الجزائر - سبوتنيك. ورد رئيس حزب جيل جديد سفيان جيلالي في حوار أجراه مع وكالة "سبوتنيك" على موجة الانتقادات التي طالت حزبه بعد مشاركته في منتدى الحوار الوطني الذي عقد، في السادس من تمّوز/يوليو الماضي، بالجزائر العاصمة، قائلاً: "نعم، وبشكل مثير للدهشة تعرض [حزب] جيل جديد لانتقادات بعد مشاركته في لقاء جمع أحزاب سياسية معارضة، ونقابات مستقلة والجمعيات".
وأضاف: "هذا يدل على مدى أهمية هذا الحزب بالنسبة للرأي العام" لافتاً في الواقع، كان من المقرر أن يؤدي هذا المنتدى إلى إعلان خارطة طريق، لإخراج البلاد من الأزمة مع توحيد مواقف الجهات السياسية الفاعلة".
وأوضح جيلالي: "بعدها تم الخلط بين منتدى الحوار الوطني ومسار الحوار الذي أطلقته السلطة. لهذا اعتقد الكثيرون أن صفقة ما عُقدت مع السلطة على حساب الحراك".
وأرجع جيلالي هذا الارتباك إلى "التواصل السيء الذي انتهجه المنظمون، وأيضا إلى الشيطنة التي تعرض لها المنتدى من بعض ممثلي الطبقة السياسية التي تريد مرحلة انتقالية بمجلس تأسيسي".
"جيل جديد" هو حزب سياسي جزائري تأسس سنة 2011 بعد الانفتاح الذي حصل في الجزائر إثر "الثورات العربية"، وكان عضوا في تنسيقية الانتقال الديمقراطي، انسحب رئيسه سفيان جيلالي من رئاسيات 2014 بعد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
الانتخابات الرئاسية مدخل للتغيير
وعن الأصوات التي استغربت عدم تواجد حزب جيل جديد كعضو في تكتل البديل الديمقراطي، قال سفيان جيلالي: "جيل جديد حزب ديمقراطي يطرح بوضوح مشكلة الحداثة. صحيح أننا شاركنا في اجتماع تحضيري للبديل الديمقراطي الذي يجمع الأحزاب التي تّصنف كأحزاب حاملة للقيم الديمقراطية، لكن بقدر غياب اختلافات ملحوظة على المستوى الأيديولوجي بيننا وبين أعضاء البديل، فإن مواقفنا السياسية تتباعد".
وعن نقاط الاختلاف يضيف جيلالي:
"تدافع أحزاب البديل الديمقراطي عن فكرة الانتقال الطويل المرفق بمجلس تأسيسي، أما نحن في جيل جديد فنعتقد أنه ومن دون رئيس جمهورية شرعي، سيكون اتباع هذا النهج [المجلس التأسيسي] مغامرة".
ويجمع تكتل "البديل الديمقراطي" أحزابا سياسية ذات توجه ديمقراطي علماني، وقعت وثيقة عهد سياسي تربط بين اعضائها، وتطالب بمرحلة انتقالية تأسيسية، ورفض أعضائها المشاركة في منتدى الحوار.
الحلول الوسطية
وفي ذات الصدد عبر جيلالي عن رغبته في "تقريب قطبي المعارضة، وتقديم تنازلات حسب واقع الميدان والأزمة الخطيرة التي تمر بها البلاد، العودة إلى الشرعية الشعبية، ثم الشروع في إصلاحات عميقة" مؤكداً أن هذه النقاط تمثل "عناصر جامعة لعقد وطني، ومقترح توليفة يجمع بين الرئاسيات والمجلس التأسيسي يمكن أن يوحد أقطاب المعارضة، وفي حال ما حدث العكس سيعزل البديل الديمقراطي نفسه، وسيفقد فرصة جيّدة لدعم صفوفه".
المؤسسة العسكرية
وعن موقفه من دور المؤسسة العسكرية ومن الفريق أحمد قايد صالح شخصيا أجاب سفيان جيلالي "نحن لا نملك أي علاقة مع الفريق أحمد قايد صالح، ولقد سبق أن انتقدناه قبل وأثناء الحراك، لكن في نفس الوقت أعتقد بأن الأزمة في البلاد عميقة، السلطة السابقة خلفت نظاماً قائماً على احتيال فظيع، أصبح حجم الأموال القذرة في المؤسسات لا يطاق. لم يكن هناك سوى القوة المسلحة التي يدعمها الشعب لإزاحة هذه المافيا".
