وفي ظل هذه الظروف يكون من الصعب تطوير بعض القطاعات التي تحتاج إلى رأس مال كبير، وإحدى هذه القطاعات هو التعدين. وهنا يحدثنا ميخائيل فيلونوف نائب رئيس جامعة الأبحاث التكنولوجية الوطنية للشؤون العلمية والابتكارات حول كيفية تغلب الجامعة الرائدة على مقاومة الوسط المحيط والبحث عن إمكانيات من أجل بناء مختبرات جديدة واستقطاب نخبة عالمية من العلماء وتنفيذ المشاريع الابتكارية الفريدة ضمن قطاعات تحتاج لرأس المال الكبير.
دكتور ميخائيل، العلماء في جامعة الأبحاث التكنولوجية الوطنية يعملون الآن في مختلف مجالات تطوير الابتكارات. لكن بقي هناك من عهد الاتحاد السوفيتي مجال هام لجامعتكم وهو مجال التعدين، وهو بحاجة ماسة للتحديث. هل من الممكن إحداث تطوير في هذا المجال؟
هناك مشروع آخر تم تنفيذه عملياً وتم تسويقه بشكل ناجح مع الجامعة، حيث قام الباحثون بتصميم بدلة تقنية لخدمة رجال الإطفاء والعاملين في وزارة الطوارئ، والقادرة على تحمل درجات حرارة تصل إلى 800 درجة مئوية، علماً أن ألياف البدلة المقاومة للحرارة يمكن أن تتحمل درجات حرارة اللهب المباشر التي تصل درجة حرارتها إلى 1200 درجة مئوية، وتتحمل تأثير المجالات المغناطيسية الكبيرة والمركبات الكيميائية.
هل تمكنتم من استقطاب المستثمرين من القطاع الخاص في مثل هذه المشاريع الطويلة الأمد؟
نحن يمكننا أن نفخر بتطوير مشروع فريد من نوعه وهو أول نموذج اختباري لفرن فانيوكوف. (الشكل 1)
هذا فرن ذاتي الانصهار لمعالجة المعادن غير الحديدية. عملية الانصهار تحدث في حوض خبث مائي داخل الفرن، حيث يتم ضخ مزيج من الأوكسجين والهواء بشكل مكثف. هناك فرن مثيل في المعادن الحديدية وهو فرن روميلت، الذي يعتبر أحد تصاميم الباحثين في جامعة الأبحاث التكنولوجية الوطنية. يشار إلى أنه تم بناء فرن روميلت من أجل معالجة المعادن الحديدية في ثمانينات القرن الماضي في مدينة ليبيتسك. (الشكل 2)
هذا المشروع الطموح في قطاع التعدين قمنا بتصميمه من خلال جذب استثمارات القطاع الخاص. الفرن الجديد، الذي تم تصميمه الآن، هو تطوير لتقنية روميلت. وهذا الفرن ليس بقسم واحد وإنما بقسمين ويجمع بين الصهر التأكسدي والحد من الصهر، وهو يعمل على مبدأ الفقاعات. وهاتان العمليتان تم دمجهما في دورة واحدة. لقد تم استثمار ما يتراوح بين 200-250 مليون روبل من أجل صناعة هذا الفرن الصغير نسبياً الذي يصل ارتفاعه حوالي المترين. وإذا ما تم تصميمه من الصفر، بشكل منفصل عن مصنع التعدين، فإنه يحتاج إلى مليار روبل. (الشكل 3)
الغرض من الفرن والميزة التنافسية هو معالجة الخبث والنفايات السامة من المنتجات الكيميائية والمعدنية. وهنا يمكن استخدام أنواع متدنية من الفحم. بالطبع في هذه الحالة فإن عامل الكفاءة سيكون أقل من فرن الصهر ولكن خبث ونفايات فرن الصهر لا يمكن معالجتها. والآن عندما يتوفر النموذج الوحيد والفريد من نوعه في العالم يمكن بناء وحدة كبيرة وممارسة أعمال معالجة النفايات. وهذا ابتكار خارق وذلك لأن جميع مصانع التعدين تشعر باختناق حقيقي لأنه ليس لديها مكان لتخزين النفايات.
