تؤكد التصريحات الحكومية السورية أن الغاز السوري قد يلعب دورا هاما في رفع مستوى معيشة المواطن السوري، وخاصة أن الغاز هو مادة من مواد الطاقة وبالتالي هو سلعة استراتيجية.
وكان وزير النفط السوري علي غانم قد صرح في عام 2017 بوجود احتياطيات كبيرة من الغاز في الساحل السوري، لافتا إلى أن احتياطي المقطع البحري السوري الواحد يبلغ 250 مليار متر مكعب.
ويتوقع خبراء أن كميات الغاز والثروات الباطنية مثل النفط والفوسفات ستحقق مفاجئة وقفزة نوعية كبيرة في الاقتصاد السوري عند المباشرة باستخرجها.
في نهاية 2017، أعلنت الحكومة السورية بداية العام موعداً للشروع باستخراج الغاز من المنحدر القاري السوري وفق خارطة طريق تم رسم ملامحها مع الدول الصديقة.
وفي شهر مايو/ أيار عام 2018 افتتحت الحكومة السورية مشروع الغاز شمال دمشق في منطقتي قارة والبريج بخبرات وكفاءات وطنية بطاقة إنتاجية تبلغ مليون متر مكعب يوميا وبتكلفة وصلت في مرحلتها الأولى إلى 9 مليارات ليرة سورية.
ووفقا لـ"سانا" فقد قدم القائمون على المشروع شرحا عن مراحل العمل التي تضمنت إنجاز 4 آبار غاز ومحطة قارة ومحطة البريج للغاز وإنشاء خطوط نقل الغاز وتم ربط الخطوط مع الشبكة السورية للغاز.
وأوضح القائمون على المشروع أنه أدخل أكثر من مليون متر مكعب من الغاز يومياً في الشبكة إضافةً إلى 750 برميلا من المتكاثفات بما يعادل 330 ألف دولار وبذلك تم اكتمال المرحلة الأولى وتم اكتشاف حقول شمال دمشق عام 2010 وتتألف من حقل قارة وحقل البريج وحقل ديرعطية.
وعقب تخليص المنطقة من الإرهاب بدأت وزارة النفط بتنفيذ المشروع حيث تم حفر عدة آبار (قارة 1) بإنتاجية يومية 450 ألف متر مكعب من الغاز و(بريج 1) بإنتاجية يومية 200 ألف متر مكعب من الغاز و(قارة 3) بإنتاجية يومية 450 ألف متر مكعب من الغاز وتمت المباشرة بمد أنابيب الغاز وإنشاء محطات التجميع والمعالجة والتخزين واختصار مدة التنفيذ من 150 يوما إلى 48 يوما وتم الانتهاء من حفر ستة مسارات للخطوط التي يتجاوز طولها 48 كم بين الآبار والمحطات كما أنجزت الورش العاملة تنفيذ محطة تجميع غاز قارة وتوصيلها إلى مجمع غاز قارة بالإضافة إلى تنفيذ محطة تجميع البريج وقبل التشغيل أجريت اختبارات الضغط بالهواء للأنابيب والفواصل وكسح خطوط الآبار بالنتروجين ثم بالغاز.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس أثناء افتتاح هذه المشاريع أن مرحلة إعادة الإعمار بدأت وهناك مشاريع ضخمة يعاد تأهيلها وهذا المشروع سيكون رافدا لشبكة الكهرباء ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد السوري بمختلف قطاعاته الزراعية والصناعية والتجارية وأيضا على معيشة المواطن مع بدء عملية التنمية وإعادة إعمار المنشآت الهامة لتعزيز الإنتاج والواردات.
بدوره أوضح وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم أهمية إدخال هذه الحقول بالخدمة نظرا لقيمتها الإنتاجية وانعكاسها على الواقع الاقتصادي بالقيمة الاحتياطية للحقل المقدرة بـ 20 مليار متر مكعب من الغاز إضافة لتكريس مبدأ الاعتماد على الذات من خلال إنجاز كامل المشروع بخبرات وطنية بالإضافة إلى العامل الزمني لأن المشروع أنجز بمدة زمنية قياسية.
وعبر الخبير الاقتصادي الأستاذ الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين سمير شرف عن تفاؤله خلال تعليقه الذي خص به وكالة "سبوتنيك" في هذا الصدد، وقال:
"ستشهد سوريا بعد استقرارها الأمني معدلات نمو قد تكون رائدة على مستوى العالم إذا ما تم استثمار الثروات الباطنية المكتشفة وعلى رأسها الغاز والنفط ، وفق الدراسات والمعطيات فإن سوريا ممكن أن تحتل مرتبة متقدمة عالميأ بتصدير الغاز والمقدر بـ 500'28 مليار متر مكعب، والمتمركزة في حقول بانياس (الأكبر من حيث الأحتياطي المقدر) وتدمر وقارة وساحل طرطوس إضافة إلى حقول الجزيرة السورية".
