يعاني لبنان من أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم، إذ يبلغ دينه نحو 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما دفع رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، إلى إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية مطلع الشهر الجاري.
ويخشى سياسيون واقتصاديون في لبنان من خسارة أموال مؤتمر "سيدر"، والتي يعول عليها البعض لإنقاذ الوضع المتأزم، فيما يحذر آخرون من أن تلك الأموال من شأنها زيادة ديون لبنان، ومفاقمة الوضع المتأزم.
مساع لبنانية
وحينها قال نائب رئيس مجلس النواب، النائب إيلي الفرزلي، لـ"سبوتنيك"، إنه "لا شك أن زيارة الرئيس الحريري إلى فرنسا إيجابية بنتائجها لجهة "سيدر"، مشيرا إلى أن الإجراءات المتخذة إجراءات جدية وبالتالي لن يكون هناك أي إفلاس أو انهيار في البلاد".
وأكد أن "لبنان ليس ببلد مفلس كي ندخل في مرحلة الانهيار، لا شك أننا في حراجة اقتصاديا ولكن الخطوات المتبعة لا سيما لجهة تنظيم الموازنات أو مستوى "سيدر" أو ما نحن موعودين به من مخزون غازي ونفطي يجعل من لبنان بلد غير مفلس".
ولفت الفرزلي إلى أن "الحديث عن إمكانية الإفلاس والانهيار هو حديث له خلفية سياسية".
شروط سياسية
زياد ناصر الدين، المحلل الاقتصادي اللبناني، إن "هناك على ما يبدو شروطا سياسية للحصول على أموال مؤتمر سيدر، ورغم مطالب المانحين المتكررة من ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية، يحتاج لبنان إلى أمول لتلك الإصلاحات".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتينك"، أن "هناك نقطة بين الطرفين غير مكتملة، شروطًا سرية غير واضحة، وأخرى إضافية على الاقتصاد اللبناني، والذي يحتاج إلى دفعة إيجابية لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق تنفيذ بعض المشروعات لتحريك عجلة النمو الاقتصادي".
وتابع: "فرنسا تلعب دور الدولة الوسيطة ىبين لبنان والدول المانحة، لكن هناك عدة أزمات تواجه لبنان، أهمها الموانع السياسية، والعقوبات الأمريكية الاقتصادية المفروضة على بيروت".
وأكد أن "الشروط المفروضة لا يتمكن الاقتصاد اللبناني من تحملها، خصوصا في ظل حاجته للمال بشكل عاجل، وفي ظل العقوبات التي تضر به في تلك المرحلة المهمة"، مشيرًا إلى أن لبنان "على أعتاب إصدار موازنة 2020 والتي يحتاج نجاحها إلى تنفيذ مشروعات، تحتاج إلى أموال".
ومضى قائلًا: "هناك مشروعات مفيدة في مؤتمر سيدر، وأخرى غير مفيدة، ومشروعات ترتبط بتثبت النزوح السوري في لبنان، ورغم تأكيد الرئيس ميشال عون على هذه النقطة، خصوصت وأن النازخين يستطيعون العودة في وجود الأماكن الآمنة، إلا أن المجتمع الدولي يضغط حتى لا يعودوا، وتحدث المبعوث الأمريكي قريبًا بأنهم يرفضون إعادة النازحين، حتى يتغير النظام السياسي، أو إيجاد حلول سياسية للوضع".
وعن مدى استفادة لبنان بأموال سيدر بعد الحصول عليها، قال المحلل الاقتصادي اللبناني "الأموال اليوم مطلوبة، لكن لابد أن تكون بدون شروط، ويتم توظيفها في الأماكن الصحيحة، من توزيعها كمحاصصة، لابد أن تنفق في بنية تحتية مفيدة للاقتصاد، لا للطبقة السياسية".
وأنهى حديثه قائلًا: "أي مساعدة يجب أن تكون بدون أية شروط، لبنان تملك كل آليات النجاح، ولو توفرت النيبة والإرادة لإنقاذ اقتصاده خارج الارتهان السياسي للدول الخارجية".
وضع متأزم
من جانبه قال الدكتور عماد عكوش، خبير مالي واقتصادي لبناني، إن "لبنان يعاني اليوم من مشكلة تسرب العملة الصعبة، والتي أدت إلى عجز في ميزان المدفوعات بلغ حتى نهاية شهر حزيران وبحسب نشرة مصرف لبنان ٥,٢ مليار دولار".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "هذا العجز بسبب الخلل البنيوي في الاقتصاد اللبناني والذي يؤدي إلى عجز بالميزان التجاري بلغ السنة الماضية حوالي ١٧,٥ مليار دولار، بالإضافة إلى خدمة الدين العام والتي بلغت السنة الماضية حوالي ٦ مليار دولار، يذهب جزء منها للخارج تسديدا لأكتتابات خارجية بالدولار الأمريكي وديون خارجية ناتجة عن المؤتمرات السابقة من باريس إلى سيدر".
وتابع: "ومن أسباب العجز الموجود أيضا العقوبات الأمريكية على بعض المصارف والمؤسسات والتي أضعفت حركة التحويلات الخاصة بالمغتربين والتي كانت تبلغ حوالي ٧,٥ مليار دولار، هذه العقوبات خلقت بعض المخاوف لدى الكثير من اللبنانيين من التحويل إلى لبنان".
إنقاذ أو انهيار
وبشأن مؤتمر سيدر، قال: "يمد المؤتمر لبنان بمبلغ ١١ مليار دولار، يمكن أن تؤجل عملية انهيار الاقتصاد ويمكن أن تلغيه، يمكن أن تؤجل الانهيار في حال صرفت هذه الأموال كما صرفت أموال المؤتمرات السابقة دون وضع رؤية وخطة لتحفيز النمو الاقتصادي، أو تلغي الانهيار إذا تم صرفها وفقا لرؤية اقتصادية مع القيام بإصلاحات جوهرية في القطاع العام ولاسيما قطاع الكهرباء، والعمل على خفض الفوائد الخاصة بالدين العام".
وأنهى الاقتصادي اللبناني حديثه قائلًا: "نشير هنا إلى أن حجم العجز في ميزان المدفوعات، إذا ما استمر بهذا المنوال دون إجراء الإصلاحات المطلوبة فإننا قادمون خلال ثلاث سنوات على خسارة كامل احتياطي العملات الصعبة الموجودة لدى مصرف لبنان".
وقررت الحكومة اللبنانية إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية، لتحسين الأوضاع في البلاد وتسريع إصلاحات المالية العامة.
وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، إن لبنان سيعلن حالة طوارئ اقتصادية وبدأت الحكومة العمل على خطة لتسريع إصلاحات المالية العامة.
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية على استمرار سياسة الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية، المرتبطة بالدولار.
وأبقت وكالات "ستاندرد أند بورز" و"إس أند بي غلوبال ريتنغس" في تقريرهما الدوري تصنيف لبنان على وضعه القائم (-B مع نظرة سلبية)، فيما خفضت وكالة فيتش تصنيفها الائتماني للبنان من (-B) إلى (CCC).
وقالت وكالة فيتش إن خفض التصنيف يعكس ضغوطا متزايدة على نموذج التمويل في لبنان، مما يزيد من المخاطر على قدرة الحكومة على خدمة الديون، فيما حذرت "إس أند بي غلوبال" من نقاط ضعف اقتصاد لبنان.
ويعاني لبنان من أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم ويبلغ حوالي 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما ضربت البلاد سنوات من النمو الاقتصادي المنخفض.