فاجأ قرار حفتر الدول الداعمة لحكومة الوفاق، بعدما ظل يقف على مسافات مختلفة من جميع الصراعات الدائرة على السلطة في ليبيا منذ ستينيات القرن الماضي.
عملية الكرامة وظهور حفتر
بدأت عملية الكرامة في منتصف مايو/ أيار عام 2014، وتمكن الجيش الليبي خلال تلك الفترة من طرد المتشددين من عدة مناطق في البلاد وخاصة في الشرق والجنوب وفرض سيطرته على "الهلال النفطي" (خليج سرت حيث تتوزع موانئ تصدير النفط) وتمكن الجيش عمليا من طرد المسلحين من بنغازي.
جاءت تلك العملية بعد اختفاء حفتر لما يقرب من ثلاثة أشهر من خطابه الشهير في منتصف شهر فبراير/ شباط، الذي طلب خلاله من الحكومة تصويب أوضاعها.
وكان من بين أبرز الأسباب التي دفعت حفتر إلى إطلاق "عملية الكرامة" حينئذ إقدام الميليشيات المسلحة على تنفيذ عمليات اغتيال تجاوزت 500 عملية، استهدفت ضباطا من الجيش والشرطة إضافة إلى بعض نشطاء المجتمع المدني الرافضين لها.
وقبل عملية "كرامة ليبيا" قاد حفتر القوات المسلحة الليبية خلال الحرب الليبية — التشادية ونجح في الانتصار واحتلال تشاد.
وتسبب القذافي في وقوعه في الأسر مع المئات من الجنود في معركة "وادي الدوم" عام 1987، بعدما رفض الرئيس الليبي تقديم الدعم له خوفا من أن يرجع حفتر منتصرا ويستولى على الحكم في ليبيا.
وبعد مقتل القذافي في آخر هجوم للمعارضين على سرت، مسقط رأسه، أعلنت حكومة وفاق مدعومة من المجتمع الدولي في 12 آذار/ مارس 2016 ووصل رئيسها فايز السراج إلى طرابلس نهاية آذار/ مارس، وفي نفس الوقت تحديدا في الشرق أعلنت حكومة موازية مدعومة من المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي.
ومنذ ذلك الوقت تتنازع الحكومتان السلطة في ليبيا، الأولى حكومة الوفاق المعترف بها دوليا ومقرها طرابلس ويديرها فايز السراج، والثانية حكومة موازية في شرق البلاد يدعمها "الجيش الوطني الليبي" وأعلنها المشير خليفة حفتر من جانب واحد.
شائعات الوفاة
من المحطات التي شهدت تضاربات في الأنباء، وذلك منذ عام، وتعلقت بالوضع الصحي لحفتر.
وكان من بينها أنه عانى من جلطة دماغية لا يتوقع أن يشفى منها بينما تقول أوساط مناوئة له أنه توفي، وذلك في الوقت الذي وأقر الناطق باسم "الجيش الوطني الليبي" بأن حفتر دخل إلى أحد المشتشفيات في فرنسا لاجراء بعض الفحوص الطبية، رغم أنه نفى ذلك مررا سابقا مؤكدا قرب عودته إلى ليبيا.
ونقل حفتر إلى فرنسا لتلقي العلاج، وقال وزير الخارجية الفرنسي وقتها أمام الجمعية الوطنية إن حفتر في وضع صحي مستقر وأنه يخضع للعلاج في مستشفى عسكري فرنسي دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وخرج في أبريل/ نيسان من العام 2018، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي العميد أحمد المسماري، ونفى كل الأخبار المتداولة حول وفاة القائد العام للجيش.
حل الأزمة الليبية
قبل 4 أيام من العملية العسكرية، وتحديدا في 31 مارس/ آذار الماضي، مهد حفتر لحل الأزمة في الليبية، دون تفاصيل، وذلك في جلسات "الملتقى الأول لمستقبل شباب ليبيا".
تحرير طرابلس
بدأت قوات حفتر هذا العام تقدمها نحو جنوب ليبيا والسيطرة على حقول النفط الرئيسية، وكانت تلك البداية لتحقيق رغبة حفتر بالسيطرة على كامل التراب الليبي.
وبعدها بدأت القوات تدخل إلى المنطقة الغربية، حيث بسطت سيطرتها دون قتال على مدينة غريان الواقعة في الجبل الغربي على بعد نحو 100 كلم عن العاصمة طرابلس.
وبالتوازي مع هذا التحرك أعلن حفتر إطلاق ما سماها "عملية تحرير طرابلس"، من أجل ممارسة مزيد من الضغوط السياسية والعسكرية لإفشال الملتقى الوطني الجامع الذي دعت إليه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا برئاسة غسان سلامة، الذي كان يفترض انعقاده منتصف الشهر الحالي بمدينة غدامس جنوبي ليبيا.
قلق دولي
تسببت عملية الجيش الوطبي الليبي في قلق دولي حيث قالت حكومات فرنسا وإيطاليا والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة إنها تشعر بقلق بالغ بشأن القتال حول مدينة غريان الليبية وحثت جميع الأطراف على وقف التصعيد على الفور.
وقالت الحكومات الخمس في بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية في واشنطن "في هذه اللحظة الحساسة من مرحلة التحول في ليبيا فإن اتخاذ الوضع العسكري والتهديد بعمل أحادي لن يؤدي إلا إلى المجازفة بجر ليبيا نحو الفوضى… نعتقد بقوة بأنه لا حل عسكريا للصراع في ليبيا".
الحل العسكري مرفوض
حث الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف على التهدئة على الفور ووقف جميع الأعمال الاستفزازية، مشيرا إلى أنه لن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية.
وأوضح الاتحاد الأوروبي أنه يدعم جهود الوساطة التي يبذلها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة.
وقالت المتحدثة الرسمية باسم المفوضية مارغريتس سشيناس، في إحاطة لها اليوم الجمعة، "نحن قلقون عن التصعيد العسكري في ليبيا والتدخل غير المسيطر عليه، وقلنا مرارا إنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للوضع في ليبيا".