المطار خسارة استراتيجية للوفاق
معركة الكر والفر المتواجدة على طريق المطار في هذه اللحظات ليست مجرد معركة عابرة كباقي المعارك، فالمطارات تعتبر في العلوم العسكرية والسياسية، مناطق استراتيجية، ومؤشر على سيطرة الدولة أو الحكومة ونفوذها، ومجرد قطع طريق المطار جنوب طرابلس، يعني أن حكومة الوفاق قد خسرت أحد أهم موانئها الاستراتيجية الجوية، أي أنها نفقد السيطرة على معابرها مع الخارج، وهو مؤشر سيء بالنسبة لأي حكومة أو تمثيل حكومي.
هل حسمت معركة طرابلس؟
في ظل الظروف السياسية والدولية الراهنة لا يمكن القول بأن حكومة الوفاق قد فقدت أو شرعيتها، خصوصا أن لديها حلفاء أولهم تركيا، والتي أعلنت صراحة استعدادها للتدخل العسكري لإنقاذ الموقف، في حال طلب حكومة الوفاق، ومن جهة أخرى مايزال المجتمع الدولي يعتبر حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية، والتي تم الإجماع عليها سابقا.
السيطرة على الأرض ستحسم الموقف
الواقع العسكري والميداني هو من يحسم الأمور السياسية ويرسمها بحكم العادة، والسيطرة العسكرية على الأرض يكون لها الكلمة الفصل في المستقبل السياسي لأي دولة، ويمكن القول بأن توزع القوى الليبية في هذه اللحظات ليس لصالح حكومة الوفاق، فالمعركة الآن اقتربت من المباني الحكومية للوفاق، وحوصرت الأخيرة في الجزء الشمالي الغربي في زاوية ضيقة من البلاد، وإن لم يحدث ضغط سياسي على حفتر، أو دعم عسكري مباشر لحكومة الوفاق، فإن الجيش الوطني الليبي سيفرض الواقع العسكري والسياسي الجديد لليبيا.
أردوغان بحث عن "مسند ظهر" للوفاق
يمكن القول بأن زيارة أردوغان الأخيرة لتونس هي عبارة عن محاولة لإيجاد "مسند ظهر" لحكومة الوفاق، وخط خارجي جديد غير مباشر لها، من شأنه زيادة أسهمها العسكرية والاستراتيجية، لكن رد القيادة التونسية لم يكن كما يشتهي أردوغان، فتونس اعتبرت أن المشكلة الليبية مشكلة داخلية، وفضلت موقف الحياد من جميع الأطراف، وأعلنت الرئاسة التونسية، بحسب "العربية" أن "الادعاءات الزائفة حول موقفنا من ليبيا تنم عن سوء تقدير"، مؤكدة أن الرئيس "حريص على سيادة البلاد وحرية قرارها" واعتبرت أن تصريحات (الرئيس التركي) أردوغان لا تعكس فحوى اجتماعه مع الرئيس التونسي قيس سعيد، الأمر الذي جعل لحكومة الوفاق، مخرج واحد من أزمتها الحالية، هو البحر المتوسط.
(المقال يعبر عن رأي كاتبه).