سوريا... مليارات "الذهب الأصفر" تنعش الاقتصاد وتحرك الأسواق

حققت محاصيل الحبوب من القمح والشعير في سوريا هذا العام زيادة كبيرة عن العام الماضي بعد موسم أمطار وفير، بالتوازي مع إنفاق الدولة السورية مليارات الليرات لشراء هذه المحاصيل من الفلاحين بأسعار مناسبة ما انعكس إيجابا على قطاع كبير في مختلف المحافظات عدا عن الوفر المحقق في القطع الأجنبي.
Sputnik

حقق محصول الحبوب في سوريا زيادة كبيرة هذا العام بلغت حتى تاريخ 26 يونيو/ حزيران حوالي 284 ألف طن من القمح في مختلف المحافظات.

القطاع الصناعي في سوريا ينطلق نحو دعم الاقتصاد
وأوضح عبد المعين قضماني، مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة السورية في نهاية شهر يونيو/ حزيران، أن عملية التسويق مستمرة حيث تم تسويق 435 ألف طن منها 426 ألف طن لصالح السورية للحبوب و8946 طناً لإكثار البذار.

وبين قضماني أن محافظة الحسكة جاءت أولاً بكمية 205 آلاف طن تلتها حماة بأكثر من 121 ألف طن فحلب بنحو 67 ألف طن فحمص أكثر من 20 ألف طن ثم درعا بـ9500 طن فالرقة بـ3350 طناً ثم دير الزور بـ2900 طن فطرطوس 2800 طن.

من جهتها قابلت الدولة السورية هذه الزيادة في الإنتاج بقرارات تدعم الفلاحين ورفعت سعر شراء المحاصيل من الفلاحين، ورصدت عشرات المليارات من الليرات لشراء الكميات المنتجة، وبدأت عجلة التسويق بالدوران في مختلف المحافظات.

وأعلن المصرف الزراعي التعاوني في محافظة الحسكة أن فروعه صرفت حتى تاريخه 36 مليارا و541 مليون ليرة سورية من قيم محصولي القمح والشعير المسوقين إلى فرعي المؤسسة السورية للحبوب والمؤسسة العامة للأعلاف. مؤكدا عدم وجود أي معوقات في عمليات الصرف بعد اتخاذ الإجراءات الميسرة أمام الفلاحين والمنتجين.

وفي محافظة السويداء ذكر مدير المصرف، نسيم حديفة، أن إجمالي المبالغ المصروفة يبلغ أكثر من 358 مليون ليرة تم تسليمها بشكل ميسر دون تأخير.

وكان مركز استلام الحبوب في السويداء تسوق الموسم الماضي نحو 4432 طنا من القمح.

وفي محافظة حمص بلغت كميات الأقماح المسوقة إلى مراكز الاستلام التابعة لفرع المؤسسة السورية للحبوب منذ بدء عمليات التسويق وحتى الآن أكثر من31167 طنا.

وأشار مدير فرع المؤسسة في حمص، نضال قوجه، أن عمليات الاستلام تتم بسلاسة ويحصل الفلاح على قيمة المحصول خلال 48 ساعة حيث تم تحويل 4 مليارات و500 مليون ليرة لفروع المصرف الزراعي في المحافظة لتسديدها للفلاحين إضافة إلى بيع أكثر من 25 ألفا و890 كيس خيش جديدا لصالح فرعي إكثار البذار والحبوب و37 ألفا و691 كيسا مستعملا لفرع الأعلاف بحمص.

وذكرت الوكالة أمس الأربعاء أن المصرف الزراعي في حمص صرف مليارين و746 مليون ليرة من قيم محصولي القمح والشعير للمزارعين في مختلف فروع المصرف بالمحافظة.

وبلغ إجمالي المبالغ المحولة للمصرف لصرف قيم الحبوب 3 مليارات و500 مليون ليرة وتم صرف مليارين و150 مليون ليرة قيمة محصول القمح المسلم لفرع السورية للحبوب و124 مليونا من قيمة القمح المسلم لفرع مؤسسة إكثار البذار في حين تم صرف 472 مليونا من قيمة محصول الشعير المسلم لفرع مؤسسة الأعلاف.

يذكر أن إنتاج حمص المتوقع من القمح يبلغ 52 ألف طن ومن الشعير 25 ألف طن.

أما في اللاذقية، فلا تنتشر زراعة القمح على نطاق واسع مع غلبة زراعات أخرى كالحمضيات والزيتون والتبغ، واستلم فرع الحبوب حتى يوم الثلاثاء أمس الأول 684 طنا من القمح وصرف الفرع للفلاحين 118 مليون ليرة سورية.

