في المقابل استنفرت القوى والشخصيات اللبنانية المناهضة للمحور الأمريكي جهودها لاستقبال الموفد الفنزويلي وسعت لتكريمه ودعمه كما يليق بهذه الدولة نظرا لدورها الكبير في مواجهة السياسات الأمريكية في العالم.
الدولة اللبنانية قامت بواجباتها من حيث الاستقبال وكان ذلك جليا من خلال حرص رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون على إظهار لبنان أنه دولة ذات سيادة وقرار حر ولديه سياسية خاصة خارجية به لا يتأثر بالإملاءات والضغوطات الخارجية بالرغم من التردد اللبناني في البداية من الزيارة وذلك من خلال تأخير الإخبار عن مواعيد اللقاءات الرسمية.
كما اقتصرت الخارجية اللبنانية بلقاء الوزير الفنزويلي بعيدا عن الإعلام ودون إقامة مؤتمر صحفي بين جبران باسيل ونظيره الفنزويلي تجنبا لأي حساسيات سياسية قد تواجهها الوزارة في اجتماعات الحكومة اللبنانية من الأطراف المعارضة لهذه الزيارة التي بحسب رأيهم تضر بلبنان أكثر مما تفيده.
وأشارت مصادر دبلوماسية لصحيفة "البناء" أن الحريري رفض استقبال وزير الخارجية الفنزويلي وهذا يؤكد موقف الحريري الذي ينسجم في سياسته الخارجية مع السياسة الأمريكية وبهذا يكون الحريري قد اتخذ موقفا من الأزمة الفنزويلية المناهض للحكومة الفنزويلية الشرعية. وأتت خطوة الحريري كرد مباشر على لقاء عون مع أرياسا.
ولا شك أن الحريري لم يكن المعارض الوحيد للزيارة لكنه الأهم كونه رئيسا لحكومة لبنان، ومع ذلك كانت المواقف اللبنانية المعارضة قد نسيت مبدأ "النأي بالنفس" الذي تروج وتسوق له حيث تستخدمه عند الحاجة ليس أكثر وبحسب المصلحة السياسية التي يرونها مناسبة لهم ولحلفائهم.
في الطرف الأخر، كان الأمر مغاير بالنسبة للمحور المقاوم لأمريكا، حيث نجحت القوى والشخصيات والأحزاب الوطنية من تعويض الإهمال والرفض اللبناني للزيارة من خلال لقاء موسع وحاشد مع وزير الخارجية الفنزويلي الذي اعتبر زيارته للبنان مهمة لدوره وموقعه ودوره الريادي في محور المواجهة لأمريكا. بالإضافة إلى أهمية العلاقات اللبنانية الفنزويلية والمتمثل بالحضور اللبناني الكبير في فنزويلا.
اللقاء الأهم مع حزب الله اللبناني
ما يربط حزب الله اللبناني بفنزويلا هو أكثر بكثير ما يربط الدولة اللبنانية بهذه الدولة في أمريكا الجنوبية، وبالتالي يمكن استخلاص ذلك من خلال طريقة الاستقبال للوفد الفنزويلي الذي سيلتقي بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
ومن المقرر أن يتباحث الطرفان بمواضيع مشتركة تهم الجانبان ومن أبرزها كيفية مواجهة السياسات الأمريكية في المنطقة والعالم وكيفية تنظيم الدعم المتبادل بين الحزب والدولة الفنزويلية.
ختاما، مرة جديدة يُنزل "الضيف" الخارجي اللبنانيين إلى الخنادق ويقسمهم إلى متقاتلين لمحورين كبيرين تبرهن من خلالها أن الدولة اللبنانية ضائعة بين ضيف وأخر وبين دولة وأخرى، لكن ما يميز هذا البلد بحسن ضيافته وكرم شعبه الذي لا يرفض دعوة أو زيارة مهما كانت مرتبة الضيف، فلبنان سيجد الصيغة المناسبة لاستقبال الضيف بـ "البروتوكول اللبناني السائد" البعيد كل البعد عن البروتوكلات الدبلوماسية المتبعة في العالم.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه)