وأدانت هيئة المحلفين في المحكمة الفيدرالية في نيويورك "إل تشابو" جرائمه، ومن المتوقع أن يصدر بحقه حكم بالسجن مدى الحياة، بعد اتهامه بتوزيع الكوكايين والهيروين وامتلاكه أسلحة غير قانونية وغسيل الأموال، بالإضافة إلى سلسلة طويلة من الجرائم الخطيرة.
نظرة مرعبة
في محاكمة استمرت نحو 11 أسبوعا، عجت بكثير من المفاجآت المدوية، كان على رأسها الكشف عن رشوة "البارون" لرئيس المكسيك إنريكي بينيا نييتو، كانت نظرات غوزمان هي السمة السائدة في جلسة المحاكمة الختامية.
وقالت شبكة "سي بي إس" الأمريكية إنه بمجرد دخول "إل تشابو" قاعة المحكمة، وبدأ جميع من يعرفونه يشعرون بالتوتر، الذي يمكن أن يصل إلى حد الذعر والخوف.
وأرجعت الشبكة الأمريكية ذلك إلى أن "البارون" لا يرتدي رابطة العنق ولا يتأنق إلا عندما يكون ذلك مقدمة لحفلة دموية كبرى، بحسب قولها.
كما أن نظرات أخطر رجل في كوكب الأرض، وفقا لما أعلنته المباحث الفيدرالية الأمريكية في وقت سابق، الجامدة، التي لا تظهر أي مشاعر أو رد فعل، كانت أكثر رعبا للكثيرين.
وصافح غوزمان محاميه لدى اصطحابه إلى خارج المحكمة، عقب صدور قرار المحلفين.
ولكن ما أثار الريبة والرعب، هو نظرته إلى زوجته إيما كورونيل، ملكة الجمال السابقة ذات الـ29 عاما.
وأظهرت الصور المرسومة، التي نشرتها وكالة "رويترز" للمحاكمة، خاصة وأنه غير مسموح بالتقاط الصور داخل المحكمة، "إل تشابو" وهو ينظر نظرة حادة إلى زوجته، ويشير لها بأصبع الإبهام، لترد عليه زوجته بنفس الإشارة، وبنظرات مليئة بالتوتر.
أسماء مخفية
لم يكن الوضع بعيدا عن "إل تشابو" طبيعيا على الإطلاق في تلك المحاكمة، خاصة بالنسبة للقاضي بريان كوغان، الذي وصف القضية بأنها "الأكثر تعقيدا" في تاريخ القضاء الأمريكي.
وعقب إصدار هيئة المحلفين قرارهم، نظر القاضي إليهم نظرة كلها عطف وفخر، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، وقال: "فخور جدا بأنني أمريكي، وأن من بينها أناس مثلكم".
ويقصد القاضي هنا، مدى الخوف والذعر، الذي تعيشه هيئة المحلفين، لدرجة أن أسمائهم ظلت مخفية عن الإعلام وعن هيئة الدفاع وعن جميع من يتابعون المحاكمة، حتى لا يتم استهدافهم في أي وقت سواء قبل أو بعد المحاكمة.
تفاصيل مخيفة
أما عن تفاصيل تلك المحاكمة، فقد عجت بالمعلومات، التي لا يمكن وصفها إلا بالمرعبة والمخيفة، عن "إل تشابو".
وكشفت المحاكمة عن معلومات مرعبة حول بارون المخدرات، ومنها تخدير فتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 عاماً قبل اغتصابهن.
وخلال المحاكمة، زعم سيفوينتس وهو مهرب مخدرات كولومبي كان يعمل في السابق مع إل تشابو أن الأخير أعطى رشوة بقيمة 100 مليون دولار للرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو الذي يقال إنه اتصل به بعد توليه منصبه في عام 2012 وطلب منه مبلغ 250 مليون دولار مقابل إنهاء مطاردته، إلا أن بينيا نييتو لم يعلق على الموضوع.
والمثير أيضا أن سيفوينتس، وهو اسم مستعار، لم يقبل أن يقدم شهادته ضد "إل تشابو"، إلا بعدما خضع لجراحة تجميلية بالغة من أجل إخفاء هويته.
وأظهرت الأدلة خلال المحاكمة أيضا أن المخدرات تصل إلى الولايات المتحدة من خلال أنفاق سرية أو مخبأة في شاحنات صهريج، أو في عربات لنقل الركاب وعربات السكك الحديدية التي تمر عبر نقاط الدخول المشروعة، ما يوحي بأن الجدار الحدودي لن يكون مصدر قلق كبيرا.
وقال أحد الشهود إن قاتلا محترفا يعمل لصالح "إل تشابو" كان لديه "غرفة قتل" خاصة في قصره على الحدود المكسيكية الأمريكية، وهي مجهزة ببلاط عازل للصوت، وقنوات صرف خاصة لتسهيل التنظيف بعد عمليات القتل.
وسرد شاهد آخر، قيام "إل تشابو" بتعذيب ثلاثة رجال أمامه قبل دفنهم أحياء، كما انهال رجال إمبراطور المخدرات بالضرب على رجلين لمدة ثلاث ساعات متواصلة حتى انكسرت جميع عظامهما، قبل أن يتم إلقائهما داخل النيران، للتخلص من جميع آثار العظام.وسرد الشاهد أن "إل تشابو"، أمسك برجل من عصابة منافسة، وقام بحرق جسده بقداحة خاصة بالسيارات، قبل تثبيته على هيكل خشبي لأيام، ونقل إلى مقبرة ليدفن حيا.
وكان البارون المكسيكي يعشق الأسلحة، حتى أنه اصطحب قاذفة صواريخ مضادة للدبابات في رحلة مع أقاربه، ليقوم باختبارها، كما أنه رصع مسدسه بالألماس، وغطى بندقيته بالذهب الخالص.
الأسطورة
ولكن ما سر كل تلك الهالة الموضوعة على خواكين غوزمان، وجعل المباحث الفيدرالية الأمريكية تصنفه بـ"أخطر رجل في الكوكب".
رغم قصر قامة غوزمان، إلا أنه كان يدير واحدة من أخطر عصابات المخدرات في العالم، وهي عصابة "سينالوا كارتل".
ولكن "بي بي سي"، قالت في تقرير لها، إن مصدر قوة "البارون" الحقيقية هو أنه ليس شخصا مكروها أبدا في موطنه الأصلي المكسيك، بل أنه محبوب ومعشوق في مسقط رأسه بلدة اديراجوتو غرب ولاية سينالوا وغيرها من المناطق الجبلية المحيطة بها، والتي وصلت إلى حد تنظيم الفقراء أشعار فيه.
كما ينشد الفقراء في المكسيك أغاني يعبروا فيها عن خوفهم واحترامهم وإعجابهم بهذا الرجل الذي يأتي اسمه على رأس قائمة أبرز المطلوبين من تجار المخدرات في العالم.
كما يتناقل البسطاء في المكسيك حكايات عن هذا الرجل تتضمن جيشه الخاص وقامته القصيرة وثروته ونساءه، وكيف أن ابن راعي الماشية الأُمي، كان بارعا بصورة لا تصدق في إدارة التدفق غير المشروع للكوكايين والهيروين والماريغوانا إلى الولايات المتحدة.
وهو ما جعل اسمه يظهر سنويا في قائمة أغنى رجال العالم التي تعدها مجلة فوربس، لتجاوز ثروته المليار دولار مع أنه هارب من العدالة منذ ما يزيد على 10 أعوام.