وفي محافظة حماة، قال عبد الغني الأسود، مدير فرع المؤسسة، إن خطة المؤسسة هذا العام تقضي استلام 20 ألف طن من القمح تم استجرار 8600 طن منها حتى الآن فيما بلغت خطة الشعير استلام 5000 طن بينما تم توريد كمية 6000 طن موضحا أن لدى فرع المؤسسة حاليا أربعة مراكز لاستلام البذار موزعة في عين الباد وكفربهم ومستودعات المؤسسة بالإضافة إلى مركز جديد أحدث مؤخرا بمركز الغربلة في كفر بهم بهدف البدء بعمليات الغربلة والتعقيم.

تشكل الأموال المدفوعة للفلاحين إنفاقا حكوميا يصب في النهاية لصالح إنعاش الاقتصاد حيث أن الكتلة المالية المنفقة بالعملة السورية سوف يتم صرفها (كليا أو جزئيا) أو استثمارها في السوق السورية وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تنشيط الطلب الداخلي وبالتالي تحفيز عملية الإنتاج المحلي لتلبية الطلب، ومن ناحية ثانية فإن هذه الكميات المسوقة من الحبوب المنتجة محليا ستوفر الكثير من العملة الصعبة (الدولار واليورو) المخصصة لاستيراد القمح من خزينة الدولة من القطع الأجنبي، كما يضاف إلى هذه العوامل، عامل التشغيل الذي توفره هذه المحاصيل حيث أن آلاف العمال والأسر تستفيد من خلال عملها سواء في الإنتاج أو النقل أو حتى فيالمراحل المتقدمة من عمليات الحفظ أو التصنيع أو التوزيع وهذا يشكل دفعة إنعاش قوية للاقتصاد السوري.

 في هذا الصدد اعتبر الأستاذ الدكتور في كلية الاقتصاد سمير شرف في تعليقه لوكالة "سبوتنيك" أن: "تحقيق الأمن الغذائي إرث اقتصادي حققته سوريا خلال العقود المنصرمة ما قبل الأزمة، وتشهد البلاد نشاط اقتصادي من خلال إنفاق المليارات من قيم محصولي القمح والشعير الوفيران لهذا العام، الأمر الذي يتطلب من الحكومة تفعيل النشاط الاقتصادي للأسواق رافعة الناتج القومي والدخل القومي، وذلك من خلال توجيه الطلب الفعال للمبالغ المصروفة بتشجيع فروع الاقتصاد الوطني على تحريك عجلة الإنتاج نحو الحاجات الضرورية وتقديم المزايا التفضيلية التي تحقق الغاية، كالتسهيلات الضريبية، البنى التحتية، المدن الصناعية. سبيلأ للوصول إلى تفعيل النشاط ودورة الحياة الأقتصادية"

الغاز السوري الاستراتيجي وقدرته على دعم الاقتصاد في مقاومة الحصار
من جهته قال الدكتور والخبير الاقتصادي رئيس جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية، الدكتور سنان ديب لوكالة "سبوتنيك" إنه:

"رغما مما فعله الإرهاب وأدواته من حرق لأراضي شاسعة إلا أن الكميات المسوقة فاقت كميات الموسم السابق. فحسب تصريحات الوزارة المختصة استلمت المؤسسة السورية للقمح 535 ألف طن قيمتها بحدود مئة مليار ليرة وسط تسهيلات يتم دفعها خلال يومين. في حين كانت الكمية السنة الماضية 355 ألف طن. والناتج المتوقع هذه السنة سيعطي فوائض ومخزون استراتيجي للسنة القادمة و الحكومة أدرى بكيفية التعاطي معه وهذا سيوفر علينا ملايين الدولارات التي كانت تذهب لاستيراد القمح وقد نقايض القمح القاسي بالقمح اللين الذي كنا نحتاجه للخبز إن لم يستطع الإنتاج تغطيته ومن المؤكد أن هذه الوفرة بالإنتاج ستؤدي لتوفر قوة شرائية للفلاحين وأسرهم وللمهن المترافقة مع حصاد وتسويق القمح و سيضخ مئات المليارات من السيولة بالأسواق وسينعكس على شراء الحاجات الضرورية ويحرك الأسواق الراكدة نوعا ما للفجوة الكبيرة بين مستوى الدخل ومتطلبات المعيشة.

وختم ديب: "من محاصيل الذهب الأصفر سنوفر القطع الأجنبي والذي سينعكس على سعر الصرف من جهة و يتيح الخيارات للحكومة لتمويل المواد الهامة والضرورية لزيادة الطاقات والقدرات الإنتاجية الأمر الذي سينعكس على كل المؤشرات الاقتصادية ولا يقتصر الفائض على القمح بل على أغلب المنتجات الزراعية والحيوانية ونستطيع القول إن سورية قريبة من الوصول للإكتفاء الذاتي وتعود لتحقيق الأمن الغذائي بشكل شبه تام.

مناقشة