على الجانب الآخر جاء رد جبهة "البوليساريو"، بأن "القانونين اللذين أقرهما البرلمان المغربي لتوسعة السلطة القانونية للمملكة لتشمل المجال البحري للصحراء الغربية، لن يكون لهما أي أثر قانوني".
أما الطرف الثالث المعني بالخطوة فهي إسبانيا، حيث عبرت وزارة الخارجية الإسبانية، عن رفضها الخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي، "المصادقة على مشروعي قانونين يتعلقان بترسيم الحدود البحرية"، واصفة الخطوة بـ"الأحادية".
وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليز، في تغريدة نشرتها على حسابها الخاص عبر "تويتر": "خلال اتصالاتنا السابقة مع المغرب، اتفقنا بعدم تحديد الحدود البحرية بشكل أحادي".
الخطوة التي اتخذها البرلمان ويؤكد أنها ضمن اختصاصات السيادة المغربية تشابكت فيها ثلاثة أطراف أخرى، هي: (جبهة البوليساريو والجزائر وإسبانيا)، وهو ما طرح تساؤلات عدة بشأن ما يترتب على تلك الخطوة بين المغرب والأطراف الثلاثة.
الموقف المغربي
فيما يتعلق بالموقف الرسمي للمغرب، فعبر عنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ناصر بوريطة قبيل المصادقة على النصين وفقا وكالة "فرانس برس"، وقال: "كان علينا تحيين المنظومة القانونية الوطنية للمجالات البحرية".
وأضاف بقوله "من شأن هذا التحيين أن يتيح تحديدا دقيقا للمجالات البحرية الواقعة تحت سيادة المملكة المغربية".
وأكد بوريطة في عرضه أمام البرلمان أن تبني هذين القانونين هو "مسألة داخلية سيادية"، لكنه شدد في الوقت نفسه على "انفتاح المغرب واستعداده للحوار والتفاوض مع جيرانه وخاصة إسبانيا لمعالجة أي تداخل في المجالات البحرية للبلدين".
من ناحيته قال جمال كريمي بنشقرون، النائب البرلماني عن حزب التقدم والاشتراكية، إن" المغرب لا يعترف بما يسمى بالبوليساريو الذي تورطت في دعمه دولة الجزائر، وأن البرلمان المغربي صوت على "تحيين" تشريعات كانت موجودة من أربعة عقود".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك" الخميس، أن المغرب "يحدد حدوده طبقا لما نص عليه قانون البحار، وبذات الآليات التي تتخذها الدول في تحديد حدودها البحرية والمناطق الاقتصادية".
هل من دور للأمم المتحدة؟
وبشأن دور الأمم المتحدة في عملية ترسيم الحدود، أوضح أن "إشراف الأمم المتحدة على قضية "الصحراء"، لا يتعارض مع ما قام به المغرب طبقا للقانون الدولي، وأن المغرب منسجم مع المسار الأممي بشأن القضية، وأن سحب اعتراف العديد من الدول بالبوليساريو يؤكد على الدور المغربي ومغربية الصحراء، إضافة إلى استحداث قنصليتين بمدينة العيون عاصمة الصحراء المغربية"، حسب قوله.
ويرى أن قضية الصحراء "أزمة مفتعلة"، وأنه "لا يمكن ربط القضية بالذهاب لعدم بسط المغرب سيادته على حدوده الترابية".
الموقف الإسباني
الرد الإسباني على الخطوة جاء سريعا عقب تصويت البرلمان المغربي، حيث عبرت وزارة الخارجية الإسبانية، عن رفضها للخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي، المصادقة على مشروعي قانونين يتعلقان بترسيم الحدود البحرية، واصفة الخطوة بـ"الأحادية".
وقالت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليز، في تغريدة نشرتها على حسابها الخاص عبر "تويتر": "خلال اتصالاتنا السابقة مع المغرب، اتفقنا بعدم تحديد الحدود البحرية بشكل أحادي".
وأضافت، أن "الاتفاق على تعيين المسافات البحرية بين المغرب وإسبانيا لا يزال معلقا لأنه تم من جانب واحد"، مشددة على أن "هذه الخطوة تستوجب اتفاقا متبادلا بين الرباط ومدريد وفقا للقانون الدولي الحالي".
وحول هذا الموقف يقول النائب المغربي بنشقرون، إن "العلاقات بين المغرب وإسبانيا هي علاقات تتسم بالتعاون، وأن الباب مفتوح لأي عمليات حوار، إلا أنه من غير المنطقي استشارة إسبانيا في أمور تتعلق بالسيادة المغربية، وتتم وفقا للقوانين الدولية، وأن إسبانيا لم تتشاور مع المغرب أو أي دول أخرى في ترسيم حدودها، وأن المغرب يمارس سيادته على كافة ترابه الوطني بما فيه الصحراء المغربية".
موقف الجزائر
على الجانب الأخر قال عبد الوهاب بن زعيم عضو مجلس الأمة الكويتي، إن "موقف الجزائر من قضية الصحراء واضح، وأن القضية متداولة في الهيئات الدولية وأروقة الأمم المتحدة، وأن أي خطوة أحادية تدخل في إطار ممارسات الاستعمار".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك"، الخميس، أن "الجزائر ملتزمة بلوائح الأمم المتحدة، وأن الخطوة التي اتخذها البرلمان المغربي تشوش على الأجواء في الاتحاد الأفريقي، وأن الأفضل هو الانخراط في الحوار طبقا لمسار الأمم المتحدة".
