وتفاقمت الأزمة التي وصفتها وسائل الإعلام المغربية "بالصامتة" بين المغرب وإسبانيا، بعد إعلان مجلس النواب المغربي نيته ترسيم الحدود البحرية من خلال مصادقة مجلس النواب على مشروعي قرار يرسم بهما الحدود البحرية لكلا البلدين.
وبحسب موقع "هسبريس" تأتي الخطوة المغربية بعد "ورود أنباء عن استعداد عدد من الدول فتح المعركة نفسها" خصوصا أن القانون الدولي البحري الناظم لمناطق الصلاحية البحرية، يعطي الحق لأي دولة صلاحية تحديد نطاق تواجدها الترابي والمائي.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، في الثاني من ديسمبر/كانون الأول من الشهر الجاري، في تصريح له عقب انعقاد الجلسة الحكومية، أن حوار الرباط مع مدريد بشأن هذا الموضوع سيكون "من أجل التفاهم فحسب، وليس لشيء آخر"، في إشارة إلى تمسّك المغرب بمبدأ الترسيم، رغم معارضة إسبانيا.
إسبانيا وجزر الكناري ترفضان القرار وطائرات "إف 18" تكسر الصمت
رفضت الحكومة الاسبانية قرار المغرب بترسيم حدوده البحرية، وأعلن الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا أن الخطوة المغربية يجب أن تتم "ضمن اتفاق مشترك وليس بخطوة أحادية الجانب".
وأعلن رئيس حكومة جزر الكناري، أنجيل توريس، أن "إسبانيا لن تسمح للمغرب بمس ميل واحد من مياه الكناري".
ونشرت القوات الجوية الإسبانية فيديو قصيرا، تظهر فيه المقاتلات الإسبانية تنتشر في جزر الكناري، وربطت وسائل الإعلام العربية بين الحدثين، معتبرة أنه رسالة إسبانية إلى المغرب، في حين قالت مصادر إسبانية انها مجرد إجراءات روتينية.
ما هي "أوراق الضغط" المغربية لترسيم الحدود البحرية
بحسب صحيفة "هسبريس" المغربية، فإن المغرب يملك عدة أوراق من شأنها إقناع إسبانيا بضرورة تنفيذ ترسيم الحدود البحرية، بما لا يتعارض مع نصوص القانون الدولي وهذه المبررات هي:
ملف الهجرة
تعتبر الهجرة السرية من أعقد الملفات التي يعاني منها البلدان، ويلعب المغرب دورا محوريا في ضبط هذه المشكلة من الطرف المغربي، والعمل على عدم توسعها، وقد مكن تعاون إسبانيا الكبير في ملف الهجرة من ضبط وتخفيف نسبة المهاجرين بشكل كبير، خصوصا إلى مدينتي سبته ومليلة منذ عام 2003.
ملف التعاون العسكري
برغم الخلاف السياسي، إلا أن الملف العسكري بين البلدين يشهد العديد من أوجه التعاون المشترك، خصوصا في المجال البحري، وبحسب مصادر حكومية إسبانية، نشرتها صحيفة "elpais"، فإن مدريد "تتفاوض مع الرباط على بيع سفينتين عسكريتين إلى القوات البحرية المغربية بقيمة 260 مليون يورو".
وأشارت الصحيفة إلى أن الصفقة يمكن أن تواجه عقبات بسبب الملف، لكن المصادر لم تتحدث عن وقف التعاون أو إلغاء الصفقة.
ملف الصيد: المغرب يمكن أن يمنع 128 سفينة أوروبية من الصيد
وقع المغرب وإسبانيا اتفاق استراتيجي يتعلق ببرتوكول الصيد البحري بالاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، في يوليو/تموز الماضي، يسمح الاتفاق للسفن الأوروبية بعدد 128 بالصيد في المياه المغربية منها 92 سفينة إسبانية، بالإضافة إلى سفن فرنسية وهلندية وأستونية جميعها تصيد في الحدود المغربية، وكانت المغرب قد خاضت مفاوضات عنيفة للحفاظ على مياهها الإقليمية.
المشكلة الرئيسية بجزر الكناري
تفصل جزر الكناري مسافة تقل عن 100 كم عن سواحل المغرب، بينما يمنح القانون الدولي لكل دولة الحق لكلا الطرفين بامتلاك حدود بحرية، لكن ضيق المسافة بين الجزيرة والمغرب، تسبب تداخلا في الحدود، فيما يحق لكل دولة المطالبة بحوالي 280 إلى 370 ميلا بحريا من الجرف القاري.
ويحدد قانون البحار مناطق السلطة البحرية لكل دولة انطلاقا من "خط الأساس" والتي تشمل المياه الداخلية ( داخل الدولة كالأنهار) والمياه الإقليمية، والتي تطبق فيها الدولة قوانينها وقواعد المرور البحري ومداها 22 كيلو مترا، لكن المشكلة تكمن في المناطق المتلاصقة، والتي تشكل 22 كيلومترا إضافيا، حيث تطبق عليها الدولة "الجمارك والضرائب والهجرة والتلوث".
واعتبرت المغرب أن ترسيم الحدود البحرية هي خطوة تؤكد "حرص المغرب على حماية وصون مصالحه العليا على مستوى ترابه، كما على المستوى الجيو- سياسي للمنطقة".
بينما اعتبرت إسبانيا أن مشروع القرار المغربي "ينتقص من مياهها الإقليمية في بحر جزر الكناري، التي كانت في مياه المحيط الأطلسي بين المغرب وإسبانيا.
الأزمة في طريقها إلى الحل
المؤكد أن الأزمة بين المغرب وإسبانيا في طريقها إلى الحل، خوصا أن البلدين حافظا على مستوى معتدل من التصريحات، وحاولا ضبط المشكلة، لكن لم يظهر بعد مؤشر حقيقي على حلها، أو الاتفاق على صيغة نهائة، فيما أعلنت مصادر إسبانية أنه يتم العمل على حلها بطرق موضوعية.