موسكو — سبوتنيك. ومع زيادة عدد المنشآت الصناعية من عام لعام تزداد كمية النفايات، وهذا يؤدي إلى مزيد من التلوث وانتشار القمامة في الطبيعة. على خلفية هذه الصورة تتعرض الطبيعة بشكل متزايد لعملية تدمير ممنهجة لا رجعة فيها.
ولتجنب تراكم النفايات يجري العمل على معالجتها وإعادة تدويرها كمواد خام ثانوية في العمليات الصناعية، حيث يساهم العلماء الروس في هذه العملية مساهمة كبيرة. ويتم على أساس الجامعات المشاركة في مشروع 5-100، تصميم أبحاث تكنولوجية علمية متطورة فريدة من نوعها، والتي يمكن أن تساعد في توفير استهلاك الموارد إن كان ذلك في الحياة اليومية أو في مجال الطاقة النووية.
طرق من النفايات
قام فريق من العلماء في مركز كفاءة الطاقة التابع للجامعة الوطنية للأبحاث التكنولوجية "ميسيس" بتصميم تقنية للحصول على طيف واسع من أنواع التربة المعدلة على أساس النفايات الصناعية.
وبحسب رأي الخبراء فإن استخدام هذه الأنواع من التربة المعدلة يقلل كثيرا من تكلفة بناء الطرق من خلال تحسين الخصائص الفيزيائية للتربة في موقع العمل.
وكما أشار مدير مشروع تطوير التعاون مع الشركات في جامعة "ميسيس"، ستانيسلاف مامولات، فإن مؤسسات الطاقة والتعدين والصناعات الكيميائية تنتج سنويا مئات الملايين من الأطنان من النفايات. وأكد بهذا الشأن قائلا: "إذا ما استخدمنا هذه النفايات لتقوية التربة، فإنه يمكن ليس فقط أن نقلل من تكلفة بناء الطرق بين المدن وداخلها وإنما العمل أيضا على حل المشاكل البيئية في المناطق والأقاليم".
حديد الصب من الخبث
فريق علمي من الجامعة الوطنية للأبحاث التكنولوجية "ميسيس" برئاسة غينادي بودغوروديتسكي مدير المركز التعليمي العلمي "تقنيات التعدين الابتكارية" بالتعاون مع الشريك الصناعي للجامعة، قام بتشييد وإطلاق مفاعل فقاعي تجريبي (استنادا على مبدأ التنظيف بالغاز) من أجل إنتاج حديد الصب الفعال والبيئي وكذلك المعادن غير الحديدية المركزة من الخبث. وبحسب تقييم الخبراء فإن معالجة النفايات بشكل ناجح يعني خلق إنتاج للحديد والمعادن غير الحديدية خالي من النفايات وكذلك خلق عامل بيئي إيجابي كبير.
لقد تراكمت مئات الملايين من الأطنان من النفايات على شكل خبث وغبار ورماد وغيرها في صناعة التعدين للمعادن الحديدية وغير الحديدية وفي صناعة الكيماويات. هذه النفايات تحتوي على كمية كبيرة من المعادن، التي لا يتم استخراجها في الوقت الحالي بسبب عدم وجود تقنيات صناعية فعالة لفصل المكونات المفيدة.
وبحسب قوله فإن الميزة الأهم من التكنولوجيا المبتكرة والتي يجري تطوريها هو الاستهلاك المنخفض للطاقة (بنسبة 20-30 بالمئة من النظائر المماثلة العالمية). في الوقت نفسه، وكما يؤكد العلماء، فإن كمية الانبعاثات في مثل هذه العمليات التكنولوجية أقل بكثير من نظائرها في العالم. وتنطوي هذه التقنيات على حقيقة العمل على عدم تشكل مواد خطيرة تسمم البيئة.
علف للحيوانات من المنيهوت الاستوائية
في إطار المشروع 5-100، فإن أحد الاتجاهات الرئيسية الممثلة في تمويل الدراسات بالتعاون مع مؤسسات الأبحاث الدولية، قام مركز الأمن الغذائي في جامعة نوفوسيبيرسك الحكومية بالتعاون مع زملائهم من مركز التكنولوجيا المتقدمة الخاص بإزالة النفايات وإدارة الجامعة التكنولوجية للملك راما الرابع في تايلاند، بتقييم أكثر الاتجاهات الواعدة لاستخدام وإعادة تدوير النفايات من خام الكسافا.
الكسافا (المنيهوت الصالح للأكل) هو نبات جذري استوائي هام. وتايلاند هي أكبر مصدر للنشا الطبيعي عالي الجودة من مادة الكسافا (حصة السوق في العالم تبلغ 70 بالمئة). وبالتالي فإن النمو السريع للإنتاج الصناعي لمادة نشا الكسافا تساعد على زيادة الإيرادات من مبيعاتها، ولكن تؤدي إلى زيادة كمية النفايات وزيادة المخاطر البيئية في المناخ الحار والرطب لهذه البلاد.
قام علماء من جامعة نوفوسيبيرسك الحكومية جنبا إلى جنب مع زملائهم التايلانديين بجمع وتحليل بيانات الاستطلاع التي أجريت في أكثر من 70 مصنعا في تايلاند متخصصا بإنتاج نشا الكسافا المخصص للتصدير.
