وبالتالي فإن هذا اليوم يعتبر يوم ميلاد أسطول بحر البلطيق في روسيا، وجميع المشاركين في تلك المعركة حصلوا على أوسمة خاصة نقش عليها العبارة التالية نحقق ما يعجز تحقيقه.
تاريخ تأسيس أسطول البلطيق يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتاريخ تأسيس مدينة سانت بطرسبورغ. إذ أن هذه المدينة بدأ بناؤها على نهر النيفا في أيار/مايو عام 1703. وفي عام 1704 بدأ القيصر بطرس بتشييد حوض بناء السفن. ومنذ ذلك الحين يؤدي أسطول البلطيق مهماته بحماية حدود روسيا الشمالية الغربية على أكمل وجه.
خلال الحرب الشمالية التي امتدت من عام 1700-1721 حقق أسطول البلطيق العديد من الانتصارات على الأسطول السويدي. وخلال حرب القرم التي امتدت من عام 1853-1856 دافع الأسطول بشجاعة عن ساحل البلطيق وأحبط محاولات السويديين للاستيلاء على كرونشتاديت، ولم يسمح بالاستيلاء على غانغوت وسفيابورغ وبطرس بورغ، وقاتل جنود الأسطول ببسالة خلال الحرب العالمية الأولى، وبالطبع خلال الحرب الوطنية العظمى. شارك الأسطول في الدفاع عن مدينة لينيغراد خلال الأعوام 1941-1944 وقدم الدعم للجيش الأحمر في تقدمه نحو دول البلطيق وبروسيا الشرقية وبوميرانيا الشرقية حتى عام 1945. وخلال الحرب الوطنية العظمى دمر أسطول البلطيق بفضل سفنه وغواصاته وطيرانه البحري أكثر من 1200 سفينة حربية وسفن النقل للعدو، بالاضافة إلى أكثر من 1500 طائرة. وقد قاتل أكثر من 100 ألف جندي من الأسطول في الجبهات البرية.
لعب الأسطول أيضاً دوراً مهماً في البعثات والاكتشافات والحملات العلمية. وقد أصبح أسطول البلطيق أول الأساطيل التي تبحر لمسافات طويلة وحول العالم حيث تم تحقيق 432 اكتشافاً جغرافياً على خريطة العالم، والتي تحمل أسماء 98 أدميرالاً وضباطاً في أسطول بحر البلطيق.
أسطول البلطيق — أقدم الاساطيل الروسية هو عبارة عن مجموعة إقليمية استراتيجية متعددة المهام للبحرية الروسية في حوض بحر البلطيق، القادرة بشكل فعال على القيام بمهام قتالية براً وبحراً وجواً والتي تضم السفن القتالية والطيران البحري ووسائط الدفاع الجوي والفضائي والقوات الساحلية.
الحرب الباردة ودور بريطانيا في مواجهة الاتحاد السوفييتي
تحدثنا في الحلقتين الماضيتين عن الحرب الوطنية العظمى أو كما يطلق عليها أيضاً الحرب العالمية الثانية، وتم تسليط الضوء على الجنرالات السوفييتية الذين ساهموا في إنقاذ البلاد من براثين النازية وتحقيق النصر على الفاشية الألمانية.
في حين تحملت الولايات المتحدة فقدان 1700 شخص وانكلترا 67100 شخص وفرنسا 350 ألف شخص. ونفس تلك النسب هي خسائر الحرب العالمية الثانية لدى الحلفاء في العتاد والمنشآت والثروات. طبعاً يمكن استكمال الأرقام بإدراج خسائر الجنسيات الأخرى التي شاركت في الحرب إلى جانب الحلفاء. لذلك نجد أنّ الاتحاد السوفيتي تحمّل أكبر قدْر من خسائر تلك الحرب التي قُتل فيها ما بين 60 و80 مليون شخص.
