البرلمان التونسي الجديد يتقلد مهامه رسميا... فما هي أولى خطواته؟
© Sputnik . Meriem Gdiraالبرلمان التونسي - مجلس نواب الشعب، تونس 21 يناير 2021
© Sputnik . Meriem Gdira
تابعنا عبر
حصري
استأنف البرلمان التونسي الجديد أعماله، يوم الاثنين، مُغلقا بذلك قوس الفترة الاستثنائية التي بدأها الرئيس قيس سعيد بحل البرلمان وتعديل الدستور وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.
وخلال الجلسة الافتتاحية التي جرت يوم أمس، تمخضت الأشغال عن انتخاب إبراهيم بودربالة (عميد المحامين السابق) رئيسا للبرلمان، وأنور مرزوقي وسوسن مبروك نائبيْن مساعديْن له.
وقال بودربالة خلال كلمة ألقاها، إن البرلمان الجديد سيعمل على أن يكون محل رضا الشعب التونسي وأن يبذل جهده في القيام بوظيفته التشريعية والرقابية لاسترجاع ثقة المواطنين في المؤسسة التشريعية.
وأضاف: "سيعمل هذا البرلمان مع رئاسة الجمهورية والحكومة من أجل بناء تونس الغد التي يطمح كل واحد من التونسيين أن تكون محل استقرار وأن تعود لها المصداقية سواء بالنسبة للدول الصديقة والشقيقة أو الوافدين على تونس".
واعتبر بودربالة أن افتتاح البرلمان الجديد هو انطلاقة فعلية لبناء تونس الغد "خاصة بعد التدابير الاستثنائية التي أنقذت البلاد من الويلات التي كانت تعيشها كل يوم".
وقال بودربالة إن أهم مهمة سيتولاها البرلمان الجديد هي تكوين لجنة النظام الداخلي التي ستضطلع بمهمة ضبط كيفية تسيير العمل داخل البرلمان إلى جانب توضيح علاقة البرلمان ببقية الأطراف سواء بالسلطة التنفيذية أو بمكونات المجتمع التونسي من منظمات وطنية ومجتمع مدني.
واختتمت الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب، بانتخاب أعضاء لجنة النظام الداخلي وعددهم واحد وثلاثون عضوا، في انتظار أن تنطلق أشغالها اليوم.
صياغة النظام الداخلي: مهمة البرلمان الأولى
وفي تصريح لـ "سبوتنيك"، أكدت النائبة في البرلمان الجديد وعضو لجنة النظام الداخلي فاتن النصيبي، أن مهمة البرلمان الأولى ستكون صياغة النظام الداخلي والقوانين البرلمانية.
وأضافت "هذه اللجنة ستبقى في حالة انعقاد لكتابة مشروع النظام الداخلي للبرلمان على أن تنهي أشغالها في مدة لا تتجاوز الأسبوعين، ثم يجتمع النواب في جلسة عامة للمصادقة على هذا المشروع ويستأنفوا بقية مهامهم".
وقالت النصيبي إن من أبرز التعديلات التي سيشملها النظام الداخلي الجديد للبرلمان هي وضع قواعد لتنظيم الجلسات العامة بهدف منع التجاوزات التي تعكر صفو أشغال المجلس والقطع مع الخلافات التي شوهت صورة المؤسسة البرلمانية في السنوات الماضية.
وتابعت "من المسائل الأخرى التي سنتناولها تحت قبة البرلمان، هي مسألة إخراج النائب وجدي الغاوي من الجلسة الافتتاحية بعد أدائه القسم من قبل أعوان الأمن"، مشيرة إلى أن هذه الحادثة أزعجت بقية النواب على اعتبار أنها تسهم في ترذيل صورة البرلمان وضرب مصداقية النواب لدى المواطنين.
ويوم أمس، قامت قوات الأمن بإخراج النائب وجدي الغاوي بالقوة من قاعة الجلسات العامة بعد أدائه القسم بسبب قضية شبهة "تدليس تزكيات"، قبل أن تصدر في حقه بطاقة إيقاف.
وقالت النصيبي "نحن لسنا ضد تطبيق القانون على من ارتكب تجاوزات، ولكن لم يكن من المفترض أن يتم استدعاء نائب لأداء القسم وقد صدرت في حقه بطاقة جلب".
وأكدت النصيبي أن نواب البرلمان الجديد انطلقوا في عقد مشاورات للتنسيق فيما بينهم وفقا لمتطلبات كل جهة، مشيرة إلى أن نواب كل محافظة سيجتمعون لإعداد برامج عمل مشتركة بعيدا عن الانتماءات السياسية أو الأيديولوجية.
ملائمة النظام الداخلي مع الدستور
ويشير النائب هشام حسني في حديثه لـ "سبوتنيك"، إلى أن صياغة النظام الداخلي للبرلمان أولوية قصوى على اعتبار أنه المفتاح الرئيسي لتركيز هياكل مجلس نواب الشعب وفي مقدمتها اللجان.
