أولاً، انتشار المستشارين الروس واللجان الروسية العسكرية التابعة لمركز المصالحة في حميميم في كلّ المناطق السورية التي تمّ تحريرها، وبالتالي فإنّ أيّ اعتداء على هذه المناطق، سيعني تهديد أمن المستشارين والقوات الروسية، وهذا أمر لن تسكت عنه موسكو لا سيما أنّ العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة تمرّ بمرحلة شديدة التوتر والحساسية، وبالتالي أيّ مغامرة جديدة يمكن أن تقدم عليها القوات الأمريكية تحت أيّ ذريعة لن تكون مبرّرة ومفهومة وقد لا تعامَل بشيء من ضبط النفس من قبل روسيا، ولن يتكرّر سيناريو الردّ على اعتداء مطار الشعيرات، حيث كانت ردّة الفعل الروسية بعد الاعتداء عبر تجميد التعاون مع الولايات المتحدة في سورية، والتهديد العلني بإسقاط أيّ جسم طائر يحلق في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية. بكلّ تأكيد واشنطن تأخذ بعين الاعتبار أنّ اعتداء عسكري جديد، قد يواجه بفعل مباشر من قبل روسيا، أو عبر الجيش السوري وبمساندة فنية من القوات الروسية المنتشرة في سورية.
ثانياً، لم يعد هناك تداخل في عمل القوات على الأرض يفسح المجال أمام قيام الولايات المتحدة بشنّ اعتداء، والقدرة على تبرير هذا الاعتداء بوجود خطأ، كما حصل عند الاعتداء على جبل الثردة.
ومن وجهة نظر الكاتب، فإن "الولايات المتحدة سوف تلجأ إلى بدائل أخرى لمواصلة الضغط على الدولة السورية وعلى حلفائها من أجل الوصول إلى غاياتها وأهدافها في سورية، ومن بين هذه البدائل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على غرار الاعتداء الجديد الذي وقع فجر يوم الأربعاء 7/2/2018، وتقديم دعم نوعي للجماعات الإرهابية من نوع الدعم الذي تمّ تقديمه لجبهة النصرة في إدلب، والذي مكّنها من إسقاط طائرة روسية متطوّرة من طراز سو25، إضافةً إلى مواصلة الحملة الإعلامية والسياسية تحت دعوى استخدام الجيش السوري لأسلحة كيماوية ضدّ الجماعات المسلحة، سواء في الغوطة الشرقية أو في محافظة إدلب".
وختم مؤكدا أن "الولايات المتحدة تدرك أنّ أوراق الضغط التي تمتلكها في سورية للتأثير على مجرى الأحداث الميدانية آخذة في التراجع، فتنظيم "داعش" يكاد يختفي عن الوجود بعد سيطرة الجيش على دير الزور والبادية السورية، ومواقع المسلحين في معاقلهم الأخيرة في إدلب والغوطة الشرقية تتهاوى وهي بحاجة إلى إسناد بدلاً من أن تكون أوراق ضغط فاعلة، واستخدام مجلس الأمن لتبرير اعتداءات باسم الشرعية الدولية بات حلماً بعيد المنال في ظلّ الفيتو الروسي".