مع انهيار ألمانيا النازية بنهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ التسابق لاحتلال كلّ ركن من أركان ألمانيا المنهزمة، وبدأت انكلترا تتزعّم حركة توزيع الغنائم وتحرّض الولايات المتحدة على ضرورة السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من أراضي البلاد المنهارة. هذا التصرف البريطاني استفز الزعيم السوفيتي آنذاك جوزيف ستالين، فسارَع بإرسال قواته للسيطرة على عدة دول محيطة بألمانيا، وسيطرت قواته على نصف المانيا ونصف عاصمتها برلين.
لم يتوقع تشرشل أن يقوم ستالين بهذا العمل وبسرعة كبيرة، في تحدي غير مسبوق، فما كان منه إلا أن قام بتشجيع الولايات المتحدة الأمريكية على احتلال مساحات إضافية في المانيا وغيرها من الدول الأوربية.
انتفض العجوز البالغ من العمر 72 عاماً بعد أن ترك رئاسة وزارء بريطانيا بعد الحرب عام 1945، وقال جملة شهيرة دخلت التاريخ أثناء محاضرة بإحدى الجامعات الأمريكية، بمدينة فيولتون في ولاية ميسوري:
من بحر البلطيق إلى البحر الأدرياتيكى، سقط الستار الحديديّ.. فأياً كانت النتائج المستخلصة من ذلك، فإنها بالقطع ليست هذه أوروبا التي حاربنا من أجل تحريرها، وإنها ليست أوروبا التي تحمل بداخلها بذور السلام الدائم. أنني أدعو الشعوب المتحدثة بالإنكليزية للتوحد لخلع أي محاولة للطموح أو المغامرة.
وكانت تلك الجملة في نظر الاتحاد السوفيتي وحلفائه، بل وفي نظر كثير من المؤرخين، بمثابة إعلان الحرب الباردة. وقد استطاع تشرشل بذلك أن يضمّ لآرائه الدول الغربية، والتي أعلنت عام 1949 قيام الحلف الأطلسي لمواجهة الدولة الشيوعية وحلفائها، ورد عليها الاتحاد السوفيتي عام 1955 بإعلان قيام حلف وارسو مع دول معسكر شرق أوروبا.
طائرة عراقية قصفت بارجة أميركية في الخليج — هل يتكرر هذا المشهد؟
في ثمانينات القرن الماضي وفي الفترة التي بدأت الحرب الإيرانية-العراقية تضع أزوارها وقعت حادثة غير مسبوقة في الخليج حيث قامت طائرة عراقية بإطلاق صواريخ على الفرقاطة الأميركية "يو أس أس ستارك" التي كانت تقوم بدورية روتينية في الخليج، ما أدى إلى مقتل 37 من مشاة البحرية الأميركية وجرح 21 آخرين.
وفقاً للتحقيق الرسمي الذي أجرته البحرية في الحادث، اعتقد طاقم ستارك وضباطه أن الطائرة سوف تمرّ بهم من دون أي مشكلة. لم يتخذ الضابط المسؤول أي إجراء، رغم معرفته بأن مقاتلة ميراج التي اعتقدوا أن الطائرة من صنفها قادرة على إطلاق الصواريخ من بعد 38 ميلاً. حاول الضابط زيادة مستوى استعداد السفينة في الدقائق التي سبقت أول صاروخ، ولكن كان الأوان قد فات.
لكن من المفارقات أن طائرة هليكوبتر إيرانية وسفينة سعودية ساعدتا البحرية الأميركية في عمليات الإنقاذ. ولاحقاً أعفي قبطان السفينة غلين بريندل من مهماته وتقاعد باكراً. على أثر ذلك ادّعت بغداد في البداية بأن السفينة انتهكت منطقة حربية، ولكن عند مواجهة البحرية الأميركية إياها بأدلة تدحض ذلك، تراجعت وقالت إنها ستجري تحقيقها الخاص، واعتذرت لواشنطن بعدما حضر الرئيس رونالد ريغان اجتماعاً طارئاً لمجموعة في مجلس الأمن القومي.
