https://sarabic.ae/20230727/حنين-تطوي-ذكريات-اختطافها-واغتيال-ذويها-أمام-عينيها-وتحقق-حلمها-بدراسة-الطب-1079472596.html
"حنين"... تطوي ذكريات اختطافها واغتيال ذويها أمام عينيها وتحقق حلمها بدراسة الطب
"حنين"... تطوي ذكريات اختطافها واغتيال ذويها أمام عينيها وتحقق حلمها بدراسة الطب
سبوتنيك عربي
"حنين"، الطفلة التي استيقظت ذات صباح من صباحات عام 2013، لتجد نفسها وقد اختطفت مع أخواتها وأمها من بيتهم القروي في ريف اللاذقية الشمالي، أضحت اليوم إحدى... 27.07.2023, سبوتنيك عربي
2023-07-27T13:28+0000
2023-07-27T13:28+0000
2023-07-27T13:28+0000
أخبار سوريا اليوم
العالم
حصري
تقارير سبوتنيك
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e7/07/1b/1079471743_3:0:3644:2048_1920x0_80_0_0_1e8c32aadaf1b8b753d410423502ad48.jpg
الطفلة التي لم تتجاوز حينها عامها الثامن، لطالما رمقت عيناها الطفوليتان خاطفيها الملثمين المدججين بالأسلحة والحقد والتخلف، وها هي تتطلع اليوم إلى دراسة الطب، تحقيقا لأمنية والدتها التي قتلها الإرهابيون مع أختها الكبرى، أمام عينيها.خلال الأعوام الأربعة التي قضتها "حنين طلال سليم" أسيرة لدى المجموعات الإرهابية في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، لطالما ترددت في ذاكرتها الغضة أصوات الرصاص التي غيّرت حياتها إلى الأبد.في تلك اللحظة التي قتل فيها المسلحون أمها وأختها الكبرى، كانت الدماء تسيل بغزراة من جسد حنين الذي اخترقه إطلاق النار الكثيف على منزلهم، كان المسلحون يتمتمون بكلمات مبهمة تشبه مراسم الطقوس المقدّسة، حتى اليوم، شاهدت حنين في خيالها كل قطرة من دماء ذويها وهي تسيل، ما زال الخط الأول لدماء أمها يعذب ذاكرتها، وما زالت الجملة الأخيرة "لا تقتلني يا عمّو" التي انطلقت كحشرجة من حنجرة أختها الأكبر، تتردد مرارا وتكرارا في أذنيها.هذا الموت الهائل المشحون بالخوف، لا يزال يسبغ على اسمها أبعادا جديدة من الحنين المفعم بالألم.في تلك اللحظة، توقف زمن "حنين"، لتبدأ حياتها مع الخطف لأربعة أعوام قضتها مع عالم غريب تختلط فيه لغويات البلقان والأتراك والصينيين، ومعهم بعض السوريين "من ذوي الأصول التركية" ممن كانوا جيرانا، قبل أن يتحولوا إلى (أمراء).ضمن إحدى صفقات التبادل التي شملت عشرات الأطفال الآخرين ممن خطفهم الإرهابيون من قريتها والقرى المجاورة، عادت حنين إلى الحرية عام 2017، لكنها عادت ككتلة صغيرة من اللحم والدم المحشوة بكتلة كبيرة من الخوف والانكسار والحزن والحنين إلى ماض كانت فيه صورة الأم والأخت الكبرى، دون دماء.بعد جهود كبيرة لترميم وكوابيس الأسر، بدأت حنين رحلتها من جديد مع التعليم، مستمدة عزيمتها على التفوق من صور أقاربها وصديقاتها وأهالي قريتها ممن قُتلوا غيلة على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة.بدأت رحلتها من جديد، سهرت الليالي لتصبح اليوم مثال التميز والنجاح في دورة الثانوية العامة الفرع العلمي لهذا العام، بعد حصولها على (234.2) علامة من أصل 240 (بنسبة تقارب 98%) من المجموع العام.تقول حنين لـ"سبوتنيك": "خلال السنوات الأولى من الحرية، لطالما توسلت إلى الله لو أنهم قتلواني مع أمي وأختي".