قرار الإقالة وجد أصداءً ترحيبية واسعة في الأوساط الشعبية والسياسية في فلسطين، خصوصا في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي تتعرض لها البلاد.
وتجمع إسرائيل نحو 127 مليون دولار في الشهر على شكل رسوم جمركية مفروضة على البضائع المتجهة إلى الأسواق الفلسطينية، والتي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية، قبل أن تحولها إلى السلطة الفلسطينية.
قرارات عباس
وبجانب الإقالة، أصدر عباس قرارا بإلزام رئيس وأعضاء الحكومة السابعة عشرة بإعادة المبالغ التي كانوا قد تقاضوها عن الفترة التي سبقت تأشيرة الرئيس الخاصة برواتبهم ومكافآتهم، على أن يدفع المبلغ المستحق عليهم دفعة واحدة.
وقرر اعتبار المبالغ التي تقاضوها لاحقا لتأشيرة الرئيس المذكورة آنفا مكافأة.
وفي ذات السياق، قرر الرئيس استعادة المبالغ كافة التي تقاضاها رئيس وأعضاء الحكومة السابعة عشرة بدل إيجار، ممن لم يثبت استئجاره خلال نفس الفترة.
وتقول تقارير إن القرارات تبرهن على عدم رضا الرئيس عباس عن طريقة إدارة المال من قبل الحكومة السابقة، خصوصا أن الحكومة الحالية، أعلنت عن خطة تقشف مالي شملت تقليص رواتب الموظفين والوزراء، وتقليل تكاليف السفر والمهمات للوزراء، وإلغاء الزيادة الممنوحة للوزراء، بسبب الأزمة المالية التي خلقها قرار إسرائيل باقتطاع جزء كبير من أموال الضرائب.
ويدور الحديث أنه جرى زيادة رواتب الوزراء من ثلاثة آلاف دولار أمريكي إلى خمسة آلاف دولار في الشهر، وسبق أن دافع الحمد الله عن موقفه من تلك الزيادة، وقال إنها أقرت بطلب من الوزراء قدم للرئيس، وفقا لصحيفة القدس.
الرواتب السبب
ونقلت "اندبندنت عربية" عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها إن "مستشاري الرئيس يتجاوز عددهم العشرات، بعضهم يعود تعيينه إلى عهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، مشيرة إلى أن معظمهم لا يقومون بأي شيء سوى التمتع بامتيازات ورواتب واستغلال مواقعهم".
وأضافت أن "قرار عباس إنهاء خدمات مستشاريه كافة جيد، وينهي حالة الفوضى والفساد لكنه متأخر، متوقعة أن يبدأ بتعيين بعض المستشارين الجدد كل بتخصصه وبحسب الحاجة".
وأوضحت المصادر أن الرئيس سيعمل على إعادة بعض المستشارين الذين أنهى خدماتهم، لتفعيل طاقم مستشاريه.
وقالت المصادر:
جاءت قراراته تنفيذا لتوصيات لجنة تحقيق شكلها في يونيو/حزيران الماضي حول مضاعفة رواتب الوزراء في عهد حكومة رامي الحمد الله، ما أثار ردود فعل غاضبة في الشارع الفلسطيني، بخاصة في ظل الأزمة المالية للسلطة منذ سبعة أِشهر.
وأوردت تلك المصادر، أن "قرار زيادة رواتب الوزراء، نُفذ بأثر رجعي منذ تعيينهم في مناصبهم، مشيرة إلى أن بعض الوزراء يعود تعيينه إلى أكثر من ست سنوات".
دوافع القرار
السياسي الفلسطيني الدكتور أسامه شعث، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قال إن "قرارات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضرورية جدا، حيث أن هناك عددا كبيرا ممن يحملون صفة مستشار للسيد الرئيس ويتجاوزن ٢٧ مستشارًا".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "المسألة ليست مرتبطة بشبهات فساد كما يتداول البعض، وإنما قد تكون في إطار التجديد والإصلاحات فهناك مستشارون يحملون الصفة وليس لهم أي دور فاعل، وهناك آخرون تولوا مواقع قيادية أخرى وبالتأكيد انشغلوا في مواقعهم الوظيفية ما شكل عائقا أمام سيرورة العمل وتفرغهم في تقديم النصح والمشورة للرئيس".
