 60 في المئة.
أما من ناحية النتائج، فيرى أبو زيد أنها مرهونة بنسبة المشاركة للمقيمين، حيث يجب توزيع الذين شاركوا على مختلف الدوائر الانتخابية وهي تتجاوز الـ 15 دائرة، مضيفا: "إذا كانت المنافسة متقاربة فأعداد المغتربين سيكون لها تأثير على النتائج، أما إذا كانت هوة المنافسة واسعة، لن يكون لها تأثير كبير.
وتابع: "بشكل عام، كان هناك تقارب في أصوات المغتربين، وكان هناك ديناميكية أكبر بالنسبة للمغتربين الجدد، لأن هؤلاء عايشوا المأساة اللبنانية والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، وفي الأساس هربوا من جحيم هذه الحياة، لذلك أظهروا من خلال مشاركتم أنهم يريدون التغيير والإصلاح وتغيير المعادلة ، لكن للأسف لوائح الذين رفعوا شعار التغيير والثورة كانت متشرذمة في كل دائرة كان هناك 3 إلى 5 لوائح، وهذا يشتت أصوات الذين رفعوا شعار الإصلاح والتغيير ولن يكون لهم التأثير الفاعل".
وأكد أبو زيد أن مشاركة المغتربين سيكون لها تأثير محدود في الدوائر التي تشهد منافسة شديدة، ربما عدد ضئيل يساهم في تغيير المعادلة، لكن هذا التغيير سيكون محدودًا ولن يكون جذريًا في المعادلة الأساسية التي تحكم في لبنان.
وأوضح أنه على الجميع انتظار نسبة الاقتراع والمنافسة على أرض الوطن التي سيكون لها الدور الأساسي والحاسم في نتائج الانتخابات التي تشير الإحصاءات بأنها لن تكون مؤثرة أو مفاجأة بالنسبة للمرحلة السابقة، وذلك نتيجة تشرذم لوائح المعارضة والإصلاح والتغيير التي فوتت على نفسها فرصة أن تتوحد في برنامج وقيادة واحدة، مضيفا: "لا أتوقع تغييرا جذريا في موازين القوى على ساحة الانتخابات اللبنانية".
7 مايو 2022, 06:27 GMT
وقال رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون، خلال تفقده أمس الأحد، مركز عمليات الانتخابات البرلمانية للمغتربين في وزارة الخارجية اللبناني، إن "الانتخابات النيابية في الداخل ستجرى في موعدها"، لافتا إلى أنه "لو اعتمدت (الميغاسنتر) لكانت سهلت على المواطنين الكثير من التنقل وحققت مشاركة واسعة".
وكان مجلس النواب اللبناني قد صادق، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على إجراء الانتخابات التشريعية، في 27 مارس/ أذار 2022، لكن الرئيس عون رفض التوقيع على هذه المصادقة.
وينتظر أن ينتخب المجلس الجديد رئيسا جديدا للبلاد، خلفا لميشال عون، الذي يشغل هذا المنصب، منذ عام 2016، بعد شغوره لنحو 29 شهرا.
وتنتهي ولاية عون، في نهاية أكتوبر المقبل.
وتقسم مقاعد المجلس النيابي بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين، وبالتناسب بين المذاهب.
وتجرى الانتخابات في ظل معاناة لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، وهي الأزمة التي وصفها البنك الدولي بأنها "الأكثر حدة وقسوة في العالم".
