من هو "جيش سوريا الحرة" الذي أنشأته المخابرات الأمريكية
© Sputnik . Ateea Al-Ateeaالرتل الأمريكي المنسحب من من القواعد الأمريكية المتواجدة في محافظتي الرقة وحلب، سوريا 20 أكتوبر 2019
© Sputnik . Ateea Al-Ateea
تابعنا عبر
عادت روسيا للحديث مجددًا عن معلومات استخبارية كشفت فيها عن نشاطات عسكرية للجيش الأمريكي شرقي سوريا، هدفه ضرب الجيش العربي السوري وحالة الاستقرار الأمني في البلاد، من خلال إنشاء جيش مكون من تنظيمات ومجموعات إسلامية متطرفة.
فبعد وزير الخارجية سيرغي لافروف، اتهم مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، واشنطن بالعمل لإنشاء ما يسمى "جيش سوريا الحرة" في محافظة الرقة، وهو نسخة من التنظيم الإرهابي نفسه الذي شكلته المخابرات الأمريكية في منطقة التنف على المثلث الحدودي السوري - العراقي - الأردني.
وحذر وزير الخارجية الروسي من إنشاء هذا الفصيل في الرقة خلال اجتماع وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا، في 10 أيار/ مايو الفائت.
حيث قال: "حسب معلوماتنا، بدأ الأمريكيون في تشكيل التنظيم بمشاركة ممثلين عن العشائر العربية المحلية ومسلحي "داعش" (منظمة إرهابية محظورة في روسيا ودول أخرى) ومنظمات إرهابية أخرى، بهدف واضح هو استخدامهم في مواجهة السلطات الشرعية في سوريا لزعزعة الاستقرار في البلاد".
مضيفًا أن هذه القضية بحثها وزراء دفاع الدول الأربع أخيرًا.
ما هو تنظيم "جيش سوريا الحرة"
مصادر مطلعة شرقي سوريا، كشفت لـ"سبوتنيك"، بأن الجيش الأمريكي يعمل منذ نهاية العام الماضي على استنساخ فرع لما يسمى تنظيم "جيش سوريا الحرة"، الذي ينتشر في منطقتي التنف والـ (55) في ريف محافظة حمص.
وأضافت المصادر أن "الفرع المستنسخ سيكون مقره محافظة الرقة شرقي البلاد، من خلال التركيز على إعادة تشكيل ما يسمى بفصيل لواء ثوار الرقة، والذي تشكل عام 2012، كأحد فروع تنظيم "جبهة النصرة" (الإرهابي المحظور في روسيا)، قبل قيام المسلحين الأكراد بحلّه في حزيران/ تموز 2018".
وبينت المصادر أن تشكيل التنظيم الجديد، سيتم تطعيمه بمجموعات جديدة من مسلحي تنظيم "داعش" السابقين، تماما كما جرى عليه الأمر مع الفرع الأصلي في منطقة التنف في البادية السورية.
الإفراج عن عوائل "داعش"... مقابل القتال
وتابعت المصادر بأن ضباط المخابرات الأمريكية، دخلوا في حوارات ماراتونية مع سجناء تنظيم "داعش" الإرهابي الموجودين في سجون قوات "قسد" في محافظتي الحسكة والرقة، خصوصًا المتواجدين في سجن الرقة المركزي، لإقناعهم بالانضمام إلى التنظيم الجديد.
العرض الذي تم تقديمه لمسلحي "داعش" ينطوي على انضمامهم للقتال ضمن صفوف ما يسمى "جيش سوريا الحرة"، وإطلاق سراح عوائلهم وأطفالهم المحتجزين في مخيمات النزوح، خصوصًا مخيم "الهول" شرقي الحسكة.
وأوضحت المصادر بأن مسلحي فصيل "لواء ثوار الرقة" ومسلحي تنظيم "داعش"، هم من أبناء القبائل العربية من محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، وذلك لإعطاء الصبغة العشائرية العربية الكاملة على هذا "الجيش"، على أن تكون قيادته منفصلة تمامًا عن قيادة قوات "قسد" ومجالسها العسكرية المعروفة، والتي تضم مثلًا "قوات الصناديد" وهي من أبناء قبيلة شمر العربية، ومجلس دير الزور العسكري والذي يضم أبناء قبيلتي العكيدات والبكارة.
نشاط أمريكي منذ أشهر
وكان ضباط في المخابرات الأمريكية قد طلبوا من قائد فصيل "لواء ثوار الرقة"، أحمد العلوش ( الملقب أبو عيسى)، أثناء جولتهم في مدينة الرقة بداية العام الحالي، إعادة تشكيل تنظيمه المسلح، ورفع عدد عناصره ليصل إلى 3000 مقاتل بالحدّ الأدنى، على أن تؤمّن واشنطن كافة الرواتب الشهرية لمسلحي التنظيم ودائما، بحسب ما تحدثت به المصادر المحلية المطلعة لـ "سبوتنيك".
الجدير بالذكر، أن قوات "قسد" تفرض على المدعو "أبو عيسى" الإقامة الجبرية في منزله الكائن على أطراف مدينة الرقة الشمالية بجانب الفرقة 17، منذ عام 2018.
واشنطن... و"الفوضى البنّاءة"
وأوضحت المصادر لـ "سبوتنيك"، أن الهدف الأمريكي من إنشاء هذا التجمع العسكري العربي، هو نفخ مزيد من الحياة في الروح المتهالكة للفوضى التي عملت على تكريسها في المنطقة، منذ الحرب على العراق عام 2003، قبل أن تدخل منعطفا خطيرا مع بداية الحرب على سوريا في 2011.
وأضافت المصادر أن هذه الفوضى ستدعم قدرة المخابرات الأمريكية في الضغط على موسكو وإحراجها، وضرب تحركات الجيش العربي السوري، وفي الوقت نفسه قطع الطريق على موسكو ومساعيها لإقناع "قسد" بالانسحاب وتسليم مناطقها للجيش العربي السوري، وإرضاء أنقرة.
"ثوار الرقة"... إرهاب وارتزاق
وكان قد انحلّ فصيل "لواء ثوار الرقة" بعد أن أطبقت "قسد" على مقرّاته في المدينة في حزيران/ يونيو 2018، حيث اعتقلت قائده مع ما يزيد عن 300 مسلح من مسلحيه.
وكان اللافت في الأمر، أن المخابرات الأمريكية طلبت من "قسد" الإفراج عن متزعم التنظيم المدعو (أبو عيسى) بعد نحو شهر من اعتقاله، وهكذا حصل.
جاء ذلك بعد أن أبدى أبو عيسى رفضه الشديد لانفراد الوحدات الكردية بإدارة الثروات في المناطق التي سيطرت عليها بشكلٍ مشترك مع "ثوار الرقة"، منذ خروج تنظيم "داعش" من مدينة تل أبيض.
وزاد التوتر بين الطرفين إلى مناوشات مسلحة بين فصيله وبين "قسد"، مع خروج "داعش" من الرقة عام 2017، وكان يتشكل الفصيل حينها من نحو 1700 مسلحًا، كلّهم من أبناء عشائر الرقة.
وتشكل فصيل لواء ثوار الرقة عام 2012، كأحد فصائل تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي (هيئة تحرير الشام حاليًا) في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2013، قبل أن تُصدر "النصرة" بيانًا في نيسان/ أبريل 2014 ، معلنةً فيه فضّ أي ارتباط تنظيمي بينها وبين الفصيل، على خلفية علاقته مع المخابرات الأمريكية، والتي كانت محرجة للتنظيم في ذلك الوقت.