باحث سياسي: ساحات الاشتباك الساخنة في الشرق الأوسط تتجه نحو التبريد
22:52 GMT 14.11.2024 (تم التحديث: 02:13 GMT 15.11.2024)
© Sputnik . Munther Saeedحرائق في ريف اللاذقية على السواحل السورية
© Sputnik . Munther Saeed
تابعنا عبر
أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف أن تجديد الاتصالات مع إدارة ترامب يمكن أن يساعد في تعزيز تسوية سريعة في سوريا، مشيرًا إلى أن أردوغان ينوي بحث سحب القوات الأمريكية في سوريا، فتركيا لديها رغبة في ضمان الانسحاب وتوقف دعم الأكراد.
وأشار لافرينتييف إلى أن الجانب التركي أفشل اجتماعات موسكو 2023 لأنه لم يعلن رسميًا عن استعداده للنظر في مسألة سحب قواته، موضحًا أنه تجري اتصالات بين الجيشين السوري والتركي بمشاركة الجيشين الروسي والإيراني لإيصال ذلك إلى المستوى السياسي وهناك بعض العقبات والصعوبات.
وحول شكل تلك التسوية مع إدارة ترامب، والتي يمكن أن تساعد في تعزيز تسوية سريعة في سوريا، قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور خالد المطرود: "إن هذه التسوية ستكون تسوية عامة شاملة لا تشمل سوريا فقط، وإنما ستكون شاملة للشرق الأوسط، ولساحات الاشتباك والنقاط التي تشكل اليوم خطرًا على النظام العالمي وعلى الأمن العالمي، وخاصة بعدما قامت به إسرائيل من اعتداءات تجاوزت فيها القانون الدولي والقيم الإنسانية وكل العهود والمواثيق والاتفاقات في عمليات القتل والتدمير، إن كان في غزة أو جنوب لبنان، أو في سوريا. فالصراع مستمر، لكن أشكال الصراع تتغير وتتبدل".
وأشار إلى أن:
"القوى التي تفرضها ساحات الاشتباك هي التي تحدد نوع التسويات، ومضمونها وحجمها، ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض سيكون هناك معطى جديد لدى الولايات المتحدة الأمريكية للتعاطي مع أزمات العالم والمنطقة".
وتابع الدكتور المطرود في حوار خاص مع "سبوتنيك": أما في سوريا فهناك أكثر من ثلاث عشرة سنة ونيف، من عمر الحرب، وكل الخيارات التي جربها الأمريكي إن كان بالأصالة أم بالوكالة قد فشلت أمام صمود الدولة السورية، وتضحيات الشعب السوري، ودعم حلفاء سوريا لها، وبالتالي عندما تسقط أهداف الحرب على سوريا، تبقى الحرب لكن بدون أهداف، متسائلًا عن الفائدة من استمرار الحرب وخاصة أن توسيعها أو التهديد بتوسيعها سيشكل خطرًا على مصالح الدول الكبرى. ناهيك عن تجدد ساحات الاشتباك واتساع إدارة الاشتباك.
التسوية لجميع نقاط وساحات الاشتباك
وأضاف المحلل السياسي: اليوم هناك مواجهة بين روسيا والناتو بشكل مباشر أو من خلال أوكرانيا، وهذه الساحة أيضًا تشكل ضغطًا كبيرًا على الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الإدارة الجديدة لترامب، فإذا كان هناك قنوات للتواصل بين روسيا والإدارة الأمريكية الجديدة، أعتقد سيتم بحث كل ساحات الاشتباك التي فتحها الديمقراطيون، ودعموا من خلالها حلفاءهم إن كان في أوكرانيا، أو في الكيان الصهيوني، وما قاموا به من أعمال وحشية نازية أصبحت تشكل خطرًا على المنطقة، فإذا كان هناك تسوية فستشمل جميع نقاط وساحات الاشتباك.