وأضاف:
"اليوم، بذلت المؤسسة العسكرية جهداً استثنائيا للقضاء على رؤوس الفساد. بالطبع، تتعرض القيادة العسكرية لضغوط شعبية وتبذل قصارى جهدها لتهدئة الشارع. كما أن السلطة تعتمد واقعيا على نظام العصا والجزرة. فالحقيقة هناك تجاوزات واعتقالات غير مبررة وقرارات قاسية. في الوقت نفسه، يجب الاعتراف بأن أجهزة الأمن كان يمكن أن تكون أكثر عدوانية وأكثر عنفًا".
وعن الشروط المسبقة التي وضعها العديد من المستعدّين للحوار وعلى رأسها إطلاق سراح سجناء الرأي أضاف الرجل الأول في جيل جديد "نعم، وهذه هي الفرصة، في رأيي، لتكرار هذا الطلب، من أجل المضي قدماً نحو حوار حقيقي وحتى التفاوض، يجب على السلطة أن تظهر حسن نيتها. يوجد شباب في السجن لمجرد أنهم كانوا يحملون الراية الأمازيغية، يوجد أيضا مجاهدون في السجن، مثل لخضر بورقعة وحسين بن حديد. كما يوجد سياسيون في السجن مثل علي غديري و لويزة حنون. اطلاق سراحهم ستكون بادرة ايجابية للغاية".
وعن سبب قبول حزبه بالتغاضي عن مطلب رحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح يقول جيلالي "أذكركم أنه ومنذ بداية الحراك الشعبي، طلبنا برحيل جميع رموز النظام، بما في ذلك بن صالح. كنا ضد تطبيق المادة 102 من الدستور لأنها تحد بشكل كبير من إمكانية تغيير النظام. مع مرور الأسابيع، تغير الوضع. قيادة الأركان التي تدخلت لدفع الرئيس إلى الاستقالة، أصرت على الحفاظ، شكليا، على ارتباط مع الدستور. وبموازاة ذلك، بدأت السلطة في عملية "الأيادي النظيفة" بحجم استثنائي. بعد ذلك، كان الحل الذي دعا إليه الجيش هو العودة إلى الانتخابات من خلال الحوار وإنشاء سلطة انتخابية مستقلة عن الحكومة لضمان نزاهة الانتخابات. أصبح دور رئيس الدولة شكليا جدا. بالنسبة لنا، كان معقولاً تقديم تنازل شكلي إذا استطعنا الحصول على امتيازات جوهرية، وضمان إجراء انتخابات نزيهة. كان هذا هو جوهر مطالب المعارضة منذ عام 2014. وعليه يمكننا الانتظار لمدة 6 أشهر مع السيد بن صالح".
وعن رؤية حزبه للحلول التي قد تجسد أهداف الهبّة الشعبية يقول سفيان جيلالي "لقد حدد الحراك أهدافه جيداً، رحيل النظام وإنشاء دولة القانون والنظام الديموقراطي. أعتقد حقا أن النظام السياسي القديم في حالة انهيار تام، إنه خاضع لتفكيك منهجي. الأمر الآن متعلق ببناء نظام سياسي جديد بأسس القانون والكفاءة، وليس على أساس الولاء والفساد. الهدم سهل، أما البناء فيحتاج وقتاً"، مضيفاً "فلنبدأ بالرئيس الذي يرغب به الشعب لنصل إلى تأسيس الدولة. إن عملية التأسيس التوافقية ستسمح بخلق توازنات جديدة، ويتم هذا بالحد من الصلاحيات الإمبراطورية لرئيس الجمهورية الذي يعد ملكا بالمطلق، تعزيز قوة رقابة البرلمانيين على الحكومة، جعل القضاء مستقلا على السلطة التنفيذية، وكذا إنشاء محكمة دستورية… بعد ذلك يجب الانشغال جديا بالتنمية الاقتصادية، العلمية، الثقافية، والاجتماعية للبلد".
ودخل حراك شعبي غير مسبوق تشهده الجزائر شهره الخامس، حيث نجح في البداية في منع ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة وتنحيه عن منصبه في نيسان/أبريل الماضي.
وتولى بن صالح، وهو رئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) رئاسة الجزائر بشكل مؤقت منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في نيسان/أبريل الماضي.
ومنذ ذلك الحين، تحركت السلطات القضائية بحملة تحقيقات ضد مجموعة من المسؤولين البارزين السابقين، وعلى رأسهم الوزير الأول السابق (رئيس الوزراء) أحمد أويحيى، والأسبق عبد المالك سلال، ورجال أعمال بارزين، حول تهم فساد واستغلال للسلطة.