وأشار دكتور شعث إلى أن "قرار الرئيس بعزل مستشارية لا يعني فسادهم كما يحلو للبعض قوله، وانما قد يكون في إطار اعادة الهيكلة التنظيمية لمؤسسة الرئاسة او في محاولة لترشيد الموازنة العامة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية والتي تتطلب استراتيجية عمل جديدة للقيادة الفلسطينية، مؤكدا أن هذا القرار جاء في هذا السياق".
نهج جديد
ورفض السياسي الفلسطيني، ما تداولته مواقع إعلامية بوجود فساد مالي في موسسة الرئاسة مشيرا الى صرامة وتشدد الرئيس حيال هذه المسالة".
وأوضح أن قرارات الرئيس لاقت ارتياحًا شعبيا كبيرا وخاصة ما يتعلق باستعادة الأموال التي تقاضاها الوزراء السابقين دون وجه حق، مضيفا أنه يؤيد قرار الرئيس تماما في ذلك وأن الهدف من القرار هو إعادة الأموال للخزينة العامة".
وأنهى حديثه قائلًا:
قرار الرئيس عباس يهدف إلى استعادة فرق الراتب والزيادات الباهظة من الوزراء السابقين، ويدلل أن لا أحد فوق القانون مهما كانت صفته.
رد الحمد الله
وطالب رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، رامي الحمد الله، مجدداً، بالكشف عن أسماء الذين استفادوا من قرار الحكومتين الـ17 والـ18 الفلسطينيتين ومن هم بدرجة وزير أو رؤساء الهيئات والسلطات أو شخصيات أخرى، في مواقع متعددة في الدولة.
وقال الحمد الله في منشور له أمس الثلاثاء، على صفحته الرسمية في "فيسبوك"، إنه من منطلق التزامي الكامل والدائم بالشرعية، فإنني أؤكد على الالتزام بالقرار الذي أصدره الرئيس محمود عباس، بخصوص رواتب رئيس وأعضاء الحكومة السابعة عشرة".
وأضاف: إنني أود التذكير بأنني وبتاريخ 17 يونيو الماضي، طالبت وزير المالية بإطلاع الرأي العام على تفاصيل الموضوع ولكنه لم يفعل. أعود وأطالبه اليوم، وتعزيزاً لمبدأ الشفافية، بالكشف عن حقيقة الموضوع والكشف عن أسماء الذين استفادوا من قرار الحكومتين السابعة عشرة والثامنة عشرة ومن هم بدرجة وزير أو رؤساء الهيئات والسلطات أو شخصيات أخرى في مواقع متعددة في الدولة، علماً أن اعتماد فخامة الرئيس كان فقط لأعضاء الحكومة السابعة عشرة".
وشدد الحمد الله على أن أعضاء الحكومة الـ17 لم يتلقوا أية زيادة على رواتبهم قبل اعتماد عباس، بتاريخ 17 يوليو/ تموز 2017، وما حدث أن وزير المالية اعتمد المادة (1) من قراره، والتي تنص: "ربط الراتب الشهري المحدد للوزراء بجدول غلاء المعيشة، وتحتسب علاوة غلاء المعيشة والعلاوة الدورية للوزراء من بداية صرفها للموظفين وبذات النسبة المحددة للموظفين حسب الأصول، وتدفع عن الفترة الممتدة منذ اليوم التالي لتشكيل الحكومة الحالية"، والمقصود بالحكومة الحالية الحكومة الـ17، وعليه قام وزير المالية بالدفع بعد أشهر من اعتماد السيد الرئيس للزيادة وبأثر رجعي، وهناك العديد من المراسلات بيني وبين وزير المالية تبين أنني كنت دوماً ضد هذه الزيادة".
وأعرب عن أمله، أن يقوم وزير المالية بالكشف عن ملابسات وتفاصيل الموضوع مدعماً ذلك بالأوراق والوثائق الموجودة لديه، وإذا تعذر عليه ذلك فليصرح، وسأقوم بتوضيح كافة التفاصيل وحسب الأصول، ولأبين أنني كنت دائماً ضد الزيادة على الراتب وبدل الإيجار.
وأكد رامي الحمد الله على "التزامه المطلق بقرارات عباس كما فعلت دوماً، وأشدد على ضرورة الالتفاف في ظل الظروف الفارقة التي تمر بها قضيتنا الوطنية، والمؤامرات التي تحاك ضدها".