تناقلت وسائل إعلام محلية أردنية عن مصادر مطلعة قولها، إن "الأردن أرسل قبل أيام استمزاجًا للدوحة لتسمية الأمين العام لوزارة الخارجية الأردنية الحالي زيد اللوزي، سفيرًا لها لدى قطر"، فيما قالت صحف قطرية، إن الدوحة سمت الشيخ سعود بن ناصر بن جاسم سفيرًا لقطر في عمان".
وأكد مراقبون أن العلاقات الأردنية القطرية لم تنقطع بشكل نهائي إبان الأزمة الخليجية، حيث استمر التبادل الاقتصادي بينهما، مؤكدين أنها ستشهد طفرة كبيرة في الأيام المقبلة.
علاقات لم تنقطع
الدكتورة نادية سعد الدين، الكاتبة والباحثة في العلوم السياسية، مديرة تحرير جريدة "الغد" الأردنية، قالت إن "قرار الأردن بإعادة التمثيل الدبلوماسي في قطر يشكل خطوة متقدمة نحو مسار أكثر تطورًا في العلاقات بين البلدين، والتي لم تنقطع كليًا حتى من بعد اتخاذ الأردن موقفًا مساندا بالحد الأدنى لجانب دول السعودية — الإمارات- البحرين- مصر في قرار مقاطعتها الكاملة لقطر".
وأضافت في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "الزيارات المتبادلة استمرت على خط عمان — الدوحة، وبلغ حجم التبادل النجاري بين البلدين نحو 400 مليون دولار، فيما تحتل قطر المرتبة الثالثة عالميًا من حيث حجم الاستثمارات في الاْردن، والذي يقدر بنحو ملياري دولار، وفق المعطيات الرسمية الأردنية لعام 2018، عدا تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة تنفيذ توجيهات الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، حيال توفير 10 آلاف فرصة عمل للشباب الأردني في قطر".
وتابعت: "من ذلك، لا أستبعد أن تشهد العلاقات الأردنية- القطرية تطورًا لافتًا خلال الفترة القادمة، عند الانتقال من الزخم العلائقي الاقتصادي نحو الباب الدبلوماسي السياسي الذي كان مغلقًا حتى وقت قريب".
أسباب التقارب
وبشأن أبعاد التقارب، قالت نادية: "هذا التقارب الأردني القطري يحمل أبعادًا مختلفة؛ فمن ناحية، لن يؤثر التقارب كثيرًا على العلاقات الأردنية — الخليجية، في ظل الحرص الأردني على التزام معادلة الموازنة في علاقاته مع دول الخليج العربي، ومن ناحية أخرى يشكل هذا التقارب منفعة متبادلة بالنسبة لكل من عمان والدوحة، حيث يحتاج الاْردن في ظل الضائقة الاقتصادية التي يمر بها أن يبحث عن مصادر متنوعة للتعاون في مختلف المجالات، في الوقت الذي لم يجد فيه التعويض الكافي عند السعودية أو الإمارات، إزاء تخفيض حجم مساعداتهما للأردن وتحويل القيمة الأكبر منها إلى مشاريع بدلًا عن السيولة النقدية".
وعن باقي الأسباب التي دفعت الأردن للتقارب مع قطر، مضت قائلة: "بينما تقف قضية القدس على المحك الأكثر وزنًا في معادلة التقارب الأردني مع قطر، في ظل الموقف القطري الواضح من مسالة دعم الوصاية الأردنية الهاشمية التاريخية على المقدسات الدينية، الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، أمام المساعي السعودية المضادة لنسب الوصاية على تلك المقدسات لنفسها وسحب البساط بأكمله من تحت الاْردن، مما أحدث توترًا في العلاقة الأردنية السعودية مؤخرًا".
وأنهت الباحثية الأردنية حديثها قائلة: "لا شك أن ثمة ضغوطًا برلمانية حثيثة على الحكومة لإعادة العلاقات مع الدوحة وتطويرها، وسط مزاج شعبي وسياسي داعم في هذا الاتجاه".
مواقف إيجابية
من جانبه قال الدكتور جاسم بن ناصر آل ثاني، المحلل السياسي القطري، وعضو اللجنة الأوروبية للقانون الدولي، إن "الأردن يتطلع إلى علاقات متميزة مع دولة قطر، بعد مواقف الدوحة المشهودة حتى في ظل تخفيض الأردن لتمثيله الدبلوماسي".
