يقول السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، إن إثارة القضية في الوقت الراهن مجددا لا محل له من الإعراب.
وأوضح أن المياه الإقليمية المشاطئة للمثلث ضمن المياه المصرية، ويحق للدولة استثمار المنطقة بما فيها من ثروات، والعمل على تنميتها اقتصاديا واستثماريا، وأن القضية منتهية من عشرات السنوات ولا يوجد أي جديد فيها، وأن مصر تضمن التأمين الكامل للشركات، بما لا يؤثر على طبيعة عمليات التنقيب هناك.
تسجيل مواقف
من ناحيته قال أحمد كامل البحيري، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن الاحتجاج السوداني لن يؤثر على عمليات التنقيب في حلايب، خاصة أن الأمر لم يكن المرة الأولى.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن مصر تقوم بعمليات التنقيب بشكل رسمي، وأن الشركات المصرية تعمل في التنقيب، وأنه قد يحدث بعض التأثر للشركات الدولية، إلا أنها لم تظهر حتى الآن، خاصة في ظل علاقات القوية بين مصر والسودان في الفترة الحالية، والتي لم تتأثر بأية احتجاجات من قبل السودان في المرات السابقة.
وأشار إلى أن الأمر يقتصر على المواقف الدبلوماسية والسياسية، وأن تكرار السودان الاحتجاج والمذكرات لمجلس الأمن يتكرر بشكل سنوي، إلا أن الأمر لا يؤثر مستقبلا في مسار العلاقات بين البلدين.
موقف رسمي
وبحسب البيان، أعرب وكيل وزارة الخارجية السفير بدر الدين عبد الله للسفير المصري عن "احتجاج السودان على هذا الإعلان". مطالبا "بعدم المضي في الاتجاه الذي وصفته بأنه "يناقض الوضع القانوني لمثلث حلايب ولا يتناسب والخطوات الواسعة، التي اتخذها البلدان الشقيقان لإيجاد شراكة إستراتيجية بينهما".
وأكدت وزارة الخارجية السودانية، أن "إعلان وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية لا يرتب، وفقا للقانون الدولي، أي حقوق لمصر بمثلث حلايب، وأنها تحذر الشركات العاملة في مجال الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز، من التقدم بأي عطاءات في المنطقة المذكورة".
وبحسب نص البيان طالبت الحكومة السودانية حكومات الدول ذات الصلة، باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع شركاتها من الإقدام على أي خطوات غير قانونية.
واستطرد البيان: "يجدد السودان الدعوة المقدمة للشقيقة مصر لاستخدام الوسائل السلمية لحل هذا النزاع الحدودي، والحيلولة دون أن يؤثر على صفو العلاقة بين البلدين".
تأثر العلاقات
فيما قال خالد التجاني رئيس تحرير صحيفة إيلاف السودانية، إن الجهات الرسمية السودانية أكدت على السيادة السودانية، ومخالفة عمليات التنقيب للقوانين.
وأضاف في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، أن العلاقات في العام الأخير شهد تطورا كبيرا بين البلدين، إلا أن الجانب السوداني تحدث عن الأمر بوضوح، وأنه قال أن تعزيز العلاقات لا يعني التخلي عن مطالبته بحقه في السيادة على حلايب.
وتابع أن السودان فندت الجوانب الفنية، أنها ملتزمة بالجوانب القانونية، وقد تلجأ للتقدم بشكوى جديدة لمجلس الأمن أو الجهات القانونية الدولية.
محطات
وطالبت الخرطوم، القاهرة في حال رفضها التفاوض المباشر معها، أن توافق على التحكيم الدولي، لكن مصر رفضت التفاوض وقالت إن حلايب وشلاتين أراض مصرية.
وفي 2017 عادت قضية "حلايب وشلاتين" إلى سطح الأحداث بين مصر والسودان في العام 2017، بعدما أعلنت الأخيرة، تكوين لجنة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، وترحيل المصريين منها.
وفي 2018 سادت حالة من التراشق الإعلامي بين وسائل الدولتين، خاصة بعد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، ونقلت سائل إعلام سودانية بيانا للخارجية السودانية تقول فيه إنها أخطرت الأمم المتحدة برفض الخرطوم "لما يعرف باتفاقية تعيين الحدود البحرية بين السعودية ومصر"، وتشدد فيه على "كامل رفضها لما ورد فيها من تعيين للحدود البحرية المصرية بما يشمل إحداثيات لنقاط بحرية تعتبر جزءا لا يتجزأ من الحدود البحرية لمثلث حلايب السوداني".
وردا على ذلك، أكدت الخارجية المصرية في بيان "رفض مصر القاطع لما انطوى عليه الخطاب من مزاعم حول السيادة السودانية على منطقة حلايب وشلاتين أو الادعاء باحتلال مصر لها".
استدعاء السفير
وفي 4 يناير/ كانون 2018، استدعى السودان سفيره لدى القاهرة لـ"مزيد من التشاور"، فيما قالت القاهرة آنذاك إنها بصدد "تقييم الموقف لاتخاذ الإجراء المناسب"، وعاد السفير في 5 مارس/ آذار بعد نحو شهرين من استدعائه، دون توضيح سبب الاستدعاء.
تجديد الشكوى
ويجدد السودان سنويا شكواه في مجلس الأمن بشأن مثلث حلايب وشلاتين منذ عام 1958، ويقابلها الجانب المصري برفض التفاوض أو التحكيم الدولي بشأن المثلث الحدودي.
وتتهم الحكومة السودانية، في شكواها بمجلس الأمن، الحكومة المصرية بالمضي قدما في خططها الهادفة للاستحواذ على منطقة حلايب المتنازع عليها، مشددة على أن "حلايب أرض سودانية".
وأكدت مصر أن منطقة حلايب مصرية. وقالت: "حلايب وشلاتين أراض مصرية وتخضع للسيادة المصرية وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية".
واتخذت مصر، نهاية العام 2017، عدة إجراءات بخصوص المنطقة المتنازع عليها، من بينها الإعلان عن بناء مئة منزل بحلايب، وبث برنامج تلفزيوني وخطبة الجمعة من المنطقة المتنازع عليها، وإنشاء سد لتخزين مياه السيول، وميناء للصيد في منطقة شلاتين.
في المقابل، أعلن السودان، الذي اعتاد أن يقدم شكوى أممية سنويا حول مثلث حلايب وشلاتين، عدم الاعتراف باتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية الموقعة في 2016، مرجعا ذلك لمساسها بحق السودان في المثلث الحدودي، كونها اعترفت بحلايب ضمن الحدود المصرية.