وأوضح السياسيون السعوديون أن المملكة لديها تعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في عدد من الجوانب، رغم الخلاف الجوهري في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، مشيرين إلى أن بوصلة السياسة السعودية مرنة جدا، وسريعة التحرك، وتستطيع تجاوز الضغوط، والمقايضات.
قال الخبير في العلاقات الدولية، والمحلل السياسي السعودي، سامي البشير المرشد: "إن تبني الكونغرس الأمريكي قرارات ضد السعودية معروف على مر التاريخ، وغير مؤثر على العلاقات السعودية الأمريكية، والأهم هو قرار البيت الأبيض، الذي يدرك مصالح الولايات المتحدة أكثر من الكونغرس".
وأرجع المرشد، خلال حديثه لـ"سبوتنيك"، اليوم الأحد 24 مارس/آذار، سبب تصويت الكونغرس ضد السعودية من الحين للأخر إلى أغلبية اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس، والبحث عن إرضاء اليمين المتطرف الأمريكي، وبعض الناخبين من الحزبين للحصول على أصواتهم لتأمين مقاعدهم في مجلس النواب غير آبهين بالمصالح بين الدول.
وأكد المرشد، أن قرارات الكونغرس تنتهي لأحد أمرين، فإما بالنقض من الرئيس الأمريكي باستخدام حق (الفيتو) دائما، أو عن طريق تراجع الكونغرس عن القرار.
وأوضح المحلل السياسي السعودي أن الرياض لها سيادتها ومستقلة في قراراتها، ولا تقبل الإملاءات، ولا تضع مصالحها لدى دولة واحدة، وتمتلك علاقات متميزة مع كافة الدول مثل روسيا والصين ودول أوروبا.
وتابع: "السعودية ليست تحت رحمة أحد، وتدفع مقابل ما تشتري، ولديها خيارات متعددة في عملية التسليح، وحصلت على صواريخ دفاعية متطورة في حقبة الثمانينيات من الصين، ولديها تعاون عسكري مع روسيا، والدول الأوروبية".
وأشار المرشد إلى تصريح الحكومة السعودية أنها لا تنوي الحصول على تكنولوجيا نووية عسكرية الآن، وستمتلكه إذا امتلكته إيران، وأضاف أن السعودية عليها حماية مصالحها وأرضها وشعبها والحصول على التكنولوجيا النووية العسكرية في حين حصلت عليها إيران.
وتابع المرشد: "السعودية لديها تعاون معلن مع عدد من الدول في الطاقة النووية السلمية من ضمنها روسيا، ولا يوجد لديها تعاون في برامج نووية عسكرية مع دولة الهند ولا أي دولة نووية أخرى في العالم".
ولفت إلى عدم صحة التحليلات السياسية، التي تقول أن أمريكا يهمها إسرائيل ولا تخشى على أمن السعودية ودول الخليج، قائلا: "علاقة السعودية ودول الخليج العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجية وقديمة، وأمريكا يهمها أمن السعودية، وتعمل على مجابهة إيران"، وهو ما أكده الخبير الاستراتيجي والعسكري السعودي محمد بن صالح الحربي، الذي أوضح لـ"سبوتنيك" أنه لا يمكن القول إن أمريكا لا تخشى على السعودية أو دول الخليج، لأنها حليف استراتيجي.
وشدد سامي المرشد، على أن العلاقات السعودية الأمريكية متميزة في عدد من الجوانب، مثل احتواء إيران، ودعم التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، وإعادة الأمن والاستقرار لجمهورية سوريا، وعضوية السعودية في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بقيادة أمريكا، وحجم التعاون العسكري والاقتصادي والاستراتيجي كبير.
وتابع: "في المقابل السعودية لديها خلاف جوهري مع السياسة الأمريكية في ملف الصراع العربي الإسرائيلي، وتعلن السعودية عن الخلاف بشكل صريح وواضح، وموقفها معلن من عدم رضى المملكة على سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتلميح الأمريكي بالاعتراف بانضمام الجولان جزءا من إسرائيل.
وترفض السعودية ذلك رفضا تاما لمخالفة ذلك للقانون الدولي وتطالب بعودة كل الأراضي العربية المحتلة وترفض ضم إسرائيل للجولان بشكل حاد.
من جانبه قال المحلل السعودية، مبارك آل عاتي: "إن تصويت الكونغرس الأمريكي ضد السعودية في عدد من القرارات غير مؤثر على العلاقات السعودية الأمريكية المتميزة بالقوة، والعمق نظرا لأنها اتسمت بالصراحة والوضوح، وإدراكهما حاجتهما بعضهم لبعض".
وتابع آل عاتي، خلال حديثه لـ"سبوتنيك": "الرياض تدرك أن سبب تصويت الكونغرس لإيقاف الدعم الأمريكي للتحالف العربي في اليمن هو نتيجة الصراع الداخلي بين الديمقراطيين والجمهوريين وبين البرلمان والرئيس الأمريكي على خلفيات سياسية أمريكا الداخلية والخارجية، خصوصا قضية انسحاب الرئيس ترامب من اتفاق 5+1 مع إيران، الذي كان قد توصل إليه الرئيس الديمقراطي باراك أوباما.
وأضاف آل عاتي: "إيقاف دعم تحالف دعم الشرعية في اليمن كان متوقعا، واستخدام الرئيس الأمريكي حق الفيتو ضد القرار لا يعنينا، ولن يؤثر في أداء التحالف، فقد استغنى التحالف العربي في اليمن عن طائرتي التزود بالوقود الأمريكية، وقلص المستشارين، ولن تتأثر العلاقات السعودية الأمريكية الاستراتيجية، فهي عميقة ومتينة، والرياض تدرك أن هناك مساعي من بعض الدول ومن أطراف أمريكية للإضرار بهذه العلاقة، التي أفشلت خطط إسقاط المنطقة وجعلها تحت سيطرة إيران وإسرائيل وتركيا".
وصوت مجلس الشيوخ الأمريكي، يوم 13 مارس، بغالبية على مشروع قانون لإنهاء الدعم الأمريكي للحرب في اليمن.
ويتضمن مشروع القانون أن "يطلب الكونغرس من الرئيس سحب القوات المسلحة الأمريكية من العمليات الحربيّة في الجمهورية اليمنية أو من تلك التي تؤثر عليها، باستثناء" العمليّات العسكريّة ضد تنظيم القاعدة، وذلك في غضون 30 يوما من بدء سريان القانون.
وكان مجلس النواب قد تبنى نصا مشابها في 13 فبراير/شباط، بغالبيّة 248 صوتا مؤيدا في مقابل معارضة 177 صوتا.