وأضاف شرف "الغاز كمصدر طاقة واعد إضافة للنفط سوف يأمن مستلزمات أي عملية تنموية قادمة من خلال دعم البنى التحتية والخدمات الاجتماعية والشخصية المطلوبة لعملية التنمية، إضافة لذلك قد يصبح ميزان المدفوعات رابحأ في سنوات ما بعد الأزمة عندما يتم تصدير الغاز، سوريا واعدة ومن المتوقع أن تكون دولة فاعلة في نادي الغاز الدولي".
ووقعت موسكو ودمشق في عام 2017 خلال زيارة وزير النفط السوري علي غانم على اتفاقية للتعاون في مجال الطاقة والثروة المعدنية، تنص على تعاون الجانبين في تطوير وإعادة تأهيل حقول النفط والغاز ومناجم الفوسفات، والعديد من مشاريع البنية التحتية في سوريا، وتشييد مركز للمعلومات الجيولوجية والجيوفيزيائية.
وأوضح غانم أن توقيع الاتفاقية جاء تتويجا لكل الاتفاقيات السابقة، وخاصة التي تمت خلال اجتماع سوتشي للجنة الحكومية السورية الروسية المشتركة، ويشرف شخصيا على متابعة تنفيذها، إذ تشمل مجال التكرير والحفر والاستكشاف والجيولوجيا.
وبحسب تقرير لـ"الوطن" السورية صدر في شهر آذار من العام الجاري، سيكون للشركات الروسية، وفي مقدمها "ستروي ترانس غاز" ذات الخبرة الكبيرة بمشاريع استخراج ونقل برية حيوية في سوريا منذ ما قبل الحرب، دور كبير في عمليات البحر الذي قدرت الهيئة الجيولوجية الأمريكية احتياطياته (بشكل ملطّف) عند 700 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه وبالرغم من التأخر في استخراجه بحريا في سوريا إلا أنه "لم يزل الأمر ضمن مواعيده الممكنة، إذ إن مصر مثلاً، وخلال عام واحد فقط تحولت من أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم العربي وشرق المتوسط، إلى مصدّر محتمل هذا العام، وجرى الأمر بمساعدة من حلفائها الغربيين، وبطبيعة الحال، فالتكنولوجيا الاستخراجية الروسية لا تقل ديناميكية، ويمكن لها أن تدعم القفزة الاستخراجية في سوريا بسرعة موازية".
وكانت السفينة الأمريكية نوتيلس وبمساعدة تركية قامت في 17 آب 2010 بمسح جيولوجي، و تبين من خلال المسح أنّ واحدة من أكبر حقول احتياطي الغاز في العالم، تقع شرقي المتوسط، وهو حقل "لفيتان" العملاق للغاز باحتياطي قدره 23 ترليون قدم مكعب.
وفي عام 2008 كان ترتيب سوريا في احتياطي الغاز في المرتبة 43 عالمياً، بواقع 240.7 مليار متر مكعب، حسب "List of countries by natural gas proven reserves"،في الوقت نفسه احتلت المرتبة 31 باحتياطي البترول.
أما في عام 2017 فإن الاحتياطي السوري (بحسب تقارير) من الغاز في منطقة تدمر، وقارة، وساحل طرطوس، وبانياس، هو الأكبر بين الدول الست، وهذا يجعل سوريا، إن تمّ استخراج هذا الغاز "ثالث بلد مصدر للغاز في العالم" (في ظروف المنافسة الطبيعية من دون ضغوط الحصار الأمريكي الجائر).
وكانت وزارة النفط السورية افتتحت في 16 آذار 2018 بئرين غازيين جديدين قارة 3 وصدد 9 ودخلا الإنتاج الفعلي بطاقة يومية تصل إلى نصف مليون متر مكعب وذلك ضمن الخطط الموضوعة من قبل الوزارة لتوفير الاحتياجات الوطنية من النفط الخام والغاز الطبيعي والمشتقات النفطية ولاسيما الوقود اللازم لعمل محطات توليد الطاقة الكهربائية.
ويصل عمق بئر قارة 3 الغازي إلى 3572 مترا وإنتاجه اليومي 400 ألف متر مكعب وذلك بعد أن تم الانتهاء من حفره واختباره مطلع آذار وعلى الفور تم وضعه في الاستثمار وجرى نقل الحفارة العاملة إلى موقع جديد هو بئر قارة 4 الجديد.