سر صمت الحكومة... تحليل يرصد أخطر ملاحظة في احتجاجات إيران

في غضون أيام، انتشرت الاحتجاجات بسرعة في جميع أنحاء إيران، على نحو مفاجئ للحكومة والخبراء في الشأن الإيراني على حد سواء.
Sputnik

وتعد هذه الاحتجاجات أكثر الاضطرابات انتشارًا فى البلاد منذ أحداث "التحرك الأخضر" في عام 2009، التي أعقبت إعلان فوز المرشح محمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية بولاية ثانية، وفشل مرشح قوى المعارضة مير حسين موسوي، إذ خرج الآلاف محتجين على نتائج الانتخابات، ولكن السلطات الأمنية حينئذ استطاعت السيطرة عليها.

غير أن هذه الاحتجاجات تبدو مختلفة تماما عن أحداث 2009، من حيث الحجم والقيادة والهدف، فالقوة الدافعة لهذه الاحتجاجات هي شريحة شعبية نادرا ما ظهرت على سطح التطورات السياسية الإيرانية في العقدين الماضيين. أولئك الذين فقدوا الأمل في فكرة التغيير الحقيقي من خلال الإصلاح، وفق تحليل نشرته شبكة "cnn" الأمريكية

التلفزيون الإيراني: ارتفاع قتلى التظاهرات في إيران إلى 12 أشخاص
.

التشابه بين الاحتجاجات الحالية وانتفاضة 2009 محدود جدا، ففي حين بدأت المظاهرات الحالية خارج طهران —في مشهد وقم- وسرعان ما انتشرت إلى مدن أخرى، فإن حجمها لا يزال صغيرا نسبيا مقارنة بما لاحظه العالم بعد انتخابات إيران عام 2009، إذ شهدت الأيام القليلة الأولى في "التحرك الأخضر" احتجاج أكثر من مليون شخص فى شوارع طهران. في حين أن الاحتجاجت الحالية —على شراستها- لا تتجاوز بضعة آلاف في أي مكان محدد.

وقد كانت للاحتجاجات في عام 2009 أهداف محددة جدا، على الأقل في البداية، إذ نددت بنتائج الانتخابات الرئاسية، وطالبت بإعادة فرز الأصوات، مع وجود قيادة قوية لها من مرشحي الرئاسة آنذاك مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، اللذين أعطيا المظاهرات زخْمًا قويا.

وتبدو الاحتجاجات الحالية أكثر تفاوتا، دون وجود قيادة واضحة، فضلا عن تحول أهدافها خلال الأيام الأربعة الماضية، فقد بدأت في مشهد من قبل المتشددين الدينيين، الذين سعوا للاستفادة من المظالم الاقتصادية المشروعة، لتسجيل نقاط ضد حكومة حسن روحاني، التي يعتبرونها معتدلة جدا.

مفاجأة.. ماذا كشف البحث عن مصدر هاشتاغ "التظاهرات العامة" في إيران

لكنهم سرعان ما فقدوا السيطرة على الاحتجاجات، لأن الرسالة الاقتصادية لاقت صدى كبيرا مع تزايد شريحة المحتجين أكبر مما كان متوقعا، ويبدو أن الإحباط من انخفاض مستوى المعيشة قد أفسح المجال أمام الهتاف بشعارات سياسية أكثر شراسة.

ولا يبدو أن الإصلاحيين —الذين كانوا في القلب من معظم الاحتجاجات الواسعة النطاق في إيران على مدى العقدين الماضيين- يقودون هذه المظاهرات، ومن المحتمل أن يكون بين المتظاهرين مؤيدو روحاني الذين يشعرون بخيبة أمل منه، بحسب التقرير.

وما فاجأ معظم المحللين، أن هذه القطاعات من السكان تحديدا لم يكونوا محور التغيير السياسي في إيران في التاريخ الحديث، كما لا يمتلكون سجلًا حافلًا من القدرة على إثارة احتجاجات بهذا الحجم. ولأن هذه ظاهرة جديدة على وجه التحديد، فإنه من الصعب التنبؤ بكيفية تطور الاحتجاجات وكيفية استجابة المتظاهرين للاجراءات المحتملة من قبل السلطات في الأيام المقبلة.

ويضيف التحليل: "قد يفسر ذلك أيضا السبب في رد فعل الحكومة، التي تلتزم الصمت نسبيًا حتى الآن، في الوقت الذي تعاملت فيه مع احتجاجات 2009 بكل حزم، والسؤال هو: لماذا؟".

ويتساءل: "هل لأن حكومة روحاني تعتقد أن الاحتجاجات سوف تتلاشى من تلقاء نفسها، وربما يعطيه ذلك النفوذ المطلوب ضد المتشددين للمضي قدمًا نحو مزيد من المنهج الإصلاحي؟ أم هل يرجع ذلك إلى أن المتشددين يريدون إحراج روحاني ويظهرون عجزه عن الحفاظ على الأمن؟ أم أن الحكومة ككل تدرس كيفية الرد على هذا الاستياء الشعبي وسط شرائح مجتمعية نادرا ما تولي اهتماما لها؟".

"أربعة أيام في الاحتجاجات، ولا تزال هناك أسئلة أكثر من الإجابات، فالصورة تشير إلى أن المشهد السياسي في إيران يهتز من قبل أولئك الذين يسعون إلى التغيير بعيدا عن التيار الإصلاحي".

إيران تعلن عدد المقبوض عليهم خلال الاحتجاجات

وبدأت الاضطرابات مع احتجاج في مدينة مشهد، على ما يبدو من قبل المتشددين الذين يريدون التعبير عن معارضتهم للسياسات اللإصلاحية للرئيس روحاني.

لكن الاحتجاجات لا تسير دائما كما هو مخطط لها في إيران، لأن الناس في بعض الأحيان يستغلون الفرصة النادرة للتعبير عن معارضتهم علنا، بغض النظر عن نوايا المنظم الأصلي.

ويبدو أن هذا ما حدث في مشهد، إذ إن احتجاجا ضد روحاني تحول إلى احتجاج أوسع ضد السلطة الحاكمة، وتنديد بارتفاع الأسعار والفساد ونفقات إيران على السياسة الخارجية في أماكن مثل سوريا ولبنان.

وأيد الرئيس حسن روحاني في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي مساء الأحد حق الإيرانيين في الاحتجاج وانتقاد الحكومة، وأشار إلى أن بعض المتظاهرين لديهم مطالب مشروعة، ولكن لا ينبغي أن يؤدي ذلك إلى العنف واستخدام الشعارات المناهضة للسلطة الحاكمة.

مناقشة