وأصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية المغربي، مساء الأربعاء 6 يونيو/ حزيران الجاري، بيانا أعلنت فيه تقدم وزير الحكامة حسن الداودي بطلب إعفائه من الوزارة بعد الجدل الذي خلقته مشاركته في وقفة احتجاجية أمام مقر البرلمان بالرباط مع عمال شركة "سنطرال دانون للحليب"، احتجاجا على استمرار حملات مقاطعة منتجاتها، ثم أصدرت أمانة الحزب نفسه، بيانا أخر أكدت فيه أنها لم تتلق أي طلب إعفاء من المهمة الوزارية من الداودي، ما آثار جدلا حول ما إذا كان قرار إعفاء وزير من طرف الأمانة العامة لحزب الحكومة، يعد تطاولا على اختصاصات الملك الدستورية من عدمه.
من جانبه قال الصحفي المغربي، عماد استيتو، اليوم السبت 9 يونيو/حزيران، إن الداودي لم يتقدم باستقالته لحزب العدالة والتنمية الحاصل على أغلبية مقاعد البرلمان، والذي يشغل أمينه العام سعد الدين العثماني رئاسة الحكومة، مضيفا لـ"سبوتنيك" أن الداودي أبلغ حزب العدالة والتنمية في رغبته في الاستقالة من الحكومة، ومن ثم فلم يخالف الحزب الدستور ولم يتخطى صلاحيات الملك الدستورية في تعيين الوزراء أو إقالتهم.
وينص الدستور المغربي الصادر عام 2011، في فصله رقم 47، على أن "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها. للملك، بمبادرة منه، بعد استشارة رئيس الحكومة".
وللملك أن يعفي عضوا أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم. ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية".
وأشار الصحفي المغربي إلى أنه من حق الوزير أن يطلب إعفاءه من منصبه لرئيس الحكومة، ومن حق رئيس الحكومة أن يقدمه بدوره إلى الملك ليبت فيه، مضيفا أن ادعاء مخالفة حزب العدالة والتنمية للدستور ولصلاحيات الملك مردها التأويلات التي خرج بها بعض خصوم الإسلاميين، بعد بيان الحزب والذي فهم منه أن الداودي قدم استقالته للأمانة العامة للحزب (المكتب السياسي) ونوقشت خلاله، والواقع بحسب استيتو أن الداودي لم يحضر اجتماع الحزب من الأساس.
ولفت الصحفي المغربي إلى أنه حتى لو نوقشت إمكانية استقالة وزير في المكتب السياسي لحزبه، ليس في ذلك أي إشكال لأنه ليس في نقاشها أي خرق دستوري على الإطلاق.
وشدد استيتو على أن الدستور المغربي لم يغل يد الأحزاب عن المناقشة والتفاعل.
وعلى الجانب الآخر، كشف المحلل السياسي المغربي، والمتخصص في شؤون الأحزاب السياسية، رشيد لزرق أن التعاطي مع مسألة استقالة الوزير الداودي، يتطلب التفرقة بين الإعفاء السياسي و الإعفاء القانوني، موضحا لـ"سبوتنيك" أن الحزب يملك الإعفاء السياسي للوزير، على اعتبار أن الحزب هومن اختار الوزير، قبل اقتراحه من قبل رئيس الحكومة و تعيينه وزيرا من قبل الملك.
ولفت لزرق إلى أن هذا الطرح يتفق مع قيم دستور 2011 الذي جعل الخيار الديمقراطي ثابت من ثوابت المملكة المغربية، مضيفا أن التأويل الإجرائي للنص، وتفسيره حرفيا بمعزل عن مبادئ الدستور، وكون الأدوات الحزبية هي العمود الفقري للديمقراطية، يظهر قصور في فهم النصوص الدستورية، الذي يستوجب نظرة شمولية، بعيدة عن قراءة الحرفية للنصوص.
وفسر أستاذ العلوم السياسية بأن بعض الباحثين اعتبروا أن الحزب ارتكب خطأ في علاقته بالدستور والمؤسسات الدستورية، بإعلان إعفاء وزير معين من طرف الملك، و الحال أن هذا الإعلان سياسي، على اعتبار أن الوزير اقترح من قبل الأمانة العامة للحزب قبل اقتراحه من طرف رئيس الحكومة على الملك الذي تولى تعيينه.
وشدد لزرق على أن الحكومة المغربية هي حكومة ائتلافية ممثلة لكل الشعب، من المفترض أنها تعمل على مراعاة كل الموازنات بين مصالح الشعب ومؤسسات الدولة، ومن الطبيعي أن أمر إقالة وزير يناقش في الحزب كقناة أولى، قبل نقله إلى التحالف الحكومي، وبعده إلى الملك.