لاشك أن مسار "حزب الله" الناجح من تاريخ إنشائه إلى اليوم هو مثبت بالأرقام والبراهين ولا خلاف على ذلك حتى من ألد الخصومه الذين يعترفون أن "حزب الله" أصبح أكبر من بلده لبنان، أي بحجم المنطقة التي نشأ فيها وبالتالي يعتبر البعض أنه بات عبئا يجب التخلص منه لنجاحته من جهة، عدا عن أولئك المتربصين الحالمين بدور لهم من خلال إزاحته.
حزب الله… خطوة إلى الأمام
بعد مرور سنوات عدة على الحرب في سوريا استطاع "حزب الله" تثبيت قدميه في المنطقة وبات معادلة أصعب في المنطقة، وباعتراف الخبراء والمحللين العسكريين الغربيين أن الحزب حقق مكاسب كثيرة من خلال تدخله في سوريا، أبرزها تعزيز ترسانته ومعداته العسكرية و توسيع نفوذه الإقليمي في المنطقة وتدريب وتحسين خبرة مقاتليه العسكرية.
من حيث الترسانة العسكرية، تمكنت إيران من الإستفادة من الحرب الدائرة في سوريا وزادت من مخزون أسلحة الحزب بشكل كبير، والتي باتت تشمل اليوم صواريخ موجّهة دقيقة، وطائرات مسيرة، وصواريخ بالستية قصيرة المدى وصواريخ مضادة للدبابات. من حيث الأعداد، يملك الحزب الآن ما يقارب الـ130 ألف صاروخ، مقارنة مع 15000 كان يملكها خلال حرب عام 2006.
أما بالنسبة إلى الأفراد، فقد عمل الحزب على زيادة العناصر والمقاتلين بشكل كبير، موسعا ذلك من خلال التخفيف من المتطلبات الإيديولوجية والعمرية، ما أعطاه "جيشًا" يضم ألاف من المقاتلين.
وأخيرا عن النفوذ الإقليمي تمكن الحزب من تعزيز نفوذه في المنطقة، حيث أصبح له وجود وتأثير في العراق واليمن وبالطبع في سوريا. هذا عدا بناءه علاقات مباشرة مع روسيا في السنوات الأخيرة على المستوى العملي والسياسي، بالإضافة إلى التنسيق العسكري بين الجيش الروسي والحزب في سوريا.
حزب الله… خطوتين إلى الوراء
بعد كل هذه النجاحات للحزب، يقف العالم اليوم كله وينظر ويفكر بكيفة ايقاف الحزب وتأثيره والتحجيم من قوته، أخرها العقوبات الأمريكية على المصارف والشخصيات اللبنانية المقربة من الحزب، والتي بالفعل يمكن القول أنها تلعب دورا لكنه ليس بالفعال على الحزب، حيث أفادت معلومات عدة عن قيام الحزب باتخاذ إجراءات وقائية وتقشفية، لتخفيف أكبر قدر ممكن من نفقاته.
إنها مرحلة صعبة، لا بد من المرور فيها. يجزم حزب الله، بأنه سيخرج منها بأقل الخسائر وأضعف الآثار، وهو يوقن أنها ستكون مؤقتة وإن كانت موجعة بالنسبة إليه، وفي نهاية المطاف هناك أمر واقع في المنطقة، لا يمكن لأحد أن يقفز فوقه. هذا عدا عن العقوبات المفروضة على إيران التي لها تأثير مباشر عليه.
أما الخطوة الأخيرة، فهو التعنت الداخلي بتشكيل الحكومة من خلال فرض أمر واقع في ظروف صعبة للبنان وشعبه، مع التأكيد أن الحزب كان دائما حريص على لبنان ولتأكيد ذلك ليطلق العنان بالتألف ويضع الوزير "الملك" لأحد المذاهب جانبا فهو أكبر من ذلك.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)