الحريري الذي نجح في فك حظر سفر الإماراتيين عن بلاده، بدا متفائلًا خلال الزيارة، حيث أكد أن هناك مبادرة قريبة ستعلنها أبوظبي، أملًا في أن تضخ الإمارات سيولة نقدية في مصرف لبنان المركزي، بحسب تصريحات لصحيفة "رويترز".
يعاني لبنان من أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم، إذ يبلغ دينه نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي؛ ما دفع رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، إلى إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية مطلع الشهر المنصرم.
زيارة أبوظبي
في زيارة وصفها بـ "المتفائلة"، أجرى رئيس الوزراء سعد الحريري، الذي وصل إلى الإمارات الأحد الماضي، عدة زيارات مع مسؤولين إماراتيين.
وبحسب مصادر سياسية لبنانية، فإن خطوة رئيس الحكومة اللبنانية جاءت جيدة وبناءة وفي الوقت الصحيح، خصوصا خلال انعقاد مؤتمر اقتصادي في الإمارات، لكن المصادر نفسها استبعدت جني الحريري لنجاحات سريعة من الزيارة خصوصا أن الدول العربية غالبا ما تعد بتقديم الهبات لكنها لا تفي بوعودها كاملة.
وفي سلسلة تغريدات على "تويتر"، قال الحريري إن "زيارتي أبو ظبي جعلتني متفائلا جدا وأشكر ولي العهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على دعمه".
وقال الحريري أمس الاثنين، إن الإمارات العربية المتحدة ستتولى الإعلان عن أية مبادرة لدعم بلاده.
أعلن الحريري على حسابه في "تويتر" أن "الإعلام اللبناني ينتظر مني أن أعلن عن مبادرة لكنني سأترك هذا الأمر لدولة الإمارات "رح تطلع إشاعات كتيرة بس الحمد الله الأجواء جيدة جدا".
وتابع الحريري في تغريدة أخرى "بعض القرارات الصعبة التي سنتخذها خفض الإنفاق وأخرى تتعلق بالضمان وهيكلية الدولة ودمج وإلغاء مؤسسات".
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية "لدينا أزمة اقتصادية ولكن المهم كيف نتعامل مع هذه الأزمة والمهم أن تكون الموازنة تحمل إصلاحات حقيقية".
وأعلنت الإمارات أنها سترفع الحظر المفروض على سفر مواطنيها إلى لبنان ابتداء من غد (اليوم) الثلاثاء.
وكانت قد قررت أبوظبي منع مواطنيها من السفر إلى لبنان في فبراير/شباط من عام 2016.
مكاسب محدودة
الدكتور عماد عكوش، خبير مالي واقتصادي لبناني، قال إن "كل ما يمكن تقديمه اليوم للبنان ردا على زيارة الرئيس سعد الحريري هو رفع حظر السفر عن الإماراتيين إلى لبنان إضافة إلى إمكانية جلب وديعة مصرفية لا يمكن أن تزيد عن مليار دولار".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "بالنسبة للأمر الأول فقد حصل حيث قامت دولة الإمارات برفع هذا الحظر، لكن مفاعيله اليوم غير ذي أهمية لعدة أسباب أهمها أن الصيف وفترة الإجازات الطويلة انتهت هذه السنة وبالتالي لا منافع كبيرة يمكن أن ترتجى هذا العام وبانتظار العام القادم، وما يمكن أن يتم من تطورات على مستوى المنطقة والعالم من الناحية الاقتصادية، حيث يتوقع أن تحصل أزمة كبرى يمكن أن تطيح بقطاعات كبيرة".
وتابع: "السبب الثاني أن الإيرادات المتوقعة لا يمكن أن تكون بديلا عن الإصلاح السياسي والاقتصادي المطلوب، فلن تزيد حركة هؤلاء النقدية بحدها الأقصى عن خمسمائة مليون دولار سنويًا، ولبنان لديه عجز أساسي في ميزان المدفوعات بلغ عام 2018م حوالي 5 مليار دولار، ومن المتوقع هذا العام أن يعادل ذلك".
وبشأن إمكانية منح الإمارات وديعة للبنان، قال عكوس: "بالنسبة لموضوع الوديعة فاستبعدها كون الإمارات تعاني أيضًا من شح مالي نتيجة لما يجري في العالم، وبالتالي انخفاض مداخيلها من السياحة ومن جبل العالي والتي تعتبر أهم منطقة حرة في المنطقة، إضافة إلى انخفاض مداخيلها من النفط نتيجة لانخفاص الأسعار هذا العام عما كان متوقعًا".
ومضى قائلًا "بالإضافة إلى الموازنات الموضوعة من قبل الدولة، وحاجاتها العسكرية نتيجة دخولها في حرب اليمن وبالتالي استنزاف مواردها المالية بنسبة كبيرة".
وعن مدى إمكانية مساهمة الإمارات في حل الأزمة الاقتصادية اللبنانية، قال: "لا أرى في المدى المنظور إلا معالجات ظرفية لواقع الحال في لبنان بانتظار نتائج التنقيب عن النفط والغاز باعتباره الأمل الوحيد للنهوض في لبنان بعد أن فقد اللبنانيون الثقة بالزعماء والأطراف اللبنانية الحاكمة".
تحريك عجلة الاقتصاد
من جانبه قال رياض عيسى، الناشط المدني اللبناني، إن "زيارة الرئيس سعد الحريري للإمارات، بادرة خير نحو تحريك الأوضاع المتأزمة في لبنان، خصوصا الاقتصادية"، مؤكدًا أن "لبنان يلجأ إلى الأشقاء العرب، والذي لا يردون مطالبه".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "الإمارات استجابت لعدة مطالب لبنانية، وكانت الباكورة إعلان رفع حظر سفر الإماراتيين للبنان، وهذه المبادرة تعيد الثقة بالدولة اللبنانية، وأهميها السياحية في المنطقة العربية".
وأشار إلى أن "تلك الخطوة هامة لإعادة الثقة للبنان مجددًا، ولتشجيع الدول العربية الأخرى أن تقوم بالأمر نفسه".
وبشأن باقي المبادرات الإماراتية، قال: "هناك إمكانية بضخ استثمارات إماراتية في لبنان، أو شراء أسهم ووضع ودائع، أو ما شابه من قضايا مالية واقتصادية"، مؤكدًا أن "الدعم الإماراتي سيكون له أثر كبير على تحريك عجلة الاقتصاد اللبناني المتوقفة منذ فترة طويلة".
أزمة طاحنة
وقررت الحكومة اللبنانية إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية، لتحسين الأوضاع في البلاد وتسريع إصلاحات المالية العامة.
وقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، إن لبنان سيعلن حالة طوارئ اقتصادية وبدأت الحكومة العمل على خطة لتسريع إصلاحات المالية العامة.
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية على استمرار سياسة الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية، المرتبطة بالدولار.
وأبقت وكالات "ستاندرد أند بورز" و"إس أند بي غلوبال ريتنغس" في تقريرهما الدوري تصنيف لبنان على وضعه القائم (-B مع نظرة سلبية)، فيما خفضت وكالة فيتش تصنيفها الائتماني للبنان من (-B) إلى (CCC).
وقالت وكالة فيتش إن خفض التصنيف يعكس ضغوطا متزايدة على نموذج التمويل في لبنان، مما يزيد من المخاطر على قدرة الحكومة على خدمة الديون، فيما حذرت "إس أند بي غلوبال" من نقاط ضعف اقتصاد لبنان.
ويعاني لبنان من أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم ويبلغ حوالي 150 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما ضربت البلاد سنوات من النمو الاقتصادي المنخفض.