وانطلقت، في نهاية شهر أبريل/ نيسان الماضي، دعوات مواطنين مغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لمقاطعة منتجات شركات "أفريقيا" لتوزيع الغاز والوقود، وهي تابعة للملياردير عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري المقرب من القصر الملكي، وماء "سيدي علي" الشركة المصنعة والموزعة للمياه المعدنية التابعة لمريم بن صالح شقرون رئيسة جمعية المقاولات المغربية، وشركة "سنطرال دانون" لمنتجات الحليب.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي المغربي وأستاذ العلوم السياسية، الدكتور رشيد لزرق، إن حملات المقاطعة الأخيرة تعبر عن هيكلة جديدة للمشهد السياسي، بطي صفحة القيادات الشعبوية وتأهيل نخب قيادية جديدة ذات مصداقية لإعادة الاعتبار والثقة، ليس فقط للفعل السياسي بل للسياسات العمومية وتدخل الدولة وتدبير الشأن العام.
وأضاف، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك"، أن نجاح حملات المقاطعة للمنتجات الثلاثة يكشف التطور الذي قد يترتب على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في نشر دعوات المقاطعة في القضايا السياسية، وعلى رأسها مقاطعة الانتخابات.
وفسر لزرق بأنه "من الناحية العملية حتى الآن، فإن حملة المقاطعة تعرف نجاحا وسط المستهلكين المغاربة، ولكن من دون معرفة من يحركها". في الوقت الذي تتهم فيها الأطراف المتضررة من الحملة، جهات سياسية من داخل التحالف الحكومي.
وشدد على أن تعاطي رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، مع هذه المقاطعة بالسكوت، فسره البعض بكونه دعما ضمنيا للمقاطعة من أجل إضعاف شريكه الرئيس في التحالف الحكومي التجمع الوطني للأحرار.
وكشف الخبير عن مخاطر نجاح حملة المقاطعة الحالية على السياسة المغربية، في رفع سقف مطالب المواطنين المتفاعلين معها في اتجاه التصعيد عبر الدعوة إلى إقالة حكومة العثماني، العاجزة عن حل إشكالية الأسعار.
وأوضح أنه "على المستوى الحكومي، نجاح المقاطعة يمكن أن يعمق التناقض بين الخصوم وهو ما يترتب عليه سقوط الحكومة من تلقاء ذاتها"، مفسرا بأن "خروج حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يمكن أن تتضامن معه أحزاب أخرى من داخل الأغلبية الحكومية، بفعل الضربات تحت الحزام الموجه من جناح بنكيران، والتي تعد ضربا لميثاق الأغلبية الحكومية"، خصوصا "بعد تلميح وزير الاقتصاد والمالية، بكون الحملة مدبرة من قبل شبيبة حزب العدالة والتنمية المقربة من الأمين العام السابق عبد الإله بنكيران، من شأنه أن يفجر الحكومة من الداخل" بحسب لزرق.
وحدد أستاذ العلوم السياسية المغربي أسباب نجاح حملات المقاطعة الأخيرة، في موجة غلاء الأسعار غير المسبوقة في تاريخ المغرب، وعدم قدرة حكومة العثماني على احتواء غضب المواطنين، فضلا عن عدم قدرته أيضا على احتواء الضربات و تحمل المسؤولية السياسية بفعل التطاحن الداخلي الذي يعرفه حزب العدالة والتنمية.
"وكذلك ضربات جناح بنكيران المتكررة للحلفاء الحكوميين"، لافتا إلى أن تلك الخلافات نتج عنها حالة من عدم الثقة، وأضرت بالتضامن الحكومي عبر اشتداد الصراع". وتوقع لزرق "انتشار حملات المقاطعة كرد فعل على فشل الحكومة في احتوائها في الأيام المقبلة، خصوصا مع وجود اتجاه عالمي لصعود أسعار البترول، ما قد يساهم في تأجيج الغضب الشعبي والإصرار على دعوات إقالة الحكومة".