في الجزائر... ماذا بعد عدم ترشح أحد للانتخابات الرئاسية

قبل أسابيع قليلة من الموعد المحدد، يقف المجلس العسكري في الجزائر حائرًا بعد عدم ترشح أحد للانتخابات الرئاسية الجزائرية، المقرر عقدها في 4 يوليو المقبل.
Sputnik

في ظل إصرار المعارضة والشارع الجزائري على الإطاحة بكامل النظام السابق قبل الشروع في اختيار نظام جديد، يبدو أن "شبح" التأجيل بات يلاحق الانتخابات المقبلة، بعكس ما يتمناه الجيش.

إعلام: الجزائر لم تستقبل أي ملف للترشح للرئاسيات والانتخابات في حكم الملغاة
ولم يتقدم للانتخابات أي مرشح جدي، فيما سحب مرشحان حزبيان ملفهما وهما رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد والأمين العام للتحالف الجمهوري بلقاسم ساحلي، وليس هناك ما يضمن قبول المجلس الدستوري للمرشحين خلال الأيام العشرة، خاصة مع شرط الحصول على 60 ألف رعاية من قبل ناخبين، أو 600 توقيع من منتخبين

هذه الحالة الفريدة التي تتعرض لها الجزائر فتحت الباب على مصراعيه أمام التكهنات، ودفعت البعض لطرح تساؤل مفاده: ماذا بعد غلق باب الانتخابات دون مرشحين؟.

"حوار شامل"

عبد الرازق مقري رئيس حركة "مجتمع السلم" في الجزائر، قال إن "ما حدث من عدم تقدم أي مرشح للانتخابات الرئاسية حالة لم ينص عليها الدستور الجزائري".

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هناك ضرورة ملحة لاجتياز تلك المرحلة، والدخول في حوار شامل من أجل الاتفاق على مرحلة أخرى".

وأكد أن "المرحلة الجديدة تتضمن إضافة مواد للدستور، لتجاوز تلك المرحلة، ولتوفير الضمانات الكافية لعدم السماح بتزوير الانتخابات الرئاسية المقبلة".

"طريقتان للحل"

76 شخصا يتنافسون على رئاسة الجزائر... من يعقب بوتفليقة
من جانبه، قال عبد الله جاب الله رئيس تكتل قوى المعارضة في الجزائر، ورئيس حزب "العدالة والتنمية"، إن "عدم ترشح أي شخص لانتخابات الرئاسة التي دعا لها المجلس العسكري يعد انتصارًا للشارع وللحراك الشعبي، الذي قال كلمته وكررها في جمعات متتالية منذ 22 فبراير".

وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الشارع الجزائري يصر على الإطاحة بالنظام كاملًا، واسترجاع حقوقه وممارسة سيادته الكاملة، رافضًا بقوة جميع أنواع الوصايا"، مشيرًا إلى أن "المؤسسة العسكرية ضيعت كل هذا الوقت، وعليها الاستجابة لإرادة الشارع".

وأكد أن "استجابة المجلس العسكري تكون بطريقتين، إما بتفعيل المادة السابعة ووضع الآليات اللازمة لتحقيق مضامينها، وهو حل دستوري لا غبار عليه، وإما أن تذهب إلى تجميد العمل بالدستور".

وتابع: "في هذه الحالة، لابد من القيام بإعلان دستوري تحدد فيه المؤسسة العسكرية ما يجب فعله خلال هذه المرحلة الفاصلة، بين النظام السابق والقادم، الذي يختار فيه الشعب المسئولين اختيارًا حرًا ونزيهًا، عن طريق لجنة انتخابات مستقلة".

وأشار إلى أن "أي إجراء آخر غير ذلك، يعد زيادة في تضيع الوقت وتكريس إدارة الالتفاف حول إرادة الشعب، وحول مطالب الحراك الشعبي، وهذ أمر عواقبه غير محمودة".

"غلق باب التسجيل"

وانتهت، الأحد، المهلة القانونية لتقديم أوراق الترشح للانتخابات الرئاسية في الجزائر، وأعلن المجلس الدستوري تسجيل ملفين لمرشحين اثنين فقط، وهم عبد الحكيم حمادي، والمترشح حميد طواهري.

بين التأجيل والصدام... الانتخابات الرئاسية في الجزائر في مهب الريح
ومن المنتظر أن يفصل المجلس الدستوري في صحة ملفات الترشح، وفقا لأحكام الدستور، وقانون الانتخابات.

وكانت وزارة الداخلية الجزائرية قد أعلنت عن قائمة تضم 77 مرشحا سحبوا استمارات الترشح، لكن بعد ثلاثة أيام انسحب أبرز ثلاثة مرشحين من المشاركة في سباق الرئاسيات المقبلة.

وقرر رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد سحب ملف ترشحه رغم استكماله، نظرا "لانعدام التحضير الحقيقي والجدي لهذه المحطة الهامة، وانعدام التنافسية السياسية المطلوبة لإضفاء الجو الديمقراطي لهذه الرئاسيات"، وفق بيان للحزب.       

كما أعلن حزب التجمع الوطني الجمهوري في بيان له "تعليق" مشاركته في الانتخابات، وعدم تقديم ملف ترشيح أمينه العام بلقاسم ساحلي إلى "غاية توفر الشروط المناسبة لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي المصيري".

وفي السياق نفسه، قرر المرشح الرئاسي السابق الجنرال المتقاعد علي غدير عدم المشاركة في الرئاسيات تحت مبرر "احترامه للرغبة الشعبية الرافضة للانتخابات".

ودعت شخصيات سياسية وعسكرية بارزة القيادة العسكرية، إلى "حوار صريح" مع ممثلي الحركة الاحتجاجية، وحذرت من "حالة الانسداد"، بسبب التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها.

"تحذير الجيش"

ونقل بيان نشرته وزارة الدفاع الجزائرية الأسبوع الماضي عن قايد صالح قوله، إن "إجراء الانتخابات الرئاسية، يمكن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب".

وأضاف قايد صالح في البيان، أن "إجراء الانتخابات الرئاسية يضع حدًا لمن يحاول إطالة أمد هذه الأزمة، والأكيد أن الخطوة الأساسية في هذا الشأن تتمثل في ضرورة الإسراع في تشكيل وتنصيب الهيئة المستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات".

وأضاف: "ننتظر في هذا الإطار التعجيل باتخاذ الإجراءات المناسبة لتفعيل هذه الآلية الدستورية، باعتبارها الأداة القانونية المناسبة للحفاظ على صوت الناخب وتحقيق مصداقية الانتخابات".

وأشار إلى أن "إجراء الانتخابات الرئاسية يمكّن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب، وهو ما يستلزم من الخيّرين من أبناء الجزائر الغيورين على سمعة وطنهم ومصالح بلادهم ومكانتها بين الأمم، الالتفاف حول هذا المسعى المصيري لمستقبل البلاد".

الجيش يصر والشارع يرفض... انتخابات الرئاسة تشعل الجزائر
واعتبر صالح أن بعض المطالب "غير العقلانية"، من بينها "المطالبة بالرحيل الجماعي لإطارات الدولة كافة بحجة أنهم رموز النظام، وهو مصطلح غير موضوعي وغير معقول، بل وخطير وخبيث، يراد منه تجريد مؤسسات الدولة وحرمانها من إطاراتها وتشويه سمعتهم".

واستطرد: "هؤلاء الإطارات الذين كان لهم الفضل في خدمة بلدهم على مختلف المستويات بنزاهة وإخلاص، وليس من حق أي كان أن يحل محل العدالة بتوجيه التهم لهم والمطالبة برحيلهم".

ويؤكد المحتجون خلال مظاهراتهم الأسبوعية كل جمعة أو بمناسبة مظاهرة الطلاب كل ثلاثاء رفضهم إجراء انتخابات رئاسية ينظمها رموز "النظام" الموروث من حكم بوتفليقة الذي استقال في 2 نيسان/أبريل بعد أن أمضى 20 عاما في الحكم، تحت الضغوط المزدوجة للحركة الاحتجاجية والجيش الذي تخلى عنه.

ويطالب المحتجون بأن يسبق تنظيم الانتخابات رحيل كل هذه الرموز وفي مقدمهم الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ولكن أيضا قايد صالح نفسه.

مناقشة