هكذا تواجه مصر وتونس والمغرب الطلاق

قبل أن تنتهي من قراءة هذا التقرير، ستكون 10 أسر على الأقل في 4 دول عربية قد تفككت، بفضل الطلاق، وهو الأمر الذي بات ظاهرة تهدد استقرار كثير من الدول وخاصة العربية.
Sputnik

في مصر تدخل رئيس الجمهورية وأمر بسن تشريع يجرم الطلاق الشفوي، بينما طالب مثيله التونسي بحزمة تشريعات تعطي المرأة الحق في الزواج من أجنبي أيا كانت ديانته، وتمكنها من تطليق نفسها، في المقابل مازالت دول مثل المغرب والجزائر ترصد مخاطر الظاهرة وتفكر في مواجهتها.

مصر

تتصدر مصر قائمة الدول الأعلى في معدلات الطلاق سنويا، فيسجل الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بها، حالة طلاق واحدة كل 4 دقائق.

النائبة رشا رمضان، وكيل لجنة التضامن بمجلس النواب المصري، من جانبها قال إن الحكومة المصرية بصدد الانتهاء من وضع برنامج لمواجهة أزمة ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع، موضحة لـ"سبوتنيك" أن أسباب ازدياد الطلاق في الآونة الأخيرة كثيرة، ولكنها لا تخص مصر وحدها، لافتة إلى أن وزارة التضامن ولجنة التضامن في البرلمان استعرضا خلال الأيام الماضية تجارب الدول التي واجهت أزمة الطلاق، وتم تحديد 3 دول؛ هي ماليزيا والإمارات و عمان ، للاستفادة على تجربتهم في تقليل نسب الطلاق، لافتة إلى أن دولة ماليزيا انخفضت فيها  نسب الطلاق من 35% لـ 10%، بسبب الاعتماد على تعديلات تشريعية، أحدها يسمح بوقوع الطلاق أمام القاضي، وعدم اعتباره نافذا إلا بعد ٦ أشهر  ومسلك آخر هو برامج توعية الشباب، مضيفة أن أجهزة الدولة مثل الأزهر والكنيسة والمجلس القومي للمرأة والجامعات بدأت تنفذ برامج توعية بمخاطر الطلاق.

 وشهدت مصر حالة من الجدل في يناير/ كانون الثاني 2017، عندما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بإصدار قانون ينظم حالات الطلاق الشفوي في مصر، لكبح ظاهرة ارتفاع معدلاته مؤخراً، مقترحًا سن تشريع يحظر على الرجال طلاق زوجاتهم شفهيا، بعدما سجلت نسب الطلاق في مصر 44% من حالات الزواج "ما يعني أن كل 100 حالة زواج يحدث فيها تقريبًا 50% طلاق" حسب قوله.

حيث أعلن نواب بالبرلمان  تجهيز مقترحات لتنظيم "الطلاق الشفوي"، بينما رفض شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء في مصر (أعلى هيئة دينية بالأزهر)، المقترح واعتبروه مخالفا للشريعة الإسلامية، مبررين بأن ارتفاع حالات الطلاق يتعلق بالظروف الاقتصادية وليس بأحكام الطلاق الشرعية، قائلين "ليس الناس الآن في حاجة إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم في حاجة للبحث عن وسائل تُيسر سبل العيش الكريم"، في حين دافع الرئيس المصري عن مقترحه بأن "هناك 9 مليون طفل دون أب وأم بشكل مباشر بعد الطلاق الرسمي، فيما يوجد 15 مليون طفل بدون أب وأم بشكل غير مباشر، عن طريق انفصال خفي دون طلاق".

وتابع: "أنا مش زعلان، لكن محدش قال إن التشريع على الأقل ضروري مع التطور اللي حصل في المجتمع على مدار ما يزيد عن 1000 عام، ميحقش ليا إن أحمي المجتمع، وهل ده مجتمع في استواء ولا إحنا رايحين للعدمية".

"تقليل معدلات الطلاق أصبحت هدف وطني" تقول وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المصري سولاف درويش، مضيفة لـ"سبوتنيك" أن مصر تتبنى خطة استراتيجية في الوقت الحالي لتقليل معدلات الطلاق، لافتة إلى أنها سبق وتقدمت بمقترح للبرلمان بإنشاء لجنة حكماء ومشورة قبل الزواج، بهدف إيجاد مجموعة من علماء الدين وفقهاء الراي وأيضا الأخصائيين الاجتماعيين وعلماء النفس، لتوعية المقبلين على الزواج بأهمية الزواج، والزواج في الأديان، والمعاملة الحسنة كيف تكون للمرأة وأيضا للرجل، وإجراء بعض الاختبارات النفسية كي يكتشف كلا من الزوجين مدى صلاحيتهم لإتمام هذا الزواج.

 

موضحة أنها ترى أن إنشاء مثل تلك اللجنة سيقضي بنسبة كبيرة على حالات الطلاق التي تتم بعد الزواج بفترات قصيرة، وتقضي على ظاهرة فشل الزواج المبكر بين صغار السن من الأزواج.

