عباس لـ"سبوتنيك": لروسيا دور ريادي في تقريب وجهات النظر وصنع السلام في الشرق الأوسط

أكد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، خلال مقابلة خاصة مع وكالة "سبوتنيك" أن روسيا شريك أساسي في عملية حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي والنزاع الداخلي بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، مشيرا إلى دور روسيا الريادي في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
Sputnik

- سيادة الرئيس محمود عباس هل ستزور موسكو في القريب العاجل؟

أنا على اتصال دائم مع موسكو، وبخاصة مع الرئيس بوتين، من أجل التشاور وتبادل الرأي في القضايا السياسية المتعلقة بعملية السلام المتوقفة، وسبل دفعها للأمام، وكذلك بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفي كل عام أتلقى دعوة للقاء الرئيس بوتين، وبالتأكيد سيكون لي زيارة الى موسكو خلال هذا العام في الوقت المناسب.

- الخارجية الروسية دعت إلى حوار شامل للفصائل الفلسطينية منتصف الشهر المقبل، ماذا سيبحث وهل ستشارك سيادتك في اللقاء؟

ثلاث فصائل فلسطينية تقدم مبادرة لإزالة الاحتقان بين حركتي فتح وحماس

لقد تمت دعوة الفصائل الفلسطينية بعد التشاور معنا، وقد باركنا هذا الجهد الروسي لجمع الفصائل الفلسطينية في موسكو، ووجهنا بأن يذهب وفد من فتح ومن جميع فصائل منظمة التحرير.

نحن نعمل الآن على تشكيل حكومة سياسية تشمل الفصائل الفلسطينية، وشخصيات وطنية، وكذلك نعمل على تنظيم انتخابات تشريعية، ونأمل أن يتم تنظيمها في جميع أنحاء الوطن، وبما فيها الضفة، والقدس وغزة.

- إذا دعا الرئيس بوتين لقمة بينك وبين نتنياهو هل ستلبي الدعوة؟

لقد وافقت مرات عديدة علىى دعوة الرئيس بوتين للقاء ثلاثي في موسكو، ونحن نثق بالرئيس بوتين، وعلى استعداد لتلبية دعوته في أي وقت، لكن رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو هو الذي يتهرب من اللقاءات في كل مرة.

- كيف تقيم العلاقة الفلسطينية الروسية وما المطلوب والمأمول من موسكو سيادة الرئيس؟

الرئيس الفلسطيني: لا يمكن لواشنطن وحدها لعب دور الوساطة

روسيا بلد كبير، ولها وزن سياسي على الساحة الدولية، ولها دور أيضاً في حفظ الأمن والاستقرار العالمي، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ونحن على تشاور دائم مع القيادة الروسية.

ما نقوله الآن أنه لا يمكن للولايات المتحدة أن تلعب دور الوساطة لوحدها، وهنالك ضرورة لتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تشمل أعضاء الرباعية الدولية وعلى رأسهم روسيا والاتحاد الأوروبي بالإضافة لأعضاء مجلس الأمن ودول عربية.

تربطنا علاقات تاريخية ومتجددة مع روسيا وسنواصل العمل من أجل تعميقها وتطويرها لا سيما على الساحة الدولية، وننتهز هذه الفرصة لنشكر الرئيس بوتين والحكومة الروسية على دعمهم السياسي في المحافل الدولية، وكذلك أهمية استمرار عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، اضافة لآلاف الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون في روسيا، والتدريب الروسي للعديد من الكوادر الفلسطينية في مختلف المجالات، كلها أمور تقوم بها روسيا مشكورة.

- سيادتك حصلت على شهادة الدكتوراه من روسيا لماذا كان خيارك روسيا وليس غيرها؟

روسيا قدمت لي المجال الواسع والحرية للبحث والحصول على المعلومات في جامعاتها العريقة، وكانت تجمعني صداقات مع العديد من قياداتها، وقد كانت تجربتي في معهد الاستشراق في موسكو تجربة مفيدة وقيمة جداً.

- متى ستتقدم فلسطين بطلب عضوية كاملة لمجلس الأمن وهل تتوقعون أن ينجح القرار بالمرور؟

قدمنا طلب العضوية الكاملة في العام 2011، وتم تعطيله، لذلك قدمنا طلب الحصول على العضوية المراقبة وحصلنا عليها في العام 2012 مما خولنا للانضمام لـ115 منظمة ووكالة دولية، وسنواصل المحاولة للحصول على العضوية الكاملة، ولن نتخلى عن هذا الطلب فهو حق طبيعي لنا.

ومن ناحية أخرى، سنعمل على تحقيق المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين وبخاصة من دول أوروبا، علماً بأن الدول التي تعترف بدولة فلسطين قد وصلت الى 139 دولة على رأسها روسيا الاتحادية.

