كسرت مواقع الاتصال القيود والحدود الجغرافية كما عملت على تقارب الأفكار والأخبار ونمت العلاقات بين الناس على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وبيئاتهم.
فأصبح الاتصال السريع محركا أساسيا وقويا بين الناشطين السياسيين والاجتماعيين والاقتصاديين، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من حياة الإنسان لا يمكن الاستغناء عنه، حتى وصل عند البعض لدرجة الإدمان.
لا تنكر ريما عمار "أدمن" لصفحة على الفيس بوك، أن الفكرة كانت في البداية لإنهاء الملل الذي كان يرافقها في بداية الأزمة في سورية ولكن أصبحت مصدر رزق تتقاضى منه على ما بين 35 و50 ألف ليرة شهريا.
تكمل ريما ،"السوشيال ميديا"، شيئا أساسيا في حياة كل منا، فمعظمنا يستخدم "فيسبوك" و"تويتر" وغيرهما. فوسائل التسويق التقليدية سواء عبر: الراديو والإعلانات التجارية من التليفزيون أو الإعلانات المطبوعة أصبحوا وسائل قديمة كليا وتتطلب الآلاف من الليرات.
مع وسائل التواصل الاجتماعي أصحاب الأعمال يمكن أن تتصل بعملائها وتصل لربحها مجانا. فهي تقدم فرصة مفتوحة لكل الكتاب ومستخدمي الإنترنت للاتصال بالنشطاء لتشاركهم خبراتك ومقالاتك. كما حذفت كل الحواجز بين الاتصال والتفاعل، والآن يمكن أن توصل إدراكك وأفكارك في مختلف المواضيع. وهناك أثر إيجابي آخر لمواقع التواصل الاجتماعي، هو وحدة الأشخاص وإنجاز بعض الأهداف المعينة، وهذه نقطة مهمة جدا لنقل التغيير الإيجابي للمجتمع.
150ألف ليرة شهريا راتب الأدمن
بعد سنوات من افتتاح مطعمه في دمشق قام بشار الأشقر بإنشاء صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" لتسويق على العروض التي يقدمها ، ليصل عدد معجبي الصفحة، بعد عام ونصف العام، إلى 100 ألف شخص تقريبا، وأدت زيادة الأرباح إلى التفكير بتسليم الصفحة لشخص مختص بالترويج والنشر ليشارك زبائنه في جميع المناسبات والعروض التي يقدمها مقابل 150 ألف ليرة سورية راتب شهري للموظف.
لا ينكر الأشقر أن الصفحة كان لها صدى، وخاصة بعد قيامه بخطوة ذكية برأيه وهي التقاط الصور لزواره في المطعم وتحميلها على صفحة المطعم كنوع من التسويق وخاصة في حال زيارة أحد الفنانين أو الإعلاميين أو الشخصيات المعروفة، الأمر الذي يزيد من أهمية الصفحة لزيادة عدد الزيارات والمشاركات والاعجابات.
منيرة الحايك تدير أحد أشهر الصفحات السورية للتسويق والإعلانات، في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، منذ عامين. وهي صفحة تتيح لأصحاب المحال والمصانع أو أصحاب المهن اليدوية نشر الدعاية لمنتجاتهم بشكل مجاني، مقابل الالتزام بشروط النشر في المجموعة.
وفتحت منيرة المجال أمام عدد كبير من السوريين للاستفادة من خدمات التسوق من المنزل سواء كان بائعا أو مشتريا مجانا، وخاصة أن عدد المشتركين في الصفحة فاق الـ 160 ألف شخصا.
وقالت "هدفي من تلك المجموعة مساعدة السوريين وخاصة النساء خلال الأزمة، فبعدما فقدت سورية عددا كبيرا من شبابها ورجالها أصبح الاعتماد على السيدات بشكل كبير لإعالة الأسرة، وهذا يكون من خلال مشاريع صغيرة يقمن بها، والأهم في تلك المشاريع تسويقها والإعلان عنها عبر الإنترنت، وأن يكون العمل بها لا يحتاج إلى الكثير من التنقل، فيمكن نشر البضاعة والترويج للمنتجات وكل منا في منزله".
وتشير منيرة إلى أنها كمديرة للصفحة غير مسؤولة عن التعامل مع الزبائن، فكل ناشر إعلان يرد على زبائنه، إلا في حال وجود إساءة يتم حذف العضو من المجموعة، والناشر الذي يسعى لنشر إعلانه على "غلاف المجموعة" يدفع اشتراكا رمزيا لا يتجاوز 10 آلاف ليرة سورية.
حل مشكلة كبيرة للنساء
كانت البداية لدخول منال محمود مجال التسويق منذ عامين بعدما قررت العمل، لأن زوجها لا يستطيع العمل نتيجة أصابته الحربية.