هل صحيح أنكم تستقطبون للعمل في جامعة الأبحاث التكنولوجية الوطنية ليس فقط العلماء الروس وإنما كبار الباحثين الأجانب؟
يعمل لدينا خريجو الجامعة المصنفين عالمياً من حيث الاقتباس، وكذلك كبار العلماء المعاصرين الذي يعملون بشكل مستقل. فعلى سبيل المثال شغل أكهيسا إينو رئيس جامعة جوساي اليابانية في الآونة الأخيرة أحد مختبرات جامعة الأبحاث التكنولوجية الوطنية. وهذا العالم كان أول من اكتشف المواد على أساس البلورات المعدنية المحجمة. ولدى هذا الباحث مؤشر "هيرش" (يتم حساب هذا المؤشر على أساس مستوى نشر الاستشهادات من أعمال الباحث) وهو يساوي 116 وهذا مستوى عال جداً لأي بلد في العالم. (صورة إينو)
نعم، نحن نعلم بأن أعلى مؤشر "هيرش" بين الباحثين الروس للعالم الفيزيائي رسلان فالييف (هيرش- 86) والذي يتعاون معكم أيضاً. كيف تمكنتم من خلق الظروف المثيرة للاهتمام لاستقطاب مثل هؤلاء الباحثين؟
قمنا بتصميم بنية تحتية حديثة، وتمكنا من خلق بيئة مريحة بالنسبة لهم: المكان مركز موسكو، حرم جامعي جيد، توفير المعدات والأجهزة، التي اعتادوا أن يعملوا عليها في جامعاتهم وكذلك بيئة ناطقة باللغة الإنكليزية. فعل سبيل المثال يعمل أكيهيسا إينو مع البلورات المعدنية ومع المواد المغناطيسية اللينة (القادرة على إعادة المغنطة دون تكاليف إضافية في الطاقة) وذلك من أجل الحد بشكل كبير من استهلاك الطاقة الكهربائية. نحن قمنا بتهيئة الظروف بحيث يكون قادراً على العمل لأكثر من 4 أشهر في السنة.
كيف تمكنتم من توفير الأجور التنافسية؟
بفضل البرنامج الفيدرالي الطموح 5-100، وهنا يجب القول بأن هذا البرنامج فتح لنا الطريق نحو المستقبل. يمكن توضيح ذلك على النحو التالي الأموال المخصصة ليست للاستهلاك وإنما للتنمية والتطوير. وبالمقارنة مع أي برنامج فيدرالي آخر فإن برنامج 5-
هل هناك تطور للتكنولوجيا الرقمية في جامعة الأبحاث التكنولوجية الوطنية؟
نحن نريد أن نكون مركزاً للكفاءة للشركات الحكومية ومؤسسات الدولة في إطار إدخال تقنيات متطورة في مجال إدارة الدولة. هذا هو مشروع جامعي جديد بالتعاون مع البنك الاقتصادي الخارجي. مركزنا الجديد وحد بين كبار الخبراء العالميين والممارسين الروس لتنفيذ مشاريع رائدة تستند إلى تكنولوجيات متطورة في مختلف مجالات إدارة الدولة: بدءاً من تسجيل المعاملات العقارية ووصولاً إلى مراقبة مراحل توريد الأدوية. وقد أصبح أول الشركاء للمركز هي الشركات الدولية مثل Ethereum, Bitfury, Waves, E&Y, PwC. حالياً يتم تطوير عدد من المشاريع الجديدة التي ربما ستوفر مستقبلاً آمناً ومستقلاً لروسيا في مجال التكنولوجيات الرقمية.