وعندما نطقت كلمة (أختي)، ارتدت "حنين" بذاكرتها إلى تلك اللحظة الأقسى في حياتها، قبل أن تضيف لـ"سبوتنيك": "ما تزال صرخات صوتها في ذاكرتي وهي تتوسل للإرهابي: (الله يخليك يا عمو لا تقتلني)... لتعود حنين بعدها إلى رحلة الهروب من الذاكرة، مكملة حديثها: "اليوم أنا أتطلع لتحقيق حلم والدتي في دراسة الطب، كانت تحضنني وأنا طفلة وتقول لي: (عليكي أن تصبحي طبيبة ناجحة لتعالجي نفسك وكل أطفال القرية والقرى المجاورة".بدموع يمكن للمرء أن يتحسّسها كاللهب يسيل على خدّيها، تعود حنين مجددا إلى ذاكرتها لحظة غزا الإرهابيون قريتهم "البلوطة" قتلوا كبار السن... شيوخ ورجال ونساء... خطفوا الأطفال، وأضافت: "لا أعلم ما الذي اقترفنه رفقاتي... وعلى أي أساس حكموا على أختي بالموت بعدما وصفوها بـ(فتاة كبيرة)... كان عمرها 13 عاماً فقط".بعد برهة من ازدحام الكلمات والمشاعر، شهقت حنين: "قتلوا أمي... اسمها (عواطف) حين أخذوها للقتل... كانت تحضن أختي التي لم تتجاوز 3 أعوام".تحدي العودة إلى الحياة.بعد تحريرها من خاطفيها، عادت حنين إلى مدرستها، لكن الأمر لم يكن أقل تحديا من العودة إلى الحياة ذاتها، قالت: "خلال سنوات الخطف، كانوا يقدمون لنا الخبز المتعفن... كان الماء الذي نشربه ذو لون أخضر... لم يسمحوا لنا بالاستحمام أو الغسيل... منعونا من التعلم أو قراءة أي شيء".وتضيف حينن: "حينما تم تحريري بفضل رجال الجيشين السوري والروسي، كنت قد نسيت كل ما تعلمته في صفوفي الأولى".أربع سنوات من الغياب عن الدراسة استلزمت من الطالبة "حنين" جهداً إضافياً وتعويضا بالدروس المكثفة.وقالت: "في بداية الصف السابع لم أستطع أن أفهم أي شيء من المنهاج أبداً، قضيت سنوات مرحلتي الإعدادي والثانوي وأنا أدرس المنهاج الصفي في السنة التي أدرسها، بالإضافة إلى دروس التعويض التي تمتد لـ 7 ساعات يوميا... مع مراعاة إنهاء دروسي كل يوم بيومه وعدم تأجيل أي درس لليوم التالي لأنه محجوز سلفا لدروس أخرى".خلال مرحلة الخطف، لطالما حلمت بالقدرة على أن تمسك بين يديها كتاب... أي كتاب، وتقول حنين عن تلك المرحلة: "لم يكن لدينا سوى القرآن الكريم، حفظته كاملا عن ظهر قلب، هذا الأمر ساعدني كثيرا على التمكن من اللغة العربية ومواد المنهاج الدراسي الحفظية، بشكل ممتاز".في كثير من الأحيان، كانت حنين تحتاج إلى دروس خصوصية، وهذه معاناة دراسية تتطلب كلفة مستقلة، وقالت: "كان هناك نوع من الاستغلال من قبل الأساتذة، فالجميع يطلب مبالغ كبيرة، ووالدي غير قادر على تأمينها".تفوق... و"صدمة حلم الأم"كانت "حنين" على يقين من أنها ستحصل على العلامة الكاملة في امتحانات الشهادة الثانوية.لدى صدور النتائج الأسبوع الماضي على لوائح وزارة التربية السورية، شعرت الطفلة المتفوقة بالصدمة، وأضافت: "لما عرفت العلامات... سكتت.,. لا بكيت ولاضحكت.., فقط سكتت... قلت لماما (كما تنادي زوجة أبيها التي ربتها مع أخيها)، قلتلها فرجيني العلامات (تقصد تفصيل المواد)... انزعجت وانصدمت".وأضافت: "مع هذه العلامات، قد لا أستطيع دراسة الطب البشري"، بهذه الجملة المقتضبة، استقبلت حنين نتيجتها الامتحانية المبهرة عموما، لكن غير الكافية لربما لتحقيق أمنية أمها الحقيقية في دراسة الطب ومعالجة الأطفال.اليوم، تنتظر "حنين" صدور لوائح التفاضل في الجامعات السورية، قدمت ما تستطيعه لنفسها ولأمنياتها يحدوها الأمل بأن تحظى بفرصة تحقيق أمنية والدتها: "رغم كل شيء... أنا اليوم طالبة محسوبة ضمن صفوف المتميزين في سوريا".وتختم "حنين" قصتها لـ"سبوتنيك": "أهدي نجاحي وتفوقي لأمي الحالية... ولروح والدتي (عواطف) التي قتلها الإرهابيون".
