قيادي في "حزب الله" يكشف موقف الحزب من السياسة الروسية في المنطقة

خلال زيارة سريعة إلى موسكو خص مسؤول العلاقات الخارجية في "حزب الله" الشيخ خليل رزق برنامج "ما وراء الحدث" بحوار مفتوح.
Sputnik

رئيس الاستخبارات الفنزويلي السابق يكشف تفاصيل علاقات بلاده بـ"حزب الله"
أجاب من خلاله رزق عن بعض التساؤلات التي تبحث لنفسها عن أجوبة بما يخص موقف الحزب من الأوضاع الإقليمية والدولية وعلى وجه الخصوص في سوريا ولبنان وموقفه من السياسة الروسية.

وجرى الحوار كالتالي: 

 ــ شيخ خليل، السلام عليكم وأهلاً ومرحباً بكم.

 ــ عليكم السلام ورحمة الله وألف مرحبا بكم.

 ــ بما أن حزب الله قوة لم يعد يستهان بها في مواجهة الإرهاب، كانت هناك تصريحات روسية تحدثت عن دور كبير لحزب الله في مكافحة الإرهاب، كيف تقيمون الوضع بشكل عام وهل نبدأ من المنطقة ونضيق الحلقة أم نبدأ من النواة ومن ثم نتوسع ؟

ــ أعتقد أنه سواء ضيقنا الحلقة أم وسعانها هي نفسها، لأن أزمات المنطقة هي جزء لا ينفصل أبداً عن الأحداث في العالم ككل، لأننا نشهد أن هناك غلياناً وأزمات كبيرة على المستوى العالمي بدءاً من سوريا مروراً بالعراق إلى اليمن إلى فنزويلا والسودان وليبيا، فضلاً عن ما يجري خلف الكواليس في أوكرانيا، وغيرها من مناطق العالم. كل هذه الأزمات أعتقد أنها مترابطة، وإذا أردنا أن نتحدث عن الحل في واحدة منها لابد من أن نتحدث عن الحل في كل هذه الأزمات، لذلك نحن نرى أن هذه الأزمات هي وليدة السياسة الأمريكية التي يقودها الرئيس الأمريكي الحالي ترامب ومن معه، طالما أن هناك سياسة أمريكية تسير بهذا المنحى، وهذا الاتجاه هذا يعني أن المنطقة ستبقى مشتعلة، وبلا شك أن تفكيك الأزمات يؤثر على هذه الاتجاهات في السياسية الأمريكية لذلك نحن نرى اليوم والعالم كله يشهد أن السقوط الأمريكي بالحد الأدنى قد بدأ، ونحن نشاهده، يعني اليوم وباختصار ودون البحث في التفاصيل، المشروع الأمريكي سقط في سوريا، وانهزم في العراق والمشروع الأمريكي في فنزويلا حتى الآن باء بالفشل، وأيضا في اليمن، وهكذا عندما تراقب المشهد من الأعلى سوف نرى انحداراً وسقوطاً كبيراً للمشروع الأمريكي.

ــ أنا مضطر أن أبقى في الإطار الأوسع بما أنكم تحدثتم عن السياسة الأمريكية، هناك سياسة مواجهة لها وهو المحور العالمي المواجه للإرهاب والذي تلعب فيه روسيا دوراً أساسياً، بالإضافة إلى محور المقاومة، السياسة الروسية كيف تقرأونها الآن في ظل الانقلابات الحاصلة وما هو موقف الحزب منها، نحن نلاحظ موقفا مستجدا للدولة الروسية تجاه الحزب؟

 ــ حسنا أنك ذهبت معي إلى الحديث عن أزمات العالم وليس الحديث عن أزمات المنطقة، بلا شك هناك محوراً بدأ بالتوسع، هذا المحور الذي بدأت به الجمهورية الإسلامية في إيران في محاربة أمريكا وإفشال كل مشاريعها في المنطقة، يعني من اللحظة الأولى لانطلاقتها الثورة الإسلامية والتي احتفلنا قبل فترة بمرور أربعين سنة على ولادتها، من اللحظة الأولى كانت أمريكا تنظر إلى هذه الثورة على أنها ستحتضر من لحظة ولادتها. هذه الثورة بقت واستمرت وأفشلت الكثير من المشاريع الأمريكية، يمكن القول بأن روسيا هي جزء كبير من محور الممانعة، وهي عنصر أساسي في هذا المحور، ولكن الصورة بدأت تظهر بشكل أوضح في موضوع المواقف الروسية، اليوم العداء أو المحاربة التي كانت على العلن بين الأمريكي من جهة، والجمهورية الإسلامية في إيران من جهة أخرى، ومع من هم  مع الولايات المتحدة ومن هم مع إيران، واليوم كأنك تشاهد منظراً، أنا بالنسبة لي لا أقول عنه موقفاً غريب، وإنما هو موقف مهيب. عندما تجد أن هناك تلاحماً ما بين الموقف الروسي من جهة والموقف الإيراني من جهة أخرى، هذا يعطي بعداً آخراً لحيثية الصراع، لأن حيثية الصراع تتجه باتجاه آخر وسترتد مفاعيلها بشكل أكبر، ونحن نرى أن الموقف الروسي يصبح بهذا الوضوح معنى ذلك أنه موقف داعم للمقاومة ولمشروع المقاومة في لبنان، وهذا يعطي زخماً أكبراً لمشروع المقاومة، أيضا نحن لمسنا التوجه الروسي عندما شهدنا ما قام به الروس في سوريا واستطاعوا أن يقلبوا الكثير من المعادلات وأن يغيروا الكثير من الموازين في المعركة التي تدور في سوريا".

