تعاني سوريا منذ بداية الحرب في عام 2011، من صعوبة في تأمين المشتقات النفطية اللازمة سواء للتدفئة أم للسيارات والآليات أم لمحطات توليد الكهرباء، وتمكنت الدولة السورية من التعامل مع الأزمة وفق المعطيات المتوفرة بحيث بقي الحد الأدنى المطلوب متوفرا مع اختلاف نسبة توفره بين فترة وأخرة.
قالت وزارة النفط السورية بصفحتها على "فيسبوك" إن الأزمة سببها خبر نشره موقع "هاشتاغ سوريا" حول إمكانية تخفيض الكمية المدعومة من مادة البنزين مما أدى إلى اندفاع الناس باتجاه محطات الوقود وتسبب ذلك بأزمة خانقة.
وبينت الوزارة أن موقع "هاشتاغ سيريا" هو من قام بنشر هذا الخبر، ومن ثم تم تداوله عبر العديد من الصفحات غير المهنية، وأوضحت الوزارة أن الخبر تم نشره يوم الجمعة، وهو يوم عطلة حيث تكون مستودعات شركة المحروقات مغلقة، واندفع المواطنين بعد سماع هذا الخبر بأعداد كبيرة لمحطات الوقود، كما أن العديد من المحطات أغلقت أبوابها نتيجة هذا الخبر مما أدى إلى الازدحام على ما تبقى من المحطات، وتابعت الوزارة أن نشر مثل هذه الأخبار الكاذبة يصب في مصلحة جهات ومافيات باتت مكشوفة لدى الجميع، والتي تهدف إلى خلق بلبلة وإرباك في الشارع السوري بغية مصالح شخصية ضيقة.
توقعات بانفراج الأزمة
توقع عضو مجلس الشعب السوري، الدكتور عمار الأسد، في حديثه لوكالة "سبوتنيك" بأن تشهد البلاد انفراجا قريبا فيما يتعلق بمادة "البنزين"، وقال:
"الانفراج قريب وسبب أي أزمة هو الحصار والعقوبات من الدول الغربية والدولة تعمل جاهدة لتلبية جميع احتياجات المواطن، ونحن مازلنا تحت آثار الحرب وعلينا كمواطنين المساعدة".
"ما يوجد هو ازدحام على الكازيات وليس فقدان للمادة والسبب إشاعة أن سعر المادة سيرتفع خارج البطاقة الذكية هذه البطاقة التي كنا من أوائل من رفضها قبل الحرب المركبة ولكنها أصبحت ضرورة وخاصة أنها قد حلت تدريجيا أزمة الغاز المنزلي التي حاول البعض افتعالها كابتزاز وإرهاب سياسي و لم يكن هناك أزمة بنزين قبل الإشاعة رغما من استعمال البطاقة الذكية وخاصة بمحافظة اللاذقية".
وأكد ديب أن انفراجا قريبا سيحصل وتنحل أزمة البنزين مثلما حصل بأزمة الغاز.
وتابع الدكتور ديب "البطاقة الذكية التي كان حجم التوفير اليومي بسببها حوالي 1,5 مليون لتر كانت تهدر وأغلبها يهرب وجزء منها يتاجر بها أصحاب الكازيات والوفر المحقق حسب تصريحات الحكومة 675 مليون ليرة يوميا وحوالي 243 مليار سنويا وهو ما يشكل 18 % من كتلة الرواتب والأجور.
وأضاف ديب "إن توزيع البنزين وفق البطاقة طريق لتوصيل الدعم لمستحقيه فكون وسائل النقل الجماعي الخاصة والتكاسي ستعطى مخصصات تكفي حسب استطلاعاتنا للقيام بالعمل وفق المعتاد أما بالنسبة للسيارات الخاصة فالكمية تكفي للأغراض الاعتيادية وأما من يقتني سيارات فوق 1600 فاقتناءها يضع هؤلاء ضمن الطبقة الغنية و ضمن الرفاهية التمييزية عن المجتمع ولن يؤثر عليهم السعر الآخر إن اتخذ القرار..وحسب استطلاعات الإشاعة دفعت الأغلبية لمحاولة ملء الخزانات ولو لم يكونوا بحاجة رغما من ساعات الانتظار.
وختم الدكتور ديب: "يوجد مغرضين مرتبطين بدول همها ابتزازنا سياسيا كما يوجد فاسدين وبعض الاغبياء المرتبطين الذين هدفهم تشويه صورة الدولة ممثلة برئيسها".
وأشارمدير موقع "مراسلون" السوري يوشع يوسف إلى أن انفراج الأزمة مرهون بالإجراءات التي ستتخذها وزارة النفط في الأيام المقبلة ولا يتعلق الأمر بتوفر المادة من عدمه، وهذا ما يشير إلى احتملا انفراج الأزمة خلال الأيام القليلة القادمة.