ترامب يريد تغيير صورة أمريكا
وأوضح الدكتور المطرود أن "الأولوية اليوم لوقف الحرب على فلسطين في غزة وفي لبنان، ومن ثم الحديث عن تسوية سياسية تبرد المنطقة، وهذا فيه مصلحة لترامب الذي يريد أن يعطي رسالة أخرى لصورة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية، بعد الصورة التي اهتزت بسبب ما قامت به إسرائيل من عمليات وحشية إرهابية من قتل للمدنيين والأبرياء والأطفال والنساء وقصف المدارس ودور العبادة وغيرها، وما قام به أيضًا زيلينسكي في أوكرانيا في عمليات النازية التي عمل بها".
© Sputnikالباحث والمحلل السياسي الدكتور خالد المطرود
الباحث والمحلل السياسي الدكتور خالد المطرود
© Sputnik
وتابع: "لذلك صورة الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تتغير، ومن جهة ثانية ترامب يأتي ليعوض في الاقتصاد ما خسرته أمريكا في السياسة، وهذا ليس غريبًا عن ترامب، ففي إدارته الأولى كان دائمًا جامعًا للأموال، ولما يحقق مصالح أمريكا اقتصاديًا، وقد طرح علانية أن الحكم يقابله المال، والأمن يقابله المال، والحماية كذلك".
وفيما يخص حديث أردوغان أنه ينوي بحث سحب القوات الأمريكية من سوريا، ورغبة تركيا في ضمان الانسحاب وتوقف دعم الأكراد، قال المحلل السياسي: "إن سحب القوات الأمريكية لا يقرره أردوغان، وإنما يقرره الأمريكي، ويقرره الواقع المقاوم ضد الأمريكي وعملائه، وضد "قسد" وأمثالها الذين ارتهنوا وارتضوا أن يكونوا في حضن الأمريكي واجهة لتبرير وجوده، فمن يقرر الانسحاب هو الأمريكي أولًا كدولة، والمقاومة وثبات وصمود الدولة السورية، لافتًا إلى أنه عندما يقوم أردوغان ببحث سحب قواته من شمال سوريا من إدلب، وما يتعلق به من شروط لوجستية وعسكرية وأمنية، عندها نقول إن هناك نية حقيقية لإعادة الاستقرار إلى الشمال والشمال الشرقي لسوريا، والجنوب التركي".
وأضاف الدكتور المطرود: "ومن جانب آخر، أردوغان لديه هواجس ومخاطر على أمنه القومي، وأي انفصالي وخاصة إن كان كرديًا، يهدد الشمال الشرقي وهذا ما يخيفه، وبالتالي إذا كان هناك طرح بين التركي والأمريكي فسيكون من أجل مستقبل "قسد" في شمال شرق سوريا، وخطر هذا الكيان الانفصالي على المنطقة".
ولفت المطرود إلى أن:
"الحل الوحيد الذي يؤمنون به ويعرفونه جيدًا أن عودة الأمان لهذه المنطقة، وعودة الثقة في المستقبل الآمن لدول هذه المنطقة هو في عودة الدولة السورية والجيش العربي السوري إلى كامل الأراضي التي دخلها الإرهابيون، ورفع الغطاء عن الإرهابيين، وانسحاب القوات الأمريكية والتركية ومن ثم فتح صفحة جديدة".
وعن اجتماعات موسكو في عام 2023، قال الدكتور المطرود: "إن الجانب التركي أفشل تلك الاجتماعات لأنه لم يعلن رسميًا عن استعداده للنظر في مسألة سحب قواته، وهذا ما طلبته الدولة السورية وطلبه الرئيس الأسد، أن أي لقاء يمكن أن يعقد بين تركيا وسوريا يجب أن يتضمن ورقة تفاهم عالية متفق عليها، وإلا لماذا نجتمع؟".