التوتر حالياً في منطقة الخليج يثير القلق، ويرى بعض المحللين العسكريين بأنه هناك أوجه شبه بين الوضع الحالي وما كان سائداً في المنطقة في حينه. حيث كانت كل من إيران والعراق تخوضان حرباً في عام 1987، وكان دور البحرية الأمريكية مواكبة ناقلات النفط من الخليج وإليها لأنها كانت معرضة لهجمات. يبدو أن الوضع نفسه يحصل اليوم.
ففي ظل التوتر السائد في المنطقة والتعزيزات الاميركية الاستثنائية، لا يكفي أن تعلن واشنطن وطهران أنهما لا تريدان حرباً، للاطمئنان بأن الحرب لن تقع.
مسابقة — التطلع إلى المستقبل — العسكرية الروسية
وزارة الدفاع الروسية قامت بتنظيم مسابقة بعنوان التطلع إلى المستقبل، حيث قدم العلماء العسكريون الممثلون لنحو 18 إقليماً روسياً 76 مشروعاً علمياً وتقنياً ابتكارياً. ومن بين المشاريع 51 عملاً وبحثاً علمياً وارداً من مؤسسات التعليم العسكري الروسية و25 مشروعاً علمياً قدمها العلماء العسكريون الشباب من السرايا العلمية التي شكلتها وزارة الدفاع منذ ثلاثة أعوام.
فيما يتعلق بمواضيع الأعمال والبحوث العلمية هناك نماذج من المعدات الحربية في مجال الميكانيك والتقنيات اللاسلكية والحواسيب الإلكترونية وأجهزة تدريب الأفراد. وزاد هذا العدد ضعفا عما كان عليه العام الماضي.
هدف إقامة المسابقة هو اكتشاف العلماء والخبراء الموهوبين وتهيئة الظروف لتطبيق النتائج والإنجازات العلمية عند تنفيذ المهام الملحة الخاصة بالقوات المسلحة. حيث تولت هيئة البحوث العلمية والتكنولوجيات الواعدة في وزارة الدفاع الروسية، تنظيم المسابقة ومنح الجوائز للفائزين فيها. وسيتم توزيع الجوائز على الفائزين في المسابقة على هامش منتدى "آرميا-2019" العسكري التقني الذي سيعقد الصيف القادم في ضواحي موسكو.
في هذا السياق أعلن القائد الأعلى للجيش الروسي فلاديمير بوتين، أنه سيتم شراء 76 مقاتلة حديثة من الجيل الخامس من نوع سو-57 الشبح حتى عام 2028، وسيتم توقيع العقد بهذا الشأن مع المؤسسة المنتجة في وقت قريب.
الزعيم الروسي وخلال اجتماع حول تطوير مجمع الصناعات الدفاعية، أشار إلى إنه تم التركيز على تصميم وإنتاج طائرات حديثة ستحدد القدرة القتالية للطيران الحربي الروسي خلال العقود المقبلة.
القيادة العسكرية كانت قد ذكرت بأن المقاتلات متعددة الأغراض من نوعي "سو-35 إس" و"سو-57" في المرحلة الختامية من التجارب، وأن تلك الطائرات تمتلك مواصفات فريدة من نوعها وتعتبر أفضل الطائرات في العالم. في تأكيد على ضرورة إعادة تسليح ثلاثة أفواج طيران بشكل كامل حتى عام 2028، وتزويدها بمقاتلات "سو-57" من الجيل الخامس.
برنامج التسليح كان يقضي بشراء 16 طائرة من هذا النوع، ولكن بعد تحليل الوضع، أبلغ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو بأن منتجي الطائرات خفضوا الأسعار بنسبة 20 بالمئة، ما سيسمح بزيادة المشتريات. في تنويه إلى أنه تم الاتفاق على شراء 76 طائرة من هذا النوع.
إعداد وتقديم: نوفل كلثوم