https://sarabic.ae/20230725/قتلى-وجرحى-إثر-اشتباكات-عنيفة-بين-المسلحين-الموالين-للجيش-الأمريكي-شرقي-سوريا-1079391299.html
https://sarabic.ae/20230719/إضراب-شعبي-عام-في-أكبر-مدن-شمال-سوريا-ضد-ممارسات-مسلحي-واشنطن-1079232478.html
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
2023
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
الأخبار
ar_EG
سبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
https://cdn.img.sarabic.ae/img/07e7/07/1b/1079471743_458:0:3189:2048_1920x0_80_0_0_00488619fd2ba986c736c89d117b047a.jpgسبوتنيك عربي
feedback.arabic@sputniknews.com
+74956456601
MIA „Rossiya Segodnya“
أخبار سوريا اليوم, العالم, حصري, تقارير سبوتنيك
أخبار سوريا اليوم, العالم, حصري, تقارير سبوتنيك
"حنين"... تطوي ذكريات اختطافها واغتيال ذويها أمام عينيها وتحقق حلمها بدراسة الطب
حصري
"حنين"، الطفلة التي استيقظت ذات صباح من صباحات عام 2013، لتجد نفسها وقد اختطفت مع أخواتها وأمها من بيتهم القروي في ريف اللاذقية الشمالي، أضحت اليوم إحدى الطالبات المتفوقات في سوريا.
الطفلة التي لم تتجاوز حينها عامها الثامن، لطالما رمقت عيناها الطفوليتان خاطفيها الملثمين المدججين بالأسلحة والحقد والتخلف، وها هي تتطلع اليوم إلى دراسة الطب، تحقيقا لأمنية والدتها التي قتلها الإرهابيون مع أختها الكبرى، أمام عينيها.
خلال الأعوام الأربعة التي قضتها "حنين طلال سليم" أسيرة لدى المجموعات الإرهابية في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، لطالما ترددت في ذاكرتها الغضة أصوات الرصاص التي غيّرت حياتها إلى الأبد.
في تلك اللحظة التي قتل فيها المسلحون أمها وأختها الكبرى، كانت الدماء تسيل بغزراة من جسد حنين الذي اخترقه إطلاق النار الكثيف على منزلهم، كان المسلحون يتمتمون بكلمات مبهمة تشبه مراسم الطقوس المقدّسة، حتى اليوم، شاهدت حنين في خيالها كل قطرة من دماء ذويها وهي تسيل، ما زال الخط الأول لدماء أمها يعذب ذاكرتها، وما زالت الجملة الأخيرة "لا تقتلني يا عمّو" التي انطلقت كحشرجة من حنجرة أختها الأكبر، تتردد مرارا وتكرارا في أذنيها.
هذا الموت الهائل المشحون بالخوف، لا يزال يسبغ على اسمها أبعادا جديدة من الحنين المفعم بالألم.
في تلك اللحظة، توقف زمن "حنين"، لتبدأ حياتها مع الخطف لأربعة أعوام قضتها مع عالم غريب تختلط فيه لغويات البلقان والأتراك والصينيين، ومعهم بعض السوريين "من ذوي الأصول التركية" ممن كانوا جيرانا، قبل أن يتحولوا إلى (أمراء).
ضمن إحدى صفقات التبادل التي شملت عشرات الأطفال الآخرين ممن خطفهم الإرهابيون من قريتها والقرى المجاورة، عادت حنين إلى الحرية عام 2017، لكنها عادت ككتلة صغيرة من اللحم والدم المحشوة بكتلة كبيرة من الخوف والانكسار والحزن والحنين إلى ماض كانت فيه صورة الأم والأخت الكبرى، دون دماء.
بعد جهود كبيرة لترميم وكوابيس الأسر، بدأت حنين رحلتها من جديد مع التعليم، مستمدة عزيمتها على التفوق من صور أقاربها وصديقاتها وأهالي قريتها ممن قُتلوا غيلة على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة.
بدأت رحلتها من جديد، سهرت الليالي لتصبح اليوم مثال التميز والنجاح في دورة الثانوية العامة الفرع العلمي لهذا العام، بعد حصولها على (234.2) علامة من أصل 240 (بنسبة تقارب 98%) من المجموع العام.
تقول حنين لـ"سبوتنيك": "خلال السنوات الأولى من الحرية، لطالما توسلت إلى الله لو أنهم قتلواني مع أمي وأختي".
