مسؤولان يتحدثان عن "تعزيز منظومة إقليمية" و"خلط الأوراق بالمنطقة" بعد عودة العلاقات بين مصر وتركيا
© AFP 2023 / BULENT KILICأعلام مصر وتركيا
أعلام مصر وتركيا
© AFP 2023 / BULENT KILIC
تابعنا عبر
حصري
علق مسؤولان، مصري وتركي، اليوم الثلاثاء، على إعلان القاهرة وأنقرة عن رفع العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء، وذلك بعد حالة من الجمود والتوترات استمرت نحو 10 أعوام.
استكمال المسار الدبلوماسي
اعتبر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، إن "إعلان تعيين السفراء في مصر وتركيا، يأتي استكمالا للمسار الإيجابي بين البلدين خلال الفترة الماضية، والتي عززت خلالها مصر أسس عودة العلاقات من خلال الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وصياغة علاقات إقليمية متوازنة".
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك" أن "استجابة تركيا في المقابل، للمطالب المصرية ووقف "الأبواق الإعلامية" التي كانت تهاجم مصر، كانت علامة فارقة وضرورية عززت مناخ عودة العلاقات التي حرصت مصر على استمرارها ثقافيا واقتصاديا".
ولفت إلى أن "الخطوات المتقابلة من الجانبين مهدت الطريق لإعادة العلاقات، بعد أن أدركت القيادة التركية قيمة ومكانة مصر الإقليمية، وأن التدخل في الشؤون الداخلية من الجوانب التي تسيء للعلاقات".
وأوضح أن
"العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة تنطلق من أسس ومبادئ سليمة بما يمهد لعودة العلاقات على كافة المستويات، وفقا لقواعد القانون الدولي، والاحترام المتبادل".
منظومة عمل إقليمية
ووفقا لمساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن "منظومة العمل الإقليمية في المنطقة يمكن استثمارها في آلية عمل مهمة في إطار التنمية ودعم الاستقرار في المنطقة".
وقال السفير محمد حجازي: "العلاقات مؤهلة لصياغة منظومة عمل إقليمي تلعب فيها مصر وتركيا وإيران دورا مهما، وتمهد لمنظومة أمن وتنمية إقليمية تتحمل فيها كافة القوى مسؤولياتها، خاصة في ظل تصاعد أدوار القوى الإقليمية، بالنظر لانشغال القوى الكبرى في الأحداث الجارية".
ويرى أن "العلاقات المصرية مع كل من تركيا والهند وإيران ودول المنطقة لها انعكاساتها الإيجابية على التنمية والاستقرار والعمل الإقليمي دون الوقوع في أي استقطاب، بما يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين".
مساهمة القوى الكبرى
وتابع: "أتمنى أن تكون المرحلة القادمة بداية لصياغة منظومة أمن وتعاون تنموي تسهم فيه القوى الجارة كأوروبا وروسيا وأمريكا، بوصفهم شركاء استراتيجيين للمنطقة لتمهيد الطريق لبناء اقتصاد قوي، تلعب فيه القوى الإقليمية الدور الأساسي".
ودعا حجازي إلى "عقد مؤتمر إقليمي يصدر عنه "إعلان" يعلي مبادئ الاحترام المتبادل وحماية مصالح الأطراف المجاورة، ويتبنّى منظومة تشاور سياسي ولجان اقتصادية وتنموية، يكون من شأنها صياغة الرؤية المقبلة، كما حدث في أوروبا في إحدى المراحل".
وتابع حجازي:
"هذا المؤتمر يجب أن يصدر عنه إعلان ختامي يتبنى مجموعة المبادئ ويؤسس لعدة أجهزة تقود لوضع أسس للحلول السياسية المنشودة لقضايا المنطقة على رأسها الفلسطينية والقضايا الأخرى، في إطار رؤية ووحدة إقليمية واعدة، لن تكون أقل أهمية من تجمع "بريكس"، بل تتشاور معه وتنضم إليه إذا لزم الأمر".
رؤية إقليمية تضم مصر وتركيا وإيران
شدد السفير محمد حجازي، على أن "وجود رؤية إقليمية للتعاون بين مصر والسعودية وإيران وتركيا، يمكن أن تنضم لها دول مجلس التعاون ودول المغرب العربي، بما يؤسس لنظام أمني مهم يساعد على الاستقرار الإقليمي، ويكون حافزا لانضمام إسرائيل بحل القضية الفلسطينية إذا ما رغب في الانضمام للمنظومة الإقليمية".
وبشأن القضايا التي كانت محل خلاف بين مصر وتركيا، أوضح حجازي أن "هذا التقارب يجعل الاقتراب من هذه الملفات في إطار التفاهم والإدراك المتبادل مصالح كل دولة أمنيا واقتصاديا، بما يصب في إطار تعزيز الأمن الإقليمي ومصالح الشعوب".
عودة العلاقات بين تركيا ومصر "ستخلط " الأوراق في المنطقة
من ناحيته، أكد مدير معهد إسطنبول للفكر بتركيا، د. بكير أتاجان، أن "عودة العلاقات المصرية - التركية إلى التمثيل الدبلوماسي الطبيعي سوف تخلط الأوراق مجددا في المنطقة وتخلق واقعا جديدا المستفيد الأكبر منه البلدين".
