ومن وجهة نظر الكاتب فإن "هذا السيناريو الذي أطّر التفاهمات الفرنسية التركية للأعوام الثلاثة التالية لتوقيعه في 2011 بتنسيق مع ميليشيات "كردية" و"تركمانية" وتكفيرية تُشكَّل تم احتطابها لتشكيل قوس بشري يمتد من شمال العراق وحتى السواحل السورية، لم يلبث أن سقط مع تحرير مدينة كسب عام 2014 قبل أن يتمدد في قبره الضيق مع تطهير كسب وحلب ومعظم ريف اللاذقية الشمالي، في العامين التاليين.
وتابع الكاتب أن "تلفريكنا في "السمرا" اليوم، يُقوّم سياسياً كترسيم سياحي نهائي لحدود أحلام المشغلين السابقين للتنظيمات الانفصالية "الكردية والتركمانية"، إلا أنه يتمظهر أيضاً، وبلغة "سياحوسياسية"، كإجابة عن محاولة الوريث البريطاني متزايد النشاط في شمالي سورية استنساخ الطبعة الثالثة من "قناطر نابوكو" لتمرير الغاز الخليجي نحو أوروبا، بعدما أغرقت روسيا منابع ومسارات نسختها الأولى عند بحر قزوين، في عمق جدل قانوني حول تسميته المناسبة: بحيرة أم بحراً، قبل أن يدفن الجيش العربي السوري وحلفاؤه، "دواعش" الحدود العراقية وأحلام تمرير خط "نابوكو الثاني" على أنقاض جغرافيتنا الوطنية، سوية في رمال البادية".
وأضاف "إلى الخلف من "السمرا"، ما زالت مشهدية حرب الغاز على تبدلها المضطرد دافعة أمامها مزيداً من التبدلات السياسية والعسكرية شرق المتوسط، هناك، وبقليل من التخيّل، قد يجد المرء تفسيراً مناسباً للتوقيت التركي في الحرب على عفرين".
فمع انغلاق الجغرافية السورية أمام خطي "نابوكو الثاني والثالث"، وكذا التركية بعدما باتت ممراً لقناطر "السيل الجنوبي" الروسي المنافسة نحو أوروبا وتحييد قدرة أنابيب "تاناب" التركية البريطانية الممتدة من إذربيجان إلى اليونان، قد تكون عيون الغرب تفحّصت —في لحظة الهزيمة- لواء إسكندرون كممر محتمل لأنابيب "نابوكو الرابع".
وأردف الكاتب "راهناً، ما زالت خرائط ممرات الطاقة شرق المتوسط عالقة كما كانت عليه في عامي 2010 و2011، يزيدها تمنّعاً جملة التبدّلات الدرامية في الاصطفافات الإقليمية بما فيها العداء التركي المستجد "للتطلعات الكردية" الانفصالية، وانعكاسه على قنوات تمرير النفط والغاز السوري المسروق شمالاً بعدما كان ميناء جيهان التركي أبرزها، كما الغموض الذي يلف مصير نفط وغاز "كردستان" الذي استفاقت الولايات المتحدة وبريطانيا قبيل استفتائه الشهير، على اختراقه بمليارات الدولارات، استخراجاً وأنابيب، عبر الذراع الاستثمارية الروسية "روسنفط"، قبل أن تذهب بريطانيا "الاستعمارية" مؤخراً لاستلهام إستراتيجية موسكو بمواجهة "نابوكو الأول" عبر العقود الآجلة لغاز بحر قزوين، واستنساخها تفرّداً —أي بريطانيا- بحقول "كركوك" بعد نصف قرن على تأميمها منها، قطعاً للطريق أمام روسنفط".
واعتبر الكاتب "على أرض العراق اليوم، ثمة كباش طاقوي، انتخاباته القادمة في أيار، قد تفصح عن بعض ملامح معركة قناطر الطاقة شرق المتوسط، وفي مقدمها اتفاقات 2008 السورية العراقية الإيرانية بمعاودة ضخ النفط في أنبوب "كركوك/بانياس/ طرابلس"، في مقابل ممرات انتقامية أخرى تفتقر إلى الاستثمارية، يسعى الغرب عبر بعض عملائه، إلى ترحيلها جنوباً نحو الأردن، ثم إلى الكيان الإسرائيلي".
وختم "بغض النظر عن أهميته الاقتصادية، يجب بتلفريك "السمرا السياسي" المضي سريعاً لنقل السياح في أرجاء تلك البقعة الفريدة جمالاً، إذ يشعر المرء برغبة جارفة في ركوب إحدى كبائنه قريباً ليعاين واحدة من ملاحم الانتصار على أوقح المشروعات الغربية شرق المتوسط وأكثرها دموية في الشرق الأوسط.