وأعلن رئيس أركان الجيش الجزائري، أمس تمسكه بإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الموعد المقرر (4 تموز/ يوليو)، معللًا الأمر بضرورة "تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري".
ويصر الحراك الشعبي في الجزائر على خوض فترة انتقالية تقودها شخصيات توافقية، قبل عقد انتخابات رئاسية تضمن استبعاد كافة شخصيات نظام الرئيس بوتفليقة.
"تجديد الدعوة"
وقال بيان نشرته وزارة الدفاع الجزائرية عن قايد صالح إن "إجراء الانتخابات الرئاسية، يمكن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب".
وأضاف: "ننتظر في هذا الإطار التعجيل باتخاذ الإجراءات المناسبة لتفعيل هذه الآلية الدستورية، باعتبارها الأداة القانونية المناسبة للحفاظ على صوت الناخب وتحقيق مصداقية الانتخابات".
وأشار إلى أن "إجراء الانتخابات الرئاسية يمكّن من تفادي الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب، وهو ما يستلزم من الخيّرين من أبناء الجزائر الغيورين على سمعة وطنهم ومصالح بلادهم ومكانتها بين الأمم، الالتفاف حول هذا المسعى المصيري لمستقبل البلاد".
"مطالب غير عقلانية"
وبين صالح أن "ما تحقق حتى الآن من نتائج في مجال محاربة الفساد، يمثل مطلبًا أساسيًا من مطالب الجزائريين الأوفياء والمخلصين والغيورين على وطنهم، وهي نتائج بقدر ما تصب في الاتجاه الصحيح المتناغم مع تضافر الجهود وتوافق الرؤى بين الجيش والشعب، وفي ظل هذا التناغم فإنه يستحسن أن تتسم المسيرات بحد معقول وكاف من التنظيم والتأطير الجيد الذي يفرز ممثلين حقيقيين يتسمون بالصدق والأمانة في نقل المطالب المشروعة لهذه المسيرات، ويجنبها أي شكل من أشكال الفوضى".
واستطرد: "هؤلاء الإطارات الذين كان لهم الفضل في خدمة بلدهم على مختلف المستويات بنزاهة وإخلاص، وليس من حق أي كان أن يحل محل العدالة بتوجيه التهم لهم والمطالبة برحيلهم".
"اتهامات المعارضة للجيش"
عبد الله جاب الله رئيس تكتل قوى المعارضة في الجزائر، ورئيس حزب العدالة والتنمية، قال إن "الشارع الجزائري كله يرفض فكرة إجراء الانتخابات الرئاسية في 4 يوليو/ تموز المقبل"، مؤكدا أنه "من الخطأ اعتبار الرفض موقف قوى المعارضة وحدها".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك" أن "الثورة السلمية الموجودة في الشارع الجزائري، ثورة على نظام بوتفليقة، وقد عبر الشعب بعبارة صريحة وواضحة رفض كل المنتمين للنظام، وطالبهم بالرحيل عبر مسيرات تواصلت على مدى 3 أشهر".
وعن إصرار رئيس أركان الجيش الجزائري عقد الانتخابات الرئاسية في يوليو المقبل، قال إن "المؤسسة العسكرية متضامنة في موقفها هذا مع نظام بوتفليقة وأذنابه، لهذا فعلت المادة 102، وحددوا تاريخ الانتخابات، ويذكروا بضرورة المشاركة فيها من حين لآخر".
"موقف شعبي"
وعن إمكانية تقبل الشارع للانتخابات في النهاية، بين جاب الله أن "الشعب لن يستجيب، ولو كان أراد كان قد قبلها في السابق، حيث انتهت جميع الآجال المحددة لتقديم الملفات".
وأبدى رئيس حزب العدالة والتنمية استغرابه من دعوة المؤسسة العسكرية بتنصيب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قائلًا: "هذا أمر لا يقول به عاقل يعرف طبيعة الانتخابات، كيف يمكن تنصيب اللجنة التي تحتوي على آلاف الإطارات في ظرف زمني قصير".
وتابع: "لابد من أشهر لاختيار أعضاء اللجنة، والتأكد من نزاهتهم وصلاحياتهم للأمر، خصوصا هؤلاء الأوفياء للثورة وللشارع الجزائري".
وبسؤاله عن إمكانية رضوخ المعارضة للانتخابات المقبلة، أجاب: "نقف مع الشعب في صف واحد، ونرفض الانتخابات جملة وتفصيلًا، ولن نرشح أحدًا لها".
"تحذيرات سياسية"
وانتهت الأحد عند منتصف الليل، المهلة القانونية لتقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، فيما دعت ثلاث شخصيات سياسية وعسكرية بارزة القيادة العسكرية إلى "حوار صريح" مع ممثلي الحركة الاحتجاجية، وحذرت من "حالة الانسداد" بسبب التمسك بإجراء الانتخابات في موعدها.
ووقع البيان كل من أحمد طالب الإبراهيمي (87 سنة) وزير الخارجية بين 1982 و1988 والمرشح للانتخابات الرئاسية في 1999 قبل أن ينسحب منها ويفوز بها بوتفليقة، والمحامي علي يحيى عبد النور (98 سنة) الذي يعتبرعميد مناضلي حقوق الإنسان بالجزائر، واللواء المتقاعد رشيد بن يلس (72 سنة) الذي شغل عدة مناصب في الجيش منها قائد القوات البحرية.
وجاء في البيان: "ندعو بإلحاح القيادة العسكرية إلى فتح حوار صريح ونزيه مع ممثلي الحراك الشعبي والأحزاب السياسية المساندة لهذا الحراك، وكذلك القوى الاجتماعية المؤيدة له".
واقترح الإبراهيمي وبن يلس وعلي يحيى "مرحلة انتقالية قصيرة المدة، يقودها رجال ونساء ممن لم تكن لهم صلة بالنظام الفاسد في العشرين سنة الأخيرة" فترة حكم بوتفليقة.
وكان ناشطون سياسيون دعوا أحمد طالب الإبراهيمي إلى قيادة هذه المرحلة الانتقالية، لكنه رد بأن "سنه وصحته" لا يسمحان بتحمل أي مسؤولية، كما نقل مقربون منه.
وسبق أن دعا الثلاثة في 2017 المؤسسة العسكرية "أن تنأى بنفسها" عن الرئيس بوتفليقة الذي اضطر إلى الاستقالة في 2 نيسان/أبريل تحت ضغط الشارع.
ويؤكد المحتجون خلال مظاهراتهم الأسبوعية كل جمعة أو بمناسبة مظاهرة الطلاب كل ثلاثاء رفضهم إجراء انتخابات رئاسية ينظمها رموز "النظام" الموروث من حكم بوتفليقة الذي استقال في 2 نيسان/أبريل بعد أن أمضى 20 عاما في الحكم، تحت الضغوط المزدوجة للحركة الاحتجاجية والجيش الذي تخلى عنه.
ويطالب المحتجون بأن يسبق تنظيم الانتخابات رحيل كل هذه الرموز وفي مقدمهم الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، ولكن أيضا قايد صالح نفسه.