- هناك دعوات لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، ما موقفكم من ذلك وهل من الممكن أن يكون لك دور في هذا الصدد من خلال قنواتكم وعلاقاتكم؟

عباس يتحدث عن دعوة بوتين ويكشف موقفه من لقاء نتنياهو في موسكو
نحن نؤيد من حيث المبدأ عودة سوريا الى الجامعة العربية، ونأمل أن يتم التوصل إلى هذا الهدف بالتشاور بين الدول العربية خلال الفترة القادمة، لقد كنا دائماً وما زلنا مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، وإنهاء النزاع بالحوار.

- هل سيكون لك زيارة في القريب المنظور إلى سوريا؟

لا يوجد برنامج لزيارة قريبة لسوريا، ولكنني أتابع عن كثب ما يحدث فيها، خاصة أن نصف مليون لاجئ فلسطيني يعيشون فيها، ونعمل مع الدولة السورية ووكالة غوث اللاجئين الأونروا على اعادة إعمار مخيم اليرموك تمهيداً لإعادة المهجرين من المخيم إليه بأسرع وقت ممكن.

- إلى أين وصلت العلاقة الفلسطينية الأمريكية وما هي مطالبكم لعودة المياه إلى مجاريها؟

أوقفنا العلاقة مع الإدارة الأمريكية بسبب قراراها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلادها إليها، ورفع ملف القدس واللاجئين عن الطاولة، وتشجيعها لإسرائيل على مواصلة الاستيطان، إضافة لاتخاذها إجراءات عقابية أخرى ضدنا وضد الأونروا.

وكالة: قرار أمريكي صادم للفلسطينيين

بعد كل هذه الإجراءات لم تعد الادارة الأمريكية مؤهلة لأن تلعب أي دور في عملية السلام لوحدها، ولكننا تركنا نافذة صغيرة للحوار مع الكونغرس لإلغاء القوانين التي تتهم منظمة التحرير الفلسطينية بالارهاب، ولا زال لدينا علاقة مع أجهزة الأمن من أجل مكافحة الارهاب في العالم.

- صفقة القرن أفصحت الإدارة الأمريكية أنها باتت على الأبواب ما هي شروطكم لمرورها وخطتكم لمواجهتها؟

قامت الإدارة الأمريكية بتطبيق خطتها على الأرض، ونحن نرفض كل خطة أمريكية أو غيرها لا تستند لقرارات الشرعية والمرجعيات الدولية، ونرفض المشاركة في أي مؤتمر دولي لا يستند الى قرارات الشرعية الدولية، ولم نكلف أي أحد للتفاوض نيابة عنا.

- هل من الممكن أن تتعاطى دول عربية مع صفقة القرن؟

لقد قررت الدول العربية في مؤتمر القمة العربية في الظهران في أبريل 2018 رفض صفقة القرن، ونؤكد هنا بأن الدول العربية لن توافق على أي قرارات ترفضها فلسطين فيما يتعلق بقضيتها ومصير شعبها.

- كيف ترى التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية ما موقفكم من ذلك؟

الكويت تعلن موقفها من التطبيع مع إسرائيل

لن يتحقق السلام والأمن لإسرائيل دون عقد اتفاق عادل وفق قرارات الشرعية الدولية مع دولة فلسطين.

ومن حيث المبدأ، فإن مبادرة السلام العربية حددت الطريق للعلاقات الطبيعية بين اسرائيل والدول العربية من خلال انهاء الاحتلال أولاً ونيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله قبل أن يتم تطبيع أي علاقة بين أي دولة عربية واسرائيل.

- أمام المشهد السياسي الحالي وانسداد آفاق السلام بفعل التصعيد الإسرائيلي، هل ترى أن هناك إمكانية لتحقيق ذلك؟

سنواصل عملنا من أجل تحقيق السلام وفق قواعد القانون الدولي والمرجعيات المعترف بها، وسنواصل البناء الداخلي وسنصبر الى أن نجد طريق حريتنا.

ونحن نقول أن عقد مؤتمر دولي وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف هو الطريق الأجدى للعودة للمفاوضات.

- هل هناك اتصالات فلسطينية إسرائيلية أم أن العلاقة ذهبت إلى قطيعة؟

توجد اتصالات أمنية لتسيير الشؤون اليومية، ولكن لا يوجد اتصالات سياسية، فهي منقطعة بسبب الممارسات الاسرائيلية العدوانية، ومواصلة النشاطات الاستيطانية، وتطبيق اسرائيل للقوانين العنصرية، ومواصلة سياسة الغطرسة والاعتقالات وغيرها من ممارسات تخرق من خلالها الاتفاقيات الموقعة، وتخرق فيها القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وبخاصة في القدس، فما تقوم به اسرائيل في القدس هو تغيير طابعها وهويتها، والاعتداء على مقدساتها المسيحية والإسلامية.

