ارتفاع غير مسبوق في أعداد المهاجرين... لبنان يفرغ من أبنائه
© Sputnik . Zahra Al-Amirمستشفى رفيق الحريري في لبنان
© Sputnik . Zahra Al-Amir
تابعنا عبر
يواصل عداد الهجرة ارتفاعه في لبنان، لا سيما هجرة الأدمغة والكفاءات، وذلك في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المستمرة منذ ثلاث سنوات.
أسباب عديدة تدفع اللبنانيين لمغادرة بلدهم، إلا أن الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة وعدم وجود أفق للخروج منها أحد أهم أسباب الهجرة، بالإضافة إلى تراجع كبير في الخدمات الحياتية الأساسية كالمياه والكهرباء والطبابة والتعليم.
وبحسب ما ذكره مدير شركة "الدولية للمعلومات"، جواد عدرا، في تصريح عبر مواقع التواصل، فإن عدد المهاجرين والمغادرين منذ بداية العام 2022 وحتى منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول، بلغ 42.200 مقارنة بـ 65.172 خلال الفترة ذاتها من العام الماضي"، مضيفًا أن "هذا يعني أن نحو 107.372 مواطنة ومواطن غادروا لبنان في أقل من عامين وقد يصل أو يتجاوز عددهم الـ 130.000 حتى كانون الأول 2022".
ولعل أخطر أنواع الهجرة، هجرة الطاقم الطبي التي تتسارع وتيرتها في لبنان، وفي تصريحات لـ"سبوتنيك"، قال نقيب الأطباء يوسف بخاش إن
"لبنان عانى وما زال يعاني من هجرة الكوادر الطبية، وبالتأكيد ليس لدينا أرقام وإحصاءات دقيقة عن عدد الأطباء، الذين هاجروا، إلا أن حوالي 25 و30% من الكوادر الطبية هاجرت، وبنفس الوقت نكن كل الاحترام والتقدير لـ 70% من الكوادر التي بقيت وما تزال مؤمنة بلبنان".
واعتبر أن "السبب الأساسي لهجرة الأطباء هي بالتأكيد عدم الاستقرار الاقتصادي والأمني والاجتماعي، والأمر الخطير هجرة الكوادر الشابة أي المتخرجين الجدد من الجامعات وكليات الطب اللبنانية، الذين حلمهم الوحيد عندما يأخذون شهادتهم ويؤدون القسم في نقابة الأطباء أن يسافروا لإكمال دراساتهم العالية واختصاصاتهم الطبية، ونحن نعلم مدى قدرة اللبناني على الاندماج في المجتمعات الأجنبية وإذا الأمور الاقتصادية والمشاكل التي نعاني منها لم تحل بسرعة هؤلاء الأطباء، الذين يمثلون مستقبل لبنان الطبي سينخرطون في المجتمعات الموجودين فيها وسيكون لدينا صعوبة لإعادة جذبهم إلى المجتمع الطبي اللبناني".
من جهته، أكد طبيب العلاج الفيزيائي أحمد ملحم لـ"سبوتنيك"، أن تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية هو السبب الرئيسي الذي دفعه للتفكير في الهجرة.
وأضاف أنه "بحكم عملي كمعالج فيزيائي حددت النقابة تسعيرة لجلسات العلاج الفيزيائي بـ 400 ألف ليرة لبنانية أي ما يقارب الـ 10 دولار حاليًا، بالمقابل الغلاء ليس بنفس مستوى تعديل الأجور أو سعر الجلسة، وبنفس الوقت المرضى الذي يأتون إليّ هم من موظفي الدولة ومن القطاعات العاملة الذين لم يطرأ على أجورهم أي تعديل"، مضيفًا أنه "حتى سعر جلسة النقابة لا أستطيع أن أحصل عليها إلا بـ 150 ألف ليرة لبنانية أو 200 ألف للجلسة".
وأوضح ملحم أنه "عمليا بالكاد نستطيع الأكل والشرب، فأين مستقبل أولادنا، كلها أسباب تدفعنا لنؤمن مستقبل أولادنا، ولا نرى أن المستقبل في لبنان فيه أي بصيص أمل".
إلى ذلك ذكر أستاذ علم الاجتماع طلال عتريسي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "ما يجري في لبنان على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأزمة السياسية المتواصلة جعلت اللبنانيين أمام أفق مسدود، ليس هناك أي رؤية واضحة منذ سنتين إلى اليوم على الأقل تشرح أو تتوقع تغيرا في هذا الوضع الحالي الذي كما يعيشه اللبنانيون يزداد سوءًا".
وأشار إلى أن "أي شخص أو عائلة أو صاحب مهنة أو أي متعلم أو متخصص يبحث عن فرص خارج لبنان، وهذا يشكل أولًا خسارة كبيرة للمجتمع اللبناني لأن هناك نزف للنخب والخبرات المهنية أيضًا نسب من الممرضين والعمالة اليدوية إضافة إلى الأطباء وأساتذة الجامعات وغير ذلك".
كما لفت عتريسي إلى أنه "بسبب الأوضاع الحالية ليس هناك فرص للعمل في لبنان وحتى فرص العمل لا تنتج المردود المادي الذي يسمح بحياة لائقة، إذًا الهجرة اليوم تبدو منطقية خلفياتها اقتصادية بالدرجة الأولى إضافة إلى الأزمة السياسية وعدم الاستقرار الاجتماعي"، موضحًا أن "الهجرة الآن تختلف عن الهجرات التي كانت تحدث سابقًا بأعداد أقل وخبرات معينة كانت تهاجر وبالتالي لبنان اليوم لا يملك الحلول أو البدائل لكي يضع حدًا لهذه الهجرة التي تتواصل وتهدد بالمزيد من خسارة القدرات والخبرات اللبنانية".
بالمقابل تتزايد عمليات الهجرة غير الشرعية للبنانيين وغير لبنانيين مقيمين على الأراضي اللبنانية باتجاه عدد من الدول الأوروبية بسبب الوضع الاقتصادي، وبحسب أرقام "الدولية للمعلومات"، فإنه "منذ سبتمبر/أيلول من العام 2013 ولغاية سبتمبر من العام الحالي 2022، بلغ عدد الضحايا الذين غرقوا في البحر أثناء محاولتهم للهجرة غير الشرعية 248 ضحية، يضاف إليهم مئات هاجروا وانقطعت أخبارهم".