وأضاف أن: "مشروع الإخوان المسلمين قد انتهى في المنطقة، وبالتالي أصبح مستقبل حزب أردوغان مهددًا في تركيا، لذلك أردوغان لم يعد يفكر أن يربح في سوريا، لكن لا يريد أن يخسر في تركيا، ويريد أن يستثمر على وجود قواته في سوريا كورقة في ميزان التفاوض يصرفها بالسعر الأعلى الذي يضمن أمنه القومي ومستقبل حزبه، وفي الاقتصاد أيضًا، ويعيد تصدير صورة حسنة له في العالم".
التدمير لا يعني الانتصار
وحول إن كانت الظروف قد نضجت للوصول إلى المستوى السياسي في العلاقات السورية التركية، قال المحلل السياسي: "إن ظروف المنطقة بشكل عام أصبحت اليوم مهيئة لإعادة التموضع من قبل الجميع، ولإعادة التفكير في الانتقال من ساحة الاشتباك، من الحروب إلى أشكال أخرى، لكن الآن العجز عن تحقيق الأهداف، إن كان أهداف الولايات المتحدة في سوريا، أم أهداف إسرائيل في غزة ولبنان، وفي ساحات الاشتباك في حركات المقاومة، يجعل الولايات المتحدة تنتقل وخاصة مع الإدارة الجديدة إلى الصرف في ميزان القوى العالمي".
وأشار إلى أنه "رغم التدمير الذي قام به الإرهابيون في سوريا طيلة السنوات السابقة، والتدمير الكبير الذي قام به الإسرائيلي في غزة وفي لبنان، فموازين القوى الآن بحاجة إلى أن تصرف في السياسة من خلال تثبيت ميزان القوى "أنهم قاموا بالتدمير لكنهم لم ينتصروا".
وأضاف الدكتور المطرود: "إن الولايات المتحدة الأمريكية امتلكت في استراتيجية حروب الجيل الرابع أدوات بالوكالة شغلتها في سوريا، وقامت بحروب مباشرة بدعم إسرائيل بأحدث أنواع الأسلحة، فهذه الأسلحة والقنابل والقذائف والصواريخ تمتلك قوة تدميرية هائلة وقد فعلت فعلها، لكنها لم تحقق الانتصار ولم تحقق أهداف العملية العسكرية التي أعلنها نتنياهو بداية الحرب، فلم يستطع منع المقاومة في غزة، ولا استعادة الأسرى، وفي لبنان لم يستطع أن يتقدم كيلومترًا واحدًا في الجنوب، بل على العكس خسائره كبيرة جدًا يخفيها، ويقوم فقط بالقتل والتدمير في لبنان".
وأشار المطرود إلى أن "الإيغال الإسرائيلي في التدمير ينبئ عن الحقد لعجزه عن تحقيق الأهداف".
"نحو التبريد"
وأوضح الدكتور المطرود أن "أي تسوية في المنطقة ستكون في فلسطين لكن عنوانها كل المنطقة أو تسوية في سوريا وعنوانها كل المنطقة، أو سيكون هناك توسع لدائرة الاشتباك التي ستهدد كل المنطقة، لذلك سيعمل الجميع من أجل تسويات".
وأضاف أن:
"كل ساحات الاشتباك مرتبطة ببعضها، لأن الأمن الإقليمي جزء من الأمن الدولي، وبالتالي اهتزازه سيشكل خطرًا على الأمن الدولي، وأي اهتزاز أو اتساع لدائرة الاشتباك في إحدى ساحات المنطقة سيشكل خطرًا على الجميع، والنتيجة أن المنطقة تسير نحو التبريد بانتظار استلام الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها بداية 2025".
وختم الدكتور المطرود بالقول: "تم تثبيت ميزان القوى في سوريا لمصلحة الدولة السورية وحلفائها، وبالتالي من يريد السلام ويدعو إلى التسويات يجب أن يدخل من هذه الأبواب التي تشكل موازين القوى فيها الأساس لمصلحة من صمد وقدم وتقدم وحق له أن يكون دائماً في المقدمة".