ورغم استقبال الأردن لآلاف العمالة الوافدة، وصل معدل البطالة بين الشباب إلى 18.7%، وفق آخر إحصائية حكومية صدرت في عام 2019.
وفي ظل التقارب الأردني القطري الأخير وإعادة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، باتت المبادرة القطرية لتوظيف 130 ألف شاب، طوق النجاة للأردنيين.
مباردة قطرية
وأضاف في تصريحات صحفية أن "وفدا قطريا يزور الأردن حاليا لبحث سبل تسهيل عمل تلك المنصة، كما أن اللجنة الفنية القطرية الأردنية المشكلة للبحث في تذليل أي معيقات تواجه توظيف الأردنيين في القطاعات التجارية والصناعية في قطر".
وكان وزير العمل الأردني نضال البطاينة قد التقى مع نظيره القطري يوسف العثمان فخرو على هامش مؤتمر العمل الدولي الذي عقد في جنيف، حيث بحثا تفعيل المنصة الإلكترونية الخاصة بالمبادرة القطرية لتأمين عشرة آلاف وظيفة لأردنيين في دولة قطر.
وأعرب البطاينة خلال اللقاء عن رغبته بالإسراع بعملية إشغال الوظائف المتفق عليها، نظرا لأن ما تم تشغيله حتى الوقت الحالي هو ألفي موظف مع أن المسجلين على المنصة 130 ألف مواطن أردني.
من جهته أوضح الوزير القطري أن سبب التأخير هو محدودية مواصفات المنصة الإلكترونية في تمكين القطاع الخاص القطري من البحث التفصيلي عن الكفاءات الأردنية، حيث تعهد البطاينة للجانب القطري بأن تقوم كوادر وزارة العمل الأردنية بتطوير المنصة وتحسين مدخلاتها خلال الشهرين القادمين.
بطالة أردنية
يواجه الأردن تحديات كبيرة بسبب ارتفاع معدل البطالة الذي بلغ 18.7% وفقا لآخر بيانات رسمية، الأمر الذي دفع الشارع الأردني لاحتجاجات ساخطة ومتواصلة ضد الحكومة تطالب بتوفير فرص عمل.
وحسب أمين العاصمة عمّان، يوسف الشورابة، فإن عمال النظافة في العاصمة من الأردنيين، ولا يوجد أي عامل وافد حاليا يعمل في هذه الوظيفة، إضافة إلى وجود أعداد كبيرة تقدمت للعمل في هذا المجال.
وقال رئيس الوزراء عمر الرزاز، مؤخرا، إن "تشغيل الأردنيين وإيجاد فرص عمل لهم تحتل سلم أولويات الحكومة، وأن مشكلة الفقر مرتبطة بشكل رئيس بالبطالة المرتفعة بين الشباب والفتيات"، مضيفًا أن الحكومة ستعمل على تقديم الحوافز اللازمة وإزالة العقبات أمام القطاع الخاص ليأخذ دوره الحقيقي في النمو الاقتصادي الذي يولد فرص العمل.
المبادرة والبطالة
وأضافت في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المبادرة القطرية تأتي في سياق تعزيز العلاقات الآخذة بالتطور بين البلدين، وتسهم في التخفيف نسبياً، من أزمة البطالة في الأردن، ولكن بقدر محدود".
وتابعت: "أمام النسبة المرتفعة للبطالة في الأردن، التي تبلغ 18.7% وفق أرقام 2019، فإن فرص العمل المتاحة من خلال المبادرة القطرية تبقى محدودة، ما لم يرافقها خطة استراتيجية وطنية شاملة مختلفة عن المعالجات التقليدية للحكومات المتعاقبة التي لم تنجح في معالجة البطالة بالمملكة، بل أدى نهجّها الخاطيء وغير المدروس إلى أن تقفز نسبة البطالة من 9% عام 1999 إلى معدلها الحالي، لاسيما بين فئة الشباب".
ومضت قائلة: "تلك الخطة لابد ألا تتجاهل التحديات الثقيلة التي يشهدها الأردن نتيجة أزمة اللجوء السوري، وارتفاع أعداد الأيدي العاملة الوافدة من مختلف الجنسيات، والتي يبلغ عدد الحاصلين منها على تصاريح بين 312 و350 ألف وافد، مقابل نحو 800 ألف وافد يعملون في الأردن من دون تصاريح عمل، وفق تصريحات أردنية رسميّة، حيث يستحوذ هؤلاء على نسبة كبيرة من فرص العمل القائمة، ويتحكمون بالعديد من القطاعات، كالزراعة والإنشاءات وأسواق الخضار والفواكه والخدمات والمطاعم وغيرها، في المملكة".