ــ هل ترون من خلال هذه المواقف أنه سيكون  هناك دوراً روسياً مستقبلياً في حل أزمات المنطقة سواء أكان مستوى العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، أو بما يخص العلاقات الداخلية مع الدول الأخرى التي كان لها دور في الحرب على سوريا  وعلى دول المنطقة والمحور المقاوم الذي قاوم المشاريع الصهيونية والغربية بشكل عام؟

ــ لا أقول تتغير أطراف الصراع، وإنما عندما يدخل على الصراع أطراف أخرى طبيعي سينعكس ويكون له آثاراً أكبر، وبالنسبة لمشروع المقاومة في المنطقة، طبعاً مع إحترامنا وتقديرنا للموقف الروسي وطبعاً لا ندعي بأننا لسنا بحاجة إلى هذا الموقف، ولكن نطمئن الجميع أن موقف المقاومة في المنطقة وفي لبنان يقوم على ركائز وسبل وأساليب هي بحد ذاتها إن شاء الله ستكون مشروع حرب.. ليست حرب بالمعنى العسكري وإنما مشروع ممانعة بوجه العدو الإسرائيلي وتسقط كل مشاريعه".

 ــ لو دخل الروسي في وساطة مع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية بما فيهم الإسرائيلي، هل ستقبلون بوساطة روسية، خاصة أن الروسي يحارب الإرهاب ومن يدعمه وأثبت نزاهته؟

نتنياهو يهاتف بوتين
ــ "أنت تعلم وغيرك يعلم، وكلكم على يقين بغض النظر عن الأهداف وما يملكه المشروع الروسي، مشروع المقاومة لا يقبل هدنة ولا يقبل على الإطلاق أي مشروع استسلام ورضوخ واتفاق مع العدو الإسرائيلي، هذا غير وارد على الإطلاق. وأقول طبعاً مرة أخرى مع احترامنا وتقديرنا للموقف الروسي، لا أعتقد أن الموقف الروسي يمكن أن يدخل إلى هذا الموضوع، يجب علينا أن نفكك الصراع".

ــ الروسي دائما يدعو إلى تطبيق القرارات الدولية وهذا يتناسب ويتوزاى مع موقفكم؟

 ــ صحيح مئة في المئة، لكن في الموضوع الإسرائيلي شيء والموضوع السوري شيء آخر، في الموضوع السوري يمكن أن تدخل التوازنات، وأن تدخل اتفاقيات أو هدنة،  أي شيء يمكن، أما المشروع الإسرائيلي هو مشروع احتلال ولا يمكن المساومة معه، لذلك عندما نقول إن الموقف الروسي يتدخل للعب دور في صياغة اتفاقيات يكون هنا الموضوع الإسرائيلي شيء والموضوع السوري شيء آخر.

ــ لعل الوقت والزمن هو الذي قد يظهر الخفايا التي نتحدث عنها دون أن نصل إلى نتيجة لأنه يبقى هناك ما لا يحكى أو ما لا يقال؟

ــ نعم…هذا صحيح.

ــ دعني أنتقل إلى سوريا، الحزب بتصريحات رسمية سواء أكانت من سوريا أو خلال كلمات وخطابات السيد حسن  نصر الله الذي فند الكثير من الأمور وأزال الغشاوة بما يخص تواجد حزب الله في سوريا، لكن السؤال هنا… في سوريا أين أنتم الآن؟

 ــ نحن الآن نستعد للاحتفال بالنصر، لكن مازال أمامنا مشوار طويل، السياسة الأمريكية سياسة تقوم على مبدأ انتهاز الفرص ومبدأ الانتقام والثأر وعدم السكون والرضوخ بسرعة، وفي الخطاب الأخير لسماحة السيد كان هناك تركيزاً كبيراً منه على موضوع الانسحاب ومحاولات الولايات المتحدة لقطف الثمار والإعلان عن أنها قد انتصرت على "داعش" في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أن "داعش" هي صناعة أمريكية وصناعة إسرائيلية وصهيونية، فكيف لترامب أن يتحدث بهذه الوقاحة…!!!  وهذه الجرأة…؟؟؟ ويقول إنه سنعلن الانتصار على "داعش" ونعلن الانسحاب من سوريا على هذا الأساس". دعنا ندخل إلى موضوع آخر ومهم وله ارتباط بهذا الموضوع، اليوم هناك  أزمات جديدة يمكن أن يشهدها العالم على أساس أن كل التقارير تتحدث عن انسحاب "داعش" من مناطق سوريا، ولكن أين تتجه…؟، هل هناك من مشروع  آخر يحضره الأمريكي…؟، لذلك نتأمل أو نعلم أن الحليف الروسي على إطلاع على هذا الموضوع، أما إلى أين ستتجه الأمور فهذا متروك لأوانه".

