وفي تونس يحظى باعة الحلويات وخاصة منها "الزلابية" أو "الشباكية" بإقبال كبير، وهي نوع من الحلويات الشعبية المعروفة في الوطن العربي، يقبل عليها خاصة التونسيون والجزائريون والمغاربة والعراقيون، وتشتهر بها محافظة باجة الواقعة في الشمال الغربي التونسي (105 كلم عن العاصمة) والمعروفة أيضا "بالمخارق" والمقروض وهي حلويات تلقى رواجا كبيرا خلال شهر رمضان.
إقبال كبير على الحلويات في رمضان
لسعد النوري صاحب محل لبيع الحلويات، يقول إن صنع "الزلابية" و"المخارق" عادة موسمية يحافظ العاملون بمحله عليها منذ ما يزيد عن 126 سنة.
يحكي لسعد قصته بقوله: "لم أختر هذه المهنة فقد ورثت هذا المحل عن والدي وجدي، ولكنها اليوم مورد رزقي الوحيد ضد كل مصاعب الحياة".
يضيف محدثنا "صناعة الحلويات قدر عائلتنا نتوارثه منذ سنوات جيلا عن جيل، وشهر رمضان يستبشر به جميع أصحاب محلات صنع الحلويات إذ يكثر خلاله العمل ويزداد فيه الإقبال على منتوجاتنا".
يقبل العاملون بهذه الحوانيت على عملهم منذ الصباح الباكر، يحضّرون العجين ثم يقسمون المهام بينهم استعدادا لاستقبال جحافل الصائمين. ورغم كونها مهنة مرهقة يضاعف أصحاب حوانيت صنع الحلويات ساعات العمل خلال شهر رمضان طمعا في كسب المزيد من المال، فشهر رمضان يمثل استثناء لهم من حيث نسبة الإقبال.
باعة "الملسوقة"
في شهر رمضان،لا تخلو أسواق تونس من باعة "الملسوقة" وهي عبارة عن ورقة من السميد تستخدم لصنع فطائر البريك المحشوة باللحم أو الدجاج والبصل والبقدنوس والجبن.
وعادة ما تمتهن بيع الملسوقة النساء، يصطففن في الشوارع والأسواق ويعرضن بضاعتهن المنزلية التي تمثل بالنسبة إليهن مصدر كفاح ورزق موسمي يؤمنّ به قوتهن ولو بشكل وقتي ويحافظن من خلاله على عادة غذائية لا تغيب عن موائد إفطار العائلات التونسية خلال شهر الصيام.
وعن مدخولهن تقول الخالة صالحة صاحبة الخمسة عقود، إنه لا يتجاوز الثلاث مائة دينار شهريا (حوالي 100 دولار) ينفقن جزء كبيرا منه على ثمن المكونات. وهو ثمن محترم تعتبره محدثتنا مقارنة بما يجنينه في الأيام العادية، فمهنتهن تخفت أو تكاد تختفي كليا ما أن ينتهي شهر رمضان.
باعة "البسيسة" والألبان
ولباعة "البسيسة" (أكلة شعبية تونسية تتكون أساسا من القمح أو الشعير المطحون مع بعض البقول) والألبان و"الموالح" (المخللات) بمختلف أنواعها نصيب من الربح في شهر رمضان، إذ تكتظ هذه المحالات بالناس الذين يتوافدون عليها لشراء هذه المأكولات التي تأخذ مكانتها على موائد الإفطار ويزداد استهلاكها في الضيافة أيضا.
ويسعى أصحاب المحالات المتخصصة إلى عرض هذه الأنواع من المنتوجات الرمضانية نظرا زيادة الإقبال عليها.
كما تزدهر صناعة الخبز الرمضاني، فالخبازون في مختلف محافظات تونس يتفننون خلال هذه الفترة من العام في تحضير أصناف أخرى من المعجنات زيادة على الخبز اليومي المصنوع من القمح والحبوب. ويتضاعف عمل الأفران في انتاج الخبز الطازج الذي يغري برائحته الصائمين فيقبلون على شراء أكثر من صنف تلبية لرغباتهم.
الحلويات و"الملسوقة" والألبان وغيرها منتوجات رمضانية لا يكاد يخلو منها بيت تونسي في رمضان، يعتبر ممتهنوها أن هذا الشهر جلّاب خير لمهنتهم، نظرا لارتفاع الطلب على منتوجاتهم التي يتمسك بها التونسيون احياء لعادات غذائية رمضانية ترافقها أجواء روحانية تضفي رونقا خاصا على مدن تونس وأحياءها.