وقت حرج
في الوقت نفسه أشار إلى أن "هناك مسائل أخرى قد تشكل محددات للنتائج المتوخاة من المبادرة القطرية؛ ويقع في مقدمتها مسألتا البطء في مسار التنفيذ، والشريحة المستهدفة، فمنذ انطلاق المبادرة القطرية، في العام الماضي حتى اليوم، حصل 2000 شخص على تأشيرات عمل، من إجمالي 5 آلاف نالوا الموافقة، من ضمن المتقدمين أساسًا بطلباتهم إلى ديوان الخدمة المدنية، الأردنيّ الرسميّ".
وأكملت: "وإذا ما علمنا وجود حوالي 389 ألف طلب توظيف على الكشف التنافسي لديوان الخدمة، بالإضافة إلى العاطلين عن العمل ممن لم يتقدموا بطلبات إلى الديوان، لأدركنا مدى فداحة الوضع الراهن، فيما يتم اختيار الطلبات للعمل في قطاعات منتقاة مسبقًا من الجانب القطري، والتي تم توسيعها مؤخرًا لكي تشمل نطاقات أكثر رحابة ضمن القطاع الخاص القطري، وهو قطاع نوعيّ ومميز، مما تشكل خطوة مهمة في إطار تنفيذ المبادرة الوازّنة".
وبشان أهميتها، أضافت نادية أن "أهمية المبادرة القطرية تبقى أنها جاءت في توقيت حرّج بالنسبة للأردن، في ظلّ الظروف والتحديات الاقتصادية الصعبة التي تمرّ بها المملكة، بناءً على توجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للإسهام في دعم الاقتصاد الأردني".
فيما يتمثل الشق الأكثر أهمية في المبادرة القطرية — والكلام مازال على لسان الباحثة الأردنية- في إعلان الدوحة عن حزمة من الاستثمارات التي تستهدف مشروعات البنية التحتية والمشروعات السياحية بقيمة 500 مليون دولار أمريكي، مما سيسهم فعليًا في إنعاش الاقتصاد الأردني والمساهمة في تنميته بشكل مستدام، فضلاً عن خلق حراك تنمويّ حيويّ لعجلة الاستثمار في الأردن وفرص استثمارية مباشرة وغير مباشرة سواء خلال فترة تنفيذ هذه المشروعات أو بعد دخولها مرحلة تقديم الخدمات أو الإنتاج، حيث يتركز الدعم القطري على المشروعات ذات الطبيعة المستدامة لخلق قاعدة يستند عليها الاقتصاد الأردني على مدى سنوات".
عودة العلاقات
من جانبه قال الدكتور جاسم بن ناصر آل ثاني، المحلل السياسي القطري، وعضو اللجنة الأوروبية للقانون الدولي، إن "الأردن يتطلع إلى علاقات متميزة مع دولة قطر، بعد مواقف الدوحة المشهودة حتى في ظل تخفيض الأردن لتمثيله الدبلوماسي".
وأضاف في تصريحات سابقة لـ"سبوتنيك"، أن "قطر وقفت مع الأردن في أزمته الاقتصادية، ما جعل الأردن يجد أن لا مبرر لعدم إعادة الأوضاع لما كانت عليه في السابق قبل الأزمة الخليجية".
وأشار المحلل السياسي القطري إلى أن "الأردن لم يكن مشمولًا بأي إدعاءات بأضرار أمنية، أو لديه خلافات مع قطر، فمن الطبيعي أن تعود العلاقات أفضل مما كانت عليه".
ومضى قائلًا: "قيام المملكة بتعيين وزير أردني ليمثل بلاده في قطر يعد دليلًا على حرص القيادة الأردنية لمستقبل أفضل في العلاقات بين البلدين، وكذلك قامت دولة قطر بالمقابل بتعيين أحد أفراد الأسرة الحاكمة سفيرًا لها بالأردن".
وخفض الأردن التمثيل الدبلوماسي مع قطر في يونيو/حزيران 2017، وسحب سفيره من الدوحة، الى جانب سحب تراخيص مكاتب قناة "الجزيرة"، على خلفية الأزمة الخليجية، وحصار قطر من قبل الإمارات والسعودية والبحرين ومصر.
وكانت العلاقات القطرية — الأردنية أصابها الجمود، وعكرتها الأزمة الخليجية قبل عامين كاملين، حين اضطر الأردن للاصطفاف الى جانب دول الحصار، واتخاذ "خطوات محسوبة" لم تصل الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فلم يشارك في الحصار الاقتصادي، أو الحرب الإعلامية التي شنتها دول الحصار على قطر.
لكن العلاقات عادت لتشهد قبل نحو عام تطورًا ملموسًا في مختلف المجالات، حيث أبقت الدبلوماسية القطرية الباب مفتوحًا أمام عمان للعودة عن قرارها بتخفيض التمثيل الدبلوماسي، وتفهمت، كما يبدو، دوافع القرار الأردني الذي اتخذ بعد ضغوط سعودية إماراتية لم تنجح عمّان آنذاك في صدها.