في الموصل القديمة..المدينة التي طالها الدمار الأكبر على يد تنظيم "داعش" الإرهابي عندما اتخذها معقلا أخيرا له، أثناء تقدم القوات العراقية بعمليات التحرير حتى أواخر 2017، غربي مركز نينوى، شمال العراق، اعتمد الأطفال في صرف ما جمعوه من عيديات على شراء الأسلحة البلاستيكية، للمرح بينهم.
حتى الفتيات اللواتي لم يخترن الدمى ذوات الخدود الممتلئة والشعر الأشقر بثياب أنيقة، مع عرباتهن، ، بل فضلن المسدسات المرفقة بمخازن من الـ"صجم" "الخردق" البلاستيكي الصارم جدا، والذي يترك أثرا ً أليما على جسد الضحية، والذي طالما تسبب بحالات عمى وضرر في العيون غالبا بين الأطفال وحتى الكبار الذين تصبهم "صجمة" طائشة.
وأختار فريق "وصل تصل" الذي يضم مجموعة من أبرز الناشطين في المجالات الإنسانية والمدنية، من محافظة نينوى، ومدن أخرى، فكرة وحملة جديدة في القضاء على العنف من خلال هذه الأسلحة المتناولة بين الأطفال، واستبدالها بأخرى توعوية تعليمية بألوان زاهية تناسب عفويتهم.
وصرح عضو فريق "وصل تصل" الشاب، عبد الله الدليمي، في حديث خاص لمراسلة "سبوتنيك" في العراق، اليوم السبت، 8 حزيران/يونيو، عن حملة سحب الأسلحة من الأطفال، قائلا ً:
"قمنا بتوزيع هدايا على الأطفال، في الموصل، تحديدا في أحياء المدينة القديمة التي شهدت الدمار الهائل على يد "داعش"، والتي بدأت الحياة فيها بالعودة".
وأضاف، أن الهدايا كانت موجهة لأكثر من 6 آلاف طفل تقريباً، والفكرة أننا قمنا بسحب الأسلحة البلاستيكية منهم التي يستخدمونها والتي تسبب الأذى والتشوه للكثير منهم ولأعضائهم.
وأكمل الدليمي، أن شرطنا في توزيع الهدايا على الأطفال في أيام العيد، هو أن نستبدلها بالأسلحة التي عندهم، وكانت هناك استجابة من الكثير منهم، كما أن الحملة تخللها محاضرات ميدانية توعوية عن خطر هذه الألعاب العنيفة وما تسببه لهم من أذى.
ونوه الدليمي، إلى أن الحملة نفذت على الجنسين "الذكور، والإناث"، مشيرا إلى أن الفريق صادف رفض من قبل بعض الأطفال الذين أبوا التخلي عن أسلحتهم، لكنهم استبدلوها معنا بعد إقناعهم وإغرائهم بالمضمون التعليمي والترفيهي الذي تحتويه الألعاب التي جلبناهم له.
وأختتم عضو فريق وصل تصل، معبرا عن سعادته من تمكنه والفريق من زرع البسمة والفرح في المدينة القديمة، وبنفوس الأطفال، وحتى الناس كانوا سعداء بهذه الحملة التي استطاعت أن توعي وتنبه الصغار وذويهم من تجنب شراء هذه الألعاب المخصصة للعنف.
وعند كل عيد، تمتلئ الكثير من شوارع البلاد ما بين العاصمة بغداد، وباقي المحافظات، بالأطفال (تتراوح أعمارهم ما بين "12-4" سنوات) المسلحين بالمسدسات والرشاشات البلاستيكية القريبة بشكلها إلى الحقيقية، تعتمد في ذخيرتها على "الصجم" الخردق، والبارود خصيصا لمسدس يسميه الصغار "أبو البكرة"، ليمارسوا ألعاب "الشرطة، والحرامية"، وحتى تصفية الثارات بين المتعادين لتنتهي فيما بعد بالبكاء والشجار إثر النزاعات الطفولية هذه.
ولا يخفى أن الغالبية من الأطفال في العراق، تأثروا في المعارك التي شهدتها البلاد، منذ التغيير والاجتياج الأمريكي عام 2003، وصولا إلى الحرب الأخيرة التي حسمت ضد الإرهاب المتمثل بتنظيم "داعش" الإرهابي.