وبيّن أن النظام الداخلي للبرلمان سيقع تعديله حتى يكون منسجما مع الدستور ومع النظام السياسي الجديد.
وأوضح "لقد تمت صياغة النظام الداخلي القديم بناء على النظام البرلماني الذي تغير بفعل الدستور الجديد إلى نظام رئاسي".
وقال حسني إن الإضافات ستشمل مثلا مسألة توضيح كيفية سحب الثقة من النائب الذي يخل بمهامه أو يعطل سير أشغال المجلس، إلى جانب حذف بعض الفصول القديمة على غرار سحب الثقة من الحكومة وإسناد لجنة المالية إلى المعارضة، مضيفا "لقد بقيت المعارضة خارج أسوار البرلمان، وربما نكتشف معارضة جديدة بعد مناقشة مشروع قانون المالية القادم".
وبيّن حسني أن البرلمان الجديد سينكب بعد صياغة النظام الداخلي على تحديد تركيبة اللجان البرلمانية والمحاور التي سيشتغل عليها النواب، إلى جانب تركيز مكتب البرلمان الذي ستكون له سلطة القرار في عقد الجلسات العامة وتمرير مشاريع القوانين إليها.
وأضاف "بعد تركيز هياكل البرلمان، سينطلق العمل التشريعي الفعلي وستكون الأولية للمشاريع التي لها صبغة تنموية واقتصادية، ولكن قبل ذلك سينظر البرلمان في مسألة سد المقاعد البرلمانية الشاغرة".
وبحسب الدستور الجديد، يتكوّن البرلمان من 161 نائبا، غير أن الانتخابات التشريعية الأخيرة أفرزت صعود 154 نائبا فقط، بسبب عدم تسجيل ترشحات في 7 دوائر انتخابية بالخارج.
وقال حسني "أولا ستحدد لجنة النظام الداخلي المدة المخصصة لمعاينة هذه الشغورات والتي من المفترض أن لا تتجاوز 15 يوما أو شهرا على أقصى تقدير، على أن يتولى البرلمان لاحقا معاينة الشغورات وإعلام الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بها والتي ستدعو إلى تنظيم انتخابات جزئية في الدوائر الشاغرة".
ويرجّح حسني أن يتولى البرلمان الجديد تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه التقليص من عدد التزكيات المطلوبة للترشح لعضوية البرلمان في الخارج، مضيفا "من المستحيل أن يستطيع مترشح جمع 400 تزكية في الخارج خاصة في دائرة مثل أفريقيا".
وحول إمكانية عرض المراسيم التي أصدرها الرئيس التونسي قيس سعيد خلال الفترة الاستثنائية على البرلمان للمصادقة عليها، قال حسني إن هذه المسألة أثارت جدلا داخل البرلمان، موضحا "وحدها إرادة الرئيس هي التي ستحسم في هذا الأمر لأن الدستور لا يفرض عليه ذلك على اعتبار أن البرلمان لم يكن في عطلة استثنائية واستأنف أشغاله بل كان في مرحلة الحل".
مهمة اقتصادية واجتماعية
وحول الأولويات التشريعية للبرلمان الجديد، تقول النائبة عن محافظة نابل (الشمال الشرقي) نورة شبراك، إن تحسين واقع التونسيين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي سيكون من أوكد أولويات المؤسسة التشريعية المنتخبة حديثا.
وأضافت في تعليق لــسبوتنيك: "تركيز مؤسسات الدولة وفي مقدمتها البرلمان من أكبر الضمانات التي يمكن أن ترجع الثقة للمواطنين خاصة إذا نجحت هذه المؤسسة التشريعية في القيام بمهمتها الأساسية وهي ترجمة مطالب التونسيين".
وتؤكد شبراك أن النواب الجدد سينطلقون قريبا في تكوين ورشات عمل تترجم مشاغل التونسيين على جميع المستويات، مشيرة إلى أن من بين الإجراءات التي ستتخذها هذه الورشات هي تبسيط الإجراءات الإدارية التي عطلت الاستثمار وقللت من جاذبية بقاء الشباب داخل تراب الوطن.
وأضافت "سنعمل أيضا على مأسسة البحث العلمي وضمان تمتع جميع المواطنين بحقوقهم الأساسية، فعلى الرغم من تعميم النظام البلدي على كامل تراب الجمهورية ما تزال إلى اليوم العديد من المناطق محرومة من المياه والكهرباء".
وبيّنت شبراك أنه سيتم صياغة أشغال هذه الورشات ضمن رؤية متكاملة تهدف إلى الحفاظ على كرامة التونسيين خاصة على المستوى المعيشي، وتعزيز نشاط المؤسسات الصغرى والمتوسطة في إطار الحفاظ على انتاجيتها واستمراريتها في الدورة الاقتصادية.