اقرأ أيضا — بعد رفض "الخطوة القطرية"…إسرائيل تتخذ إجراء جديدا مع غزة

- ما هي خطتكم للتحرك على المستوى الدولي؟

لقد نجحت فلسطين هذا العام بالحصول على رئاسة مجموعة 77 + الصين، بالرغم من أننا دولة مراقب، لكن الجمعية العامة أعطتنا حق العضوية مثل العضو الكامل خلال العام 2019، ومجموعة الـ77 بجميع أعضائها وعددهم 134 قد صوتوا لصالح رئاسة فلسطين لها في العام 2019، وسنواصل العمل لتثبيت حقنا في العضوية الكاملة، والحماية الدولية لشعبنا، وسنواصل الانضمام للمنظمات والمعاهدات الدولية والعمل على نيل اعترافات اضافية بدولة فلسطين.

وستبقى أيدينا ممدودة للسلام، ونأمل أن ينجح المجتمع الدولي في عقد مؤتمر دولي وتشكيل آلية دولية متعددة الأطراف.

- ما هو المطلوب لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية شاملة في الضفة والقطاع؟

عباس يتهم "حماس" بتعطيل المحاولات المصرية للمصالحة ويكشف مصير الانتخابات
اننا نعمل على تشكيل حكومة جديدة، وبموجب حكم قضائي للمحكمة الدستورية، فقد بدأنا تنظيم انتخابات تشريعية وكلفنا هيئة الانتخابات المركزية للقيام بذلك، وسنُعلن عن موعدها عندما يصبح بالامكان تنظيمها في كل من القدس وغزة الى جانب الضفة الغربية. 
إن تنظيم الانتخابات سيساعدنا على توحيد صفوفنا بشكل أفضل خلال الفترة القادمة ومواجهة التحديات التي تعترض طريقنا.

- هل حركة حماس جادة بالمصالحة وما هو المعطل؟

لقد عطلت حركة حماس جميع المحاولات المصرية ولم توافق على تطبيق اتفاق 2017، ومنعت عودة حكومة الوفاق الوطني للقيام بمهامها في غزة مثل الضفة، اضافة لتحمّل حركة حماس المسؤولية عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء، ورئيس المخابرات الفلسطينية في العام الماضي.

يأتي هذا بالرغم من أننا نواصل مد أيدينا، ونقدم منذ 11 عاماً مائة مليون دولار شهرياً لغزة، وهنا نؤكد بأننا لن نقبل بفصل غزة عن الوطن، فلا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة.

ولكن ممارسات حماس لم تعد مقبولة، لذلك عليها تعديل مسارها لتصبح جزءً من العمل الوطني الفلسطيني بعيداً عن الأهداف الفصائلية الضيقة.

- ألا تفكرون بتعيين شخصية وطنية فلسطينية بمنصب نائب لسيادتك؟

عقدنا المجلس الوطني وانتخبنا مجلس مركزي لمنظمة التحرير، وهي الأطر البرلمانية للشعب الفلسطيني في كل مكان، وموضوع تعيين نائب يحتاج الى تشريع.

- هل سيشارك الفلسطينيون بالمؤتمر حول الشرق الأوسط في وارسو وعلى أي مستوى تكون المشاركة؟

روسيا: مؤتمر وارسو حول الشرق الأوسط يضر بالاستقرار والسلام في المنطقة

لن تشارك فلسطين في مؤتمر تدعو له الولايات المتحدة، ولن تشارك دولة فلسطين في أي مؤتمر دولي لا يستند الى قرارات الشرعية الدولية، ولم نكلف أي أحد للتفاوض نيابة عنا.

- متى برايكم ستعرض الولايات المتحدة مشروعها للتسوية في الشرق الاوسط، هل يعرف الفلسطينيون مضمونه؟

كما قلنا بأنه لم يعد يهمنا ماذا ستعرض الولايات المتحدة طالما أن ذلك لا يستند لقرارات الشرعية والمرجعيات الدولية.

- ماذا تتوقعون من الانتخابات الإسرائيلية؟

سنتعامل مع نتائج الانتخابات أياً كانت، وما يهمنا دائماً أن تلتزم الحكومة القادمة بقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة من أجل السلام العادل والشامل بين الجانبين.

- ألا تعتقد أن قرار تشكيل حكومة فصائلية تستثني حركتي حماس والجهاد الإسلامي هو تعميق الانقسام الفلسطيني وتكريس لانفصال غزة عن الضفة الغربية؟

نحن نثق بجهود روسيا، لذلك لبينا دعوة روسيا للفصائل، وستكون فرصة لتقييم الوضع مع الأصدقاء الروس، وعلى حماس أن تقبل ما تم التوقيع عليه في اتفاق القاهرة في 2017، ليتم انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وهذا سيؤدي حتماً لتنظيم انتخابات يشارك فيها الجميع ويتم بعدها تشكيل حكومة وفقاً لنتائج الانتخابات، ويجب أن تشمل أي انتخابات كل من القدس، والضفة وغزة.

اقرأ أيضا — لقاءات حماس والجهاد في القاهرة…للتهدئة أم المصالحة؟

أجرى الحوار: فالح طه

مناقشة