 

وبحسب آخر تقرير أصدره جهاز التعبئة والإحصاء، في شهر أغسطس/آب الماضي، ارتفعت حالات الطلاق في مصر إلى 18.6، في مقابل 18.1 ألف حالة خلال الشهر نفسه من العام الماضي2017، إضافة إلى أكثر من عشرة آلاف حالة خلع خلال الشهر نفسه أمام محاكم الأسرة في مختلف المحافظات المصرية، ووفقا للإحصائيات الرسمية، قد لا تزيد  مدة الزواج في بعض الحالات أكثر من عدة ساعات بعد عقد القران، إذ تشهد محاكم الأسرة طوابير طويلة من السيدات المتزوجات والراغبات فى اتخاذ القرار الصعب في حياتهن، بلجوئهن إلى المحكمة المتخصصة فى الأحوال الشخصية.

وأشارت درويش إلى أن هذا المقترح سيضمن تعاون كافة أجهزة الدولة للقضاء على الظاهرة، حيث يشارك فيه وفقا للنائبة علماء وفقهاء من وزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر على مستوى المحافظات، إضافة إلى الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين التابعين لوزارة التضامن، واقترحت درويش أن يكون التقرير الذي تعده تلك اللجنة بعد إجراء المقابلات مع المقبلين على الزواج ضمن الأوراق المطلوبة لعقد القران مثلها مثل الشهادة الصحية للزوجين قبل الزواج

وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، ارتفعت نسب الطلاق في مصر خلال العقود الخمسة الماضية من 7 إلى 40.2 % ليتجاوز عدد المطلقات في مصر الـ4 مليون مطلقة، إضافة إلى 9 مليون طفل لأبوين منفصلين.

تونس

وعلى عكس ما يحدث في مصر، لا يقع الطلاق في تونس إلا بحكم قضائي، ورغم ذلك تصنف تونس على رأس قائمة الدول العربية الأعلى في الطلاق، حيث  سجلت تونس، خلال العام الماضي، 16 ألفا و452 حالة طلاق، أي بمعدل 1371 حالة شهريا و45 يوميا، وبحسب إحصائيات نشرتها جريدة الصباح التونسية، فإن أكبر عدد حالات للطلاق بناء على رغبة أحد الزوجين بلغ 7741 حالة، في حين تم تسجيل 6878 بالتراضي، و1833 حالة طلاق للضرر. وأوضحت الصحيفة أن عدد حالات الطلاق ارتفعت بزيادة 820 حالة بين عامي 2016 و2017.

وحددت الصحيفة الأسباب الشائعة للطلاق في المشاكل الاجتماعية والمادية والجنسية، فضلا عن مشاكل أخرى مثل فارق السن بين الزوجين والتفاوت في المستوى التعليمي والإكثار من شرب الكحول.

المغرب

وبينما كانت الظروف الاقتصادية والمادية هي أحد أسباب الطلاق في مصر وتونس، اعتبر مغاربة أنها السبب الرئيس لتزايد معدلات الطلاق في المملكة لتصل خلال عام 2017 الفائت وحده،  إلى 100 ألف، فبحسب الدكتور رشيد لزرق أستاذ القانون الدستوري في المغرب، تنحصر حالات الطلاق في المغرب في ثلاثة أسباب؛ هي تغير نمط العيش، والوضعية الاقتصادية، وتحرر المرأة حيث أعطتها مدونة الأسرة في المغرب إمكانية تطليق نفسها، وفسر لزرق لـ"سبوتنيك" بأن  النمط الاستهلاكي للشعب المغربي، جعل أغلب الخلافات الأسرية حول المسألة المادية ومن ثم ضعف الموارد الكفيلة بتوفير الحاجيات الأساسية عاملا أساسيا يؤدي إلى الطلاق، لافتا إلى الزواج بات ينظر له كمشروع تجاري بين طرفين، رجل وامرأة، وليس ميثاقا مقدسا.

كشفت وزارة العدل المغربية أن حالات الطلاق بالمملكة خلال عام 2017، بلغ قرابة 100 ألف حالة، وهو ما وصفته رئيسة الشبكة المغربية للوساطة الأسرية، أسماء المودن، بـ"الأرقام المرعبة"، موضحة أن قضايا النفقة في نفس العام  وصل إلى 35 ألف حالة، وهو ما يمهد لتضاعف عدد حالات الطلاق  في السنوات القادمة، موضحة أن هذه الأرقام تندر بأن الأسرة المغربية ليست بخير و أنها تعيش تصدعات مقلقة لا تبشر بالخير.

واتفق أستاذ القانون الدستوري المغربي مع النائبة المصرية سولاف درويش على ضرورة إنشاء لجان للوساطة الأسرية بالمغرب و عدم حصرها في مبادرة للمجتمع المدني فقط، مطالبا الحكومة المغربية  بتأسيس مؤسسة وطنية تعنى بمسألة الوساطة الأسرية، لتوعية المقبلين على الزواج، وتقديم المشورة للمتزوجين. 

مناقشة