تقرير أمريكي: "قوة الردع" هي الطريقة الأفضل للتعامل مع إيران

مؤخراً حذّر مسؤولون أمريكيون كبار من إمكانية استعداد إيران لشن هجمات جديدة في الشرق الأوسط في إطار حملتها الرامية إلى تقويض سياسة الضغط الأقصى التي تنتهجها إدارة ترامب.
Sputnik

تركيا: حملة الضغوط القصوى الأمريكية على إيران لا تجدي نفعا
وفي هذا الإطار أشار تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إلى أن "الدفاع عن كل هدف ذي قيمة عالية في المنطقة أمر مستحيل".

وقال التقرير إنه بسبب ذلك "ستبقى قوة الردع الطريقة الأفضل لمنع وقوع هجمات جديدة، ووقف المزيد من التصعيد، وحماية المصالح الأمريكية في الخليج. وبالتالي يجب دعم العمليات الجديدة لنشر القوات بتدابير أخرى لتعزيز الردع".

وأشار التقرير إلى أنه سبق للمنشآت التي تستخدمها القوات الأمريكية في العراق أن تعرضت لعدد متزايد من الهجمات الصاروخية، من بينها تسع هجمات في الأسابيع الخمسة الماضية وحدها.

وقال إنه بالرغم من أنه لم يُقتل أي أمريكي في هذه الهجمات، لكن الزيادة في إطلاق النار وحركة الصواريخ الإيرانية المُبلّغ عنها إلى العراق تُعد بمثابة مؤشرات محتملة على هجمات قاتلة تستهدف الأفراد الأمريكيين، أو حتى تكرار الهجمات الجريئة بواسطة طائرات بدون طيار وصواريخ موجهة على منشآت نفط سعودية في 14 أيلول/سبتمبر.

ونتيجةً لذلك، تفيد التقارير بأن واشنطن تفكّر بإرسال ما بين 4000  و7000 جندي إضافي إلى المنطقة، بما يتجاوز الـ14000 جندي الذين تم إرسالهم إلى هناك منذ أيار/مايو.

وقال التقرير إن "سياسة الضغط الأقصى التي تنتهجها واشنطن تتطلب أقصى قدر من الردع. فالضغوط الاقتصادية الشديدة الناتجة عن الجهود المبذولة لوقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل قد دفعت أساساً بطهران إلى شن هجوم عسكري، ومن المرجح أن تفعل ذلك مجدداً".

وأضاف: "ولكن بدلاً من مساهمة الولايات المتحدة في منع هجمات مماثلة، كثيراً ما قوّضت أقوال الرئيس ترامب وأفعاله قوة الردع الأمريكية - بدءًا من تعهده المتكرر بإنهاء تورّط الولايات المتحدة في "حروب لا تنتهي" في المنطقة، وإلى تصريحاته التي تم الوفاء بها جزئياً بأنه سيتم سحب جميع القوات الأمريكية من سوريا".

وتابع التقرير: "ربما أدت هذه الخطوات إلى دفع طهران إلى الاستنتاج بأن الرئيس الأمريكي يفتقر إلى العزيمة لخوض معركة، وأن بإمكانها على أقل تقدير استهداف حلفاء الولايات المتحدة دون عقاب. وبالتالي، عندما استهدفت إيران أربع ناقلات تابعة لحلفاء الولايات المتحدة بألغام بحرية في 12 أيار/مايو واثنتين أخريين في 13 حزيران/يونيو، أدى انعدام أي رد عسكري أمريكي إلى زيادة جرأة النظام على ما يبدو، وربما دفع به إلى إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار من طراز "غلوبال هوك" في 20 حزيران/يونيو".

وأشار التقرير إلى أن "سماح الرئيس ترامب بشن هجمات سيبرانية محدودة رداً على إسقاط الطائرة، زاد من تأكيد رغبته في تجنب العمل العسكري. وبالمثل، يبدو أن تغريداته اللاحقة تُعزز الانطباع بأن طهران يمكن أن تهاجم حلفاء أمريكا بِحُرية".

وأضاف أنه "في 24 حزيران/يونيو، أشار إلى أن "الدول الأخرى... يجب أن تحمي سفنها الخاصة" في الخليج، وبعد يوم واحد، كتب أن الهجوم على "أي شيء أمريكي" سيُواجَه "بقوة ساحقة". وبعد أقل من ثلاثة أشهر، جاءت الضربة الإيرانية الرئيسية بطائرات بدون طيار/صواريخ على منشآت النفط السعودية".

وقال التقرير إنه بناءً على ذلك، "يكمن التحدي الرئيسي الذي يعترض قوة الردع الأمريكية في المصداقية وليس في القدرة. ولردع الهجمات الإضافية، يجب أن تسمح قواعد الاشتباك الأمريكية باستخدام القوة لحماية الحلفاء".