وعندما نطقت كلمة (أختي)، ارتدت "حنين" بذاكرتها إلى تلك اللحظة الأقسى في حياتها، قبل أن تضيف لـ"سبوتنيك": "ما تزال صرخات صوتها في ذاكرتي وهي تتوسل للإرهابي: (الله يخليك يا عمو لا تقتلني)... لتعود حنين بعدها إلى رحلة الهروب من الذاكرة، مكملة حديثها: "اليوم أنا أتطلع لتحقيق حلم والدتي في دراسة الطب، كانت تحضنني وأنا طفلة وتقول لي: (عليكي أن تصبحي طبيبة ناجحة لتعالجي نفسك وكل أطفال القرية والقرى المجاورة".
بدموع يمكن للمرء أن يتحسّسها كاللهب يسيل على خدّيها، تعود حنين مجددا إلى ذاكرتها لحظة غزا الإرهابيون قريتهم "البلوطة" قتلوا كبار السن... شيوخ ورجال ونساء... خطفوا الأطفال، وأضافت: "لا أعلم ما الذي اقترفنه رفقاتي... وعلى أي أساس حكموا على أختي بالموت بعدما وصفوها بـ(فتاة كبيرة)... كان عمرها 13 عاماً فقط".
بعد برهة من ازدحام الكلمات والمشاعر، شهقت حنين: "قتلوا أمي... اسمها (عواطف) حين أخذوها للقتل... كانت تحضن أختي التي لم تتجاوز 3 أعوام".
بعد تحريرها من خاطفيها، عادت حنين إلى مدرستها، لكن الأمر لم يكن أقل تحديا من العودة إلى الحياة ذاتها، قالت: "خلال سنوات الخطف، كانوا يقدمون لنا الخبز المتعفن... كان الماء الذي نشربه ذو لون أخضر... لم يسمحوا لنا بالاستحمام أو الغسيل... منعونا من التعلم أو قراءة أي شيء".
وتضيف حينن: "حينما تم تحريري بفضل رجال الجيشين السوري والروسي، كنت قد نسيت كل ما تعلمته في صفوفي الأولى".
أربع سنوات من الغياب عن الدراسة استلزمت من الطالبة "حنين" جهداً إضافياً وتعويضا بالدروس المكثفة.
وقالت: "في بداية الصف السابع لم أستطع أن أفهم أي شيء من المنهاج أبداً، قضيت سنوات مرحلتي الإعدادي والثانوي وأنا أدرس المنهاج الصفي في السنة التي أدرسها، بالإضافة إلى دروس التعويض التي تمتد لـ 7 ساعات يوميا... مع مراعاة إنهاء دروسي كل يوم بيومه وعدم تأجيل أي درس لليوم التالي لأنه محجوز سلفا لدروس أخرى".
خلال مرحلة الخطف، لطالما حلمت بالقدرة على أن تمسك بين يديها كتاب... أي كتاب، وتقول حنين عن تلك المرحلة: "لم يكن لدينا سوى القرآن الكريم، حفظته كاملا عن ظهر قلب، هذا الأمر ساعدني كثيرا على التمكن من اللغة العربية ومواد المنهاج الدراسي الحفظية، بشكل ممتاز".
في كثير من الأحيان، كانت حنين تحتاج إلى دروس خصوصية، وهذه معاناة دراسية تتطلب كلفة مستقلة، وقالت: "كان هناك نوع من الاستغلال من قبل الأساتذة، فالجميع يطلب مبالغ كبيرة، ووالدي غير قادر على تأمينها".
كانت "حنين" على يقين من أنها ستحصل على العلامة الكاملة في امتحانات الشهادة الثانوية.
لدى صدور النتائج الأسبوع الماضي على لوائح وزارة التربية السورية، شعرت الطفلة المتفوقة بالصدمة، وأضافت: "لما عرفت العلامات... سكتت.,. لا بكيت ولاضحكت.., فقط سكتت... قلت لماما (كما تنادي زوجة أبيها التي ربتها مع أخيها)، قلتلها فرجيني العلامات (تقصد تفصيل المواد)... انزعجت وانصدمت".
وأضافت: "مع هذه العلامات، قد لا أستطيع دراسة الطب البشري"، بهذه الجملة المقتضبة، استقبلت حنين نتيجتها الامتحانية المبهرة عموما، لكن غير الكافية لربما لتحقيق أمنية أمها الحقيقية في دراسة الطب ومعالجة الأطفال.
اليوم، تنتظر "حنين" صدور لوائح التفاضل في الجامعات السورية، قدمت ما تستطيعه لنفسها ولأمنياتها يحدوها الأمل بأن تحظى بفرصة تحقيق أمنية والدتها: "رغم كل شيء... أنا اليوم طالبة محسوبة ضمن صفوف المتميزين في سوريا".
وتختم "حنين" قصتها لـ"سبوتنيك": "أهدي نجاحي وتفوقي لأمي الحالية... ولروح والدتي (عواطف) التي قتلها الإرهابيون".