وفي هذا الإطار عرض العلماء نتائج التقييم الاقتصادي والبيئي لبدائل استخدام النفايات الصلبة من إنتاج مادة النشا الطبيعي للكسافا. وعلى وجه الخصوص تعتبر نتائج المقارنة بين اثنين من احتمالات الحصول على القيمة المضافة من النفايات هي إنتاج الأعلاف الحيوانية والحصول على ركائز نباتية من أجل زراعة الفطر.
وكما أشارت يوليا أوتماخوفا رئيسة مركز دراسات الأمن الغذائي في كلية البيئة لدى جامعة نوفوسيبيرسك الحكومية، فإن كلا النوعين من المنتجات مطلوبة حاليا في السوق التايلاندية. وأضحت بهذا الشأن قائلة: "هناك 3 ملايين أسرة في البلاد تعمل على إنتاج المنتوجات الحيوانية، في حين أن الأعلاف الغنية بالبروتين تزيد من القيمة الغذائية للحيوانات وتقلل من تكلفة العلف".
بالإضافة إلى ذلك قدمت معلومات تفيد بأن إنتاج الفطر في تايلاند بلغ في عام 2015 حوالي 19 مليون طن بقيمة اقتصادية قدرها 20.5 مليون دولار أمريكي.
الفطر من تفل القهوة
بدأ باحثون من جامعة آي تي إم أو — جامعة سانت بطرسبرغ الوطنية للأبحاث لتكنولوجيا المعلومات والميكانيكا والبصريات — بإطلاق مشروع جديد coffee cycle وهو زراعة الفطر على أساس تفل القهوة. وبحسب تقييم الخبراء فإن هذه الزراعة تعتبر مثالا على التنفيذ الإنتاجي لاتجاهات إعادة التدوير للاستخدام المنزلي.
وتعتقد ألينا أن المشروع له مستقبل واعد لأنه يتيح لربات المنزل زراعة هذه المنتجات على حافة النافذة، إذ يقترح مصممو coffee cycle — المشروع التجاري، الذي تمخض عن البرنامج المتنامي بسرعة Future Technologies ITMO — أن يتم إنبات الفطر في غضون عشرة أيام فقط. ويعتزم الخبراء أيضا أن يشمل المشروع البيئة التعليمية إن كان ذلك في المدارس أو في رياض الأطفال.
وقود من النفايات المشعة
قام المتخصصون من الجامعة الوطنية للأبحاث النووية "ميفي" بالتعاون مع زملائهم من المركز الوطني للأبحاث معهد "كورتشاتوف" بتصميم مجموعة من البرامج، التي تساعد على نمذجة عمليات تفاعل مع الوقود النووي في إطار المشروع النووي الروسي "بروريف" ويعني "الاختراق".
ويهدف هذا المشروع إلى معالجة تكنولوجيا إغلاق دورة الوقود النووية على أساس المفاعلات التي تعمل على النيترونات السريعة التي من شأنها أن تسمح بمعالجة مشكلة التخلص من النفايات المشعة التي تشكل خطراً كبيرا على الإنسان.
وتتمتع المفاعلات السريعة بميزة كبيرة، والتي ينتظرها الجميع من التفاعلات الحرارية النووية: حيث أن الوقود يكفي للبشرية على مدى آلاف وعشرات الآلاف من السنين، وخاصة أنه تم الحصول عليها وهي موجودة حاليا في المستودعات والأماكن الخاصة. وما يميز هذا النوع من المفاعلات بشكل رئيسي هو إمكانية استخدام اليورانيوم-238 والثوريوم-238 في دورة الوقود.
وبحسب رأي الخبراء فإن هذا سيعمل على توسيع قاعدة الوقود للطاقة النووية. بالإضافة إلى ذلك تسمح المفاعلات السريعة بالتخلص الآمن نسبيا من النظائر الأكثر نشاطا في الوقود النووي المستهلك، مما يؤدي إلى الحد من مدة الخطر البيولوجي بشكل رئيسي.
وكما يلاحظ العلماء فإن المفاعلات السريعة مقارنة بالمفاعلات التي تعمل على النيترونات الحرارية تعطي كمية أكثر بنسبة 20 بالمئة من النيترونات أثناء الانشطار الواحد، وهي تكفي لسلسلة من التفاعلات ومن أجل إنتاج وقود جديد.
بضاعة من القمامة
إن مشكلة إعادة تدوير النفايات والإنجازات العلمية للجامعات الروسية، التي تشكل جزءا من مشروع 5-100، تكتسب أهمية خاصة على خلفية التغيرات التشريعية التي تشهدها روسيا الاتحادية.
ونحن هنا نذكر أنه منذ الأول من شهر كانون الثاني/ يناير 2018 تم صك قانون يحظر دفن النفايات، التي تحتوي على مكونات مفيدة. والحديث يدور قبل كل شيء حول المعادن الحديدية وغير الحديدية والمنتجات التي تحتوي على الزئبق وكذلك نفايات الورق والإطارات، وفي حلول عام 2024 ستشمل أيضا النفايات التي لم يتم فرزها.
في العديد من بلدان العالم أصبح فرز النفايات الصلبة، التي تحول القمامة إلى مواد خام، ممارسة شائعة تضمن عمل دائم لكثير من الشركات والمؤسسات. على سبيل المثال تصل مئات الأطنان من القمامة الأمريكية يوميا إلى ميناء مدينة شين تشين الصينية، ومن ثم يتم تحويل النفايات المعاد تدويرها إلى منتجات يحتاجها سكان الصين وغيرها من البلدان.