وأضاف: "يُعتقد أن قواعد الاشتباك البحرية للدول المشارِكة في "التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية" تسمح بذلك، لكن على واشنطن أن تؤكد بشكل أكبر التزامها بردود عسكرية محتملة ضد الهجمات في كافة المجالات ذات الصلة - البحر والجو والأرض والفضاء الإلكتروني. ويشمل ذلك جعل طهران تدرك أن الضرر الذي ستعانيه في أي تبادلات مستقبلية سيكون أسوأ بكثير من الضرر الذي تُلحقه".

وأضاف: "اختارت واشنطن عموماً الردع من خلال إنكار مواجهاتها مع إيران، محاولةً إقناع النظام بأنها ستُحبط أي هجمات سيحاول تنفيذها - أي ستتم إزالة الألغام البحرية، وسيتم إحباط الضربات على السفن التجارية، وسيتم تعطيل المؤامرات الإرهابية، وسيتم اعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار. لكن هذه المقاربة تسمح لطهران بأن تجري تقييماً مسبقاً للمخاطر والتكاليف التي من المحتمل أن تتكبدها لتحقيق أهدافها، مما قد يجعلها تخفض سقف هجماتها".

وقال التقرير الأمريكي إنه "لذلك، يجب على واشنطن أن تسمح باستخدام قوة الردع من خلال فرض العقوبات أيضاً، مثل تهديد الأصول التي تقدّرها طهران بالفعل والتصرّف بطرق لا يمكن التنبؤ بها بحيث تجعل من الصعب على قادة النظام معايرة المخاطر. وبخلاف ذلك، ستواصل إيران اختبار دفاعات التحالف دون دفع أي ثمن. ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت قواعد الاشتباك الأمريكية الحالية تجيز اعتماد مثل هذه المقاربة - وإذا أجازت ذلك، ما إذا كان قد تم نقل هذا الأمر إلى إيران".

وأشار التقرير إلى أنه "قد يكون من الممكن في بعض الأحيان ردع إيران من خلال التنبيه بعملية عسكرية إيرانية وشيكة، إذا كان ذلك سيحدّ من فرص نجاحها. ومع ذلك، عندما حذّر المسؤولون الأمريكيون من هجوم إيراني وشيك في أيار/مايو، وترافقت هذه الإعلانات مع نشر قوات أمريكية جديدة، فذلك لم يمنع طهران من شنّ هجمات على ناقلات النفط في أيار/مايو وحزيران/يونيو".

وقال التقرير إنه "من غير المرجح أيضاً أن يردع الكشف العلني عن أدلة على دور النظام الإيراني في خطوات "قابلة للإنكار" ظاهرياً، أي هجمات مستقبلية. ففي النهاية، غالباً ما تترك إيران تلميحات عن دورها في الهجمات. فالألغام التي استُخدمت لعرقلة عمليات موكب بقيادة أمريكية خلال الحرب الإيرانية-العراقية غالباً ما كانت تحمل علامات إيرانية، وهو الأمر بالنسبة للأسلحة المنقولة إلى الوكلاء المؤيدين لإيران في العراق (بعد عام 2003) واليمن (بعد عام 2015). وبالمثل، غالباً ما تتضمن رموز الحاسبة المكتوبة للبرمجيات الخبيثة المستخدمة في الهجمات الإلكترونية الإيرانية، مصطلحات فارسيّة".

وأضاف: "وهكذا، بينما تفضل إيران عموماً مزايا المفاجأة والقدرة على الإنكار، إلا أن غياب أي منهما لن يردعها بالضرورة. ومع ذلك، لا يزال الكشف عن دور طهران مفيداً لأنه يمكن أن يساعد في تشكيل الرأي الدولي وإقناع الدول الأخرى بمساعدة الجهود المضادة التي تقوم بها الولايات المتحدة".

ورأى التقرير الأمريكي أمه إذا تم استئناف الاحتجاجات الجماهيرية وازدادت حدتها داخل إيران، فقد يُنفذ النظام ضربات عسكرية ضد الولايات المتحدة بدافع من الشعور باليأس والضعف.

وأضاف أن هناك أيضاً احتمال بأن تتسبب التوترات المستمرة بين النظام الإيراني وإسرائيل في التقاء مساريْ الصراعين المنفصلين، الأمريكي والإسرائيلي، مع إيران، خاصة إذا تسببت ضربة في العراق تُنسب إلى إسرائيل في سقوط عدد كبير من الضحايا هناك. وستكون مثل هذه النتيجة أقل ترجيحاً إذا عززت الولايات المتحدة موقفها الرادع.

واختتم القرير بالتأكيد على أن "التجربة تظهر أنه  بمجرد اختيار طهران لتوجه استراتيجي، سيكون من الصعب في كثير من الأحيان تحييدها عن هذا المسار؛ ومع ذلك، غالباً ما ستتراجع عندما تُقابَل بردّ صارم، بحيث تجدّد تحدّيها في مكان وزمان آخرين".

مناقشة