ــ هناك إشاعات تتحدث عن خلافات بين روسيا وإيران وحزب الله، القوى المتشاركة في مواجهة الإرهاب على الأرض السورية، أنتم كيف تقيمون الأوضاع وكيف تردون على هذا الأمر؟

ــ هناك نقتطان أساسيتان ينبغي أن أشير إليهما للرد على سؤالك الكريم، النقطة الأولى: تكمن في أن هناك اتفاقاً وعدم تباين في الرؤى، وهناك تبني لمواقف مترابطة ما بين روسيا وإيران وسوريا وغيرهم من الأحلاف، ولكن النقطة الثانية… وهي الأهم والتي تجيب على سؤالك الكريم… من حيث المبادىء والرؤى والاستراتيجيات قطعاً لا يوجد أي اختلاف أبداً، ولكن في عالم التكتيك والأسلوب يمكن لقائدين عسكريين يقودان معركة جنباً إلى جنب في مواجهة عدو  أن يختلفان في التكتيك والأسلوب، ولكن الهدف واحد والمشروع واحد، ولذلك هذا التكتيك والأسلوب لا يؤثر على المبادىء العامة التي هم جميعاً متفقون عليها.

ــ السيد نصر الله  في خطاباته الأخيرة تحدث عن الوضع في لبنان بشكل واضح، ومع ذلك أريد أن أتحدث عما يجري الآن من انقلابات جديدة، هناك بعض الأضغاث وبعض المحاولات لإفراغ الحكومة من عملها، أنتم كيف تقيّمون الوضع في لبنان خاصة أنه خاصرة مهمة وأي اهتزاز فيها سيؤثر على المنطقة كلها؟

ــ لبنان ليس بوابة سورية فقط، لبنان بوابة أزمات المنطقة وبوابة حلول المنطقة، لذلك أمامنا نحن اليوم هدفان أساسيان، الهدف الأول معلن و واضح وهو أن مسيرة حزب الله تقوم على أساس المقاومة ومواجهة العدو الإسرائيلي وعدم فسح المجال أمامه للقيام بأي اعتداء على لبنان، لذلك كانت المقاومة تسير في سياسة الردع لهذا العدو. اليوم نحن لدينا مشروع أعلن عنه سماحة الأمين العام، وهو مشروع مقاومة الفساد، يعني حزب الله بات معنياً بالموضوع الحكومي ومعنياً بالتفاصيل أكثر داخل الساحة اللبنانية، ما يعني أن حزب الله سيكون له دوراً فاعلاً في الحكومة اللبنانية، وهذا الدور سيكون من خلال متابعة عمل الوزرات التي يشرف عليها أو يتولى حقائبها، والموضوع الآخر هو عين الرقابة على كل ما يجري على الساحة اللبنانية، لأن أكبر مشكلة يواجهها لبنان اليوم فضلاً عن كل المواجهات والمشاكل التي يبتلي بها هي مشكلة الفساد، والحديث في الداخل اللبناني لدى كل الرؤساء وجميع المستويات السياسية شغلها الشاغل هو موضوع الفساد الذي كما نقول عنه بالتعبير اللبناني "عشش في داخل كل إدارات الدولة" لذلك اليوم معركتنا الأساسية في الحكومة هي مواجهة الفساد".

ــ الخلاصة، ملامح المرحلة المقبلة، أين ترون نقطة ارتكازها أو نقطة طردها المركزي إن صح السوال بهذا التعبير الفلسفي؟

ــ نحن أمام ترقب وحذر دائم للعدو الإسرائيلي، نحن لا نعرف هل سيرتكب حماقة ويعود إلى ما تلقنه من درس فظيع في عام 2006…!!!  لذا نحن دائما نترصد كل ما يجري من جهة العدو الإسرائيلي. هناك في المنطقة أزمات وعلى رأسها على الحدود مع سوريا، لأننا نحن  شئنا أم أبينا بلد متاخم في الحدود لسوريا حيث نشأت مشكلة كبيرة بوجود الدولة التكفيرية "داعش" والحمد لله بشائر الخير والنصر بدأت تلوح في الأفق، لذلك هذه الأزمة أو هذه المشكلة يمكن أن أقول بأنها شبه انتهت، يبقى أزمات المنطقة التي لابد أن تراقب في العراق أيضاً المشروع الأمريكي كما بدأنا في الحديث يمكن أن نقول أنه سقط وانتهى، أزمة اليمن، وأزمة البحرين، كل هذه الأزمات نحن لابد من أن نتابعها ونترقبها، هذه الأمور إن شاء الله مرهونة لوقتها".

ــ كل الشكر لكم.

ــ أهلا وسهلا بكم موفقين إن شاء الله. 

أجرى الحوار نواف إبراهيم

مناقشة