البوليساريو
موقف البوليساريو لم يتأخر هو الآخر، حيث أكدت جبهة "البوليساريو"، أن "القانونين اللذين أقرهما البرلمان المغربي لتوسعة السلطة القانونية للمملكة لتشمل المجال البحري للصحراء الغربية، لن يكون لهما أي أثر قانوني".
وقال المسؤول في البوليساريو محمد خداد، ، مساء أمس الأربعاء، إن "الجبهة التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية الخاضعة لسيطرة المغرب، تعتبر أن القانونين اللذين أصدرهما المغرب بشأن المجال البحري للصحراء الغربية ليسا سوى ذرّ للرماد في العيون لخداع الرأي العام المغربي ولن يكون لهما أي أثر قانوني"، وذلك حسب وكالة الأنباء الصحراوية.
من جانبها قالت النانة لبات الرشيد، مديرة دار الطباعة و النشر الوطنية التابعة للجمهورية الصحراوية البوليساريو، إن تصويت البرلمان المغربي لا أثر من قريب أو بعيد.
وأضافت في حديثها لـ"سبوتنيك"، الثلاثاء: "المغرب ينتهك الأراضي الصحراوية مياهها وبرها، أي أن النتهاك قائم سواء صادق عليه البرلمان أم لم يصادق."
وتابعت: "الغريب في الأمر أن البرلمان المغربي ذاته هو من صادق على انضمام المغرب للاتحاد الأفريقي وميثاقه الذي يتضمن أن الجمهورية العربية الصحراوية عضو مؤسس، وفيه من البنود ما ينص على احترام الدول الأعضاء".
وأشارت إلى أن تصويت البرلمان "لن يغير أي شيء من حقيقة الوضع في الصحراء الغربية، بل يمكن أن يورط معه بعض الأطراف مثل إسبانيا، وسيفتح جبهة قانونية أخرى على الاتحاد الأوروبي يمنح الجمهورية الصحراوية جبهة قانونية أخرى ينازع فيها المغرب والاتحاد الأوروبي مجددا، وأن كل ذلك في صالح القضية الصحراوية".
القانون الدولي
من جانبه، قال عبد العزيز النويضي، أستاذ القانون العام المغربي، أن المغرب "يحق له أن يمدد مياهه البحرية والمنطقة الاقتصادية، طبقا لاتفاقية المياه البحرية".
وأضاف في حديثه السابق لـ"سبوتنيك"، أنه "من المحتمل أن تحدث بعض الخلافات حال إقرار القوانين بين المغرب وإسبانيا، وفي هذه الحالة يمكن أن تحل عن طريق محكمة قانون البحار، أو محكمة العدل الدولية".
ويرى النويضي، أن المغرب "صبر كثيرا بشأن ترسيم الحدود المغربية مع إسبانيا"، مشددا على أنه "لا يحق لإسبانيا الاعتراض على ترسيم الحدود البحرية طبقا لنصوص القانون الدولي، إلا أن إسبانيا قد تعترض من منطلق وجود جزر ترى أنها تتبعها في عرض المياه الإقليمية المغربية حال ترسيمها".
المياه الإقليمية
وأشار إلى أن "جزر الكناري التي بسطت إسبانيا سيادتها عليها، هي إحدى الأزمات التي تعقد الموقف، خاصة أنها قريبة من الشواطئ الجنوبية للمغرب، فهي تقع ضمن نطاق 200 ميل بحري من شواطئ المغرب".
وتابع قوله بأن "بعض الخلافات يمكن أن تحل تقنيا بين الدولتين عن طريق تشكيل بعض اللجان، خاصة أن القوانين الدولية يمكن أن تضع بعض المعايير حال وجود جزر في المياه الإقليمية".
ويرى أن احتمالية الصدام العسكري أو أي مواجهات من هذا القبيل "مستبعدة"، خاصة أن المغرب يتجنب الدخول في أي صدامات من شأنها "إشعال الصراع المسلح إلا إذا فرضت عليه".
وبحسب النويضي فإن الأمر "يمكن تدويله، خاصة أن الأمر يصطدم بعملية التطبيق الفعلي على الأرض".
ويحدد القانونان المجال البحري، الذي يقع تحت السيادة المغربية على واجهتي البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، بما في ذلك مياه سواحل الصحراء الغربية المتنازع عليها، حتى الحدود مع موريتانيا.
ويقترح المغرب حكما ذاتيا لمحافظات الصحراء كحل للنزاع حول الصحراء الغربية (266 ألف كلم مربع)، فيما ترفض جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر مقترح المغرب وتتمسك بخيار الاستفتاء للاستقلال عن المغرب، ويسيطر المغرب على 80% من أراضي الصحراء، بعد انسحاب الاستعمار الإسباني منها عام 1975.
قانون البحار
وحدد قانون البحار المناطق البحرية للدولة انطلاقا مما سمى "خط الأساس"، وقسمها إلى مياه داخلية وتشمل كل أشكال المياه من بحيرات وممرات مائية داخل خط أساس الدولة، والمياه الإقليمية التي تطبق فيها الدولة قوانينها وتضع فيها قواعد المرور البرىء ومداها 12 ميلا أو 22 كيلومترا.
أما المنطقة المتلاصقة فهي تشكل 22 كيلومترا إضافية، ولا توجد سيادة مطلقة للدولة عليها لكنها تتعلق بأربعة موضوعات هي" الجمارك والضرائب والهجرة والتلوث"
والمنطقة الاقتصادية وتبلغ 230 ميلا أو 370 كيلومترا من خط الأساس، حيث يكون للدولة الحق الخالص في استغلال الموارد الطبيعية.