روسيا وإسرائيل أشقاء بالإكراه
ما يجمع روسيا وإسرائيل هو تاريخي بحت، أولا من خلال الرابط الديموغرافي الذي جعل من تل أبيب أقرب لموسكو من خلال تواجد ملايين اليهود الروس في إسرائيل، وبحسب الدراسات يشكل هؤلاء حوالي 13% من سكان إسرائيل حاليا، هذا عدا عن أن هذه النسبة بمجملها تتكون من رجال أعمال متمولين وسياسيين وأصحاب قرار في الدولة الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، يتكون المجتمع الروسي من نسبة غير قليلة من اليهود الروس الذين يتولون مناصب رفيعة وحساسة في الدولة، كما للمجتمع اليهودي حصة كبيرة في الاقتصاد الروسي من خلال رجال الأعمال والشركات والتدفقات المالية بين البلدين.
لكن ما يجمع روسيا وإسرائيل يفرقهم كذلك بالمنظور السياسي والإستراتيجي والعسكري، روسيا تعلم جيدا أن إسرائيل هي بمثابة قاعدة أميركية متقدمة في منطقة الشرق الأوسط، هذا العامل يؤشر إلى أن العلاقات بين البلدين مرهونة بالعلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، فالتوتر السائد بين موسكو وواشنطن يؤثر مباشرة على العلاقة بين موسكو وتل أبيب.
ومن بين هذه المسائل الحساسة هي وظيفة إسرائيل بطلب أمريكي مستمر بجعل الشرق الأوسط منطقة أمريكية بأدوات إسرائيلية من خلال لعب دور المتصدي لأي دور أو نفوذ روسي في المنطقة والعمل على اضعافه وايقافه بكل السبل المتاحة وضرب مصالح الروس. ومن أهم نشاطات روسيا في المنطقة هي مكافحة الإرهاب في سوريا ومساعدة الحكومة السورية على إعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية والتوصل إلى السلام ووقف الحرب.
كما تحاول روسيا ايجاد حل مناسب للصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال جهودها معتمدة على علاقاتها الجيدة بالطرف الإسرائيلي والفلسطيني.
لكن مع عودة روسيا من بوابة سوريا، لم تقتنع إسرائيل بأن روسيا تغيرت وأصبحت أكثر برغماتية وتحاول لعب دور في المنطقة أكثر ايجابية من الغرب والولايات المتحدة التي حولت الدول العربية إلى براكين مشتعلة وشعوب متناحرة فيما بينها أصبحت تصدر الإرهاب والتخلف والطائفية.
روسيا وسوريا وحلفاؤها
التواجد الروسي أنقذ سوريا والمنطقة بأسرها من مشروع كانت الولايات المتحدة والغرب قد حلمت به وعملت من أجله ودفعت المليارات لنجاحه، وبالطبع إسرائيل التي كانت تنتظر ذلك لضمان أمنها المستقبلي.
لكن الدور الروسي أفشل ذلك، فإلى جانب سوريا تتطلع اليوم روسيا إلى علاقات متينة مع إيران هي الأفضل بين البلدين منذ النشوء، كما لروسيا علاقة خاصة وإن كانت غير واضحة المعالم مع "حزب الله" اللبناني وتطورت مع مشاركة كلا الطرفين في الحرب السورية والتنسيق على أعلى المستويات لكن بأطر ضيقة وغير معلنة.
ولا ننسى الدور الروسي في حرب تموز 2006 حيث ساهمت صواريخ "كورنيت" الروسية بأيدي "حزب الله" بتدمير سمعة الدبابات "الفخر الإسرائيلي" ميركافا، وكان لذلك وقع كبير أنتج علاقة فريدة بينهما، نجح خلالها الروسي بعرض سلاحه وتجربته في أيادي المقاومين في لبنان الذين أذلوا إسرائيل وجيشها الذي لا يقهر
والآن روسيا تسلم سوريا منظومة "إس 300" الدفاعية فهل ستكون تجربة جديدة للأسلحة الروسية أمام إسرائيل… سنرى
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)