وقال أتاجان في اتصال هاتفي مع "سبوتنيك"، اليوم الثلاثاء، إن "عودة السفراء بين البلدين بشكل رسمي اليوم تأخر كثيرا، هذا التأخير كان من جانب تركيا نظرا للظروف التي مرت بها خلال الأشهر الماضية نتيجة للزلزال المدمر الذي ضرب البلاد وبعدها الانتخابات الرئاسية، حيث كان التأخير لأسباب اضطرارية وليس تكتيك من جانبها".
وأضاف مدير معهد إسطنبول:
"تركيا كانت تريد تحسين علاقاتها مع مصر منذ فترة طويلة، لكن كانت لدى القاهرة العديد من الموانع الخارجية التي لا تريدها أن تحسن علاقتها مع تركيا، سواء كان الأمر يتعلق بالغرب أو إسرائيل وأمريكا، لأن تحسين علاقة مصر مع تركيا سوف تغيّر الشرق الأوسط أو تخلط الأوراق في الشرق الأوسط مرة ثانية، وهذا يعني أن بعض الأوراق والملفات سوف تأخذ من يد إسرائيل والولايات المتحدة والدول الغربية لصالح تركيا ومصر".
وتابع أتاجان أن "الرابحون من التقارب بين القاهرة وأنقرة هم شعبا البلدين، والخاسرون من هذا التقارب هم إسرائيل وأمريكا والدول الغربية، لذا كانت تلك الدول تضع عراقيل أمام هذا التقارب تخوفا على مصالحها المحمية باستمرار الخلاف بين حكومتي مصر وتركيا".
وحول أهم الملفات التي سوف تتأثر بعودة العلاقات بين البلدين، يقول أتاجان:
"جميع الملفات بين البلدين سوف تتأثر بتلك الخطوة على سبيل المثال، الملف السوداني والليبي والفلسطيني الإسرائيلي وملف غاز شرق المتوسط مع اليونان، بجانب الملف السوري والدول العربية والأفريقية وعلاقة مصر بتركيا، ويجب أن لا ننسى أن هناك ملف خطير يهم الداخل المصري بشكل كبير وهو أزمة سد النهضة الإثيوبي، حيث يمكن أن تؤدي تركيا دورا كبيرا لإيجاد نوع من التقارب بين إثيوبيا ومصر،بحكم علاقتها مع الدولتين في الأيام القادمة".
وأشار مدير معهد إسطنبول، د. بكير أتاجان، إلى أن "هذا التقارب سوف يجعل الرئيس المصري قوي في الداخل، لأن الملفات التي كان يدعي أنها تسبب مشكلة كبيرة ليست فقط مع تركيا وإنما في عموم المنطقة والتي تبدأ تدريجيا في الحلحلة بما يخدم مصالح مصر، سواء تعلق الأمر بالاتفاقيات بين اليونان ومصر أو إسرائيل ومصر، وأيضا الملف الليبي والإثيوبي والسوداني وحوض البحر الأبيض المتوسط بشكل عام".
وأكد أن "هناك يدان قويتان في الشرق الأوسط هما اليد المصرية واليد التركية، وما تستطيع فعله اليدين مجتمعين قد تعجز اليد الواحدة عن فعله، وللأسف الشديد أن السبب الرئيسي في تأخير عودة العلاقات إلى هذا اليوم قد يعود في المقام الأول إلى الضغوط الغربية الأمريكية، ولا تزال تلك الضغوط مستمرة ومؤثرة وسوف تستمر من لندن وواشنطن على كلا الدولتين، ما يجعلني أتوقع أن المصالحة لن تتم بالشكل المطلوب في هذا التوقيت".
ولفت أتاجان إلى أن "التشابك في الملفات الخارجية بين مصر وتركيا، نجد أن مصر دخلت في الملف السوري من أجل الضغط على تركيا نظرا لوجود تركيا في ليبيا، ونجد أن تركيا دخلت إلى السودان لأنها تريد الدخول إلى أفريقيا، الأمر الذي أزعج القاهرة، كل ما كان يحدث هو نوع من التنافس على الريادة في في تلك المناطق، لكن هذا التنافس كان يضر بمصالح شعبي البلدين ولصالح الغرب والولايات المتحدة الأمريكية".
وختم مدير معهد إسطنبول بقوله إنه:
"على الرغم من عودة التمثيل الدبلوماسي إلى المستوى الطبيعي بين القاهرة وأنقرة، إلا أن هناك ملفات لا تزال عالقة وتسويتها صعبة الآن وفي المستقبل القريب، وهذه الملفات تحتاج تطوير العلاقات والحوار من أجل حل تلك الملفات وزيادة هامش الثقة بين الجانبين".
وأفادت وزارة الخارجية المصرية، اليوم الثلاثاء، بأن "مصر رشحت السفير، عمرو الحمامي، كسفير لها في أنقرة، بينما رشحت تركيا السفير، صالح موتلو شن، كسفير لها في القاهرة".
وأضافت أن "تلك الخطوة تهدف إلى تأسيس علاقات طبيعية بين البلدين من جديد، كما تعكس عزمهما المُشترك على العمل نحو تعزيز علاقاتهما الثنائية لمصلحة الشعبين المصري والتركي".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجّه دعوة إلى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة تركيا.
يذكر أن الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب وأردوغان اتفقا، الشهر الماضي، على أهمية البدء الفوري في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين بلديهما وتبادل السفراء، وذلك بعد فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.