وأضاف في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "قطر وقفت مع الأردن في أزمته الاقتصادية، ما جعل الأردن يجد أن لا مبرر لعدم إعادة الأوضاع لما كانت عليه في السابق قبل الأزمة الخليجية".
وأشار المحلل السياسي القطري إلى أن "الأردن لم يكن مشمولًا بأي إدعاءات بأضرار أمنية، أو لديه خلافات مع قطر، فمن الطبيعي أن تعود العلاقات أفضل مما كانت عليه".
ومضى قائلًا: "قيام المملكة بتعيين وزير أردني ليمثل بلاده في قطر يعد دليلًا على حرص القيادة الأردنية لمستقبل أفضل في العلاقات بين البلدين، وكذلك قامت دولة قطر بالمقابل بتعيين أحد أفراد الأسرة الحاكمة سفيرًا لها بالأردن".
علاقات أردنية قطرية
وأعلن العاهل الأردني عبد الله الثاني، خلال لقائه قبل أكثر من أسبوعين كتابًا وصحافيين أردنيين، عن "بشرى خير"، حينما سئل عن عدم وجود سفير أردني في الدوحة وسفير قطري في عمّان، واعدًا بـ"مفاجأة قريباً"، بحسب وسائل إعلام أردنية.
وخفض الأردن التمثيل الدبلوماسي مع قطر في يونيو/حزيران 2017، وسحب سفيره من الدوحة، الى جانب سحب تراخيص مكاتب قناة "الجزيرة"، على خلفية الأزمة الخليجية، وحصار قطر من قبل الإمارات والسعودية والبحرين ومصر.
وكانت العلاقات القطرية — الأردنية أصابها الجمود، وعكرتها الأزمة الخليجية قبل عامين كاملين، حين اضطر الأردن للاصطفاف الى جانب دول الحصار، واتخاذ "خطوات محسوبة" لم تصل الى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فلم يشارك في الحصار الاقتصادي، أو الحرب الإعلامية التي شنتها دول الحصار على قطر.
لكن العلاقات عادت لتشهد قبل نحو عام تطورًا ملموسًا في مختلف المجالات، حيث أبقت الدبلوماسية القطرية الباب مفتوحًا أمام عمان للعودة عن قرارها بتخفيض التمثيل الدبلوماسي، وتفهمت، كما يبدو، دوافع القرار الأردني الذي اتخذ بعد ضغوط سعودية إماراتية لم تنجح عمّان آنذاك في صدها.
بومبيو: نثمن دور #الكويت في الوساطة لحل "الأزمة الخليجية" pic.twitter.com/Giv99aF3vi
— العربية (@AlArabiya) March 20, 2019
فلم يخل العامين الماضيين من لقاءات معلنة وغير معلنة بين مسؤولي البلدين، وعلى أعلى مستوى، وآخرها كانت زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدولة لشؤون الدفاع القطري، خالد بن محمد العطية، إلى الأردن، منتصف إبريل/نيسان الماضي، وتوقيعه عدداً من الاتفاقيات الدفاعية، وكذلك زيارة رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة للمشاركة في اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي، واستقباله من قبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
يوسف بن علوي وزير خارجية سلطنة عمان في لقاء سابق: ليس مقبولًا لدولة عربية أن تتورط في حرب ثم تقول للعرب أخرجونا من هذه الأزمة لأنها لم تتشاور معهم من البداية #القمة_الخليجية_العربية_الإسلامية #قمم_مكة_الثلاث pic.twitter.com/33oCmPZGT7
— الخليج بوست (@alkhalejpost) May 31, 2019
وفي شهر أغسطس/آب، أعلنت دولة قطر عن تقديم حزمة مساعدات بقيمة 500 مليون دولار إلى الأردن، تشمل استثمارات وتمويل مشاريع، وتوفير نحو 10 الآف فرصة لتوظيف الأردنيين، خلال زيارة قام بها نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى عمان، التقى خلالها العاهل الأردني.
ومنذ نحو عامين قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي المقاطع بالسعي إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.