تقول منال في البداية قررت بيع بعض الأغراض التي لا احتاجها، ومن ثم أصبحت أتعرف على محلات تجارية لبيع مستحضرات التجميل والاكسسورات مقابل نسبة من المال، فكانت عمليات البيع حسب التوصية من معارفها وأصدقائها ومحيطهم.
وتضيف "بعدها بدأت التفكير بتوسيع عملي والتسويق لنفسي بشكل أكبر، فأنشأت صفحة على الفيسبوك للترويج للبضائع التي أشتريها، وعندما لمست زيادة الإقبال الذي تضاعف بشكل واضح، بدأت البحث عن المعامل لأحصل منها على البضائع بدل شرائها من المحلات التي تأخذ ربحا ولو قليلا، وبالمقابل أنا لا أزيد الربح حتى أحصل على أكبر عدد من الزبائن، خاصة أنه ليس لدي تكاليف كمحلات البيع الموجودة في السوق من ضرائب وفواتير وإيجار وغير ذلك، إضافة إلى سهولة البيع عن طريق الإنترنت وخاصة بوجود 9 آلاف معجب على الصفحة".
فالتسوق الإلكتروني يحل مشكلة كبيرة لدى النساء بالذات، فالكثير منهن عندما يذهبن إلى السوق، يشترين غير الذي أردنه أساسا، وذلك إن أعجبها شيء آخر، أو لم تجد القطعة المطلوبة، وتاليا تنفق المال وتبقى بحاجة القطعة الأولى، أما إلكترونياً فيخترن ويقررن ويشترين فورا.
ويقول فيصل أن تدهور ظروف الشباب الاقتصادية، دفعهم إلى ترويج منتجاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، موضحا أن تلك المواقع سهلة الاستخدام ورخيصة التكلفة وفرت لعديد الشباب مصدر دخل مباشر".
وأضاف "القرار لم يكن سهلا في البداية، ففكرة التوجه للعمل الحر بمقومات بسيطة، تحمل مخاطر كبيرة، وتحتاج إلى شخص يصبر على التعب والعمل المتواصل، لكني نجحت بعد مشوار طويل وأضحى اسم شركتي معروفا ونجحت في تكوين شبكة عملاء محلية ودولية".
ولفت إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي من خلال سرعة انتشارها وقوة تأثيرها أفسحت المجال أمام الشباب لتطوير وابتكار أفكار جديدة لكسب الرزق وخلق فرص عمل بديلة في ظل الأوضاع الاقتصادية المأساوية، مؤكدا أهمية استخدام منصات مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج للأفكار والسلع والمشاريع الصغيرة المتنوعة.
وأضاف "هناك نماذج وأمثلة كثيرة لشباب نجحوا في تسويق أنفسهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثم أًصبحوا يظهرون على شاشات الفضائيات، ومنهم من يكتب الآن في صحف دولية كبيرة".
الخروج عن المألوف
أما زياد الباشا الذي لم يجد فرصة عمل بعد تخرجه من الجامعة رفض الانضمام إلى طوابير العاطلين عن العمل، فافتتح شركة الكترونيات واتصالات خلوية، وحرص أن يخرج عن المألوف، فبدأ بالترويج لشركته الخاصة عبر حملات إعلانية مكثفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن نسبة 99% من نجاح أي مشروع أو فكرة مرتبطة بالاستغلال الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت الباشا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت في نقل فكرة مشروعه للمجتمع بشكل سلس ومبسط، من خلال التسويق المحكم والترويج المضبوط وفق قوانين ولوائح منظمة تساهم في إنجاح الفكرة أو المشروع، وفق ما خطط له من قبل.
وتابع الباشا أن مواقع التواصل الاجتماعي، لها دور مميز في تحقيق أرباح مادية تتوائم مع فكرته، وأسهمت بشكل ملحوظ في استكمال مسيرته العملية بشكل سليم، ناهيك عن الشهرة التي حصل عليها بين أوساط المجتمع المختلفة، لافتا إلى أن نجاح العمل في المنصات الاجتماعية، يكمن "بالقدرة على إقناع العملاء بالحصول على خدمة ما، وتوفير أفضل جودة بسعر مناسب في ظل المنافسة الشديدة".
وحول إيجابيات العمل في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، يقول الباشا إن منصات التواصل الاجتماعي، لا تميز بين فئات وطبقات المجتمع، فتتنوع أطياف العاملين فيها، فتجد من بينهم صاحب رأس المال المرتفع والمتدني، والمتسوق الغني، والمشتري صاحب الدخل البسيط"، مضيفا:"أنها لا تقيد المستخدمين بمكان وزمان معينين، وتفسح المجال لكل من أراد النهوض والارتقاء بذاته ومواجهة تحديات الحياة".
أمن الفيس بوك عملا لشريحة غير قليلة من العاطلين عن العمل أو من أصحاب الدخل المحدود، فالنسبة العالية جدا من العاملين في هذا النوع من التجارة هم من النساء من داخل وخارج سورية، كذلك وفر للباحثين عن الجودة لا عن التوفير سوقاً جيدة.