عظمة "أمريكا" في بيروت

بين الحين والآخر تتذكر الولايات المتحدة بإدارتها ومسؤوليها أصغر بلاد الشرق الأوسط، حيث أن النشاط الأمريكي في هذا البلد متواصل منذ استقلاله، ويتفاوت تبعا للظروف والتحولات الإقليمية السائدة في المنطقة.
Sputnik

يؤكد لبنان مع الزمن أنه الرقم الصعب في المعادلات الدولية والإقليمية، حيث أن توافد مسؤولي الدول الغربية والعربية علامة إضافية أنه بلد مهم ومتميز من جهة، وأرضية خصبة للخطط والمشاريع الدولية المختلفة التي تجعل من هذا البلد الصغير بحجمه ملعبا كبيرا لسياساتها الضخمة من جهة أخرى.

السفير الروسي في لبنان: الإعلان عن موعد زيارة الرئيس اللبناني إلى روسيا قريبا
وشهد لبنان في الأيام القليلة الماضية اهتماما أمريكيا متزايدا، خصوصا مع تشكل الحكومة اللبنانية التي دأبت واشنطن على تحذيرها وتهديدها وصولا إلى إرسال مندوبين ودبلوماسيين رسميين لجس النبض اللبناني حول أمور عديدة أبرزها العلاقة مع سوريا وموضوع النازحين، بالإضافة إلى التأثير الإيراني من خلال "حزب الله" المشارك بالحكومة والعلاقة مع روسيا والدول الأخرى.

فشلت الولايات المتحدة الأمريكية من فرض كل شروطها على اللبنانيين خلال تشكيل الحكومة اللبنانية، بالرغم من إرسال مندوبين أمريكيين بدءا بزيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيليرسون وبعدها زيارة مساعد وزير الخزانة الأمريكية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسليا، الذي حمل معه ملفات ورسائل عدة عشية تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري.

وبعد تشكيل الحكومة اللبنانية واتخاذ قرارات متعددة بشأن العلاقات مع سوريا من خلال زيارة رسمية لوزير لبناني إلى دمشق وقدوم وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى بيروت وتحديد الرئاسة اللبنانية موعد الزيارة إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. جاءت زيارة ساترفيلد السفير الأمريكي السابق في لبنان، الضليع بالسياسة الداخلية اللبنانية، كجس نبض قبيل وصول وزير الخارجية الأمريكي مايك بامبيو لوضع لبنان وسياسييه في أجواء المطالب الأمريكية المستجدة.

وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، الزيارة شملت سياسيين لبنانيين مقربين من الولايات المتحدة الأمريكية هدفها بعث الروح والايجابية عند هذه القوى ودعمها أمريكيا من خلال وقوف واشنطن الدائم إلى جانب حلفائها في لبنان، بالإضافة إلى توجيه سياسي ضد حزب الله وتحذير من التعامل معه ومع إيران. وكل ذلك هو تمهيد لزيارة شخصية مهمة وبارزة على صعيد السياسة الأمريكية، وزير الخارجية الأمريكي شخصيا مايك بومبيو.

معركة جديدة تنتظر "حزب الله" ومفاجآت قد تطيح برؤوس كبيرة في لبنان
أما رسائل ومطالب بومبيو فستكون أكثر حزما، فهو يتحدث باسم دولة عظمى أتت إلى بلد صغير وتكبد عناء السفر طويلا ليحصل على ما تريده الإدارة الأمريكية من أجل "مصلحة لبنان واللبنانيين".

زيارة بهذه المستوى تؤكد مجددا بأن لبنان لا يزال أولوية بالنسبة إلى واشنطن التي تريد أن تبقى الأوضاع فيها لصالحها لناحية عدم الذهاب إلى خيارات بعيدة عن توجهات السياسة الأميركية، خصوصا في العلاقة مع الحكومة السورية وملف النازحين السوريين في لبنان.

ثانيا، الأرق الامريكي الدائم من "حزب الله" وتهديده الدائم لإسرائيل والسياسة الأمريكية المتبعة لاحتواءه عبر عقوبات اقتصادية على الحزب وكل الأفراد والشركات اللبنانية المتعاونة معه من جهة. ومنح الدعم المعنوي لحلفائها في الحكومة لمواجهة الاستحقاقات المستقبلية.

فهل ستنجح العظمة الأمريكية في تحقيق ما تريده من بيروت… الأيام كفيلة بكشف ذلك.

المقالة تعبر عن رأي كاتبها

مناقشة