وأضاف الإعلامي السوري "أما عن انفراج "أزمة البنزين " خلال الأيام المقبلة فهو مرهون بالقرارات المتوقع صدورها من وزارة النفط فيما يخص أسعار البنزين الغير مدعوم والكمية المسموح تعبئتها عبر البطاقة الذكية، وليس بتوافر المادة من عدمها، لاسيما بعد إصدار وزارة النفط خلال اليومين الماضيين قراراً حدد سقف الكمية المسموح تعبئتها بـ 20 لتر فقط باليوم، ثم عاد ليجعلها 20 ليتر كل يومين وذلك بهدف تخفيف الازدحام الحاصل على محطات الوقود نتيجة الشائعات برفع الأسعار.
وبهذا الخصوص كان لعضو مجلس الشعب الدكتور حسين راغب رأيا مغايرا، وقال لوكالة "سبوتنيك": "أعتقد وعلى ضوء المعطيات المتوفرة والتي سأسردها حاليا أن أزمة البنزين مستمرة وتتجه نحو مزيد من التأزيم للأسباب التالية:
أولا: العقوبات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة وإنفاذها بالتهديد المستمر بالقوة العسكرية المتواجدة بالبحر الأبيض المتوسط وقصف أي ناقلة للمشتقات النفطية متجهة نحو سورية.
ثانيا: قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمعاقبة ومراقبة الأفراد والطواقم والسفن والتشدد في منع التحويلات. ثالثا: عدم إمكانية تطبيق تعهدات الخط الائتماني الإيراني حيث توقف تدفق مليوني برميل نفط شهريا، أسهموا في تأمين احتياجات سوريا من المشتقات النفطية.
رابعا: عدم السماح لأي ناقلة نفط متجهة إلى سوريا بالعبور من قناة السويس.
خامسا: إحجام العديد من شركات الشحن العالمية عن التقدم لنقل الإمدادات النفطية إلى سوريا.
وأضاف الدكتور راغب: "نحتاج إلى تدابير فعالة من قبل أصدقائنا الروس لحماية الإنجازات العسكرية بمناعة إقتصادية تقلل من فاعلية العقوبات الاقتصادية الأمريكية".
التخفيض آني ومؤقت
من جهته أوضح وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم خلال جولة على محطات الوقود في دمشق أن "تخفيض المخصص اليومي هو آني للخروج من الاختناق الحالي حيث بدأ ينخفض بموجب هذا الاجراء الازدحام في محطات الوقود"، وأشار إلى أن "سقف الكمية حدد بـ 20 ليتر لإفساح المجال أمام جميع الأخوة المواطنين للتعبئة والخروج من هذا الاختناق الحالي".
وأكد الوزير غانم أنه "لا يوجد أي تخفيض للكمية الشهرية المخصص للسيارات الخاصة من مادة البنزين وهي 200 ليتر وأن ما ذكر حول تخفيض الكمية هو "قيد دراسة تقول إن 95 % من السيارات الخاصة هي ما دون "1800 سي سي" وهذه السيارات يجري عليها الدعم الحكومي حيث تكفيها المخصصات أما السيارات التي ما فوق "1800 سي سي" سيخف عنها الدعم الحكومي لأن استهلاكها أكبر".
وشدد وزير النفط على فرض عقوبات رادعة بحق بعض المحطات التي تعاملت بشكل سلبي في عمليات توزيع مادة البنزين في كافة المحافظات مؤكداً أن "المصادر الرسمية هي الوحيدة فقط المخولة لتصرح عن أي تغير يطرأ في آليات التزويد بمادة البنزين وكل ما يصدر عن غير تلك المصادر عار عن الصحة"، وحول موضوع خلط المياه مع مادة البنزين قال غانم إنها "إشاعة ووزارة النفط تنتج مادة البنزين وتخزنها وفق المواصفات المتعارف عليها وأي خلل يتم رصده في المحطات يتم اتخاذ الإجراءات".
آثار الاختناقات
سببت الاختناقات بتأمين مادة البنزين ارتفاعا في أسعار النقل بشكل تلقائي، كما توقف اليوم الثلاثاء عدد من السيارات عن العمل في بعض المناطق الريفية.
وذكر موقع "شام إف إم" السوري أنه وبدون سابق إنذار وبلا معيار رسمي، قرر سائقو سيارات الأجرة في العاصمة دمشق رفع أجور النقل "بأنفسهم" بنسبة وصلت بل زادت عن 50%، بحجة "عدم توفّر البنزين، والانتظار لساعات طويلة من أجل الحصول على تنكة واحدة".
وأضاف الموقع "ويجد سائقو التكاسي أنفسهم "مظلومون" لأن عليهم أن يقفوا يومياً أكثر من أربع ساعات من أجل الحصول على 20 ليتر فقط، أو عليهم التوجه للسوق السوداء، وشراء التنكة بمبلغ 9 أو 10 آلاف ليرة سورية".
وبحسب الموقع "يلقي سائقو الأجرة باللوم على محطّات الوقود، التي تلقي بدوها اللوم على وزارة النفط، التي تلقي هي الأخرى باللوم على العقوبات الاقتصادية… والخ، ويبقى المواطن الحلقة الأضعف، محتارا ماذا عليه أن يفعل بين كل هذه الأزمات التي يعيشها".